حزب العمل الخروج من الوحل
بقلم : مصطفى إبراهيم
في ظل ما يجري من إنقلاب في صفوف حزب العمل الإسرائيلي ضد زعيمه ووزير الأمن ايهود باراك، قال معلقون إسرائيليون أنه لا يتحمل المسؤولية فقط عن تراجع شعبية حزب العمل، بل عن تدهور وتراجع شعبية ما يسمى اليسار الإسرائيلي، وحزب العمل بصفته قائداً لـ "معسكر السلام" الإسرائيلي، الذي وقع زعيمه إسحاق رابين إتفاق أوسلو مع الفلسطينيين.
كما يتحمل باراك المسؤولية عن فقدان الجمهور الإسرائيلي الثقة بتحقيق تقدم في العملية السياسية بصفته صاحب مقولة لا شريك فلسطيني في عملية السلام، وتأثير ذلك على الجمهور الإسرائيلي وجنوحه نحو اليمين، وذلك على إثر فشل مفاوضات كامب ديفيد مع الفلسطينيين، واندلاع انتفاضة الأقصى في الأراضي الفلسطينية.
حزب العمل يعاني من تراجع كبير في شعبيته منذ إطاحة باراك من الحكومة في انتخابات العام 2001 ، فالحزب العريق غير ستة من زعماءه خلال ثماني سنوات، وإعتزال عدد من زعماءه الحياة السياسية، وغادره رموز مخضرمين أمثال شمعون بيرز وحاييم رامون ودالية إتسك، الذين إنضموا الى حزب "كاديما".
فالحزب الذي حصل على 44 مقعدا في الكنيست في فترة رابين، والحزب المؤسس لما يسمى دولة اسرائيل، وكان الأكبر بين الأحزاب الإسرائيلية، أصبح الان في المركز الرابع بعد حصوله على 13 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، ويعاني من أزمة تنظيمية وعقائدية حادة، فعقيدة رابين تخلى عنها الحزب برئاسة باراك، واستلهما حزب الليكود وأحزاب يمينية أخرى.
وبدل من استلهام عقيدة رابين تراجعت شعبية الحزب، وبدلا من أن يكون حزب العمل في صفوف المعارضة لقيادة ما يسمى معسكر السلام وتشكيل بديلاً سياسياً للجمهور الإسرائيلي ولحكومة اليمين، إلا أن باراك فضل الانضمام إلى حكومة يمنية برئاسة زعيم "ليكود" اليميني بنيامين نتانياهو، وبمشاركة غلاة المتطرفين من أحزاب اليمين المتشدد والمتدينين.
ونجح نتنياهو في استقطاب باراك وحزب العمل، ليكون ورقة التوت لتحسين صورة حكومته اليمنية أمام المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة التي ما زالت تعتبر باراك قائد ما يسمى معسكر السلام الإسرائيلي، و اعتمد نتنياهو على باراك في تسويق حكومته أمام المجتمع الدولي، وعمل بارك كوزير خارجية لحكومة نتنياهو في أكثر من موقف، وبرز ذلك خلال الفترة السابقة وبدء المفاوضات المباشرة والاتفاق مع الإدارة الأمريكية في تسويق إتفاق تمديد تجميد الاستيطان فترة إضافية مقابل الهدايا الأمريكية لاسرائيل.
إلا أن كل ذلك لم يشفع لباراك داخل حزبه الذي يشهد هذه الأيام أزمة حادة تهدد نهاية حياته السياسية، وعلى الرغم من كل ما يجري من انقلاب شبه منظم ضد باراك، إلا أنه ما زال متمسكاً بالبقاء كزعيم للحزب، في ظل تزايد الانتقادات والاتهامات له باعتباره السبب الرئيس في تدهور شعبية حزب العمل، وعدم قدرته على انتشال الحزب من أزمته وإعادته إلى مجده السابق، وموقعه في الساحة السياسية الإسرائيلية والرأي العام، خاصة بعد الصفعة القوية التي تلقاها باراك على وجهه من اقرب المقربين له بنيامين (فؤاد) بن اليعيزر صديقه، والشخصية الاكثر نفوذا في الحزب.
في حزب العمل لا يزالوا يعيشوا على أمجاد الماضي وعراقة الحزب، إلا أنهم غير قادرين على الاتفاق على مرشح قوي يعيد للحزب قوته وشعبيته ومجده، إلا أنهم سيعملون على الإطاحة بباراك من زعامة الحزب وإجباره على تقديم استقالته.
وفي اسرائيل يتساءل بعض المعلقين عن كيفية الخروج من الوحل الذي يعيشه حزب العمل وإعادة أمجاد الحزب من خلال التمسك بالايدولوجيا الذي آمن بها رابين والقادة التاريخيين لحزب العمل من أجل المصلحة الإسرائيلية، وتغيير صورة إسرائيل التي تنزاح نحو اليمين، ورفضها التقدم في ما يسمى بالعملية السياسية، وتشوه صورتها أمام المجتمع الدولي، ونحن ما زلنا مستمرون في الانقسام، وفي إنتظار اسرائيل بتجميد الاستيطان، ولم تتوقف عن فرض الوقائع على الأرض، وإيهام العالم بجديتها في الاستمرار في ما يسمى العملية السلمية.
المصدر
- مقال:حزب العمل الخروج من الوحلالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات