جماعة أنصار الدولة بإندونيسيا ووجه الإسلام الزائف

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
جماعة أنصار الدولة بإندونيسيا ووجه الإسلام الزائف


إخوان ويكي

مقدمة

تعتبر دولة إندونيسيا أكبر الدول التي تجمع على أراضيها أكبر عدد مسلمين، لم تسلم من وجود الفكر المتشدد بين صفوف أبنائها، وذلك لأسباب متعددة قد خاض فيها البعض من كون المسلمين فئة مستضعفة، ومضطهدة، ويمارس ضدها كل أنواع التعذيب في شتى بقاع الأرض

مما نتج عنه انفجار الطاقات الكامنة داخل كثير من أبنائها سواء بدافع الانتقام او التخلص من الإرث الموروث في المظلومية، أو التنفيس عما بداخل النفس من شعور مكبوت من الظلم، أو تنفيذا لأجندة خارجية أو داخلية هدفها زعزعت استقرار الدول الإسلامية، وإشغالها عن القضايا الكبرى التي تمر بها الأمة في معظم البلاد لصالح الدول القوية.

والعجيب أن كثير من الأنظمة الحاكمة للدول الإسلامية تعمل على غرس مشاعر الحقد والكره في نفوس هؤلاء الشباب الذي يتعرض دائما للتضييق أو التعذيب أو القتل، مما يدفعهم للارتماء في أحضان الجماعات المتشددة في الوقت الذي يزج بأنصار الحركات الوسطية خلف القضبان في مشهد متعمد لإثارة القلاقل من أجل ضمان استقرار الحكم.

فالتفجيرات الثلاثة بمدينة سورابايا - في جاوا الشرقية- التي استفاقت عليها إندونيسيا اليوم بكثير من الغضب والقلق، تعيد إلى الأذهان سلسلة من الهجمات الانتحارية خلال العقد الماضي، وتبعث رسالة قوية إلى السلطات الاندونيسية بأن الجماعات المسلحة "الجهادية" لا تزال قوية وقادرة على الضرب بعد سنوات طويلة من إقرار قانون مكافحة الإرهاب، وتسخير إمكانيات ضخمة قانونية وعسكرية وأمنية لهذا الغرض.

فلقد عانت إندونيسيا التي توجد بها أكبر نسبة من السكان المسلمين في العالم، من وطأة إرهاب داعش في المنطقة، بما في ذلك عملية التفجير التي نفذت في 14 يناير 2016 في الحي التجاري بجاكرتا. ومن بين الدول العشر الأعضاء في رابطة جنوب شرقي آسيا سجلت إندونيسيا أكبر عدد من المتطرفين الذين انضموا إلى داعش، وذلك وفقا لرئيس الشرطة الوطنية بدرالدين هايتي.

جماعة أنصار الدولة

جماعة "أنصار الدولة" هي تنظيم يضم عدداً من الجماعات تشكل العام 2015 من طريق تحالف جماعات عدة منشقة ، يرأسها أمان عبد الرحمن من داخل السجن، حيث تعتبر جاوه مركز رئيسيا لهذه الجماعة. واعتاد عبد الرحمن أن ينشر أفكاره المتشددة التي تبرر العنف في اعتبار الآخرين من الكفار من خلال الخطب والمحاضرات.

ورغم أن عبد الرحمن يقبع وراء القضبان فقد تمكن من إعلان ولائه عبر الإنترنت لتنظيم داعش عام 2014. أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب في يناير 2017 بتهمة تنفيذ اعتداءات انتحارية وهجمات مسلحة في 14 يناير 2016 في جاكرتا أودت بحياة أربعة مدنيين وأربعة مهاجمين.

ويرتبط اسم جماعة "أنصار الدولة" بسلسلة من الهجمات الأخرى في إندونيسيا، بينها هجوم على كنيسة في نوفمبر 2016 أدى إلى مقتل طفل في جزيرة بورنيو، إضافة إلى مخطط لتنفيذ تفجير انتحاري قرب العاصمة في فترة أعياد الميلاد تمكنت السلطات من إحباطه..وهذا وفق ما جاء في موقع السكينة السعودي، تحت عنوان جماعة "أنصار الدولة " في إندونيسيا.

ويشير مراسل الجزيرة في إندونيسيا صهيب جاسم إلى أن أنصار الدولة هم توليفة من 21 خلية تحمل "الفكر الجهادي". وحول الفرق بين الجماعة الإسلامية وأنصار الدولة يعتقد حبيب بأن الجماعتين تجمعهما الكثير من الأفكار والقناعات، لكنهما يختلفان حول طبيعة الأهداف التي يجب أن يهاجموها؛ ففي حين ترى الجماعة الإسلامية أنها يجب أن تحصر هجماتها ضد غير المسلمين والمسؤولين الأجانب، لأن الاعتداء على المسلمين لا يجوز شرعا، يرى أنصار الدولة أن المسؤولين الحكوميين أهداف مشروعة، خاصة رجال الشرطة.

واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن "جماعة أنصار الدولة" هي "مجموعة إرهابية مقرها إندونيسيا تشكلت العام 2015 وتتكون من حوالي عشرين جماعة اندونيسية إرهابية" تابعة لـ"داعش". وتتبنى الدولة الإسلامية إستراتيجية " البقاء والتوسع" ، فهي تريد الحفاظ على مكتسباتها في سوريا والعراق مع التوسع إقليميا ودوليا، وتبنى إستراتيجيتها عبر ثلاث مناطق جغرافية هي بلاد الشام، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنطقة الخارج البعيد والتي تضم أوروبا وآسيا وذلك وفقا للبيان الذي نشرته مجلة دابق في عدد نوفمبر 2015.

ولذلك اختارت الدولة الإسلامية إندونيسيا أكبر الدول الإسلامية من حيث السكان عاصمة لخلافتها المزعومة والتي دعت إليها في عام أواخر 2015 تحت مسمى الخلافة البعيدة. ويأتي اختيار إندونيسيا لتكون مقرا للخلافة للإرث الجهادي للجماعات الإسلامية في إندونيسيا وتاريخها السياسي، وربما لموقعها الجغرافي الذي يضم عددا من الدول الأخرى التي يسعى التنظيم إلى التمدد فيها ومنها الفلبين وماليزيا واستراليا وهو ما يجعل التقارب بينها وبين عناصر الجماعات الإسلامية في إندونيسيا كبير جدا.

وترجع بدايات ظهور الحركات الإسلامية في إندونيسيا إلى عهد الاحتلال الهولندي للبلاد، فقد ظهرت أول حركة إسلامية كرد فعل للاحتلال عام 1803 وسميت بحركة pardi في غرب سومطرة، وبالرغم من ذلك يرجع بعض المحللين إلى أن النشأة الحقيقية للحركة الإسلامية بالمفهوم الحركي التنظيمي مرتبطة بتأسيس جماعة " دار الإسلام" والتي ظهرت عقب الاستقلال في 1945م.

ولذا فالتفجيرات التي حدثت هي امتداد للذئاب المتفردة التي تعمل داعش على تكوينها في كل دولة لتخفيف الضغط عن التنظيم الأم في سوريا والعراق.

جماعة دار الإسلام

تأسست هذه الحركة إيديولوجيا وفكريا بدعوتها إلى إقامة الدولة الإسلامية في إندونيسيا، ومن ثم عارضت الجماعة المبادئ الحاكمة لإندونيسيا التي لم تذكر شيئا عن الإسلام بها، الأمر الذي دفع إلى تمرد الجماعة في عام 1948 حيث نصب Sekarmadji Maridjan Kartosuwirjo في أغسطس 1949 نفسه أميرا للدولة الإسلامية في لدولة نيجار الإسلامية الاندونيسية وبالتالي ظهرت الحركة بأنها حركة انفصالية معارضة للنظام الاندونيسي، وبعدها بعام أقرت الحركة بأن الإسلام هو القانون الأساسي لدولة إندونيسيا الإسلامية، ودخلت الجماعة في تمرد استمر لسنوات عدة.

ومع تولى سوهارتو مقاليد الحكم في 1967 عمل على قمع الحركات الإسلامية وتم تصنيفها كيمين متطرف، ولكن في نهاية حكمه خاصة بعد ان خسر دعم الجيش له عمل على كسب ودعم الإسلاميين لصفه، لذلك عمل على تأسيس المدارس الدينية والمساجد والمبادرات وهو ما سارت عليه بقية الأنظمة السياسية التي تلته.

الجماعة الإسلامية

أسس عبد الله سونكار وأبو بكر باعشير تلك الجماعة رسميا في عام 1993 وهما في ماليزيا، وتأثرت أفكار الجماعة الجديدة بدار الإسلام، وطالبان أفغانستان حيث يذكر أن القائدين حاولا تجنيد متطوعين وهما في ماليزيا للجهاد في أفغانستان، وبعد وفاة سونكار تولى باعشير قيادة الجماعة ولكن اتسمت قيادته بالضعف، لذلك سعى إلى تأسيس " مجلس مجاهدين إندونيسيا" في أغسطس 2000 لدعم الخطاب الجهادي والإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية

ولكن تغيير موقف الجماعات الإسلامية في إندونيسيا بشكل كامل عقب تفجيرات بالي 2002 والتي أودت بحياة 202 شخص، واتهم فيها عناصر من الجماعة الإسلامية بدعم من تنظيم القاعدة، حيث فرضت السلطات مزيدا من القيود القانونية وحرية عمل تلك التنظيمات، ولكن في 2008 قرر بأعشير تكوين حركة راديكالية جديدة سميت جماعة أنصار التوحيد.

ايديولوجيا تعتبر الجماعة الإسلامية الاندونيسية هجينا ايديولوجيا لحركة درا الإسلام الاندونيسية والحركة الوهابية في السعودية، ومتأثرة بأفكار سيد قطب الذي يضفي الشرعية على الجهاد ضد الدول غير الإسلامية، وبذلك تهدف الجماعة إلى إقامة دولة إسلامية في جنوب شرق آسيا تمشل عدة دول منها ماليزيا وجنوب تايلاند وجنوب الفلبين وسنغافورة.

جماعة أنصار التوحيد

خرجت من رحم الجماعة الإسلامية في يوليو 2008 حيث أسسها بوعشير وذلك بعد خلاف مع مجلس مجاهدين إندونيسيا ، ووصل عدد أعضائها إلى ما يقرب من 2000 عضو في عام 2012. وتبنت الجماعة الجديدة الفكر السلفي الجهادي وهو أقرب لفكر تنظيم القاعدة حيث ضرورة الاستعداد العسكري للجهاد، معتبرة بأن المسؤلين الاندونيسيين يمثلون أهدافا لها لاستهدافهم.

وعملت الجماعة على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتجنيد أعضاء جدد لها وأصدرت مجلة شهريا، وأنشأت موقعا الكترونيا وأنتجت عددا من الفيديوهات خاصة لخطابات بوعشير. وفي عام 2010 تولى محمد اشوان قيادة الجماعة بعد القاء القبض على بوعشير بعد ظهور تدريبات لأعضاء الجماعة

وكان القائد الجديد قد اتهم في تفجيرات المعبد الهندوسي في عام 1985 ، ومنذ عام 2011 سعت الجماعة إلى تنفيذ عدد من الهجمات الانتحارية. وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت الجماعة على قائمة الإرهاب في عام 2012، ونددت تلك الجماعات بأي أنشطة عنيفة، ولكن تظل الحقيقة بأن أنشطتها الإرهابية كانت تستهدف المدنيين والعسكريين.

جماعة أنصار الشريعة

انقسمت جماعة التوحيد في أغسطس 2014 وشكلت جماعة جديدة سميت جماعة انصار الشريعة وهي حركة اسسها محمد اشوان وعبد الرحيم وروسيد ريدهو بعد خلاف مع بوعشير بعد مبايعته داعش من السجن وبالرغم من نفي الحكومة تصريحات مبايعة بوعشير لداعش الإ أن القادة الثلاث قرروا الانشقاق عن أنصار التوحيد وتأسيسها، وتضم الحركة الجديدة في عضويتها 2000 عضو في جاكرتا وباقي مناطق إندونيسيا.

حركة مجاهدي تيمور

تأسست هذه الحركة في أواخر عام 2012 في وسط سولازي حيث انضم فصيل من جماعة أنصار التوحيد الى مجوعات اخرى وكونوا حركة مجاهدي تيمور وهنا ظهر القائد سانتوزو وهو قيادي سبق بأنصار التوحيد ، وبعد تأسيسها بقليل واجهت الحركة مواجهات خفيفة مع السلطات الاندونيسية ، حيث استهدفت اغتيال بعض الضباط والتفجيرات متجنبة بذلك وقوع ضحايا مدنيين فهي تأمل إلى أن يكون تمويلها محليا ولا تريد أن تخسر المؤيدين لها.

وبالرغم من كون هذه المواجهات لا ترقى إلى مستوى الهجمات الإرهابية الإ أنه لابد وأن يوضع في الاعتبار بأن الحركة تعتبر من أخطر الشبكات القومية المتشددة النشطة في إندونيسيا، فيما تضم الحركة مقاتلين قدامي ذي خبرة عالية، كما أن اختيار الموقع الجغرافي لها سيزيد من الدعم المحلي لها نتيجة الصراعات الدينية التي شهدتها المنطقة في القرن الماضي، كما أن تأكيدها على عدم استهداف المدنيين سيكون عاملا لتجنيد الكثيرين لها، كما أن الحركة بايعت تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

وتعمل الحركة على الحصول على أكبر قدر ممكن من التمويل عن طريق الاحتيال عن طريق الانترنت عن طريق الهكر على مواقع التجارة الالكترونية ، وكذلك السطو على البنوك والأنشطة الإجرامية الأخرى

جماعة عسكر الجهاد

تأسست هذه الجماعة في 2000 على يد جعفر عمر طالب وهو اندونيسي يمني درس العلوم الدينية في السعودية وباكستان، وبذلك يكون قد تأثر بالسلفية الجهادية ، وعلى عكس باقي الجماعات فلم تكن هذه الجماعة تهدف إلى إقامة الدولة الإسلامية.

حيث كانت بداية ظهورها هو المشاكل الأثينية والإقليمية والدينية التي ادت إلى حدوث مواجهة بين المسلمين والمسيحيين في جزيرة مالكو وراح ضحيتها 400 مسلم ولم تكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة كافية وفقا لمؤسس الجماعة لذلك أعلن تأسيس الجماعة، وقامت الجماعة بإقامة معسكر لتدريب 3000 مقاتل أرسلوا الى مالكو .

ولكن بعد تفجيرات بالي اضطرت حكومة ميجاواتي إلى فرض مزيد من القيود على جميع التيارات الإسلامية المتطرفة ومن بينها عسكر الجهاد حيث تم القاء القبض على زعيم الجماعة وافرج عنه بعد عدة شهور ، وكذلك في نفس العام اصدر المجلس التنفيذي لمنتدى الاتصال السني قرار بحل جماعة عسكر جهاد لوجود بعض الأخطاء والانحرافات ، وانخراط بعض قياداته بمجال السياسية، بالإضافة إلى ضغوط الحكومة بسبب علاقتها بتنظيم القاعدة.

ربما يؤدي هذا التقارب العقائدي والفكري بين تيارات الإسلام السياسي الراديكالية في إندونيسيا والحالمة بتأسيس الدولة الإسلامية في إندونيسيا، وبين طموح تنظيم الدولة الإسلامية في التوسع في الخارج البعيد، إلى مزيد من الهجمات والأعمال الإرهابية في منطقة جنوب شرق آسيا وهو خاصة وأن السلطات الاندونيسية قد أكدت تضاعف أعداد الاندونيسيين المقاتلين في صفوف داعش إلى 700 مقاتل في 2015 بعد أن كانوا 200 في العام السابق، بالإضافة إلى أن السلطات الاندونيسية والماليزية تقوم باعتقال أفراد ينتمون لداعش من وقت لآخر خلال الأشهر الماضية.

يواجه حلم دعوة داعش لتأسيس خلافة بعيدة في إندونيسيا وجنوب شرق آسيا عدة عقبات أهمها أن الجماعات التي بايعت التنظيم في دول جنوب شرق آسيا هي بمثابة خلايا وشبكات صغيرة جدا لا ترقى إلى تنظيم لوجستي فاعل، فلا يمكن لهذه الخلايا الا تنفيذ عمليات انتحارية مما يمثل دعاية تجنيدية لداعش ، بالإضافة إلى أن قدرات الأجهزة الأمنية الاندونيسية لديها خبرة في التعامل مع تلك الجماعات مما يعطي لها القدرة على التفوق على مثل هذه الجماعات والقضاء عليها.

وبالتالي فإن هجمات التنظيم ستمثل المشهد العام في جنوب شرق آسيا خلال عام 2016، معتمدة على العمليات الانتحارية واستخدام الذئاب المنفردة، وربما هذا يؤدي إلى مزيد من استقطابات وتجنيد للشباب في ظل الإجراءات الأمنية المشددة والقمع الأمني الذي ستتبعه السلطات الرسمية في مناطق الخلافة المزعومة.