تقديم المستشار عبد الله العقيل لكتاب "رسالة إلى حواء"
بقلم المستشار/ عبد الله العقيل
مدير الشؤون الإسلامية في وزارة الأوقاف بالكويت
مما عرفته عن الأخ المؤلف الأستاذ محمد رشيد العويد أنه من الشباب المرهف الحس، الدمث الخلق، الذي يكتب على سجيته دونما تصنع أو تكلف، وبأسلوب سلس وعبارة تنساب انسيابًا، وتدخل إلى النفس حاملة أجمل المشاعر، عارضة للمشكلات بأسلوب العصر، محاكمة القضايا إلى منهج الله، داعية الناس إلى طريق الحق والخير بأرق العبارات وأقوى الاستشهادات وأصدق التحليلات، سالكًا في مقالاته طريقة العرض المشخص للعلل، الواصف للعلاج، المقارن بين المناهج، الكاشف لعوار الباطل، المظهر لجمال الحق، المترفق بجماهير القراء من الرجال والنساء، بحيث يطرح القضية المعضلة، ويرد الأسباب إلى عواملها المؤثرة فيها، حتى تشخص أمام القارئ، وكأنه يعايشها فيها، ويرى أحداثها، ثم يقدم العلاج الناجع المستقى من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم).
وكثيرًا ما يلجأ المؤلف إلى الاستشهاد على إفلاس الحضارة الغربية وقبحها من أقوال القوم أنفسهم في مجلاتهم وصحفهم ومحطات إذاعاتهم المرئية والمسموعة، ومن خلال الإحصائيات التي تصدرها المؤسسات المتخصصة، بل ومن أفواه وأقلام نفس المصابين بأمراض هذه الحضارة المادية الخاوية من الروح، المتجردة من الخلق.
فهو ينقل عن مجلة فرنسية تكتب فيها النساء الفرنسيات مطالبات بالعودة إلى حياة البيت والاستقرار فيه والقيام بأعبائه، لأنهن سئمن الحياة خارج المنزل، حيث الذل والمهانة، ويعرض لأسباب انتحار ممثلة مشهورة حصلت على كل ما تتمناه المرأة من المال والجمال والشهرة، حيث شعرت أنها سلعة رخيصة تباع في سوق النخاسة كالرقيق.
ويروي المؤلف إحصائيات الطلاق في الغرب، وكيف ارتفعت إلى أرقام قياسية لا يتصورها العقل، كما يسرد حوادث الخيانات الزوجية، وحوادث الإجهاض، وزوال العفة من الفتيات الصغيرات في المدارس، والحوادث المتكررة عن حرمات البيوت، والفوضى الجنسية التي لا ضابط لها ولا وازع، فضلاً عن أندية العراة، وعلب الليل، والسيل المتدفق من البغايا والفاجرات في الفنادق والنوادي والحدائق والميادين العامة والشوارع، مما يهبط بكرامة المرأة وإنسانيتها إلى درك الحضيض.
هذه الحالة المزرية للمرأة في الغرب، يقابلها في الجانب الآخر المرأة المسلمة في الشرق، وما تلقاه من التقدير والاحترام والعطف والحنو، سواء أكانت أمًا، أم أختًا، أم زوجة، أم ابنة، أم غير ذلك.
وحين نستعرض فصول الكتاب، وهي مقالات كنت أحرص على قراءتها إبان نشرها، نجد الكاتب قد تناول قضايا الاختلاط والسفور والحفلات الماجنة التي يقيمها بعض السفراء وغيرهم، ويجبرون زوجاتهم على حضورها والمشاركة في آثامها، كما أشار إلى دور بعض المسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات، وما يجري فيها من إفساد لروابط العلاقات الزوجية، وهدم لمقومات الأسرة، وإهدار للقيم الفاضلة والأخلاق الحسنة، كما تناول من يسمين أنفسهن بسيدات المجتمع من المتبرجات اللواتي يتبارين في المظاهر الزائفة بالمناسبات وحفلات الزواج وغيرها.
ثم يعرج المؤلف على بعض المتزمتين من الرجال، وبخاصة الآباء الذين يكونون عقبة في زواج بناتهم بوضع الشروط والعراقيل أمام الراغبين في الزواج، رغم كفاءتهم واستقامتهم، وبهذا تكثر العوانس في البيوت، ويعم البلاء في كل مكان، ثم يورد بعض النماذج المشرقة من مواقف السلف حين زوج سيدنا علي بن أبي طالب ـ كرم الله ـ وجهه جاريته لشاب رغب فيها، وعلق قلبه بها، ولكن حبه كان عفيفًا لم يرد إلا الزواج الحلال.
ويتناول المؤلف دور المرأة ورسالتها كأم في بناء الأسرة وتربية الأجيال، وكزوجة تحنو على زوجها، وتقوم بأموره، وتعينه على متاعب الحياة ومصاعبها، وتشاركه آلامها وآمالها، وتملأ البيت بِشْرًا وسعادة.
والكتاب يعتبر من الكتب الهادفة التي تعنى بقضايا المرأة ودورها في الحياة، ومهمتها في تربية الأجيال المؤمنة من الشباب والشابات، وما لها من حقوق وعليها من واجبات.
نسأل الله أن يجزي المؤلف خير الجزاء، وأن ينفع القراء بما كتب، ويبارك في جهود العاملين المخلصين.
والله الموفق
المصدر
- مقال: تقديم المستشار عبد الله العقيل لكتاب "رسالة إلى حواء" موقع العقيل ابومصطفي