حالة ضعف فلسطينية مؤقتة
بقلم : خالد معالي
حالة الضعف الفلسطينية الحالي لا تسر صديق والكتابة فيها توجع القلب، ولكن كما يقولون وجع ساعة ولا وجع كل ساعة. كم يؤلم عندما تسمع فلسطيني ينتمي لجهة ما يلقي اللوم على غيره وينسى نفسه، ويكيل التهم جزافا ويوزع الشهادات على الجهة هذه أو تلك بعيدا عن روح التسامح والأخوة، وبعيدا عن منطق الأمور والمنهجية العلمية وحسن الظن. كأن الزمن وقف عند قوله هذا وما عداه باطل وهرطقة.
الإنسان الضعيف يبرر ضعفه وعجزة لقوة خصمه وعدم توفر الظروف الملائمة، وهو ما يعني التهرب من مراجعة أسباب الضعف الذاتية والقصور ومن ثم الاستمرار في حالة الضعف والهوان. هذا أيضا ينطبق على القيادات والدول الضعيفة وحتى الأحزاب والمؤسسات كجدلية تاريخية وسنة من سنن الحياة وعمارة الكون.
الفرد المتميز وان مر في مرحلة ضعف فأنه يستمد العبر والدروس من أسباب ضعفه وخسارته ويحولها إلى قوة بعد حين عن طريق التخطيط الدقيق والسليم. القيادات أو الدول حالها كحال الأفراد وتستطيع أن تكون مهابة الجانب إن احترمت نفسها وعقول عناصرها ومواطنيها ولم تستخف بهم. في حالتنا الفلسطينية المعقدة على القيادات المخلصة التغلب على أسباب ضعفنا، وهواننا على الناس والدول، ومن ثم تفعيل أسباب القوة والمنعة لدى شعبنا خاصة أننا نحيى ونعيش في عالم اليوم الذي لا يرحم الضعفاء المساكين المنقسمين، وأكثر ما يقدمه لهم دمعة شفقة كاذبة.
مجريات الحالة الفلسطينية الحالية سلبياتها لا تعد ولا تحصى وبات الكل يعرفها، ولكن هل نستسلم للواقع ونندب حظنا العاثر أم نغيره ونتحداه؟ عدم نجاح الحوار حتى اللحظة وتدخل كل من هب ودب في الشأن الفلسطيني يضعف الحالة الفلسطينية ويمنع تطورها ويحجب أسباب قوتها وهو ما يجب وقفه بكل الطرق والوسائل وهذا ليس بالأمر العسير إن توفرت الإرادة والعزيمة.
الزمن يمضي سريعا دون الالتفات لمن عقبوا بالخلف. والاحتلال يعد أنفاس الفلسطينيين ويحصيها ويكاد يخنقهم بممارساته اليومية ليطيل عمر دولته قبل زوالها.
بعيدا عن الكلام المعسول والوعودات والتصريحات من هنا وهناك والتي مل منها الكل الفلسطيني، كل مواطن فلسطيني يريد خطوات عملية على أرض الواقع تخرج الشعب الفلسطيني من حالة التراجع وتصوب بوصلته نحو التحرير وإقامة دولته المستقلة القابلة للحياة وليس كما يريدها "نتنياهو" علم ونشيد فقط وتحت حرابه، وأخيرا يريد وقف الاستيطان مقابل التطبيع مستخفا ومستهترا بالأمة العربية جمعاء.
هدر الطاقات الفلسطينية عبر تصيد عثرات فصيل كذا وفصيل كذا، والانشغال بعيوب الآخرين...هي سياسة فاشلة ومعيبة. الانشغال بأسباب قوة الآخرين وتجاربهم الناجحة خاصة من كانوا تحت حراب الاحتلال هو المطلوب، والأكثر طلبا منه هو صفاء قلوب الأخوة فيما بينهم ووحدتهم للتفرغ لاحتلال يريد أن يجتثهم معا من فلسطين وطردهم إلى منافي الأرض ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
حالة الضعف الفلسطينية الحالية هي مؤقتة وعابرة في التاريخ فالضعيف لا يبقى ضعيفا والقوي لا يبقى قويا أبد الدهر، وروح التفاؤل – تفاءلوا بالخير تجدوه - هي التي تجب أن تسود في ظل أجواء الإحباط وانعدام الأمل. قريبا جدا لن تخذل قيادات الشعب الفلسطيني آمال شعبها وتتحد في بوتقة التخلص من الاحتلال. ويكون التنافس بين القوى والفصائل ليس بتصيد العيوب والعثرات وإهدار الطاقات، بل بالتنافس الشريف وبشكل ديمقراطي حضاري عبر صناديق الاقتراع، وتطبيق خيار الشعب كيفما كان بعرس انتخابي. كم هو جميل ذاك اليوم الذي نرى فيه الأخوة من مختلف الفصائل والقوى متشابكة أياديهم وأرواحهم... وسواعدهم تعمل معا بكل جد ونشاط للتخلص من الاحتلال وبناء الدولة والوطن.
في الانتفاضة الأولى كان الكل الفلسطيني متوحد في مقارعة الاحتلال كالجسد الواحد، وكانت أية إشكالية يتم حلها ميدانيا وبأقصى سرعة، وكان المواطن العادي يحافظ على القانون والنظام من تلقاء نفسه، وكان شعار الوطن فوق الجميع هو السياج الحامي رغم التضحيات الجسام. وتطور الحجر إلى السكين إلى الرصاصة إلى الاستشهادي. ما أحوجنا للعودة للوراء قليلا وتعلم الدروس منه وأخذ العبر.
التاريخ يحتفظ بسجل العظماء والشعوب الحية بمداد من ذهب لتبقى الأجيال تتذكر... وليكون هناك نموذج طيب وحضاري عبر الأجيال. غدا الذي نحسبه ليس ببعيد، سيسجل التاريخ عن قيادات وشعب أبي، أبى الظلم والمهانة ودافع عن أرضه وحقه، وألقى بصنيعة الغرب الظالم وخطيئته - دولة الاحتلال - إلى مزابل التاريخ. فعلى الكل أفرادا وجماعات... قيادات وشعوب أن يبحثوا لهم عن موطئ قلم في صفحة مشرقة في صفحات التاريخ بالوحدة والتعاون قبل فوات الأوان... فهل هم فاعلون؟.
المصدر
- مقال:حالة ضعف فلسطينية مؤقتةموقع:الشبكة الدعوية