جماعتنا باقية.. وعصابة البغي إلى زوال
15-03-2014
تؤكد كل شواهد التاريخ أن دول الباطل لا تدوم، وأنها تحفر قبرها بنفسها لزعمائها ومن يدور في فلكهم، هذه سنة الله في خلقه، وما جعل الله هذا الصراع إلا ليمتحن الصف المسلم، صف الحق، ليعلم الخالص من الزائف والمؤمن من المنافق (وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) (محمد: من الآية 4)، هي إذًا مرحلة وجيزة يعلو فيها الباطل على الحق، .
ثم سرعان ما ينفذ الله تعالى مشيئته بنصرة الصالحين من عباده فيصير الباطل هباء لا ذكر له (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)) (الأنبياء).
يخرج علينا هذه الأيام توافه الخلق رويبضات الإعلام والسياسة، مبشرين بزوال الإخوان واستئصال شأفتهم، منذرين بسوء عاقبة من ينتمي لهم أو يناصرهم أو يروج لفكرتهم، وهؤلاء لم يقرأوا التاريخ؛ لأنهم لو قرأوه ما تلفظوا بهذه الكلمات، ولأدركوا أن ما هم فيه هو الضلال بعينه..
يغتر الباطلُ بقوته، ويعيش حالة البطر والمباهاة بتلك القوة، وهذا من عقاب الله لحزب الشيطان، فهم يعيشون هذا الوهم حتى يتسرب إليهم- بقدرة الله- الوهن، فيحصدون الفشل، ويدب بينهم النزاع والشقاق، ويتفرق جمعهم وتصير قلوبهم شتى، في الوقت ذاته يكون الحق قد ربَّى أبناءه وحشد أجناده؛ إذ هو منذ أول مواجهة مع الباطل لم يضيع وقته عبثًا، .
إنما ينفض عن نفسه غبار المعركة، ويتحسس مواطن الضعف ومواقف القوة، وفي يقينه أن نصر الله آتٍ لا محالة ساعة أن ينتهي من إعداد العدة، وساعة أن تكون عينه صوب الآخرة، لا طمع له في دنيا أو متاع زائل.
من يقرأ تاريخ الإخوان المسلمين يجد عجبًا، فمنذ أن لفقت أول تهمة سياسية للجماعة عام 1943 والأمور هي هي، تسير على وتيرة واحدة، فسيان كان خصم الجماعة محتلا أجنبيًا غاصبًا أو حاكمًا متسلطًا عميلاً يقضي بأوامر محتل أو قوى خارجية.. فإن هذا الخصم يشرع في محاولة (القضاء على الجماعة)، .
ويجند لذلك كل قواه، ويستعين بالمعادين لشرع الله وعبدة المناصب والدراهم، فيسلطون سيف الكيد والعذاب على أعضاء الجماعة الطاهرة، ويفرحون لما يفعلون، ظانين أنهم بذلك قد قتلوا الفكرة وأخمدوا الدعوة..
ثم سرعان ما تطل الجماعة برأسها عليهم من جديد، لكنها هذه المرة أقوى عودًا وأشد مراسًا وأكثر استهانة لما جرى لأعضائها.. فينزوي الخصم يأسًا وكمدًا، ثم يأتي غيره ويكرر الغباء نفسه، .
وهكذا تزداد الجماعة رسوخًا وانتشارًا، في الداخل والخارج، ويكتمل نضج أعضائها، ويسمع بها القاصي والداني، ويستبين للناس: المصلح من المفسد والطيب من الخبيث..
وإذا كان خصوم الجماعة يتميزون جميعًا بالغباء، فإني لم أر أغبى من قادة إنقلاب يوليو 2013، فالأولون لم تكن لهم خبرة بالإخوان، ولم يدركوا أنها فكرة إذا تمكنت من قلب صاحبها هانت عليه الدنيا وما فيها، من ثمّ فإنهم- أي الخصوم الأولون- قد وقعوا في فخ الجماعة، أما عصابة 2013 فقد مرّت عليهم تجارب لا حصر لها خلال أكثر من ستين سنة، .
بل إنهم في السنوات العشرين الأخيرة كانوا هم من يتولون رصد تحركات الجماعة، وهم من أوقع على قادتها أحكامًا عسكرية منذ عام 1995 حتى عام 2007، ومن أشرفوا على سجن واعتقال 50 ألفًا من الإخوان خلال تلك السنوات، .
ورغم ذلك فاجأتهم الجماعة بحصولها على غالبية أصوات المصريين في خمسة استحقاقات انتخابية متتالية، فبم تسمي تصرف هذه العصابة؟!..
إنه الغباء عينه الذي ستكون نتيجته وبالاً عليهم، ومكسبًا كبيرًا للإخوان ولدعوة الإسلام الباقية أبد الآبدين.