تعطل الحوار يعمق الانقسام

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
تعطل الحوار يعمق الانقسام
مؤتمر الحوار.jpg

بقلم : إياد مسعود

كل المؤشرات تدل على أن الحوار الفلسطيني ما زال يقف عند الجدار المسدود، وأن الأوضاع بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة تزداد انقساماً وتباعداً.

وكل قرار إداري تتخذه السلطة في رام الله، بدعوى صون مصالح الناس، تتخذ حماس ، في قطاع غزة ، قراراً معاكساً له.

فمقابل قرار من رام الله بتعديل يومي العطلة الأسبوعية ليصبحا الجمعة والسبت، أصرت حماس على يومي الخميس والجمعة، ونشرت قوتها التنفيذية عند مدخل الوزارات والإدارات الرسمية لمنع الموظفين من الدوام يوم الخميس.

كذلك أنشأت حماس نيابة عامة خاصة بالقطاع، وفتحت باب التوظيف فيها، بعد أن قرر وزير العدل في حكومة فياض وقف أعمال النيابة العامة (التابعة لوزارته) خوفاً من أن تتعرض لضغوط من حماس تحرفها عن واجباتها القضائية.

كما أعادت حماس إلحاق دائرة الحج والعمرة بوزارة الأوقاف التابعة لحكومة هنية المقالة، بعدما قرر الرئيس عباس تحويل الدائرة إلى هيئة مستقلة.

ويتوقع طالبوا الحج هذا العام تعقيدات في قبول طلباتهم بعدما حصرت حكومة فياض الأمر بالدائرة التابعة لها، والمتواجدة في رام الله، أما الآليات والمركبات فقد فرضت حماس على أصحابها دفع الرسوم السنوية، كما فرضت على أصحاب البضائع المستوردة دفع الرسوم الجمركية وكل ذلك خلافاً لقرار عباس إعفاء هؤلاء من الرسوم لحرمان صندوق حماس من الواردات المالية.

أما على الصعيد السياسي فإن مساحة التباعد بين الطرفين آخذة في الاتساع، يتمثل ذلك في تناوب الطرفين على تعطيل أعمال المجلس التشريعي، ورفض حماس نتائج أعمال المجلس المركزي لمنظمة التحرير بذريعة أنه فاقد الشرعية، ورفضها الاعتراف بشرعية حكومة فياض بذريعة أنها لم تمثل أمام «التشريعي» لنيل الثقة بها.

كذلك ترفض حماس أي حديث عن انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، وأي تعديل لقوانين الانتخابات بمرسوم رئاسي ودون العودة إلى المجلس التشريعي.

أما الإجراء الأكثر إثارة للانتباه فهو إزاحة صور محمود عباس من الدوائر الرسمية في قطاع غزة ، وحلول صور الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة، إلى جانب صور الرئيس الراحل ياسر عرفات .

ويمكن أن تستمر على هذا المنوال في رصد مظاهر تعمق الانقسام بين الجانبين، الأمر الذي يشير إلى أن الأوضاع الفلسطينية تزداد تعقيدا وبالتالي تزداد ضعفا وهشاشة في مواجهة الاستحقاقات والتحديات ومقاومة الضغوط السياسية التي تتعرض لها في علاقاتها الإقليمية والدولية.

فكثير من إجراءات فك الحصار عن السلطة الفلسطينية، تمت على يدي اللجنة الرباعية والجانب الإسرائيلي، بهدف الضغط على رام الله للإبقاء على الانقسام القائم وليس أدل على ذلك من الشرط الإسرائيلي إلى محمود عباس بالعودة إلى الحصار وربما إلى إجراءات أكثر صرامة، إذ ما عاد للتعاون مع حماس . والتعاون هنا لا يقصد به قيام حكومة مشتركة فقط بل وكذلك احتمال العودة إلى طاولة الحوار معها لوضع حد لحالة الانقسام القائمة. وإن مثل هذا الشرط يلقى للأسف لدى بعض أطراف السلطة في رام الله هوى وقبولا، رغم خطورته الفاقعة.

فهو بشكل دعوة صريحة إلى إدامة حالة فلسطينية هي أشبه بالحرب الأهلية، أدواتها الحملات الإعلامية المتبادلة، والاعتقالات والاعتقالات المضادة في كل من الضفة والقطاع، و التضييق المتبادل على حرية الحركة السياسية وحقن النفوس و تجيش الصدور، الأمر الذي يهدد بإنفجارات أمنية،تعيد الحالة الفلسطينية إلى دورات الاقتتال الدموي، وإن شهد القطاع منها ما هو مخيف ومثير للرعب، خاصة بعد أن أسقط الطرفان في لحظة ما، من حساباتهما حرمة الدم الفلسطيني وحرمة اللجوء إلى السلاح لفض الخلافات. ولعل دوام هذه الحالة يلقى أيضا هوى لدى تيارات داخل حماس نفسها.

الخطير إن في الوقت الذي يتوهم فيه كل طرف أن يحقق مكاسب على حساب الطرف الآخر، فإن إلى الخاسر في كل الأحوال يبقى الشعب الفلسطيني.

ففي غزة يزداد البؤس، ولا يشعر المواطن بالأمن والاستقرار ، خاصة في ظل الإحساس بسهولة أن يلجأ الجانب الإسرائيلي إلى إغلاق المعابر وسد المنافذ، وتجويع القطاع، وتعطيل مشاريعه الإنتاجية (على محدوديتها) وشن حرب دموية ضده، في ظل غطاء سياسي لن تتقاعس بعض أطراف «الرباعية » عن توفيره بذريعة أنه يستهدف حماس، وليس قطاع غزة أو الفلسطينيين.

هذا كله يشكل سبباً كافياً للالتفاف نحو المبادرات التي أطلقها رجال القطاع الخاص، وعدد من القوى السياسية (الديمقراطية ـ الشعبية ـ حزب الشعب ـ فدا ـ الجهاد) والبحث في آليات تفعيلها لتشق طريقها وتصبح مقبولة من الطرفين، وبما يعيد الحالة الفلسطينية إلى معالجة قضاياها وخلافاتها إلى طاولة الحوار، ووضع حد لحالة التدهور والانقسام المتزايدين وجسر الهوة خطوة خطوة وصولا لاستعادة الحد الأدنى من الوحدة الداخلية.

وهذا يستوجب على الطرفين (الرئيس عباس و حركة حماس ) أن يقدما ما هو مطلوب منهما من خطوات، لإزالة العقبات أمام استئناف الحوار.

وإذا كان الحوار سيقابل أميركياً وإسرائيلياً، بردود فعل سلبية آنيا، إلا أن الحوار، والوحدة الداخلية، هما الضمانة الوحيدة لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني المهدد، في ظل حالة الانقسام، بالتراجع عشرات السنين إلى الوراء.

المصدر