حكايات د.الزعفرانى - الحلقة الخامسة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حكايات د.الزعفرانى - الحلقة الخامسة


بقلم : إبراهيم الزعفراني

المحاكم العسكرية والقبض على اول مجموعة عام 1995

فى ليلة 21/1/1995 تم القبض علي وعلمت من ضابط امن الدولة الذي رافق قوة الضبط والاحضار اننا سنسافر القاهرة صباحا لان القضية امام نيابة امن الدولة العليا واحتجزت في قسم المنتزة في حجرة انفرادي وقمت اصلى حتى الفجر وانا ادعو الله الا ياتى احد غيرى والا يكون قد قبض على احد غيرى لانى كنت اتمنى ان يكون عدد المقبوض عليهم قليل جدا حتى انى كنت شديد السعادة حين طلبنى نائب مامور القسم ليخبرنى بان سيارة الترحيلة الى القاهرة حضرت ولم اجد بها سواى فاحسست ان الله قد استجاب دعائى كان ذلك لشديد خوفى على اخوانى وحرصى على الا يصاب احد غيرى بسوء وبعد وصولى نيابة امن الدولة بالقاهرة فوجئت بان الاستاذ جمال ماضى قد احضر وحده ايضا من الإسكندرية كلانا فى سيارة شرطة مستقلة ودخلنا الحجز لنرى عدد 27 أخ من مختلف المحافظات. سلمنا عليهم ووقفت مع اخى جمال فى الحجز نتحدث عن ما حدث اثناء تفتيش منزله وتتعالى اصواتنا بالضحك واذا بصوت د / عصام العريان المرتفع بطبيعته وضحكاته تنطلق من خارج الحجز وهو داخل علينا فتصافحنا وتعانقنا وشاركنا حديثنا المثير للضحك وباقى الإخوان ينظرون الينا بدهشة فاكتمل عددنا ثلاثون رجل وهم د / عصام العريان الامين المساعد لنقابة اطباء مصر وعضو مجلس الشعب عام 1987 ود / إبراهيم الزعفراني امين نقابة اطباء الإسكندرية , م / محمد عبد الفتاح الشريف من دمنهور ويبلغ من العمر 86 عاماً, المحاسب عبد الخالق حسن عبد الوهاب من" بنى سويف" , والمحاسب محمد العريشى (القاهرة) ,

د / محمد سلامة (الجيزة) , د / على عز ثابت مدرس بكلية طب اسيوط , م / احمد محمود ابراهيم رئيس مجلس محلى حى الاربعين(السويس) ,

أ / محمد بسيونى حسين القصب مدرس (طنطا) , م / سعد الحسينى

(المحلة) , أ / محمود سعيد الديب مدرس (دمياط) , المهندس الزراعى حسين اسماعيل عثمان (القاهرة) , د / محمد عبد الغنى رئيس مجلس محلى مدينة الزقازيق , أ / جمال سعد ماضى صاحب دار طباعة ونشر , المهندس الزراعى محمد حسن ابراهيم فرج ([[بور سعيد]]) , أ / احمد محمد فرج مدرس (الفيوم) , د. محمد عوض رمضان (البحيرة) , م / جمال عبد الناصر بطيشة (البحيرة) , المحاسب محمد عبده ابراهيم (القاهرة) , أ/ مصطفى عبد الحكيم حجازى عضو مجلس محلى مدينة وسيم(الجيزة), أ / ابراهيم متولى حسين (القاهرة) , أ / صبيح على صبيح (القاهرة) ,

م / رزق عبد الرشيد يونس (المنوفية) , د / ابراهيم البيومى غانم عضو هيئة التدريس بجامعة القاهرة , أ/ قاسم محمد قاسم (القاهرة) , د / محمود مصطفى البندار (السويس) , أ/ بشير محمد العبد (العريش) , د / محمد طه وهدان عضو هيئة تدريس الاسماعيلية , أ/عبد الله طه وهدان (تاجر)

وامرت نيابة امن الدولة بحبسنا احتياطيا فى سجن مزرعة طرة ثم نقلنا الى

ملحق سجن مزرعة طرة .

ردود افعال القبض علينا عام 1995

كانت ردود الفعل واسعة جدا الخصها فيما يلى :

قامت صحف احزاب المعارضة بدور كبير فى فضح ممارسات النظام بالقبض علينا خاصة (جريدة الشعب) لسان حال حزب العمل الاشتراكى وجريدة الاحرار والوفد .

كما قامت النقابات المهنية (سبعة عشر نقابة مهنية) باصدار بيانات تستنكر فيها القبض علينا .وقامت بالعديد من المظاهرات والاعتصامات

الاتصال بالمسئولين ولجان حقوق الانسان المصرية والعربية والدولية .

انتداب محامين كبار لحضور التحقيقات والدفاع عنا .

الحركة داخل الاوساط الطلابية والنقابية والشعبية لاستنكار هذا القبض والحبس .

كما قامت الاتحادات النقابية العربية بادانة هذا العمل المنافى للحرية وحقوق المواطنين .

قيام نقابات المحامين ببريطانيا وغيرها بالتنديد بالاعتقالات وحضور بعضهم للمحاكمات

قامت قيادات اخوانية امثال د / عبد المنعم أبو الفتوح وأ / مختار نوح بمقابلات مع بعض الرموز اللصيقة بالنظام المصرى الذى ابلغوهم ان هذه القضية اكبر من كل مرة وانها ستتصاعد وان القيادة السياسية تعد للاخوان ما هو اسوا خلال المرحلة القادمة .


دفعة ثانية تدخل السجن في يوليو 1995

استمر تجديد حبسنا احتياطيا مدة ثلاثة اشهر ثم بدات نيابة امن الدولة اخلاء سبيل البعض منا فى كل مرة وبعد ستة اشهر لم يتبقى منا الا اثنى عشر رجلا بالسجن وعرضنا على محكمة جنايات منعقدة بغرفة مشورة وتم الافراج عن اربعة منا وجدد حبس الثمانية الباقين خمسة واربعين يوم ولم تمضى ايام علينا نحن الثمانية فى السجن وفى يوم 18 يوليو 1995 فوجئنا ليلا باصوات مسجونين جدد يدخلون السجن باعداد كبيرة وحين سالناهم من داخل الزنازين عرفنا انه تم القبض على ما يزيد على اربعين رجلاً من الإخوان المسلمين خاصة من اعضاء مجلس الشعب السابقين منهم الاستاذ / محمد حسين عيسى (الإسكندرية) , الحاج حسن الجمل رحمه الله من القاهرة , الدكتور / محمد فؤاد عبد المجيد (كفر الشيخ) وعدد من اعضاء مكتب الارشاد و أ . د / محمد حبيب (عضو نادى اعضاء هيئة التدريس باسيوط وعضو مجلس شعب سابق) , م / خيرت الشاطر ومن النقابات المهنية د / انور شحاته امين صندوق النقابة العامة (رحمه الله) واخوانه من النقابيين الأستاذ محمود أبو رية الدقهلية و الأستاذ نبيل عزام و الحاج حلمي حمود(80 عاماً) بور سعيد الحاج عبد الفتاح الشريف والأستاذ محمد سويدا ن والأستاذ محسن القويعي البحيرة الأستاذ عبد الفتاح عبد الصمد رحمه الله الفيوم الأساذ سيد النزيلي والمهندس محمد الصروي والدكتور محمد عبد اللطيف د/محمد سعد عليوة (الجيزة) والشيخ علي متولي شرقية والشيخ سيد الصاوي والأستاذ لاشين أبو شنب والأستاذ عاشور والأستاذ الدكتور السيد عبد الستار أ.د/ عبد الحميد الغزالى (جامعة القاهرة) وزاد عددنا بالسجن مرة اخرى عن خمسين رجلا وتم التجديد للمجموعة الجديدة الحبس الاحتياطى .

الاحالة الى النيابة العسكرية بغير سابق إنذار

خرجنا نحن الثمانية الباقين من القضية الأولي من صباح يوم السبت 2/9/1995 يودعنا إخواننا بالأناشيد وكلنا فرح وبشر للذهاب إلي محكمة جنوب القاهرة حيث نحن معتمدين علي الله ومتوكلين عليه وحده في أن يكون القاضي عادلاً منصفاً وأثناء سير سيارة الترحيلة لاحظنا أنها تسير في إتجاه مدينة نصر وتذهب إلي الصحراء فما كان منا إلا أن انفجرنا في النكات والضحك (لان قبلها بيوم كان يحكي لنا أ / محمد الصروي عن حادث في عام 1965 حين اقتادوه وقالو له سوف يطلق عليك الرصاص وشاهد قوات تحمل السلاح داخل السجن حوالي مائتي فرد فقال فتأكدت أني ميت فترددت أاقول لا إله إلا الله أم أقول أستغفر الله فاهتديت إلي ان أقول مرة لا إله إلا الله والثانية أستغفر الله...... وظل علي هذا الحال وفوجيء أنه ذاهب لعمل فيش وتشبيه) انتهت قصة الأستاذ محمد الصروي"رحمه الله".

فلما وجدنا السيارة تتجه بنا إلي الصحراء قلنا يمكن سيطلقو علينا الرصاص فقلنا وكلنا سرور وفرح بسرعة يا جماعة قولوا مثلما كان يقول الأستاذ الصروي لا إله إلا الله أستغفر الله لا إله إلا الله أستغفر الله وظللنا نمرح في السيارة وقائد الحملة يوقف السيارة مرة بعد أخري ليسئل عن الطريق ورحنا ننادي عليه ونحن نضحك ( يا بيه اذا مكنتش عارف إحنا رايحين فين رجعنا لإخونا في ملحق طرة إحنا مش جايين من الشارع !) وراح يضحك هو الآخر ولكنه رفض أن يخبرنا بوجهتنا حتي وصلنا إلي النيابة العسكرية في الحي العاشر بمدينة نصر قلنا للضابط ( يا عم أنت غلطان في العنوان المفروض نروح محكمة جنوب بمصر الجديدة وملناش دعوة بالنيابة العسكرية) - و لم نكن قد قرانا الخبر في جريدة الأهرام- فقال الضابط لا الجواب اللي معايا موجه للنيابة العسكرية فقلنا يا عم إحنا معناش المحامين قال أنا مليش دعوة غير بترحيلكم أنتم ناس دكاترة ومهندسين وتقدرو تتصرفوا وبعدين فتح الباب ودخلت العربية وتوقفت في الحديقة التابعة للمبنى وظللنا ننادي علي المارة حتي إستجاب لنا إثنين من المحامين وكان أحدهما من الإخوان المسلمون ويعمل محامياً في المحاكم العسكرية وطلبنا منهما اللإتصال بالمحامين ليبلغوهم اننا بالنيابة العسكرية فعلا بعد ساعة وصل ثلاثة من إخواننا المحامين وسلموا علينا ودخلو المبني وبعد قليل نزلنا من السيارة ونحن نهتف هتافاتنا المعهودة

داخل قاعة بمبنى النيابة العسكرية

دخلنا قاعة محكمة كانت صغيرة جداً ولم يكن بالقاعة كلها سوانا في الحجز ولحق بنا ثلاثة من شباب المحامين وبدانا ندعو الله علي الظالمين وبعد قليل دخل القاعة صول ونادي (محكمة) فدخل لواء جيش وعقيدين ومقدمين وجلسوا علي المنصة وكان اللواء اسمه عبد المنعم نافع فقال وهو مضطرب لأحد الجالسن علي المنصة من جهة اليمين طلبات النيابة فقام ممثل النيابة العسكرية واقفاً وقال أطلب مد الحبس45 يوماً لكل المتهمين ثم استدرك اللواء قائلاً آسف استني يا نيابة بطلباتك لغاية ما ننادي علي المتهمين ونثبت حضورهم وحضور المحامين أولاً....! ولم يكن امامه إلا ورقة مكتوب فيها أسماؤنا ووظائفنا نادى علينا بقراءتها وقال أنتم متهمون بتهمتين: الاولي هو الإنتماء لجماعة محظورة والثانية التغلغل في الأوساط النقابية والشعبية للوصول للحكم وقمنا جميعاً برفض التهم التي وجهت إلينا وتكلم الدكتور عصام العريان وقال يا سيادة اللواء مين اللي بيتهمنا فتلعثم اللواء وقال النيابة العسكرية اللى بتتهمكم قال الدكتور عصام النيابة العسكرية يافندم عمرها ما شافتنا ولا شفناها ثم وجه حديثه إلي النائب العسكري يا سيادة النائب العسكري حضرتك شفتنا قبل كده فاستدرك اللواء قائلاً: لا اللي بيتهمكم نيابة أمن الدولة فقال عصام أنتم يا فندم ناس عسكريين مالكم ومال نيابة أمن الدولة فرد اللواء : النيابة العسكرية إمتداد وتنسيق مع نيابة أمن الدولة وعندها ضحكنا جميعاً ثم تكلم أحدنا وقال" يا سيادة اللواء احنا حضرتك جايين هنا غلط يا فندم أنتم مالكم ومالنا إحنا لا ناس عسكريين ولا ناس قمنا بأعمال عنف احنا بنرفض الزج بالجيش في خلاف سياسي بيننا وبين الحكومة . الجيش يا فندم له رسالته التي نحترمها ونقدرها " رد اللواء: مفيش غلط ولا حاجة القضية دلوقت محولة لنا. وهنا طلب المحامي عبد المنعم عبد المقصود الإطلاع علي قرار الإحالة فقال اللواء مش معايا دلوقت هو أنت مش مصدقني وقام منتفضا من علي كرسيه وقال الحكم بعد المداولة وعاد بعد قليل ليقول قررت المحكمة استمرار الحبس الإحتياطي لجميع المتهمين 45 يوما . ثم عدنا إلي السجن مرة أخري لنجد اخواننا في استقبالنا وكانو مشفقين علينا حين قرأوا في الصباح تحويل قضيتنا وقضيتهم للقضاء العسكري ولقد فوجئوا بنا عائدين وكلنا قوة وعزيمة لنحكي لهم ما حدث من مواقف وطرائف .

دفعة ثالثة من الإخوان تنضم إلي المحكمة العسكرية سبتمبر 1995

وفي يوم 28 /9 تم القبض على كلاً من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والأستاذ الدكتور محمود عزت عضوي مكتب الإرشاد.كما وصل الى السجن ممن كانوا معتقلين فى سجون آخرى كلاً من الأستاذ طلعت فهمي والأستاذ عبد العزيز زويل والمهندس أسامة مسعد والأستاذ محمد شحاته والدكتور سيد سمك والأستاذ فهمي عامر والأستاذ حامد المداح والحاج حسن و المهندس الكيميائي مصطفي حلمي من (الإسكندرية) والأستاذ الدكتور علي عمران وخمسة معه من (المنيا) .

وبهذا يبلغ عدد الذين قدموا للمحكمة العسكرية فى القضيتين رقم " 8،11" لسنة 1995 ثلاث وثمانون من الإخوان المسلمين من كافة الاعمار والمحافظات والمهن

جلسات المحكمة العسكرية القضية 8 : 11 عام 1995

فى صباح يوم الجمعة الموافق 16/9/1995 قرانا خبر عقد أولى جلسات المحكمة العسكرية وفى تمام الساعة 6 مساء تم إبلاغنا رسميا بموعد الجلسة غدا السبت 17/9/1995 خرجنا من الزنازين لنصلى الفجر جماعة وبعد الإفطار انطلقت نبا سيارات الشرطة إلى معسكر الابكستب على أول طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي . كنا مستبشرين بان الله يصنع بنا شيئا لإعلاء كلمته . انضم إلينا في قاعة المحكمة المتهمين من إخواننا الواحد وعشرون من الذين كان قد افرجت عنهم النيابة وقد حضروا من بيوتهم . وكان لقاءا اخويا إيمانيا عاليا رغم الظلم الذى نتعرض له , كما حضر المحامون بإعداد كبيرة من كافة الأطياف السياسية من كبار المحامين المشهورين الأكفاء وكذلك شبابهم الواعد ... كما حضر عدد كبير من الصحفيين يمثلون جريدة الأخبار والجمهورية والمصور المصرية والأحرار المعارضة والحوادث المصرية والأنباء الكويتية والاسوشست برس .منعت الشرطة العسكرية دخول عدد كبير من المراسلين الأجانب الذين جاءوا لتغطية هذه الجلسة , وجرت أحاديث صحفية عديدة مع من حضر من المراسلين وكانت جلسة إجراءات ورأس المحكمة اللواء / احمد عبد الله . وزعنا على المحامين الموكلين عنا وطلبت هيئة الدفاع

تأجيل المحاكمة إلى حين الفصل فى الطعن المقدم أمام القضاء الادارى ضد رئيس الجمهورية بإحالة القضية إلى القضاء العسكري . ولتمكين هيئة الدفاع من الاطلاع على أوراق القضية

نقل مكان المحاكمة فى حال استمرارها إلى ارض المعارض وسط القاهرة حتى يتمكن المحامين والاهالى و مراسلى الصحف ووكالات الأنباء من الحضور

الإفراج عن المحبوسين ومحاكمته وهم خارج السجون .

وانتهت الجلسة بقرارات :

تأجيل المحاكمة ليوم 30/9/1995

واستمرار حبس المحبوسين احتياطيا

الجلسة الثانية للمحكمة العسكرية القضية 8 , 11 عام 1995

وفى يوم 30/9/1995 تم ترحيلنا إلى قاعة المحكمة العسكرية بمعسكر الهابكست وحضر عدد من المحامين منع عدد كبير أخر وعدد من الاهالى فى بداية الجلسة مما دفع الأستاذ / احمد الخواجة المحامى ونقيب محامى مصر إلى التهديد بالانسحاب إذا لم يتم السماح لهؤلاء الممنوعين من الدخول . واستجابت المحكمة لطلبه وقال القاضى ( أنا أديت تعليمات كله يدخل ولو عوزين الشعب كله يدخل يدخل) .

فرد الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا المحامى ( رئيس هيئة الدفاع) : ( يا سيادة الرئيس إحنا عاوزين قاعة محكمة تسع الشعب كله لان الشعب كله مستعد يحضر مع هؤلاء الأبرياء الذين قدموا وقتهم وجهدهم ومالهم وكل ما يملكون من اجل شعبهم وأمتهم لإرضاء الله تعالى .

كما حضر من المحامون إضافة إلى الأستاذ / احمد الخواجة نقيب المحامين والأستاذ الدكتور / محمد سليم العوا رئيس هيئة الدفاع الأستاذ / مختار نوح (منسق فريق الدفاع) الأستاذ الدكتور / نعمان جمعة عميد كلية الحقوق حينها ونائب رئيس حزب الوفد الأستاذ الدكتور / عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري , الأستاذ / محمد فريد عبد الكريم والأستاذ / سيد شعبان من الناصريين والاستاذ/ مأمون ميسر

كما حضر أربعة من المحامين البريطانيين يرتدون باروكة القضاء البريطانية البيضاء والأرواب السوداء .

قدم المحامون طلبات استخراج صور رسمية من انتخابات مجلس الشعب للاخوة المتهمين من أعضاء مجلس الشعب , وصور رسمية لانتخابات النقابات المهنية للاخوة المتهمين من أعضاء مجالس النقابات المهنية , وصور رسمية من انتخابات المحليات للاخوة المتهمين من رؤساء وأعضاء المجالس المحلية وصور رسمية من انتخابات نادى أعضاء هيئة التدريس وذلك للمتهمين من رؤساء وأعضاء مجالس نوادي هيئة التدريس وذلك إثبات مكانه هؤلاء المتهمين وسلوكهم طريق العمل العام القانونى وكذلك مدى شعبيتهم فى دوائرهم ونقاباتهم وكلياتهم .

الأستاذ نعمان جمعة يفجر قنبلة قانونية فى الجلسة الثانية للمحاكمة العسكرية عام 1997

حين تقدم إلى رئيس المحكمة قائلا سيادة الرئيس أن الأوراق التي معنا تخلوا من (أدلة ثبوت الاتهام)

وكل ما معنا هو أوراق التحقيق مع من تسمونهم متهمين أين الأدلة أين شهود الإثبات . إن عدم وجود ( أوراق أدلة الثبوت) يعنى أن هؤلاء محبوسين بغير قضية لانعدام أهم ركن فى القضية وهو أدلة الثبوت من مضبوطات وشهود إثبات وغي

وإذا بالقاضي يسال ممثل النيابة العسكرية : فين أدلة الثبوت ؟ قال ممثل النيابة يا فند موجودة لكن لم نسلمها للسادة المحامين وتدخل الأستاذ / مأمون ميس ( المحامى) وقال : يا سيادة القاضى ليس هناك أصلا أدلة ثبوت الاتهام . ودليلى أن الأوراق التي سلمت لسيادتكم هى أيضا خالية من أدلة ثبوت الاتهام ... وهنا تقدم الأستاذ الدكتور سليم العوا قائلا : يا سيادة القاضى إذا كانت ( أوراق أدلة ثبوت الاتهام) موجودة في الأوراق التي سلمت لسيادتكم والتى هى أمامك الآن فنحن نطلب الاطلاع عليها الآن . وإلا فهي غير موجودة ووجب عليكم إطلاق سراح هؤلاء المحبوسين فورا لأنهم محبوسون بغير سند من قانون . وتازم موقف القاضى فوقف من فوره وصاح بأعلى صوته رفعت الجلسة وسط دهشة وهمهمات الحاضرين – كيف تكون ثمة محاكمة فى قضية ليس بها أوراق أدلة ثبوت الاتهام خاصة أن عمل هيئة الدفاع هو تفنيد هذه الأدلة واثبات عكس ما حوته فما بالك أن كانت هذه الأدلة غير موجودة أصلا .

وبعد استراحة استمرت ساعة ونصف استأنفت الجلسة ليعلن القاضى قرار المحكمة بتأجيل المحاكمة لمدة أسبوعين مع استمرار حبس المحبوسون .

المحامون البريطانيون يعبرون عن قلقهم وعدم تفاؤلهم

كان حضور المحامين البريطانيين هو ثمرة لجهد مشكور من نشاط المخلصين الذين وقفوا معنا ضد تحويل المدنيين إلى محاكم عسكرية فى الداخل والخارج وفى أثناء فترة جلسة الاستراحة فى الجلسة الثانية لمحاكمتنا عسكريا عام 1995 وافقت هيئة المحكمة على طلب تقدمت به هيئة الدفاع عنا بمقابلة المحامين الأجانب الذين خرجوا من هذا اللقاء معربين عن قلقهم وعدم تفاؤلهم من سير المحاكمة وقراراتها .

انسحاب فريق الدفاع من المثول أمام المحكمة العسكرية

بعد عدة جلسات إجرائية رفضت فيها الحكمة كل طلبات الدفاع قررت هيئة الدفاع الانسحاب . احتجاجا على محاكمتنا كمدنيين أمام محكمة عسكرية . وان القاضى العسكرى هو فى النهاية مرؤوس لوزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة وقسمة العسكري يلزمه بطاعتهما وهذا يخل باستقلال القاضى . وغيرها من الأسباب التي تحدث الأستاذ الدكتور / محمد سليم العوا عنها فى جلسة الانسحاب لتسجل فى مضبطة المحكمة وبعد الانتهاء من حديثه انسحب جميع المحامين . مما اغضب رئيس المحكمة حيث توجه إلينا بالحديث ونحن فى الأقفاص نراه ولا يرانا هل انتم موافقون على ما فعله فريق الدفاع فأجبناه بأننا جميعا موافقون على انسحاب هيئة الدفاع كما طلبنا منه أن ألا نحضر من سجننا وان يحاكمنا غيابيا لأننا متفقون مع الأسباب التي تقدم بها دفاعنا للانسحاب .

وهنا رفع القاضى الجلسة ليعود لعقدها ويقرر استمرار حبسنا جميعا وحبس الواحد والعشرين الذين كانوا قد أخلى سبيلهم وتعيين محامين للدفاع عنا ( بغير اختيارنا ولا رضانا ) .

استمرار المحكمة وإجبارنا على حضورها

فى الجلسة التالية لانسحاب هيئة الدفاع عنا , قدمنا لا دارة السجن اعتراضنا على الذهاب للمحكمة وأننا اعددنا أنفسنا لحكم المحكمة أيا كان هذا الحكم ... فنحن لا نرى اى فائدة لحضورنا المحاكمة ولكن بعد تفاوض وإلحاح وكذلك تهديد من إدارة السجن قررنا الذهاب وقبل بداية الجلسة فوجئنا بان أدلة الإثبات هي عدة كراتين من الكتب العادية والمصاحف والشرائط الصوتية العادية . وكان الدليل الرئيسى للإثبات هو شريط فيديو عرض على شاشة تلفزيونية قد ثبتوها على منصة القاعدة بها صور لبعضنا وهو يمشى فى شارع التوفيقية وصور لأناس غيرنا أيضا ووقف ضابط امن دولة يشرح شريط الفيديو انه اجتماع لمجلس شورى جماعة الإخوان على مستوى الجمهورية بمقر التوفيقية بالقاهرة وليتعرف على أفرادنا وكانت ماجأة حيث انه لم يستطع التعرف على معظمنا بل انه ذكر أسماء تظهر على الشريط ليست لأصحابها .

وعلى سبيل المثال أشار إلى صورة أ / محمد حسين عيسى وقال هذا هو الأستاذ حسين شحاته والذى قدم جواز سفرة لإثبات انه كان بالخارج خلال هذه الفترة . وغيرها كثير .

بعض الغرائب والمضحكات فى المحاكمة العسكرية

- فى إحدى الجلسات طلب الدكتور / عصام العريان من القاضى السماح لنا بالحضور للمحكمة بملابسنا المدنية وليس بملابس السجن وإذا بالقاضي يقول له متستعجلش حنلبسلك يا عريان

- المحامون المعينون لنا على غير إرادتنا كانت هي أيضا من الغرائب والفكاهات . قام المحامى المكلف بالدفاع عن الدكتور / أنور شحاته يقول " يا سيادة القاضي أن هذا الشاب الطموح الذي يشغل أمين صندوق النقابة العامة للأطباء وعضو في أكثر جمعية من جمعيات المجتمع المدني دفع به طموحه هذا إلى أن يدفع بنفسه في مواطن التهلكة ليجد نفسه بين القضبان في هذه القضية التي أمامكم .

- محامى أخر يدافع عن ا . د محمود عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر السابق محاولا استدرار عطف المحكمة ببراءته من اجل تقدمه في السن فإذا به يقول أن هذا الرجل المسن الذي يجاوز السبعين من عمره ليس مكانه أن يحاكم هنا أمام عدالتكم ولكن مكانه الحقيقي في مزبلة التاريخ .

أدرنا ظهرنا للمحكمة ولكن أذننا آبت إلا أن تستمر في الاستماع إلى هذه المرافعات الهزلية و الفكاهات نتذكرها عند عودتنا إلى السجن في كل مرة و نحكيها لأهلنا في الزيارة.

يوم النطق بحكم المحكمة العسكرية عام 1995 : في القضيتين 8 , 11

- اعددنا بيانا للإعلانة في المحكمة بعد النطق بالحكم على ان يقوم بتلاوتة من يحكم عليه بأكبر عقوبة .

- احضرنا في سيارتين كل متهمين في قضية في سيارة يوم11 نوفمبر 1995

- بعد دخولنا معسكر إلهايكستب منع اى احد من دخول المعسكر فضلا عن أن يدخل قاعة المحكمة وتكدس المحامون وأهلينا بأعداد كبيرة خارج أبواب المعسكر .

- وبعد وقت طويل أنزلت المجموعة الأولى القضية 8 عسكرية وبعد سماع الحكم حملت في العربة ودخلت المجموعة الثانية القضية 11 عسكرية وعند دخولنا أقفاص قاعة المحكمة . فوجأنا أن القاعة خالية تماما من البشر اللهم الا من عدد قليل من أفراد الشرطة العسكرية مصففون بزيهم العسكري بين المقاعد .لاأهل ولا محامين ولاصحفين

يخرج القاضي في كل مرة ليعلن الأحكام التي تراوحت بين خمس سنوات وثلاث سنوات وبرأة خمس سنوات مع الشغل لكل من

- أ . د . محمد حبيب , مهندس / خيرت الشاطر , د . عبد المنعم أبو الفتوح أ. د . محمود عزت , د . عصام العريان .

- ثلاث سنوات لسبع وأربعون مع الشغل وبراءة واحد وثلاثون .

ومن المفارقات أن أ / جمال ماضي كان يحاكم في القضية 8 والقضية 11 عسكرية فى نفس الوقت أمام نفس القاضي بنفس التهم حكم عليه بثلاث سنوات مع الشغل في القضية 8 العسكرية وحكم عليه بالبراءة في القضية 11 عسكرية

سيارات الشرطة تخطفنا إلى السجن بعيدا عن أهلنا

بعد النطق بالحكم تحركت سيارات السجن بنا من غير الطريق المعتاد . وكان بيننا وبين أهلنا المتجمعين خارج المعسكر والذين لم يعرفوا بالأحكام بعد ولكنهم فوجئوا بان سيارات السجن تسرع بنا بمحاذاتهم فقاموا مندهشين يسابقون السيارات بمحازاة الأسلاك الشائكة بعضهم يسقط على التراب من التعب وبعضهم يواصل الجري وهو يلهث ( وهم لا يلوون على شيئء) ماذا حدث ؟ ما هي الأحكام ؟ كم من السنين حكم علينا ؟.... كم كان المشهد مؤثرا ومبكيا ؛ونحن نرى أهلنا وأولادنا واخوننا في هذه الحالة من الجري والحركة على غير هدى .

لقد صاحب هذا المشهد علمنا ( بان الله يرى) ( وان إلى ربنا المنتهى) ( وان سعى كل منا سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى ).

أسباب السجن فى عام 1995 ثم المحاكم العسكرية

ترجع دوافع النظام من وجهة نظرى الى عدة اسباب .

أولا : قضية سلسبيل

اثناء قضية سلسبيل عام 1992 حيث تم ضبط اوراق بها افكار وبرامج العمل الإخوانى المستقبلى وقد اعد بعناية من فريق من المتخصصين فى عدة مجالات اذهلت الدولة واحست ان الإخوان المسلمون بلغوا فى هذا المجال درجة لم تكن فى حسبانهم حيث عبر بعض مسئولى الدولة الكبار انهم اكتشفوا ان الإخوان المسلمون عندهم من الافكار والبرامج ما يفوق فى بعض جوانبه ما عند الدولة

ثانيا : التحريض الامريكى للنظام المصرى ضد الإخوان :

كان الاستاذ / فرج فوده صاحب هوى امريكى يتردد على السفارة الامريكية كثيرا وكان شديد العداء للاسلاميين قام بتاليف كتاب بعنوان ( قبل السقوط) وذلك فى اوائل التسعينيات ذكر فيه ان الاسلاميين كونوا ثالوث للاستيلاء على الحكم

شركات توظيف الاموال تمتلك الاموال الطائلة

الجماعات الاسلامية المسلحة تملك القوة والسلاح اللازم للسطو على السلطة

الإخوان المسلمون يملكون العلم والتقنيات الحديثة وكذلك المكانة السياسية والشعبية لدى النخبة والجماهير

( رغم ان الإخوان المسلمون كانوا يستنكرون كل من شركات توظيف الاموال المخادع منها وكذلك استنكارها لاعمال العنف وتبرؤها من حاملى السلاح فى وجه الشعب او النظام) .

وبناء على هذا التحريض قام النظام بضرب شركات توظيف الاموال بطريقة ادت بها الى ضياع حقوق الالاف من المودعين من المساكين المخدوعين ثم استدارات بحرب ضروس ضد المسلحين من الجماعات الاسلامية ومن يساندهم مستخدمة القتل والمحاكمات العسكرية والتعذيب والاعتقال المتكرر

وبعد اطمئنان النظام من القضاء على الجماعات الاسلامية العنيفة

كان على النظام ان يستدير بتوجيه ضرباته الى" الإخوان المسلمون" الحركة السلمية التى قبلت قواعد العمل السياسى وشاركت بافرادها من خلال مؤسسات المجتمع المدنى وابلى افرادها بلاء حسنا فى خدمة بلدهم وشعبهم .

ثالثا : سياسة التحجيم :

ان سياسة الدولة خاصة فى عهد الرئيس مبارك هو تحجيم الإخوان المسلمون وليس القضاء عليه

حيث ان القضاء عليهم غير ممكن وقد جربه عبد الناصر ولم يفلح فيه

كما ان النظام فى حاجة الى وجود جماعة الإخوان فى حجم محدود لاستخدامها فزاعة لامريكا واسرائيل والغرب لكى يقوموا بتدعيمه والابقاء عليه

كما ان وجود الإخوان المحجم من وجهه نظر النظام هو عامل توازن فى مواجهة حجم الكنيسة الذى يتعاظم دارها يوم بعد يوم .

وكما ان وجود الإخوان وهى حركة سلمية يقلل من وجود جماعات اسلامية عنيفة او مسلحة

ولذلك كان من الطبيعى من وخلال سياسة النظام التحجيمية ان يقوم فى كل فترة بتقليص الوجود الإخوانى على الساحة السياسية و الاعلامية والشعبية حيث ان الإخوان فى اوائل التسعينيات قد وصلوا الى ما يراه خطرا عليه بتواجدهم في الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والعمل السياسى و الشعبى

فقررالنظام في عام 1995 ان يقوم بحمله اعتقالات للقيادات النقابية والسياسات البرلمانية والقيادات الوسيطة في الإخوان لتصل هذه الحمله في هذه المرة الي اقصاها وهو تحويلهم الي المحاكم العسكرية

رابعا:فشل الدولة في تحجيم الإخوان رغم ترزية القوانين والمشوهيين فى وسائل الاعلام .

- حاولت الدولة تشوية صورة الإخوان اعلاميا ولكن ذلك زاد شعبيتها –كما وضعت شروط قاسية لترشيح الطلاب في الاتحادات الطلابية ورغم ذلك اجتازها طلاب الإخوان وفازو في الاتحادات

- وضعت الدولة القانون 100 للنقابات المهنية الذي يلزم بحضور 50% من الاعضاء حتي تكون الإنتخابات صحيحة ثم نسبة 30%في المره الثانيه اذا لم يكتمل نسبه 50%فى المره الاولى فاذا لم يحضر هذا العدد تعين مجالس لادارة النقابات

- ورغم ذلك اجتاز عدد من النقابات هذه النسبه من الحضور في اول مرة وفاز فيها الإخوان المسلمون

- حاولت الدولة في انتخابات عام 1984 ,1987 وضع عراقيل للترشيح بنظام اللوائح الحزبية لمنع الإخوان من الترشيح في مجلس الشعب ولكن الإخوان اجتازوها وتحالفوا في الاولي مع حزب الوفد وفي الثانية مع حزب العمل الاشتراكي وحزب الأحرار واستطاعوا الفوز ب 32 مقعداً فى مجلس الشعب فى المرة الاخيرة .

خامسا :منع الإخوان من خوض انتخابات 1995

كانت انتخابات مجلس الشعب لعام 1995علي الابواب فاراد النظام ان يبطش بالإخوان لمنعهم من دخول الانتخابات وكذلك منع العناصر النشطة ذات الشعبية منهم من الترشيح لمجلس الشعب واعطائهم احكام تمنعهم من الترشح في المستقبل

سادسا : الإنتخابات الإخوانية الداخلية:

جرت في اواخر عام 1994 انتخابات إخوانيه داخلية من القاعدة الي القمة وكانت ثاني انتخابات تجري في صفوف الإخوان بعد وضع لائحة جديدة للاخوان عام 1990 وكان اخر مستوى للانتخابات عام 1994 وهو انتخاب مكتب الارشاد المكون من خمسة عشر عضوا في اجتماع مجلس شوري الجماعة العام بمصر المكون من خمس وسبعون عضوا وذلك بمقر الجماعة الرئيسي" 1ش التوفيقية القاهرة يوم 19يناير 1995 "وقد بدأ القبض علينا يوم 21 يناير.

وبهذا نكون قد انتهينا من فصول المحاكمة لنكمل باذن اللة حبسة1995

خطب سجن سنة 1995

اخترت لكم هاتين الخطبتين من خطب سجن سنة 1995

الاولى : خطبة للشيخ سيد عسكر

رحم الله لوطا ( لقد كان يأوى إلى ركن شديد)

حيث كان يتكلم عن الدعاء لله وكيف يستجيب الله هذه الدعوات ومن الذين يستجيب الله لهم هذه الدعوات.

فذكر أولا أن سيدنا لوط عليه السلام لما جاءه الملائكة وخاف أن يتعدى عليهم قومه فقال لقومه (اتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل شديد) فلما اخذوا على ما هم فيه قال لوط عليه السلام ( لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) يعنى لو أنى قوى بما يكفى لدفعكم أو أن لى من عنده قوة يعيننى عليكم وهو الركن الشديد .

علق رسولنا صلى الله عليه وسلم على تلك الآية فقال رحم الله لوطا (لقد كان يأوى إلى ركن شديد) يعنى الله عز وجل ... فكل مؤمن عامل لإعلاء كلمة الله يأوى إلى ركن شديد وهو الله القوى العزيز ثم عدد الشيخ فى خطبته أمثلة كيف كان الله الركن الشديد الذى آوى إليه الأنبياء والصالحين فقال لما خرج سيدنا موسى من مصر خائفا من فرعون وملائه لأنهم تأمروا على قتله دعا الله فقال ( ربى نجنى من القوم الظالمين) ثم دعا وهو فى طريقة إلى (مدين) وهو لا يعرف طرق الصحراء ( فلما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل) فاستجاب الله لدعوته الثانية فدله إلى مدين ليجد فى مدخلها أنُاس يسقون ويقوم بعمل (المعروف) فى أن يسقى للفتاتين ثم يجلس خارج البلد وحيدا غريبا لا يؤنسه أحد ولم يعطف عليه أحد حتى بكسره خبز فدعا الله وهو على هذه الحال فقال (ربى إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) فاستجاب الله له دعوته هذه ( فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا) ... فلما ذهب سيدنا موسى إلى والد الفتاتين وقص عليه قصته اخبره الرجل بنفس اللفظ الذى دعى به موسى أولا ... فلقد دعا موسى من مصر ( قال ربى نجنى من القوم الظالمين) فان الله اخبره انه استجاب له دعوته الأولى على لسان هذا الرجل الصالح ( لا تخف نجوت من القوم الظالمين)...

ثم انتقل الشيخ عسكر إلى قصة سيدنا أيوب الذى ابتلى فى جسده وأهله فصبر سنين ثم دعا ربه قال ( وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت ارحم الراحمين) وكانت الاستجابة الإلهية من اله قادر (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمه من عندنا) وليدلل الله تعالى أن هذه الاستجابة ليست خاصه بأيوب وهذا بقوله فى ختام الآية ( رحمه من عندنا وذكرى للعابدين) أى هذه قاعدة عمه تنطبق على أيوب ومن عمل بمثل عمله من من يأتون بعده إلى يوم القيامة .

ثم انتقل الشيخ إلى قصة سيدنا يونس علية السلام لما الًُقى فى البحر والتقمه الحوت فصار وهو فى ظلمة الليل وفى ظلمة البحر وفى ظلمة بطن الحوت فنادى ربه وهو فى هذه الحالة الضعيف ( فنادى فى الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) فإذا بالاستجابة تأتى بعد أن امتحن هذا الامتحان الشديد ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم) ثم يبين الله تعالى العادل رب الناس جميعا وارحم الراحمين أن هذه النجاة ليست خاصه بسيدنا يونس بذاته فيقول سبحانه فى نهاية الآية ( وكذلك ننجى المؤمنين)..

ثم ينتقل الشيخ إلى قصة ذكريا عليه السلام وزوجته .. فلما رأى ذكريا أن كل الأسباب أمامه يستحيل معها أن ينجب ولدا فهو كما يقول عن نفسه ( وقد بلغنى الكبر وأمرآتى عاقرا) ولكن يعرف أن الله هو الركن الشديد والفعال لما يريد فدعا ربه (ربى لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين) فإذا بنا نرى الله القادر يستجيب له دعوته (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه) ثم بين الله تعالى الأسباب التى أهلته إلى هذه الاستجابة الإلهية فيقول عنه وعن زوجته ( انهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)، وهذه الأمثلة كلها توضح أن لله أبواباً وطرق ووسائل يفتح لهم بها أبواب رحمته فى الدنيا وأبوابه جنته فى الآخرة، بالإضافة إلى أن الله يفعل ما يشاء لمن يريد.

الخطبة الثانية

(صلابة النساء المسلمات فى المحن)

وضرب الخطيب أربعة أمثله من النساء القدوة

المثال الأول : آسيه امرأة فرعون .. لقد وقفت هذه المرآة المؤمنة وحدها تواجه المحنة ليس معها زوج يعينها فى المحنة بل الأشد من ذلك أن زوجها نفسه وهو فرعون الطاغية كان هو الذى يذيقها المحنة حيث حبسها وعذبها لتكفر بالله بل أمر بها فردخت رأسها بالصخرة وهى ثابته تواجه المحنة ليس لها نصير إلا الله تعالى وهى تناديه وتناجيه قائلة ( ربى ابن لى عندك بيت فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين).

المثال الثانى : مريم إبنت عمران التى واجهت أمر ربها فى خوف وإشفاق ( قالت رب أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم اك بغيا)، لقد طمأنها ربها بكل عوامل الطمائنينة واظهر لها آيات عظيمة إذ قال لها ( وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) ولكنها كامرأة عفيفة كانت ترتعد فرائسها لهون ما ستواجهه من أهلها رغم براءتها فتماسكت استجابة لامر ربها ودخلت العفيفة الشريفة على أهلها وكان الله معها فى اصعب الأوقات لينطق ابنها عيسى عليه السلام وهو فى المهد ليحفظ لها على امتداد الزمان طهرها وعفافها بقوله ( أنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت أوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبارا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا).

المثال الثالث : السيدة الطاهرة عائشة أمنا وأم المؤمنين، حين واجهت محنة حديث الإفك فعاشت اياما سوداء وليالى حالكة حين نادى القوم من شرفها الذى لاكته معظم الألسنة فى المجتمع المدنى الذى يعرف قيمة الشرف ويرفعه إلى السماء ويحتقر التنازل عنه فى أى صورة وظلت على هذا الحال حتى اكتملت المحنة وبلغت ذروتها فى موقف صعب عصيب رهيب وهى تواجه من زوجها النبى الرحيم وفى حضرة أبيها وامها وهو يسألها سؤالا مؤلما ( إن كنت بريئة فسيبرئك الله وان كنت الممت بسوء فاستغفرى الله تعالى) وهى تقول لأبيها أجب عنى يا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) فيرد أباها بإجابة تضيف إلى محنها محنة أخرى فيقول ( والله لا اعرف بما أجيب رسول الله)، ثم تستعين بأمها وتتلقى منها نفس الإجابة وإذا بها تتعلق بربها ارحم الراحمين عالم السر واخفى وتقول ( إن قلت لكم أنى بريئة والله يعلم أنى بريئة فما انتم مصدقى وأنت قلت لكم إنى أذنبت صدقتمونى والله يعلم أنى بريئة والله لا أجد ما أقوله لكم إلا كما قال يعقوب لبنيه "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون")، وتثاقل عليها المرض وتكاثر عليها الهموم ولكن الله العظيم الرحيم الحكيم لا يتخلى عن عباده المؤمنين الأطهار فينزل فى براءتها قرانا يتلى على مسامع الزمان إلى قيام الساعة .(........ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا سبحانك هذا بهتان مبين ......) " سورة النور" حتى إن السيدة عائشة رضى الله عنها تقول عن نفسها ( والله إنى كنت اعلم أن الله سيبرئنى ولكن شأنى فى نفسى أهون من أن ينزل الله في قرانا يتلى .

المثال الرابع : هو لهذه المرآة الصالحة ام سلمة التى أخذها أهلها من زوجها وكانت مهاجرة معه إلى المدينة أخذوها منه عنوه وقالوا له ( إن صاحبتنا فلن ندعها لك تسافر بها) ثم جاء أهل زوجها ليأخذوا منها ولدا يتجاذبه أهلها و أهل زوجها بينهم حتى خلعوا زراعة واخيرا أخذه أهل زوجها فتشتت أسرتها فكان زوجها بالمدينة عند رسول الله (ص) وابنها لا تعرف عنه شيئا أما هى فقد حبست عند أهلها فظلت تخرج كل يوم من الصباح حتى العشية تبكى عاما كاملا وهى متمسكة بدينها لا ترضى عنه بديلا وتطلب اللحاق بزوجها وفيه له ولربها ودينها حتى تعاطف معها بعض من قومها وسمحوا لها باللحاق بزوجها فأخذت ولدها وسافرت المسافات الطويلة فى والتى تزيد على خمسمائة كيلو متر (بمقياسنا اليوم) فى الصحراء إلى المدينة المنورة تصحبها رعاية الله وعنايته حيث ساق لها رجلا أمينا خلوقا شهما حتى لحقت بزوجها واجتمع شمل أسرتها على الإسلام العظيم الخالد.

(فيا نسائنا ويا بناتنا ويا أخواتنا ويا أمهاتنا هؤلاء هن القدوة والأسوة لكل مسلمة ترجو الله واليوم الآخر)

المصدر