حيل المتذاكين

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حيل المتذاكين


مجدي مغيرة.jpg

مجدي مغيرة

( الاحد, 26 يونيو 2016)


في زمن السادات و مبارك كان رجال الحزب الوطني محترفين في ألاعيب الانتخابات ، وحريصين على تصيد أصوات الناخبين بكل ما يملكون من أدوات ، وكنت ترى الواحد منهم يقرأ الفاتحة مع فلان لينال أصوات أهل قريته ومناصريه ، مقابل أن يعطيه هو أيضا أصوات أهل قريته ومناصريه ، وبعد قراءة الفاتحة وأخذ العهود والمواثيق ، ينتقل إلى مكان آخر مع مرشح آخر منافس للمرشح الذي قرأ صاحبنا معه الفاتحة أولا ، وتعاهد معه على التعاون والتآزر ، ويعيد مع هذا المرشح نفس أسطوانة قراءة الفاتحة وأخذ العهود والمواثيق ... إلخ .

وفي نهاية الرحلة ، وبعد أن يطمئن صاحبنا أنه حصَّل الأصوات عن طريق الكذب والتضليل ، وعن طريق التزوير والتقفيل ، بل وعن طريق دفع ما يُطلب منه من مال في مقابل تغيير نتيجة فرز الأصوات لتكون في صالحه ، خصوصا في انتخابات المجالس المحلية ، بعد كل ذلك يحرص صاحبنا على شيئين :

أما الأول فهو أن يحتفل بالنصر المؤزر الذي أحرزه على خصومه .

وأما الثاني فهو إخراج مبلغ من المال ( كان قد أعده لذلك ) ليكَفِّرَ به عن أيمانه الكاذبة وعن تعهداته التي أضمر مخالفتها ، وعن الأكاذيب والإشاعات التي استأجر مَنْ ينشرُها في دائرته الانتخابية على أوسع نطاق ضد منافسيه ، وعن الرشاوى التي اشترى بها ذمماً وضمائر تنتظر موسم الانتخابات لتملأ جيوبها من المال الحرام .

هذا المبلغ المالي إما أن يخرجه في صورة صدقات ، أو يتبرع به لبناء مسجد أو تعميره ، أو لتجديد مقام من مقامات الأولياء ، أو يذهب به إلى مكة لأداء العمرة ، وهو يظن أنه بذلك قد كفَّر عن سيئاته التي ارتكبها في موسم الانتخابات .

هذه الصورة هي ما اعتادها محترفو الانتخابات قديما ، وظنوا أنهم بذلك قد تخلصوا من أوزارهم وجرائمهم ، وترى الواحد منهم يرتدي عباءته ، ويمسك بسبحته ، ويحرص على أن يلقبه الناس بالحاج ، فالحاج راحَ ، والحاج جاء ، والحاج فعل ، والحاج بنى ، والحاج .....و ...... و..........

وقد ظن بعض المصريين الذين ساعدوا في قتل الإخوان ، وشاركوا في نشر الأكاذيب والإشاعات عنهم ، وساهموا بقوة في تشويه منجزاتهم ، ظن هؤلاء أن بعضا من المال يتصدقون به ، أو رحلة عمرة ، أو كذا أو كذا يمكن أن تزيل آثامهم التي اقترفوها ، وجرائمهم التي ارتكبوها ، ناسين تماما شروط التوبة التي وردت في كتب العلماء وليس من بينها أبدا هذا الذي فعلوه وابتدعوه .

وقد نسوا أيضا حديث رسولنا – صلى الله عليه وسلم – الذي أخبر فيه عن المفلس من أمته ، فقد روى ابن حبان بسند صحيح عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سأل صحابته قائلا : " أتدرون مَن المُفلِسُ" ؟ قالوا: المُفلِسُ فينا يا رسولَ اللهِ مَن لا درهمَ له ولا متاعَ له فقال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "المُفلِسُ مِن أمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاتِه وصيامِه وزكاتِه وقد شتَم هذا وأكَل مالَ هذا وسفَك دمَ هذا وضرَب هذا فيقعُدُ فيُعْطَىْ هذا مِن حسناتِه وهذا مِن حسناتِه فإنْ فنِيَتْ حسناتُه قبْلَ أنْ يُعْطِيَ ما عليه أُخِذ مِن خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح في النَّارِ " .

نعم أخي ...قد تكون حصَّلتَ من الحسنات أمثال جبال تهامة من صلاتك وزكاتك وصومك وحجك وعمرتك وصدقاتك وخدماتك ، لكنَّك أيضا حصَّلتَ أضعافها من السيئات بفرحك بسفك دم مسلم مظلوم ، أو اعتقال بريء ، أو تعذيبه ، أو سجنه ، أو تشريده ، أو تشويه سمعته ، أو سبه وشتمه ، أو خذلانه .

لعلك أخي الكريم لم تنتبه أن الله تعالى يعلم ما يدور في عقلك وما توسوس به نفسك ، ولم تنتبه أن الله تعالى يسجل عليك كل ذلك ، ولم تنتبه أن الله أخبر عن المجرمين يوم القيامة تعجبهم من حساب الله لهم على كل ما ارتكبوه بعدما سجله عليهم في الدنيا ، حيث قال سبحانه : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } (49) الكهف. بل لم تنتبه أن الله تعالى يتجاوز ويغفر للتائب الذي أخطأ في حقه سبحانه ما لم يكن شركا وكفرا ، لكنه عز وجل لا يتجاوز عن حقوق الناس ، ولا حتى عن حقوق الحيوانات ، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : "لتُؤدُّنَّ الحقوقَ إلى أهلِها يومَ القيامةِ حتَّى يُقادَ للشَّاةِ الجلْحاءِ من الشَّاةِ القرْناءِ" .

وروى الألباني في سلسلته الصحيحة عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو قال : "إذا كان يومُ القيامةِ مُدَّ الأديمُ وحُشِرَ الدَّوابُّ والبهائمُ والوحشُ ثم يحصلُ القِصاصُ بين الدوابِّ يُقتصُّ للشاةِ الجمَّاء من الشاةِ القرناءِ نطحَتْها فإذا فُرِغَ من القِصاصِ بين الدوابِّ قال لها كوني تُرابًا قال فعند ذلك يقول الكافرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تَرَابًا" . فهل ما زلت مصرا على التذاكي ؟

المصدر