حرب 5 يونيو 1967م - الحلقة الثانية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حرب 5 يونيو 1967م - الحلقة الثانية


بقلم : مصطفى الطحان

الحرب على الجبهة المصرية

مع تصاعد حدة الأحداث السياسية، ومحاولة أمريكا وإنكلترا الحصول على تواقيع الدول البحرية للقيام بعمل موحد من شانه إعادة فتح المضائق حتى ولو دعت الحاجة إلى استخدام القوة.

والتعبئة العامة التي دعت لها كل من مصر وإسرائيل، وسحب قوات الطوارئ الدولية، والخبر الروسي المختلق الذي بعثت به الحكومة السوفياتية إلى القاهرة الذي يقول إنه هناك حشوداً إسرائيلية تتألف من أحد عشر لواء تقف على الحدود مع سوريا التي ترتبط منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1966م بمعاهدة دفاع مشترك مع مصر.

وأعمال التسلل التي تقوم بها منظمة فتح ضد إسرائيل انطلاقاً من الأردن وسوريا.

وبعد خطاب عبد الناصر في عيد العمال بتاريخ 26 أيار (مايو) 1966م حيث قال: إذا وقعت الحرب فستكون شاملة وسيكون هدفنا تدمير إسرائيل.

وبعد طلب جونسون من عبد الناصر أن لا يبدأ بالعدوان.

وبعد الزيارة المفاجئة للملك حسين للقاهرة وتوقيع اتفاقية دفاع مشترك بين مصر والأردن في 30 مايو 1967م يتولى بموجبها قائد القوات المصرية قيادة كل من قوات مصر والأردن في حالة نشوب الحرب.

وبعد المعلومات المؤكدة التي وصلت جميع القادة العرب من ان الحرب ستنشب بالتحديد يوم 5 يونيو 1967م.

بعد كل هذه المعطيات فقد بدأت إسرائيل الحرب.. وأخذت المصريين على حين غرة.

الطيران يدمر على الأرض

كان مصر تملك 450 طائرة و1200 دبابة و264 ألف جندي، مقابل إسرائيل التي تملك 300 طائرة و800 دبابة و284 ألف جندي(1)..

ومع ذلك فقد دمّرت إسرائيل في الساعات الأولى من صباح الاثنين يوم 5 حزيران (يونيو) 1967م ما مجموعه 416 طائرة من بينها 393 كانت على الأرض منها 309 طائرة لمصر و60 طائرة أردنية و17 طائرة عراقية وطائرة لبنانية. كتب المعلقون السياسيون كثيراً عن هذه الضربة.. فقد كانت سؤالاً حائراً.

فالأمور تتطور كل ساعة والقوات تستنفر، والتعبئة العامة تجري، والقوات المصرية تأخذ مكانها في رمال سيناء، وعبد الناصر يهدد، ومع ذلك فكل الطائرات جاثمة على الأرض.. وكأنها تنتظر الضربة..

تحدثت الكتب السياسية عن خيانات.. وقدم قادة سلاح الطيران للمحاكمات وتحدثوا عن ليلة حزيران الحمراء التي سهر فيها الطيّارون إلى الصباح بين النساء الساقطات وكؤوس الخمر التي تلعب بالجميع.. المشكلة تكمن في طبيعة النظام.. فهو نظام غوغائي يعتمد على المباحث والمظاهر، أحمد سعيد وبرامج صوت العرب أهم عنده من الجيش، الولاء عنده قبل الكفاءة.. القيادة السياسية تصدر التصريحات العنترية، تهدد وتتوعد دون اتخاذ أي إجراء حقيقي للحرب.

يقول قائد سلاح الطيران اليهودي الجنرال (مردخاي هود):

(لقد قضينا ست عشرة سنة نستعد ونخطط لهذه الجولة وحققنا ثمرة جهدنا في ثمانين دقيقة! لقد عشنا خطتنا، نمنا معها أفقنا عليها، تمثلناها، هضمناها، وبالتدريج أدخلنا عليها الإصلاحات المتتالية حتى قاربت الكمال).

أما الطيران الإسرائيلي فقد مضت طائراته على ارتفاع منخفض فوق البحر في موجات متلاحقة تقصف المطارات والمقاتلات الجاثمة بدقة وإحكام.

وبعد نحو ثلاث ساعات من الغارة الأولى، تم تدمير المطارات المصرية وتحطيم معظم الطائرات المقاتلة على الأرض، فاتجه الهجوم الإسرائيلي نحو سوريا والأردن، بكل قوته وثقله، فدمر مطارات البلدين وحطم معظم طائراتهما.

ولقد حاول الفريق عبد المنعم رياض قائد القوات المشتركة الأردنية المصرية. ومنذ الصباح الباكر وسلاح الجو الإسرائيلي برمته متجه نحو الأراضي المصرية، حاول اغتنام الفرصة لتقوم سوريا والأردن والعراق مجتمعة بضرب مطارات العدو قبل عودة طائراته لمنعها من الهبوط.. ولكن قيادات هذه البلدان رفضت فلم تكن طائراتها جاهزة(2)!

ولكن كيف يمكن إقناع الأمة العربية (من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر) ان قائدها المظفر عبد الناصر يمكن أن تنتهي قواته بهذه السرعة..؟ فما كان منه إلا أن اتفق مع الملك حسين في المكالمة الهاتفية الشهيرة يوم 8 حزيران والتي التقطتها الأجهزة الإسرائيلية والتي اتفقا فيها أن يذيعا بياناً إلى الأمة بأن القوات الأمريكية والبريطانية اشتركت بالعدوان.. وهكذا كان.

القوات البحرية المصرية

كانت مصر تملك سلاحاً بحرياً قوياً ومتطوراً بالنسبة لإسرائيل وكان بإمكان مصر أن تستخدم هذا السلاح بفعالية شديدة، ولكن للأسباب التي ذكرناها.. لم تستطع تسجيل أية إصابات هامة ضد قوات أو منشآت العدو.

حرب المدرعات في سيناء

وسيناء أرض واسعة تفصل أفريقيا عن آسيا.. وهي أرض مهملة لا يكاد المصري يتذكرها إلا في أيام الحروب، تذكرها عام 1956م عندما احتلتها إسرائيل، وتذكرها عبد الناصر عام 1967م في مناوراته السياسية المعروفة. وسيناء وإن كان شبه صحراء.. إلا أنها منطقة غنية بالمعادن والمياه الجوفية، يمكن أن تحول إلى أرض ممرعة تقوم في أرجائها مدن ومنتجعات سياحية تدر الخير على مصر.. ويلجأ إلى مدنها المصريون الذين ضاق بهم شريط النيل الضيق، وبالتالي تستطيع الدفاع عن نفسها بسهولة أمام العدو الذي اجتاحها في كل مرة حارب فيها(3).

ونظرة بسيطة إلى سيناء عندما احتلتها إسرائيل تؤكد لنا ما تفعله الحكومات الجادة بهذه المنطقة.

في أيام الانتداب البريطاني كان محرماً على المصريين السفر إلى سيناء إلا بمعاملة خاصة والحصول على إذن خاص.. وهكذا بقيت معزولة.. لا يذكرونها إلا في الحروب.

قبل 15 أيار (مايو) 1967م كانت فرقتان مصريتان ترابطان في سيناء، الفرقة العشرون من جبهة تحرير فلسطين والفرقة الثانية التي امتدت على طول الحدود المصرية الإسرائيلية، وبين 15 مايو وآخره عززت هاتين الفرقتين بخمس فرق أخرى.

كان مجموع الحشود 100 ألف رجل رجل وحوالي ألف دبابة. والخطة التي وضعها الجنرال رابين القائد العام للقوات الإسرائيلية كانت ذات ثلاث جوانب:

أولا: اختراق خطوط الدفاع المصرية واثنين من مراكزهم القوية.

ثانيا: تقوم فرقة للمدرعات بالزحف إلى الأمام نحو سلسلة الجبال شرق السويس بالضبط وتسد بذلك الطرق التي تنسحب منها القوات المصرية.

ثالثا: التدمير النهائي للجيش المصري(4).

وتم للإسرائيليين للأسف الشديد تنفيذ أهدافهم.. فلقد لعب سلاح الجو الإسرائيلي دوراً رئيساً في تدمير القوات المصرية التي لم يكن لها أي غطاء جوّي بعد تدمير الطائرات في المطارات.

ليس صحيحاً أن المصريين أطلقوا سيقانهم للريح بمجرد أن رأوا طلائع الهجوم البري الإسرائيلي، فلقد قاتلوا وحمّلوا اليهود خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات.. ولكن الطيران الإسرائيلي الذي كان ينقض على المدرعات المصرية المكشوفة هو الذي حسم المعركة لصالح اليهود.

واستطاعت ألوية المدرعات الثلاث التي اخترقت سيناء أن تطوق وتدمر الجيش المصري في سيناء.


(1) حرب الأيام الستة – ونستون تشرشل، ص- 29.

(2) المؤامرة ومعركة المصير- سعد جمعة، ص- 192.

(3) في عام 1948م كتب الإمام حسن البنا مقالاً حول سيناء شرح فيه أهميتها، وتكلم عن معادنها ومياهها وطالب الحكومة المصرية بالاهتمام بها..

(4) حرب الأيام الستة_ تشرشل، ص- 59.

المصدر