تعود الأمة إلى عزها بالتربية باسم الله

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
تعود الأمة إلى عزها بالتربية باسم الله


بقلم : محمد المأمون الهضيبي

رسالة المرشد العام للإخوان المسلمين

تواجه الحضارة الإسلامية اليوم بتحديات تعدت وصفها بالتخلف، والرجعية بمحاولة طمسها، وإحلال مناهج تربوية بديلة عنها؛ حتى وصل الأمر ببعض التربويين إلى درجة إنكار، أو التنكر لما كان للمناهج التربوية الإسلامية من دور فاعل في التاريخ، سواء أكان القائلون بهذا الرأي يصدرون عن جهل وسطحية، أم عن بعد متعمد، وتشويه لحقائق التاريخ، فإن علماء الأمة مدعون للبحث، والتنقيب عن هذه المناهج الأصيلة، ونفض ما غطاها من ركام الغبار؛ لتأخذ دورها الحقيقي في ركب الحضارة المتسارع، فتعيد ما هدمته المناهج الغربية والمتغربة من نفسية النشء، وما وضعت في أفكارهم من لقاح خبيث زاحم النقي الأصيل، وكم هو مطلوب هذا الجهد من علماء الأمة حتى تستعيد الأمة دورها وتستفيد من مقولة القرآن الكريم )وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآْياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ( (الأعراف:58).

التربية ذات أهمية قصوى في المجتمعات المعاصرة حيث هي فن صناعة الإنسان، وصياغة خصائصه الوحدانية والفكرية التي تميزه شخصية وتوجهًا، كما تشكل قدراته المهارية تطبيقًا، وابتكارًا، لهذا تتصارع في مجتمعاتنا العربية والإسلامية قيم تربوية متضاربة، فبعضها يحرص على تكريس المناهج الغربية لصياغة مفاهيم حضارية تأخذ بيد الإنسان العربي، والمسلم لتنقله من حالته إلى حالة يرتجونها له في مفهومهم، وبعضها الآخر يتجه للكشف عن قيمنا التربوية الأصيلة التي كان لها الفضل في بناء حضارة على مدى قرون، مرجعين سبب تخلفنا الحضاري إلى تغييبنا القسري عن المناهج الإسلامية الأصيلة التي كان لها الفضل في بناء حضارة إسلامية متفوقة اعترف التاريخ بأصالتها، وأسبقيتها والدور الحضاري في الأثر الكبير الواضح، الذي لولاه لظلت أوربا حتى يومنا هذا ترسف في أغلال الجهل والتخلف.

إن أمتنا تواقة إلى استرداد عافيتها، واستعادة دورها في الحياة بعد أن غابت عنه بفعل غيرها، ونفر من أبنائها منذ أمد طويل، وتعرف الأمة الدواء الذي يحقق ويعيد عافيتها، وقد أشار إليه المصلحون المجربون حين قالوا 'لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها' وذلك تطبيقًا لهدى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي لا ينطق عن الهوى 'تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدى أبدًا، كتاب الله وسنتي' ولقوله عليه السلام 'عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ'.

فعافية الأمة إذن في العودة إلى الإسلام، الشريعة.. ومنهج، ونظام الحياة بإيمان صادق تمتلئ به النفوس والعقول والقلوب وليس إيمانا مخدرًا نائمًا في النفوس لا ينزل على حكمه ولا يعمل بمقتضاه.

إن العافية من كل ما تعرضت، وتتعرض له الأمة هي في الإيمان الملتهب المشتعل القوي اليقظ في نفوس الأمة، الإيمان الحي القائم في النفس والعقل الناشئ عن معرفة، واقتناع لا عن تقليد، ومسايرة للآخرين، وذلك يعنى الفهم الصحيح للدين الذي نؤمن به فهمًا ثابتًا مستقرًا لا تعدو عليه مؤثرات المبادئ الوافدة، ولا تهزه أعاصير الأحداث والنوازل.

وذلك يقتضي أن تربى الأمة على المصدرين الثابتين، على القرآن الذي جمع الله فيه أصول العقائد وأسس المصالح الاجتماعية وكليات الشرائع الدنيوية.

وعلى السنة التي فصلت، وشرحت الكتاب، وبينت التطبيق العملي لما جاء فيه من أحكام تتعلق بحياة الناس، ونشاطاتهم.

فإذا ما تربت الأمة على هذا الفهم الواضح، واليقين الثابت، عوفيت من الأدواء وسلمت من الأرزاء، ونعمت بفضل الله ورحمته تلك التي أشار القرآن أنها الشريعة والهداية، قال تعالى )يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ( (يونس:57-58) ويوم أن اهتزت الأمة إيمانًا وفهمًا ضعف شأنها، وتشتت أمرها، وانطبع ذلك على العمل، والسلوك، والسياسات، فكان الاضطراب والقلق والهوان في أعين الآخرين وطمعهم في أرضها وثرواتها؛ لأنها لم تعد الأمة التي كانت مهيبة تحميها هذه المهابة على مسيرة شهرين من حدودها 'ونصرت بالرعب مسيرة شهر'.

إن اهتزاز الأمة في فهمها لدينها ومعطياتها أدى إلى تفريطها في قيمها ومبادئها فسهل عليها التفريط في أمر حياتها وما يحفظ عليها أمنها ومستقبلها، غرها بهرج الحياة وزيوف المدنية المادية فوقعت في مسلسل من التنازلات، فصلت الدين عن الدولة باسم العلمانية، وسيطر فيها المظهر على المخبر، واستبدلت بالابتكار، والاجتهاد، التقليد والمحاكاة، وصارت فرقًا وأشياعًا بعد وحدة كالجسد الواحد، وانبهرت بالأجنبي كساء وغذاء وتعليمًا حتى صارت تعتمد عليه في حماية ثغورها، فمن العدو إذا ؟؟ وهنا تسربت أموالها وثرواتها بل وعقولها إلى خارج مصالحها وحدودها فرضيت بالتبعية وحصدت التأخر العلمي، فكان الانهيار الذي أعقب هذا الانبهار )وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ( (هود:113).

لقد توالت نكبات الأمة العربية والإسلامية في مسلسل من الانحدار والتسليم والإخلاد إلى الأرض حتى وصلنا إلى هذا المشهد الخطير الذي تعيشه الأمة أمام رعاة البقر، ومزع الشعوب يصولون ويجولون وأمتنا أين هي؟ بل هي أين؟ أمة سادها التقاطع والتدابر، وسالت دماؤها مرتخصة، وتعرضت للانتهاك أعراضها.

إنها تتطلب العودة إلى الأصالة والقيم التي ورثناها عن الأمجاد ومن آبائنا والتي حفلت بها عقيدتنا وماضينا لابد أن تعود الأمة إلى مزية الجهاد وقاعدة الاستعداد، فهو عنوان الإيمان لمن رضي أن يوصف بالإيمان، وطريق الصدق لمن تاقت نفسه أن يكون من الصادقين أو مع الصادقين، 'فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل'والقرآن يحدثنا عن قوم جاءوا إلى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يريدون الالتحام في صف المؤمنين معه، فما رضي بهذا التمني الظاهر على أقوال اللسان، ولم يخالط بعد الجنان، وذلك بعد أن أطلعه عالم السرائر عن حقيقة ما ادعوه من هذا الإيمان، قال تعالى )قَالَتِ الأَْعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( (الحجرات:14)، ثم يبين الإيمان الحقيقي الذي تترتب عليه ثماره وفوائده فيقول تعالى )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ( (الحجرات:15).

إن أمتنا كي تعيد حساباتها وتستدرك ما فاتها، وتلحق بركب الساعين إلى تحقيق الآمال، ومناصرة المبادئ فتتبوأ مكانها تحت الشمس، وتسطع عليها أشعة العزة والنصر من جديد، لابد أن تتوفر فيها قوة نفسية عظيمة تتمثل في عدة عوامل:

1- إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، فلا يتسرب إليها الوهن ولا يسيطر عليها حب الدنيا وكراهية الموت، تؤمن أن النصر من عند الله، وأن جنده هم الغالبون لا يخضع لكثرة الصف أو قلة العدو )كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ((البقرة: من الآية249) فما على المؤمنين إلا القيام بما افترض عليهم دينهم من الرجوع إلى الله في كل أمرهم وبذل الاستطاعة في الاستعداد ثم التوكل على الله القوى العزيز، قال تعالى )فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ( (محمد:35).

2- وفاء صادق لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وفاء للمبدأ الذي آمنت به، فلا تتراجع عن نصرته، ولا تستبدل به غيره، ولا تغر عنه ببريق من خداعات النفس من مال أو جاه، فلا تتغير حسب كل ريح، ولا تسير خلف كل بريق، ولا تغدر بما عقدت من عهود ومواثيق في طريق نصرة دينها، وإحياء منهج ربها، ولا تتنكب سبيلاً يؤدي إلى تحقيق آمال الأمة في حياة آمنة مطمئنة تتجسد في وحدة قوية كالبنيان المرصوص، وألفة صادقة توحد الأهداف والتوجه في رباط يضم الأفراد والجماعات؛ حتى تصير الأمة كالجسد الواحد في المشاعر والأحاسيس.

3- وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل: عطاء لمتطلبات الأمة كي تحيا عزيزة الجانب غنية عن الآخرين فلا تمد يد الحاجة، ولا تستشعر الفقر في جانب من حياتها المادية، أو العلمية أو الثقافية أو الدفاعية، بل تحقق كل هذه الفروض التي فرضها الإسلام عليها من الفروض العينية أو الكفائية، فتصون بذلك كرامتها، وتحفظ أمنها، وتكفى شر عدوها، بل ويخطب ودها ويحترم وجودها، وتكره أن تكون في صفوف الآخذين لا المعطين امتثالاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام 'اليد العليا خير من اليد السفلى' ويوم أن يتربى أفراد الأمة منذ الحياة الباكرة على الجد والبذل، فلا تنكس يد عن العطاء في سبيل أن ترقى الأمة وتسعد المجتمعات، تزدهر فيها مجالات العلم والصناعة والزراعة والاجتهاد والاختراع؛ لأن الفرد تربى على خلق ثابت يؤكد أن المصلحة العامة قبل المصلحة الخاصة وفوقها لأن هذا عائد عليه يوفر له وسائل العيش الكريم والحياة الآمنة المطمئنة في أمة لن تعرضه للضياع، فهو أعطى إذا كان أهلاً للإعطاء والإنفاق، وهو لن يضيع، ولن تفرط فيه الأمة عندما يكون من ذوي الحاجة والافتقار، وكذلك يربى الإسلام أفراد الأمة على القناعة والعفاف، فالمسلم راض بما في يده إن كان يكفيه، وهو صابر إن قل عن كفايته؛ حتى يتيسر له أمره، فلا يحقد ولا يحسد، ولا يحاول الاكتساب غير المشروع فهو يؤمن أن 'كل جسد نبت من سحت - أي حرام - فالنار أولى به' كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن أجل هذا كان في هذا المجتمع المرأة التي تقول لزوجها إذا خرج في أول النهار لكسب معاشه 'يا فلان اتقى الله فينا، ولا تجعل في رزقنا حرامًا، فإننا نستطيع أن نصبر على الجوع، ولا نستطيع أن نصبر على النار' هذا الخلق القائم على القناعة والعفة تختفي معه مظاهر كثيرة في الأمة، كالغش والرشوة والاتجار في المحرمات، وتهريب الأموال أو غسلها.

وقد علم الرسول أفراد هذه الأمة أن يرددوا دائمًا هذا الدعاء عقب صلواتهم، وفي خلواتهم 'اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى' وعلمنا كذلك خلق الغنى ومعناه الأصيل 'ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس'.

4- ومعرفة بالمبدأ وإيمان به، وتقدير له، يعصم من الخطأ فيه، والانحراف عنه، والمساومة عليه، والخديعة بغيره.

ولعمر الحق إن هذا الأمر أو العامل الأخير له صمام أمن وأمان للأمة إذا قامت على أساسه، وترعرعت في ظلاله، إنه المعرفة بهذا الدين الذي يصنع هذه الحياة، ويصبغ الأحياء فيها بصبغته )وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً((البقرة: من الآية138) إنه المعرفة التي تقتضي العلم بهذا الدين وشرائعه وشعائره وأخلاقه ومواصفاته من خلال مصدريه المحفوظين الكتاب والسنة والفقه فيهما 'من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين' وطلب العلم فريضة على كل مسلم، ومن لم يعرف كان جاهلاً، وماذا ينتظر من جاهل إلا هذه المقولة الشهيرة 'الناس أعداء ما جهلوا'.

إن الأمة اليوم وقد صارت ساحتها من قبل أعدائها.. يتكالبون عليها من كل صوب.. إنما تمر بمحنة مبعثها البعد أو الإبعاد عن كتاب ربها وسنة رسولها.. وليس ثمة سبيل يؤدي بها إلى الخروج منها إلا بالتزام الكتاب والسنة وتربية أجيالها في أجوائها وظلالها.. إيمانًا عميقًا في القلوب.. وفهمًا سديدًا في العقول.. وتطبيقًا صحيحًا من خلال الجوارح على ساحة السلوك والعمل والإنجاز والعطاء.

وقد كان الرعيل الأول الذي تربى حين نزول القرآن، يأخذون الآيات فيحفظونها ويعرفون معانيها ويعملون بها، ثم يعودون ليأخذوا غيرها حتى قال قائلهم: 'فأوتينا الإيمان قبل القرآن، وإن الناس اليوم يقرأ الواحد منهم - ربما - القرآن كله ولا يؤت الإيمان بعد'.

فالتربية تحتاج إلى قوة الإيمان 'والإيمان قول وعمل' كي تتحول المعارف إلى سلوك وقيم وموازين تعيش في الحياة ويحيا بها الناس، وهذا المبدأ عاشته الأمة عارفة قدره، ومنزلته وحاجتها إليه، وغناه عن غيره، وقدرته على إسعاد الأمة وإنهاضها من أي كبوة تعترضها، شهد بذلك غير المسلمين من ذوي الديانات الأخرى، وسجلت الكتب، والموسوعات هذه الشهادات قديمًا وحديثًا.

إن هذا التقدير لهذا المبدأ يجعل الأمة بأفرادها مقترنة به مقتربة إليه، فلا تنساه ولا تتناساه، ولا تستغني عنه، وتحرص على تعلمه وتفهمه، وتوريثه للأجيال، فيعصم ذلك من الخطأ فيه لأنه لا يهمل ولا يتجافى عنه، كما يعصم ذلك أيضًا من الانحراف عنه وعن المساومة عليه، ومن الخديعة بغيره.

على هذه الأسس تقوم الأمم الناهضة، وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة الحرة الكريمة زمنًا طويلاً.

إن كل شعب فقد هذه العوامل الدعائم الأربع أو فقدها قواده ودعاة الإصلاح فيه، فهو شعب عابث مسكين، يحتاج أن يراجع مسيرته، ويعيد ترتيب أوراقه؛ ليضع الأمور في نصابها، قال تعالى )إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ( (الرعد: من الآية11).

وعليه، لا يشك أحد ذو بصر وبصيرة، وعقل وتدبر أن أمتنا تعيش واقعًا أليمًا وعجزًا واضحًا ووضعًا مشينًا أمام ما تتعرض له أجزاء عزيزة من أراضيها، وفئات عزيزة من أبنائها في فلسطين، والعراق، والشيشان، وكشمير، وغيرها، بل تعيش هجمة شرسة على معتقداتها ومقدساتها وثوابتها، وهذا يعود إلى أننا لا نعي حقيقة قول الحق تبارك وتعالى )فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى( (طـه:123-124) فحقيقة، لا مخرج لنا إلا بالعودة إلى إسلامنا العظيم فعلاً قبل القول، تفصيلاً قبل الإجمال، روحًا ونصًا، ففيه عزتنا في الدنيا وسعادتنا في الآخرة، وصدق الحق ـ تبارك وتعالى ـ إذ يقول )قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ( (يوسف:108).


المستشار/ محمد المأمون الهضيبي
المرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة: 27 من ذي القعدة1423هـ
الموافق 30/1/2003م

المصدر