جدل فلسطيني حول اجتماع الخريف

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
جدل فلسطيني حول اجتماع الخريف
كوندوليزا رايس.jpg

بقلم : «الحرية» ـ رام الله

يبدو أن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة لم تنجح في إزالة الغموض حول الدعوة لانعقاد اجتماع دولي في نيويورك (أو واشنطن) لبحث قضية الشرق الأوسط. كذلك لم تزل الغموض حول النتائج المرتقبة من هذا الاجتماع.

بل إن بعض الدوائر تكاد تجزم أن الزيارة هذه زادت بعض جوانب الاجتماع غموضاً، خاصة في ظل تأكيد أميركي أن واشنطن لن تضغط على تل أبيب لتزحزح موقفها من الاجتماع المذكور من القضايا التي ترى ضرورة طرحها عليه.

وتقول مصادر فلسطينية أن هذه القضية بتداعياتها وتفرعاتها المختلفة، ما زالت الموضوع الرئيس على جدول أعمال الأطراف الفلسطينية على اختلاف اتجاهاتها السياسية، كل من موقعه، وكل حسب رؤيته، ولإدراك الجميع، أن للاجتماع نتائجه المؤثرة على الصراع في المنطقة، أياً كانت النظرة إليه.

وهو الأمر الذي يحول دون تجاهله من أي من هذه الأطراف، ويدعوها، في السياق، لتحديد موقف واضح منه ومن جدول أعماله، وآليات انعقاده ونتائجه.

حسم أمر الحضور

الجانب الفلسطيني المفاوض كما تقول المصادر، بدأ يبلور المواقف التالية:

@ إن قضية حضوره المؤتمر لم تعد موضع نقاش وأنه حسم أمره لصالح الحضور، وأبرز المؤشرات على ذلك أنه شكل فريقه للدخول مع الإسرائيليين في التحضير للاجتماع.

ولسان حال الجانب الفلسطيني المفاوض في تفسير موقفه لصالح حضور الاجتماع، أنه اجتماع ذو طابع إقليمي ودولي، وأن الأمر لم يعد رهناً بموقف الطرف الفلسطيني منه خاصة بعد أن حسمت الأطراف الدولية والإقليمية موقفها لصالحه.

وبالتالي لن يكون مفهوماً أن يغيب الطرف المعني بالموضوع، أي الطرف الفلسطيني، وأن تحضر بقية الأطراف.

@ لا تخلو لهجة الطرف الفلسطيني المفاوض من تشاؤم ونقد لما يمكن أن يسفر عنه الاجتماع.

ويسجل في هذا السياق كيف أن أولمرت تراجع عن موقفه الخاص بإعلان المبادئ لصالح «بيان مشترك» وهو أدنى مرتبة، وأقل أهمية من إعلان المبادئ.

ويوضح بعض أركان الجانب الفلسطيني المفاوض، أن هذا النقد لا يعني أن رام الله تطالب بإعلان مبادئ.

فهي ما زالت على موقفها بضرورة تجاوز «الإعلان» و«البيان» لصالح «إطار اتفاق» يمهد لإطلاق مفاوضات الحل الدائم، والدخول في معالجة القضايا الكبرى، وعدم التلهي بالقضايا الجزئية التي يمكن معالجتها عبر لجان فنية.

ويضيف الجانب المفاوض في هذا السياق أن «البيان المشترك» قد يكرر التجربة التفاوضية الفاشلة على مسارها الفلسطيني ـ الإسرائيلي. فقد سبق وأن وقع الطرف الفلسطيني في خطأ قاتل حين توصل مع الإسرائيليين إلى «اتفاق سلام» قبل أن يعالج القضايا المدرجة في ملف السلام هذا.

وعندما وضعت هذه القضايا على طاولة المفاوضات، ذهبت ضحية المماطلة الإسرائيلية، ولم تصل إلى نتائجها المحسومة، خاصة وأن العملية التفاوضية لم يحددها سقف زمني، الأمر الذي يهدد بإدامة الحالة الراهنة لمدى زمني مفتوح، في ظل مفاوضات هي الأخرى مفتوحة زمنياًَ، وهو ما يحترم المصالح الإسرائيلية، ويوفر لتل أبيب فرصة التهرب من استحقاقات التسوية.

المأزق

@ استطراداً، لا ينكر بعض أطراف الجانب الفلسطيني المفاوض، أن رام الله دخلت في مأزق بشأن «اجتماع الخريف» فهي سلمت مسبقاً ورقة الموافقة على حضور الاجتماع، ولم تعد هذه الورقة تصلح بعد الآن للضغط أو المساومة لتحسين شروط المشاركة.

كما سلمت ورقة الدخول في العملية التحضيرية، حين شكلت فريقها إلى اللجنة التحضيرية الفلسطينية ـ الإسرائيلية المشتركة.

وبالتالي بات بإمكان الجانب الإسرائيلي أن يدعي أن جدول الأعمال، وأن النتائج باتت كلها مسألة تفاوضية، لا يحق لطرف أن يفرض رؤيته فيها على الطرف الآخر.

وفي ظل اختلال موازين القوى لصالح الجانب الإسرائيلي، يصبح حديث تل أبيب عن التفاوض حول جدول الأعمال والنتائج، مجرد ذرائع لفظية خاصة وأن تل أبيب أعلنت موقفها مسبقاً، في ظل تأييد أميركي لها. النقاط الثماني

@ ماذا بشأن «الوثيقة» التي سربتها الصحافة الإسرائيلية، وهي من ثماني نقاط، قالت إن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، توصلا إليها.

الجانب الفلسطيني المفاوض ينكر أنه تم التوصل إلى هذه الوثيقة، بل هو يؤكد أن اللجنة التحضيرية لم تجتمع حتى الآن، كي تصدر عنها ورقة عمل مشتركة. ومع ذلك فإن الجانب الفلسطيني يتوجس أن تكون هذه «الورقة» مناورة من الجانب الإسرائيلي سربها إلى الصحافة لتكون أساساً للبيان المشترك، علماً أنها لا تفي بالغرض.

ماذا عن مواقف باقي الأطراف؟

المصادر تقول أن أجواء رام الله منقسمة على نفسها بشأن اجتماع الخريف.

@ فعدد من الأطراف الفلسطينية لا يرى في الأساس مبرراً لعقد مثل هذا الاجتماع، ويرى فيه مناورة أميركية ـ إسرائيلية للالتفاف على الدعوات المتصاعدة لعقد مؤتمر دولي تحت سقف قرارات الشرعية الدولية وبرعاية الأمم المتحدة، وبحيث يكون إطاراً دائماً، لا ينفض إلا بعد أن يتوصل الفرقاء إلى حل لكل قضايا الوضع الدائم، وبما يضمن انسحاباً إسرائيلياً من الأراضي العربية المحتلة (الضفة ـ القدس ـ الجولان ـ مزارع شبعا...) وقيام دولة فلسطينية وضمان عودة اللاجئين.

أما الاجتماع المدعو له، فيندرج في إطار الخطوات والحلول الجزئية، والتي أثبتت التجارب أنها لا تحترم المصالح الفلسطينية بقدر ما تعمل على تأجيل استحقاق مفاوضات الحل الدائم إلى موعد غير محدد أصلاً، وهو ما يخدم السياسة الإسرائيلية.

@ كذلك تلاحظ هذه الأطراف كيف أن الجانب الإسرائيلي يرفض مفاوضات الحل الدائم، بذريعة انعدام الشريك الفلسطيني، ثم، كيف، من جهة أخرى يعترف بوجود هذا الشريك حين تكون الدعوة للاتفاق على خطوات جزئية.

في هذا السياق تلاحظ هذه الأطراف أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم حتى الآن حتى بالقضايا الجزئية التي قيل أنه اتفق عليها مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. فبعد أن أطلق سراح حوالي 250 أسيراً فلسطينياً، (معظمهم تكاد محكوميتهم أن تنتهي قريباً) عمد إلى اعتقال المئات بدلاً منهم وبالتالي لوحظ أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال في تصاعد.

وهو الآن يعد بإطلاق حوالي 90 أسيراً، علماً أنه اعتقل خلال الأسبوع الماضي ما يفوق هذا العدد بكثير.

كما يلاحظ هؤلاء أن ما من شيء قد تحقق إيجاباً على الحواجز أو على المعابر، أو بما خص 52 ألف فلسطيني يعيشون في الضفة والقطاع بلا أرقام وطنية تمكنهم من التنقل. الأمر الذي يطرح سؤالاً حول كيف سيستجيب الجانب الإسرائيلي لحل القضايا الكبرى وهو يرفض حتى الآن حل القضايا الصغرى.

@ كذلك تحذر هذه الأطراف من خطورة أن يستغل اجتماع واشنطن لصالح السياسة الأميركية في العراق، بحيث لا يقدم للفلسطينيين شيئاً، وتكون الفوائد كلها للجانبين الأميركي والإسرائيلي، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً عربياً مسبقاً.

@ وفي الختام، لا ترى هذه الأطراف قيمة لتشاؤم الفريق المفاوض أو نقده لآلية التحضير للاجتماع، وتدعو إلى موقف عملي ينسجم مع النقد والتشاؤم، وإلا اعتبر هذا النقد وهذا التشاؤم مجرد ذر للرماد في العيون. ويبقى النقاش مفتوحاً، إلى أن ينعقد الاجتماع، وتتأكد صحة المواقف من عدمها.

اجتماع أم مؤتمر دولي

لاحظ المراقبون أن الأطراف الفلسطينية تختلف فيما بينها في تعريف لقاء الخريف فالفريق المفاوض يصف اللقاء بأنه مؤتمر دولي، بينما تصفه الأطراف الأخرى بأنه اجتماع دولي ـ وتقول المصادر الفلسطينية أن الاختلاف في التسمية يعكس بطبيعة الحال اختلافاً في الرؤية وفي الموقف من هذا اللقاء.

كما تلاحظ أن الفريق المفاوض يحاول أن يضفي على اللقاء صفة المؤتمر لقطع الطريق على الأطراف الفلسطينية الداعية إلى مؤتمر دولي يشكل صيغة دائمة للتفاوض، علماً أن الأميركيين، أصحاب الدعوة، يحرصون هم أنفسهم على وصف اللقاء بأنه مجرد «اجتماع» وليس مؤتمراً.

المصدر