حتى لا ننسى
(11 - 12 - 2015م)
أيها الإخوان المسلمون:
حتى لا ننسي من نحن ومن نكون يجب أن نقف بين حين وآخر لنتذاكر ثوابتنا، ونراجع مواقفنا، ونتدبر أحوالنا، ونتبين مواقع أقدامنا، ونقرأ تاريخنا، ونتذكر شعاراتنا التي تربينا عليها، ومنها ذلك الشعار الرباني الذي يلخص جوهر دعوتنا، ذلك الشعار الذي هتفنا به طويلاً وحفظته عنا الدنيا كلها حتى أصبح علماً على هذه الدعوة ومعلماً من معالمها وثابتاً من ثوابتها: "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا".
أيها الإخوان المسلمون:
تذكروا جيداً أن الله هو غايتكم وأنعم بها من غاية، وهو وجهتكم وأكرم بها من وجهة، وهو سبحانه مولاكم وناصركم فنعم المولى ونعم النصير، إذا وجدتموه لم يفتكم شيء، وإذا فقدتموه لن ينفعكم شيء.
إذا أرضيتموه فلا تبالوا بغضب العالمين، وإذا أغضبتموه فلن ينفعكم رضا الناس أجمعين.
إذا ذكرتموه في أهل الأرض ذكركم في أهل السماء.
إذا أقبلتم عليه أقبل عليكم، وإذا انصرفتم عنه دعاكم إليه.
إذا توكلتم عليه كفاكم، وإذا استغنيتم به أغناكم، وإذا أرضيتموه رضي عنكم وأرضاكم، وإذا سألتموه أعطاكم.
إذا استعنتم به أعانكم، وإذا استغثتم به أغاثكم، وإذا استجرتم به أجاركم.
إذا دخلتم في حرزه أمنتم، وإذا انتميتم إلى حزبه ربحتم، وإذا اعتصمتم بحبله أفلحتم.
إذا نصرتموه على أنفسكم نصركم على عدوكم، وإذا اشتغلتم بما طلب منكم أعطاكم ما ضمن لكم، وإذا استفرغتم وسعكم قبل منكم جهدكم.
إذا تقربتم إليه شبراً تقرب إليكم باعاً، وإذا تقربتم إليه باعاً تقرب إليكم ذراعاً، وإذا مشيتم إليه أتاكم هرولة.
أيها الإخوان المسلمون :
تذكروا هتافكم الدائم بزعامة محمد صلى الله عليه وسلم فهل عملتم بسنته، واستمسكتم بهديه، وتخلقتم بأخلاقه، وتأدبتم بآدابه.
إنه القمة السامقة بين البشر، والنموذج الكامل بين خلق الله، فهلموا إلى سيرته العطرة نعيد دراستها لنفهم واقعنا في ضوئها، ونتعلم هديه صلى الله عليه وسلم في القصد والغني، والرضا والغضب، والرخاء والشدة، والعسر واليسر، والمنشط والمكره، والحل والحرم، والإقامة والسفر.
كيف كان يعامل أصحابه وأعداءه، كيف كانت علاقته بربه وعلاقته بأهله وعلاقته بالناس.نحن في أمس الحاجة إلى قراءة السيرة قراءة جديدة نستلهم من روح صاحبها عزمة الإيمان وقوة اليقين، وصدق التوكل، ومضاء العزيمة، وقوة الشكيمة، وحب الله والشفقة على عباد الله.
أيها الإخوان المسلمون:ر
تذكروا أيها الأحباب أن القرآن الكريم هو زادكم في طريقكم إلى الله عز وجل؛ فلن تبلغوا غايتكم ما لم تجعلوه إمامكم، ولن تحصلوا مقصودكم ما لم تجعلوه نبراسكم، ولن تبصروا الحق إلا من خلاله، ولن تعرفوا الله إلا من طريقه، ولن تتذوقوا حلاوة الإيمان إذا هجرتموه، ولن تصلوا إلى شيء إذا أهملتموه.
والقرآن مأدبة الله فهلموا إلى مأدبته، وثقوا صلتكم به تلاوة وتدبراً وحفظاً ومراجعة وأحكاماً، وأعيدوا قراءة تفسيره حتى تترسخ معانيه في نفوسكم، وتنطبع أخلاقه في قلوبكم. (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) (الإسراء: 9). (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) (الإسراء: 82).
أيها الإخوان المسلمون :
تذكروا أيها الأحباب أن الجهاد سبيلنا، وهل ينتصر الدين بغير جهاد؟
وهل يعطى النصر بالمجان؟
وهل يأتي التمكين للخاملين القاعدين، أو للضعاف المستكينين؟
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة: 38-39).
(انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة: 41).
أيها الإخوان المسلمون :
تذكروا أيها الأحباب هتافكم الدائم "الموت في سبيل الله أسمى أمانينا". وتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".
وقوله صلى الله عليه وسلم لرجل طلب منه أن يدعو الله له أن يرزقه أفضل ما رزقه عبداً من عباده الصالحين: قال له: "إذاً يعقر جوادك ويهراق دمك" . وتذكروا أن الهداية ثمرة الجهاد .. قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69).
المصدر
- مقال: حتى لا ننسى موقع إخوان برس