حوار هام مع المستشار حسن الهضيبي
محتويات
المرشد العام للإخوان المسلمين يتحدث إلى " الأهرام"
- لا يمكن أن تستخلص حقوقنا إلا بالجهاد.
- أمريكا تحولت عن مبادئها لتؤازر الاستعمار فى كل شبر محتل من أرض المسلمين.
- الإخوان يشتركون فى الحرس الوطني بكل قواهم استعداد لخوض معركة الحرية.
قال مندوب " الأهرام":
بمناسبة الزيارات والاجتماعات التى تمت أخيرا بين أعضاء مجلس قيادة الثورة وفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين وأعضاء مكتب الإرشاد والتى تبودلت فيها الأراء فى الموقف السياسى, رأيت أن التعرف على رأى فضيلة الأستاذ حسن الهضيبي, زعيم هذه الهيئة ومرشدها العام فى مختلف الأمور السياسية التى يعالجها رجال هذا العهد.
الحقوق تستخلص بالجهاد
قلت لسيادته : لقد اطلعتم أثناء اجتماعكم بالمسئولين على تفصيلات ما دار فى المباحثات غير الرسمية بيم مصر وبريطانيا فهل تعتقدون أن مثل هذه المباحثات ستجعلنا نستطيع أن نستحلص حقوقنا؟ فأجابا قائلا: بعض بغض النظر عن إطلاعنا على ما دار فى المباحثات غير الرسمية بين مصر وبريطانيا أو عدم اطلاعنا عليه فقد قلنا مرارا أن المباحثات ليست وسيلة لنيل حقوقنا لأن المباحثات أخذ وعطاء وهم لا يريدون أن يسلموا بحقوقنا بل لقد اعتبروا أنفسهم أصحاب حق فى قنال السويس.
ولكن المباحثات على أى حال كانت إبراء للذمة فى نظر العالم ونحن لا يمكن أن نستلخص حقوقنا إلا بالجهاد وكان حقا على البلاد منذ البداية أن تكون متجهة هذا الإتجاه الذى يجب على كل إنسان فيه أن يؤدى حق الدين والوطن فى مكافحة العدو.
الإخوان فى الحرس الوطنى
قلت: ما هو الدور الذى سيقوم به الإخوان فى معركة الحرية التى تستعد لها البلاد وهل ستندمج تشكيلات الإخوان الخاصة فى الحرس الوطنى أن تظل محتفظة بطابعها الخاص؟
فأجاب قائلا: أن دور الإخوان المسلمين فى معركة الحرية الدور الذى يلزم كل مسلم القيام به إذا ديست أرض المسلمين , فكل صغير او كبير وكل رجل أو امرأة , يجب عليهم جميعا الجهاد لأجلاء العدو عن أراضيهم وهذا الجهاد يشمل كل أوجه الحياة من اقتصاد ومال , وبذل النفس فى سبيل هذه الغاية أما اشتراكنا فى الحرس الوطني فقد قررنا الاشتراك فيه بكل قوة حتى تكون مستعدين كل الاستعداد لهذا الجهاد الذى يطلبه الدين .
أمريكا تؤازر الإستعمار
وهنا قلت لسيادته : ماذا ترون فى تحول موقف أمريكا الذى كشفت فيه عن مؤازرتها للاستعمار البريطانى, وتعضيدها لمصالح حليفتها , وتنكرها للمبادئ التى نادت بها من قبل , سبق أن رددها رئيسها السابق روزفلت على أثر انتهاء الحرب العالمية الثانية وماذا يجب علينا ان تقوم به لمواجهة هذه السياسة؟
فقال : أن موقف أمريكا قد انكشف من زمن بعيد فقد تحولت عن مبادئها التى نادى بها رئيسها الأسبق المستر روزفلت. وبدأ بها التحول جليا فى إقراراها لوجود دولة إسرائيل وطرد العرب من ديارهم وتشريدهم فى البلاد وتركهم نهبا للأمراض والجهل والفراغ من العمل , حتى أصبحت هذه الأدواء تفتك بهم فتكا ذريعا سوف يؤدى بهم إلى الفناء وقد بدت مؤازرة الأمريكان للاستعمار فى كل شبر من أرض المسلمين فيه احتلال فأزرت فرنسا فى شمال أفريقيا وقبلت أن يضع الإنجليز يدهم على ليبيا ورضيت أن تؤازر الإنجليز فى مساومتهم على بقائهم فى قنال السويس وهى فى الوقت نفسه قد غمرت أسواقنا بتجارتها , وتحاول أن تنفث فى عقول الناس تعليمها وأفكارها والسيطرة على الحالة الاجتماعية فى البلاد ويجب . ويجب علينا مهما تألب علينا إلا ندور مع الساسة وأهوائهم بل يجب أن نخلص النية لله ونصطنع الحذر فى معاملة أمثال هذه الدول وننبه الناس إلى ما يجب عليهم , ونجهز لهم بالحقائق حتى يكونوا على بينة من الأمر ويتعودا حسن التقدير وينتبهوا إلى مواضع الخطر فى سياسة الدول.
مقاومة الشيوعية
أما ادعاء الإنجليز والأمريكان أن مقاومة الشيوعية تقضى عليهم بأن يكون لهم مركز فى قنال السويس فإن صاحب الحق لا ينبغي له أن يعلق حقه على مثل هذه الاحتمالات ونحن لا نستطيع ن نفترض فى دولة روسيا الاعتداء علينا أما إنها صاحبة مذهب وتحمى الشيوعية فإن ديننا كفيل بنفى هذا المذهب وغيره من المذاهب التى لا تتفق معه.
وعندئذ استفسرت من سيادته عما إذا كانت جماعة الإخوان تضم حقيقة بين أقسامها قسما لمكافحة الشيوعية وهل لهذا القسم وسائل معينة فى هذه المكافحة؟
فأجاب قائلا : نحن والبرهان والدين الإسلامى نظام كامل شامل قائم بذاته وكل غير قابل للتجزئة وفى تعاليمه ما يجعل نفس المسلم تطمئن إلى أن تعاليمه فى غناء عن نظام آخر.
ولهذا فنحن نجاهد فى أن نبين للناس حقيقة التعاليم الإسلامية وندربهم على التزامها. وهذا وحده كاف فى مقاومة الشيوعية وجميع الإخوان يقاومونها على هذا الأساس.
وهنا قلت لسيادته : ما هى إذن الأسباب التى تحول دون مشاركة الإخوان بدور إيجابى فى تحقيق الإصلاح فى العهد الجديد؟
فأجاب قائلا: إن الإسلام يقوم على الإصلاح فى جميع مناحى الحياة والإخوان مستعدون للقيام بأى إصلاح إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك .
قرارات مكتب الإرشاد
ولما أردت أن أتسقى من فضيلة المرشد العام بيانات عن الأسباب التى أدت إلى فصل أربعة من أعضاء الأسباب التى أدت إلى فصل أربعة من أعضاء الجماعة البارزين وعما إذا كان لاشتراكهم فى بعض القضايا السياسية علاقة ؟
رد فضيلته قائلا:
إن مكتب الإرشاد هو الجهة التى تهيمن على دعوة الإخوان المسلمين وهو حين يصدر قرار فى أى شان من الشئون يزن كل الاعتبارات التى يقتضيها ذلك, ولا يسأله أحد عن الأسباب التى بنى عليها قراراته, وهذا القرارات التى تقابل من الإخوان بالرضى والطاعة. وإذا كنت أأبى الجواب عما إذا كان لفصل هؤلاء الأربعة علاقة بأى حادث فإنى لم أفعل ذلك حربا على المبدأ الذى قررته ذلك والذى يلتزمه كل أخ مسلم.
الإسلام وتحديد النسل
وأخيرا أرت أن أختم حديثى مع فضيلته بتعرف رأيه فيما تضاربت حوله الآراء من ناحية تحديد النسل . فقال فضيلته: لا شك إن الإسلام يبيح تحديد النسل فى أحوال فردية, إذا اقتضت الضرورة ذلك. ولكن لا ينبغى تحديد النسل فى الأمة الإسلامية مطلقا, ولا يصح الإحتجاج بأن الأرزاق قد شحت, ومستوى المعيشة قد انخفض فإن فى بلادنا احتمالات شتى لتوسيع الرزق ورفع مستوى المعيشة لم نستنفدها بعد. هذا إلى أن بلاد الإسلام تعتبر كلها وطنا واحد وفى رقعة البلاد الإسلامية المترامية الأطراف ما يحتاج فى تعميره إلى زيادة عدد السكان لا إلى تحديد النسل.ولعل هذه الفكرة قد جاءتنا من بلاد أجنبية لا تريد للمسلمين خيرا.
وإلى هذا الحد إنتهى حديثى مع فضيلة الأستاذ حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين فشكرت فضيلته ودعوت له بالتوفيق وتحقيق رسالته السامية.
المصدر : الأهرام ،العدد 24477 ،يوم الأربعاء 2/11/1952/ 18 ربيع الأول 1373هـ
صـــ6, 11
