حصاد عام من الفشل

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حصاد عام من الفشل


(6/11/2015)

حصاد عام من الفشل

من الإجحاف وصف ما يحدث في مصر الآن تحت الحكم العسكري بالفشل وحسب، فالتوصيف الدقيق للحالة المصرية الكئيبة هو التآمر على حاضر وطن ومستقبله، بل وإهالة التراب على بعض صفحات الماضي المشرف من تاريخ هذا البلد المنكوب بحكامه، عبر تسويق الأكاذيب وبيع الأوهام.

ماذا قدم عبد الفتاح السيسي في عام، منذ تنصيبه حاكماً أوحد للبلاد، وعامين من الحكم عملياً بعد انقلابه في الثالث من يوليو/تموز عام 2013، على أول تجربة ديمقراطية حقيقية مرت بها مصر خلال تاريخها الطويل؟ العنوان الأكبر للإجابة هو الفشل الذريع في كل شيء، وعلى المستويات كافة، وفي جميع الملفات.

ويعد الملف الأمني أقوى حلقة من حلقات سلطة الانقلاب العسكري التي قام وتأسس وترسخت شرعيته على أساسه، ومع ذلك، فشل فيه بامتياز، حيث ما زالت التفجيرات تُدويّ في كل مكان، وفي أهم مؤسسات الدولة من مديريات الأمن وفي قلب العاصمة (رمز وهيبة الدولة) ومحطات المترو والسكك الحديدية في وضح النهار ، ومازال الإرهاب الغامض يهدد أمن شبه جزيرة سيناء، إلى الحد الذي نستطيع أن نزعم أنه لم يعد هناك أمن في سيناء على الإطلاق، حيث القتل خارج اطار القانون وتهجير الأهالي وهدم المنازل، ومعاملة المواطن السيناوي على أنه غير مرغوب فيه أو عميل وخائن، ومن ثم أصبحت مسرحاً لجماعات عنف، فضلاً عن تسليمها لقمةً سائغة للعدو الصهيوني أرضاً للأشباح فلا تنمية ولا بشر، اللهم إلا الحجر في بلدٍ ترفع شعار محاربة الإرهاب.

الواقع يكشف حجم الكارثة، وكل المؤشرات الحكومية من داخل نظام الانقلاب نفسه، وفي مقدمتهم السيسي، تتحدث عن استفحال الفساد وتردي الحالة الاقتصادية، حيث قفز الدين العام والعجز في الموازنة إلى مستويات قياسية، مع ارتفاعات في مستوى التضخم، وزيادة نسبة البطالة بشكل مخيف، فضلاً عن هروب الاستثمارات الأجنبية والبنوك العالمية والشركات الدولية الكبرى، في ظل توتر الأحوال السياسية والأمنية وسوئها، على الرغم من اجراءات خفض الدعم، وفرض مزيد من الضرائب على المواطن الفقير، علاوة على تبخر الوعود الكاذبة بإنشاء المليون وحدة سكنية، ومشروع العاصمة الجديدة الوهمي.

على مستوى حقوق الإنسان، حدث ولا حرج عن حجم الانتهاكات الصارخة في أقسام شرطة وسجون وأقبية سلطة الانقلاب التي يشيب لها الولدان، من تعذيب ممنهج وحشي حتى الموت، فسجل الانقلاب حافلٌ بآلاف الضحايا الذين قضوا في مجازر سيتوقف التاريخ عندها طويلاً ، فضلاً عن أكثر من 40 ألف معتقل في السجون والزنازين، يتعرضون لاعتداءات جنسية مريعة، وحالات الاختفاء القسري للعشرات من الشباب والفتيات، ناهيك عن آلاف المُبعدين والمُطاردين خارج الوطن، بيد أن طلاب مصر الآن بين السجون والقبور يعانون أشد المعاناة، أو يُقتلون شر قتلة على يد من لا يرقبون في مؤمنٍ إلا ولا ذمة.

أما ملف القضاء (الشامخ) المنوط به إقامة العدل والقسط بين الناس من دون انحياز لجهة أو سلطة، فرائحة فساده تزكم الأنوف، فلم يحدث في التاريخ البشري أن صدر حكم على 600 شخصاً بالاعدام دفعة واحدة سوى في مصر المحروسة، فضلاً عن أحكام أخرى، وصل عددها الإجمالي أكثر من 1500 شخص، منهم الشهيد والأسير والشيخ المسن الذي لا يقوى على حمل نفسه بالأساس، فضلاً عن أن يُلحق الضرر أو الأذى بعصفور، ولنا أن نعرف أنه تم تقديم نحو 3500 مدنياً للمحاكمات العسكرية، منهم 6 حالات صدر ضدهم حكم الإعدام، وتم تنفيذه بالفعل في 17 مايو/ أيار الماضي، بعد اتهامهم في القضية المعروفة إعلامياً باسم "خلية عرب شركس".

وعلى المستوى الاجتماعي، نجحت سلطة الانقلاب في زرع بذور الكراهية والفتنة والانقسام والتشرذم والتفسخ المجتمعي بين تيارات الشعب الواحد على طريقة (احنا شعب وانتوا شعب)، وصلت إلى حد الدعوة إلى الاحتراب الأهلي والاقتتال الداخلي الذي يُراهن عليه عبد الفتاح السيسي، مستمداً منه شرعيته الرخيصة في الاستمرار والبقاء جاثماً على رقاب العباد ومقدرات البلاد، وبزجه بالجيش المصري، وهذا هو الأخطر في أتون صراع سياسي ليصبح خصماً سياسياً وليس ملكاً للجميع، بعيداً عن دوره الرئيسي في حماية الحدود والثغور، لكنه حوله (أي الجيش) مع شركائه في الداخل والخارج إلى لاعب أساسي مهيمن على مجمل الحياة السياسية، يضيق ذرعاً بالمعارضة، أو حتى الاختلاف في وجهات النظر.

وعلى مستوى الحريات، لم يعد لمصر من الحرية سوى اسمها فقط، يُتغنّى بها ليل نهار في أروقة النظام وأذرعه الإعلامية، ومن يُخالف أو يُعارض، فإن لم يكن مصيره السجن أو القتل أو الاختفاء القسري، فحملات التشويه والشيطنة واتهامات العمالة والخيانة والتمويل من الخارج من نصيبه هو ومن يعول، حتى يعود إلى صوابه، ويُعلن الرضوح والاستسلام، ويطلب الغفران والسماح من وليّ الأمر والنعمة، الحاكم بأمره في دولة طاغياستان المصرية.

على مستوى التشريعات وإصدار مشروعات بقوانين، لا يستطيع الديكتاتور أن يعيش في ظل دولة القانون والشفافية، اللهم إلا إذا كانت مرسومة له على يد ترزية القوانين المعروفين في الدول المتخلفة فقط، حيث العنوان الأبرز لعام من تنصيب السيسي، هو غياب برلمان منتخب تحت حجج ودعاوى وهمية، يقف السيسي وراءها، لتكون النتيجة فوضى تشريعية مدمرة، حيث بلغت القوانين والتشريعات التي أصدرها بشكل منفرد لنحو 310 قوانين في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يحقق مصالحه الشخصية في التأبيد في الحكم، فضلاً عن عسكرة الوطن.

عام من حكم الديكتاتور المنقلب عنوانه العريض الفشل الكبير في كل شيء، والتآمر على مصر، شعباً ومؤسسات، الخاسر الأكبر في معادلة هذا الحكم هو الشعب المصري، ذلك أن كل يوم يمر في وجود هذا النظام ينتقص من قيمة هذا الشعب، ويخصم من رصيد مستقبله، إلا إذا كان له رأي آخر في الصمود والمقاومة، على الرغم من التضحيات، والإصرار على مواصلة طريق التحرر الوطني من التبعية لحكم عسكري اختطف البلاد لصالح منافع شخصية، وأجندة غربية صهيونية.

المصدر