توافق وزاري على رفض الإصلاح.. يُفشل مشروع قانون الانتخابات البلدية

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
توافق وزاري على رفض الإصلاح.. يُفشل مشروع قانون الانتخابات البلدية


بقلم: الأستاذ بسام غنوم

توافق وزاري على رفض الإصلاح.. يُفشل مشروع قانون الانتخابات البلدية

هل تجري الانتخابات البلدية والاختيارية في شهر حزيران المقبل أم تؤجَّل الى موعد لاحق بسبب الخلاف على قانون الانتخابات البلدية؟

هذا السؤال أصبح الشغل الشاغل للقوى السياسية في الحكومة أولاً، وللقوى والشخصيات السياسية الأخرى التي تجد في الانتخابات البلدية والاختيارية متنفساً لها يعوضها عن عدم مشاركتها في الانتخابات النيابية بسبب الحسابات السياسية المعقدة للقوى السياسية الكبرى المهيمنة على القرار السياسي في لبنان.

ويبدو من خلال المناقشات المستمرة في مجلس الوزراء أن قضية اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لها حسابات وحساسيات مختلفة عن حسابات الانتخابات النيابية، ويظهر هذا جلياً في الخلاف الدائر حول الاصلاحات المقترحة في القانون الانتخابي البلدي الذي قدمه وزير الداخلية زياد بارود واقترح فيه جملة اصلاحات انتخابية من شأنها أن تجعل من قانون الانتخابات البلدية محطة أساسية أو مقدمة انتخابية لإقرار قانون انتخابي عصري للانتخابات النيابية. وأبرز المقترحات الاصلاحية الانتخابية التي اقترحها الوزير بارود: خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، اعتماد النسبية في البلديات الـ16 الكبرى التي تضم 21 عضواً، اعتماد مبدأ 30 في المئة للكوتا النسائية، انتخاب رئيس البلدية ونائبه مباشرة من الشعب، وضرورة حيازة رئيس البلدية إجازة جامعية والمختار شهادة البكالوريا.

ويلاحظ من خلال النقاشات التي جرت حتى الآن في مجلس الوزراء حول الاصلاحات المقترحة لقانون الانتخابات البلدية والاختيارية ان هناك شبه اجماع على رفض هذه الاصلاحات جملة وتفصيلاً من قبل الوزراء والقوى السياسية التي ينتمون إليها، لدرجة أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان أعلن في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء انه يفضل اجراء الانتخابات البلدية على أساس القانون القديم، على التأجيل بحجج الاصلاح.

فما هي أسباب «الاجماع الوطني الوزاري» على رفض الاصلاحات الانتخابية في قانون الانتخابات البلدية والاختيارية، وهل هناك مبرر سياسي لهذا التوافق على رفض الاصلاح؟

إذا اردنا ان نفصل أسباب الرفض للاصلاحات الانتخابية في القانون المقترح من وزير الداخلية زياد بارود، يمكن أن ننطلق أولاً من التوافق السياسي على رفض مبدأ النسبية في الانتخابات.

فلقد كشفت مناقشات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي خصصت لمناقشة الاصلاحات الانتخابية في الانتخابات البلدية والاختيارية انه في ضوء النقاش تبين أن تيار المستقبل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات» لا يريدون النسبية، أما حزب الكتائب فيريدها في كل لبنان وليس حصراً في اماكن محددة، وان «تكتل التغيير والاصلاح» يريدها فقط في بيروت. وأكد وزير الخارجية علي الشامي أن الطائف كرّس النظام الأكثري.

والسؤال هنا هو: لماذا هذا التوافق على رفض مبدأ النسبية، رغم ان الوزير بارود قال في الجلسة إن وزارة الداخلية تستطيع تطبيق مبدأ النسبية في كل البلديات في لبنان، لا في البلديات الـ16 الكبرى فقط؟

الجواب عن هذا السؤال بصراحة هو أن اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية وفق مبدأ النسبية يسمح للقوى والشخصيات السياسية والعائلية الرافضة للهيمنة السياسية للقوى السياسية الكبرى بالتمثيل في مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ما يضع القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء امام إحراج سياسي وانتخابي، حيث ستتمثل شخصيات وقوى سياسية معارضة في مناطق مغلقة بالكامل الآن لحساب هذا الطرف أو ذاك. اضافة الى ذلك، فإن اعتماد مبدأ النسبية في الانتخابات البلدية والاختيارية سيفتح المجال أمام تطبيقه لاحقاً في الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2013، ما يعيد خلط القوى والتحالفات السياسية على الأرض، وهذا أمر لا يمكن ان تقبل به قوى السلطة في لبنان.

وإذا انتقلنا من مبدأ النسبية الىخفض سن الاقتراع الى سن 18 سنة، فإن الحسابات الطائفية تأخذ مكانها على حساب التحالفات السياسية في مجلس الوزراء وخارجه.

وفي هذا الاطار، رفع وزير الموارد المائية والكهربائية جبران باسيل كتاباً الى الأمانة العامة في مجلس الوزراء بشأن استرداد مشروع قانون خفض سن الاقتراع الى 18 سنة من مجلس النواب.

ويعبّر موقف الوزير باسيل عن اجماع مسيحي على رفض هذه الخطوة الاصلاحية، لأن القوى المسيحية تعتبر أن خفض سنّ الاقتراع يُخلّ بالتوازن الطائفي مع المسلمين وأنّ اقرار هذا المبدأ في الانتخابات البلدية والاختيارية يعني اعتماده في الانتخابات النيابية لاحقاً، وهي لذلك تطالب بإقرار قانون يسمح للمغتربين من اصل لبناني بالمشاركة في الانتخابات من البلدان التي يعيشون فيها. وقد اعتبر البطريرك صفير ان «عدد الذين سافروا أكثر بثلاث مرات من عدد المقيمين اليوم، وهم لبنانيون في الأصل، ويجب أن يحضنهم لبنان وأن يشعروا بأنه هو وطنهم الأول».

وأسباب رفض هذه النقطة الإصلاحية غير مفهومة لأن اتفاق الطائف أقر المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والقوى السياسية اللبنانية المسلمة أعلنت تمسكها بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وبالتالي فإن رفض خفض سن الاقتراع الى 18 سنة لا مبرر له وطنياً وانتخابياً إلا إذا اريد ربط انتخاب رئيس بلدية أو مختار أو نائب بشخص يقيم في أوروبا وأميركا ولا يعرف لبنان إلا من خلال العصبيات الطائفية التي تصدَّر له في المناسبات اللبنانية المختلفة.

أما آخر بدع الانتخابات البلدية، فهي التي اطلقها «تكتل التغيير والاصلاح» الذي يرأسه العماد عون والذي طالب بتقسيم مدينة بيروت الى ثلاث مناطق ويكون لكل منطقة بلدية خاصة بها، أي هو يريد ثلاث بلديات لبيروت بدلاً من بلدية واحدة، وبرر موقفه بأنّ المسلمين هم من يحسمون الآن الموقف الانتخابي في بيروت، وأن العواصم الكبرى في العالم مقسمة بلدياً بين أكثر من بلدية في المدينة الواحدة. وأعلن انه يؤيد مبدأ النسبية فقط في مدينة بيروت دون غيرها من المناطق اللبنانية، ما يعني انه يريد تقسيم بيروت مجدداً بين شرقية وغربية بعدما أعاد توحيدها اتفاق الطائف وتوافُق اللبنانيين على طيّ هذه الصفحة السوداء من تاريخ لبنان.

وهذا ما تجلى في الانتخابات البلدية في عام 1998، حيث أصر الرئيس رفيق الحريري على اعتماد مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في بلدية بيروت تحديداً رغم أن مبدأ المناصفة غير معتمد بلدياً، وذلك من أجل الحفاظ على العيش المشترك، وهو اعتمد أيضاً في الانتخابات البلدية في عام 2004 وأصبح عرفاً يتمسك به أبناء الطوائف المختلفة في مدينة بيروت.

في ضوء ما سبق يمكن القول إن القوى السياسية المهيمنة على القرار السياسي في لبنان ترفض السير في الاصلاحات السياسية والانتخابية التي تضعف هيمنتها على اللبنانيين، وبالتالي فإن الاصلاح في لبنان مؤجل حتى إشعار آخر.

المصدر

  • مقال:[ توافق وزاري على رفض الإصلاح.. يُفشل مشروع قانون الانتخابات البلدية]موقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان