حوار شامل مع د. زغلول النجار
أجرت الحوار بالأردن: جلنار فهيم
- تربيتُ في بيت علم وتعلمت الدفاع عن القرآن والإسلام من أبي وجدي
- ضعف الإقبال على البحث العلمي يعود سببه إلى غرقنا وتشتت الأمة
- للأسف، فنحن لم نخدم كتاب الله وسنة نبيه كما يجب حتى اليوم
- أرى أن الصهيونية الأمريكية هي المستفيد الأول من أحداث 11 سبتمبر
يعتبر الدكتور زغلول النجار من أبرز العلماء المسلمين والمتخصصين في مجال الجيولوجيا والإعجاز العلمي في القرآن، فهو قد حمل على أكتافه أعباء هذا العلم القيِّم والفريد، وإيصاله إلى جماهير المسلمين وغير المسلمين على حدٍ سواء؛ حيث لم يكتفِ بمناقشة أبناء جلدته من العرب والمسلمين فحسب، بل انتقل إلى محاورة ومناقشة أهل الغرب فيما يدَّعُونه من علوم وتكنولوجيا، وأنَّ السبق لهم في تلك الاكتشافات، فقد كان يثبت بالحجة والبرهان، أن القرآن والسنة قد سبقا كل أولئك قبل أكثر ألف وأربعمائة سنة إلى ذاك العلم!!.. فسبحان الخالق الذي خلق كل شيء بكلمة "كُن فيكون".
"إخوان أون لاين" التقت العلامة الدكتور زغلول النجار، وذلك بعد عدد من المحاضرات ألقاها في الأردن، وذلك ضمن فعاليات مهرجان "الموسم القرآني لجمعية المحافظة على القران الكريم"، تحدث فيه عن آيات الله في الكون، وعن مدى الإعجاز الواضح والبين في الآيات القرآنية، والتي توضح وتشرح الكثير عن القوانين العلمية والفلكية وغيرها من العلوم المختلفة، وكان لنا معه الحوار الآتي:
- كيف أثرت الأسرة المسلمة في تكوين شخصية الدكتور زغلول وتنميتها؟
- ما من شكٍ من أنَّ التربية في البيت تلعب دورًا أساسيًّا في تربية الإنسان تربيةً إسلاميةً صحيحةً، فتوفر الكتاب الإسلامي والخطاب الإسلامي، والحوار حول قضايا المسلمين من أهم وسائل التنشئة الصحيحة للطفل المسلم، وهذا من فضل الله عليَّ؛ حيث نشأت في بيت يتوفر فيه الكتاب الإسلامي والإرشاد والحوار حول قضايا الدين، فكان هذا أحد الدوافع الرئيسية للحرص على القرآن الكريم وتعلمه، وثانيًا: أذكر أن الأمريكان في الفترة التي لم يكن لها دور رئيسي في احتلال البلد، فعمدت على احتلالها عن طريق الغزو الثقافي، فكانت ترسل بعثات تبشيرية في المستشفيات خاصةً، ويعملون على تشويه الإسلام في أنظار المسلمين، وكانوا يستغلون حاجة المريض والفقير للدواء والمال!؛ فكان جدي يتصدى لهؤلاء مع أبي رحمهما الله، فكنا ونحن صغار نسمع الحوار الدائر بين الطرفين، فكم استفدنا من هذا الحوار، على الرغم من صغر سننا حينها، وكنت أذكر دائمًا كيف كان الأهل يسعون للدفاع عن القرآن الكريم، وأنه كلام الله المصون، فكل هذا تركَّز في قلوبنا، من الاعتزاز بالقرآن والإسلام، واستطعنا فيما بعد الإفادة من كل هذا أيما فائدة!!.
- وأؤكد أن كل هذه المعاني تجعل من الطفل صاحب قلب يحمل همَّ الإسلام منذ الصغر، فيتعلق قلبه به ولا يستطيع الاستغناء عنه.
- كيف تنظر إلى ضعف إنجاز العلماء المسلمين في مجال البحث العلمي، وخاصة في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة؟
- الأمرُ ليس كسلاً من العلماء، فالبحث العلمي أصبح مكلفًا، والاستعمار ضربنا في مقتل؛ حيث مزَّق هذه الأمة إلى خمسين دولة، وحرص على ألا تتحدَّ هذه الأمة من جديد، ومخرجنا مما نحن فيه هو توحد الأمة، ولن تتوحد إلا على الإسلام، وطبعًا مع هذا التمزيق بعثروا إمكانات الأمة، فالقضية الواحدة تبحث في كل الجامعات، وبالتالي نحن نكرر أنفسنا في خطوط قصيرة!!
- وفي نفس الوقت لم يعد هناك الإمكانية المادية التي تنفق على البحث العلمي في سخاء، فدولة كأمريكا أو أي دولة أوروبية أخرى ميزانية البحث العلمي عندها تفوق ما لدى الدول العربية مجتمعة بآلاف المرات!!.
- من المعلوم أنكم تتابعون العديدَ من المؤتمرات والندوات العالمية التي تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن، وعن أهمية هذا العلم، فهل سعيتم إلى إدارج هذه المواد في المناهج الدراسية لكافة الدول العربية، لتوعية الشباب والصغار حول أهمية وضرورة مثل هذه العلوم؟
- فعلاً: إنه من أعظم ما ينجز في هذا الموضوع هو وضع المناهج التعليمية وعلى مختلف المستويات، وأرى أن المنهج في مستوى الجامعة أبسط وأيسر للمراحل الأقل وهي الثانوية والمتوسطة والابتدائية، لكن لا بد أن يتدرج، ولقد رأيتُ قبل مدة مجموعة كتب للأطفال باللغة الفرنسية عن هذا العلم مكتوبة بأسلوب مبسط ورائع، وترجمت إلى العربية، فقلتُ: لو أنَّ هذه الموسوعة قد أضيفت إليها مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن سبق الإسلام في الحديث عن هذا العلم لكان أفضل وأفضل!!، وهذا يمكن أن يكون منهاج للمرحلة الابتدائية.
- ونحن بصدد وضع منهج في المَجمع العلمي للإعجاز، يدرس فيه الإعجاز العلمي في القرآن، لنكِّون فيه من الشباب مَن يستطيع حمل الراية، فأغلب المشتغلين فيه من كبار السن، فإذا انقضى أجل هؤلاء، فسيتوقف هذا العلم لفترة طويلة، فمع هذا التحدي الكبير الذي يواجه الأمة أتمنى أن نتمكن من إنجاز دبلوم في الإعجاز القرآني لخريجي الجامعات من مختلف التخصصات، وأن تكون هناك رسائل ماجستير ودكتوراه في هذا العلم المهم جدًا.
- تتكرَّر ظاهرة معينة عند كل أزمة يقع فيها الوطن العربي، وتتمثل تلك الظاهرة في بروز أحاديث وأقاويل مأثورة تتحدث عن تلك الأزمة أو تشرح تفاصيلها، كأزمة العراق وقضية 11 سبتمبر مثلاً، فما رأيكم بما سبق وكيف تشرح ذلك؟
- أرغب أولاً: أن أعلق على حادثة 11 سبتمبر؛ حيث أرى أنه لا يمكن الجزم بأنَّ الذي قام بها هم المسلمون، ولا أرى سوى أنَّ الذي قام بهذا العمل ما هي إلا أمريكا والكيان الصهيوني؛ لأن المستفيد الوحيد من تلك الأحداث هما أمريكا والكيان الصهيوني!!، وهذه قناعتي الشخصية، وأنا لا أقول ذلك من فراغ، ففي عام 1990م صدر كتاب في أمريكا بعنوان "شعور بالحصار" لمؤلفه جراهام فولر، وهو النائب السابق لرئيس المجلس القومي الأمريكي!! ويبدأ الكتاب بالقول: "أنه في ضوء العقيدة اليهودية المسيحية يعتبر الإسلام كفرًا، والكفر لا يجوز أن يُمكَّن في الأرض، فلا يصح لنا أن نسمح لأي حركة إسلامية في العالم بالوصول إلى مقار السلطة!!".
- وهذا الشيء واضح جدًا.. أما الحديث عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- عليه السلام، تكلم في أحاديث الفتن عن أحداث مثل هذه، وهذا صحيح، وكأنَّ الرسول قائم بيننا!! لكن بعض الناس يلبسون الأمور، وهذا فيه شيء من التكلف، أما عن الحديث القائل: "إن من علامات يوم القيامة الكبرى أن ينحسر الفرات عن جبل من ذهب"، ويحذر الرسول- صلى الله عليه وسلم- المؤمنين من أن يأخذوا منه شيئًا فهذا صحيح، وهذا الجبل لم يظهر بعد، وإن كان الفرات بدأ ينحسر نتيجة للمخطط الصهيوني لإقامة عدد من السدود على أعالي دجلة والفرات في داخل تركيا.
- نرى في الوقت الحالي الانحسار الشديد من قبل الطلبة والمتعلمين في قضية التدبر القرآني!!، سواء في إعجازه أو في معانيه وأهدافه، فما تعليقكم على ذلك؟
- في الحقيقية نحن لم نخدم كتاب الله الخدمة الواجبة علينا، ولم نخدم سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الخدمةَ الواجبة علينا، فلو اطَّلعنا على التفاسير القديمة لوجدنا أن هؤلاء العلماء قد قدموا كل ما لديهم في ضوء المعلومات المتاحة لهم، أما نحن فقد أهملنا قضية تدبر القرآن، وأهملنا تربية الشباب على هذه المعاني والمفاهيم، وأذكر أن أول من فكر في ترجمة القرآن إلى اللغات الأجنبية هم أعداء الإسلام، كي يبعدوا الناس عن الإسلام ويبغضوهم فيه، وعلى سبيل المثال: هل نجد سفارة من سفارات الدول العربية والإسلامية تحمل همَّ الإسلام وهمَّ توصيله لغير المسلمين؟، بينما نجد أن السفراء يبحثون عن الوجاهة والأناقة في الملبس!! ولذلك وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
- وأخيرًا، لو نتعرف على المسار اليومي للدكتور زغلول وكيف يقضي نهاره؟
- بدايةً أحاول جاهدًا أن أقوم قبل صلاة الفجر؛ حيث أجد الفترة من بعد صلاة الفجر حتى الضحى من أكثر الفترات خصوبة في الإنتاج، ثم أخرج إلى الناس؛ حيث أجد أن الحديث مع الناس مفيد جدًا، وبخاصة الشباب، فهم يعيشون في حيرة كبيرة، وذلك من خلال تدريسي في جامعة قناة السويس، هذا بالإضافة إلى المؤتمرات المستمرة، وهي تقريبًا يومية، كما أشعر بسعادة كبيرة عندما أقدم للآخرين بعض الحلول لكثير من القضايا والمشكلات المستعصية عليهم، فخدمة الناس رسالة إنسانية، فأشعر دائمًا أن الشباب يشعر بالضياع في ظل زخم الإعلام الغربي، فيتعرضون للفتن الفكرية وبشدة، ويتساءلون وبشدة: إلى أين نحن ذاهبون؟! وللأسف، فهم بحاجة إلى رعاية شديدة منَّا، فالسباق بيننا وبين الغرب على الشباب!! فلو استطعنا أن نحمي الشباب والمرأة من الزخم الذي يحاول الغرب أن يفرضه علينا فسوف نتفوق إن شاء الله.
المصدر
- مقال:حوار شامل مع د. زغلول النجار موقع : إخوان أون لاين