تاريخ الجمعية التربوية الإسلامية بالغربية ومدارس الجيل المسلم
محتويات
مقدمة
وهب الله البشرية الكثير من المقومات التي يستطيع كل من فيها الاستفادة وجعلها طاقة إيجابية نحو نفسه والمحيطين به أو تتسع لتشمل الإنسانية كلها. وحينما جاء الإسلام وهب أتباعه طاقات ايجابية في كل المجالات يستطيعوا أن يصلحوا البشرية بها إذا أحسنوا استخدامها وتسخيرها وتذليلها للبشرية.
والإخوان المسلمون حلقة من هذه الحلقات الايجابية التي استطاعت أن تنشرها على الإنسانية مع استخدام كافة الوسائل المشروعة والتي تعود بالنفع على الجميع. لقد اهتم الإخوان بالتربية، حيث أدركوا مدى العناية بالنشء منذ الصغر والذي اعتبروه كالنقش على الحجر إذا أحسن النقش.
لقد عمل الإخوان على الاستفادة من كل مقدرات الوطن لتسخيرها في صالح الإنسانية المتلهفة لكل إصلاح يحدث، خاصة في نطاق أولادهم. ومن ثم مثلما رأينا اهتمامهم بالتعليم في بداية ظهور الدعوة استمر هذا الدعم القوي لهذا المجال مع استحداث الوسائل لتلاءم المتغيرات والمستجدات الواقعية.
بداية الفكرة
بعدما تعرضت الجماعة لضربات متتالية في النظام الناصري – والذي حرص بكل السبل على القضاء عليها – خرج الإخوان في السبعينات مدفوعين بالروح الإيمانية التي تربوي عليها، وبالواجبات المنوطة في ربقتهم نحو دينهم ومجتمعهم.
فحرصوا على العناية بالعمل المجتمعي والطلابي والخدمي، حيث أتت الثمار بعد سنوات حاملة نسمات هذا التغيير، في نشأة الجمعية الطبية الإسلامية والجمعية التربوية الإسلامية والتي كانت لها العديد من المدارس في كل مكان لتفاعل المجتمع معها وتأثيرها القوى في العقول وفي النفوس.
لقد حرص الإخوان أن تكون المؤسسات التربوية والتعليمية في البلاد الإسلامية معبرة عنها ومعمقة في نفوس المتعلمين لتخريج أجيال تفهم الإسلام فهما صحيحا.
تأسست الجمعية التربوية الإسلامية بالقاهرة ليتعاون أصحاب الاتجاه الإسلامي من العاملين في المجال التربوي والتعليمي في تنظيم الدعوة وتنمية الفكر التربوي الإسلامي، ومدارسة أساليبه ومشكلاته.
وقد وضعت الجمعية لها بعض الأغراض ومنها:
- دراسة قضايا التربية والتعليم ومشكلاتها من منطق إسلامي.
- تشجيع البحث التربوي الإسلامي وتقديم التسهيلات الممكنة للباحثين.
- القيام بخدمات ثقافية وتربوية وعلمية كإنشاء المكتبات وتنظيم الندوات والمؤتمرات ونشر الأبحاث النافعة وإصدار صحيفة متخصصة.
- الدعوة إلى توفير المناخ الإسلامي في معاهد التعليم.
- الدعوة إلى تكامل عناصر العملية التعليمية بما يحثث أهداف التربية الإسلامية مع الإفادة بأساليب العصر وعلومه.
- الدعوة إلى اهتمام المؤسسات التعليمية بالقرآن الكريم (تلاوة وفهما وحفظا) وبالسنة المطهرة.
- التوجيه الديني للشباب والناشئة وبعث الروح العلمية والعملية التي كان لعلماء السلف فيها باع.
- تنظيم البرامج والدورات لأعضاء الجمعية لتوجيههم علميا وتربويا وإسلاميا.
- التعاون مع الهيئات التربوية والمنظمات المهنية للمعلمين لتحقيق أهداف التربية الإسلامية.
ولتحقيق هذه الأهداف سعت الجمعية للعمل على إنشاء مدارس في كل مكان وذلك لتحقيق الأهداف الإسلامية المنشودة. ولقد تم تشهير الجمعية تحت رقم 2557 في 17 فبراير 1979م وقد رأسها الأستاذ أحمد البس – أحد الرعيل الأول للإخوان – حيث اتسع نطاقها داخل محافظة الغربية وغيرها من الأماكن التي حرص الإخوان على إيجاد منبع تربوي يستقي منه النشء منذ الصغر. (1)
عمل الإخوان على توسيع دائرة نشر المفاهيم التعليمية الصحيحة فانشأوا فروع للجمعية في العديد من الأماكن – وكما ذكرنا – كأن أولها بمحافظة الغربية والتي شهرت تحت رقم 385 بتاريخ 28/ 8/ 1979م، حيث أنشأت ما يقرب من ستة مدارس تحت مسمى مدارس جيل المسلم.
تشتمل على سنوات (حضانة ـ ابتدائي ـ إعدادي ـ ثانوي) وكانت موزعة على العديد من مراكز المحافظة، ففي المحلة (حضانة ـ ابتدائي ـ إعدادي) وكفر الزيات (حضانة ـ ابتدائي) والسنطة (حضانة ـ ابتدائي) وطنطا بنات شارع الحلو (حضانة ـ ابتدائي) وطنطا بنات شارع حسن رضوان (الإعدادية والثانوية) وطنطا بنون شارع الجلاء (الابتدائية والإعدادية والثانوية).
واستطاعت جميع مدارس الجيل المسلم بالغربية الحصول على شهادة الجودة العالمية للتعليم وكل ذلك مسجل في وزارة التربية والتعليم في مصر (2)
في وجه المحن
كان تأثير الإخوان يظهر جلي على فئات المجتمع خاصة حينما أجريت الانتخابات في النقابات وتفاجأ النظام في بداية التسعينات باكتساح الإخوان في معظم النقابات في مصر مما أربك المشهد واتجهت أنظار النظام إلى المعين الذي يفرخ هؤلاء خاصة المعين الأول في المدارس ولذا كانت الهجمة الشرسة من نظام مبارك على الجمعية التربوية الإسلامية ومدارسها والاستيلاء عليها.
ففي عام 2002م قام نظام مبارك ببسط نفوذه على الجمعية التربوية الإسلامية ومدارسها المتمثلة في مدراس الجيل المسلم، وقام بحل مجلس إداراتها وتعيين مجلس إدارة للإشراف عليها من أساتذة جامعة طنطا، فقام مسئولوا الجمعية برفع دعوى قضائية ضد قرار الحل وصدر الحكم لصالحهم.
حيث صدر حكم قضائي عام 2002 بعودة هذه المدارس لإشراف الجمعية التربوية الحديثة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وألزمت المحكمة الجهات المعنية بتنفيذ هذا الحكم، لكنه ظل تسع سنوات حبيس الأدراج حتى اندلعت ثورة 25 يناير وتشكلت حكومة وطنية عملت على تنفيذ الحكم، وأعادت في الأول من مارس 2011، مدارس الجيل المسلم والجمعة التربوية إلى جماعة الإخوان المسلمين (3)
وفي فترة الرئيس مرسي عقدت الجمعية التربوية الإسلامية بالغربية ـ المالكة لمدارس الجيل المسلم ـ مؤتمرًا صحفيًّا ظهر اليوم الأحد بحضور محمد العزباوي – القيادي بجماعة الإخوان المسلمين ورئيس الجمعية التربوية التي تتبعها المدرسة، ومدير المدرسة عبد المنصف غنيم، ونقيب المعلمين بالسنطة وبعض شهود العيان وأهالي الطلاب لشرح تبعات الهجوم على مقر مدرسة الجيل المسلم بالسنطة من قبل بلطجية.
قال مدير المدرسة عبد المنصف غنيم:
- إن أنباءً قد شاعت منذ الخميس الماضي عن حرق مدرسة الجيل المسلم، مما جعله يطلب من مأمور مركز السنطة حمايتها حتى وصلت مظاهرات إلى المدرسة وألقى المتظاهرون الحجارة والمولتوف عليها، كما أطلقوا عليها أعيرة الخرطوش. (4)
وحينما وقع الانقلاب العسكري عام 2013م قامت لجنة مصادرة الأموال بالاستيلاء على الجمعية التربوية ومدارس الجيل، حيث استنكرت الجمعية التربوية الإسلامية بالغربية استيلاء الانقلابيين على مدراس الجيل المسلم التابعة للجمعية وعددها 6 مدارس، وتغيير اسمها إلى "مدارس 30 يونيو"، بزعم ملكية جمعية الإخوان المسلمين لها.
ولقد تقدم مجلس إدارة الجمعية في أغسطس 2015م إلى إبراهيم محلب – رئيس الوزراء – مذكرة يشتكى فيها من إدارة لجنة "مجموعة 30 يونيو" التي شكلتها وزارة التربية والتعليم، للإشراف على مدارس "الجيل المسلم" التابعة للجمعية، وقالت المذكرة التي تم تقديمها في الأيام الأخيرة إن لجنة "مجموعة ٣٠ يونيو"
قررت أن يتولى مديرو مدارس "الجيل المسلم" أمور الصرف والتوقيع على الشيكات، على أن يكون التوقيع الأول لمدير المدرسة والتوقيع الثاني للمسئول المالي لـ"٣٠ يونيو": "وغل يد أمين صندوق الجمعية ورئيسها عن ذلك مما يؤدى إلى عدم مسئولية الجمعية عن حدوث أي عجز في ميزانية المدارس بعد كل الجهد الذي بذله أعضاء مجلس الإدارة المنتخب والحروب التي خاضوها".
وكان محافظ الغربية أصدر قرارا بعزل مجلس إدارة "الجمعية التربوية الإسلامية" القديم، وتم انتخاب ١١ عضوا ليس بينهم من ينتمي لجماعة الإخوان، ويضم عددا من أصحاب الرتب العسكرية بالجيش والشرطة وأساتذة الجامعات ورجال القانون، قبل أن يتم فصل نحو 1200 عضو من أعضاء الجمعية ليصبح عدد الأعضاء ٢٢٥ بدلا من ١٣٥٨، بحسب المذكرة. (5)
وأوضح أبو النصر – وزير التعليم - أنه وفى ضوء اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، من جانب مجلس الوزارة، فإن وزارة التضامن الاجتماعي، سوف تتحفظ على الجمعيات التي تدير مدارس الإخوان وليس المدارس نفسها مثل الجمعية التربوية الإسلامية التي تدير 62 مدرسة من إجمالي 147 مدرسة تمتلكها الجماعة.
أنشطة تربوية
لم تكل الجمعية من استهداف شرائح الطلاب وأولياء الأمور تربويا، ولم تقتصر المدارس على المنهج الدراسي أو التعليم فحسب، بل عملت على الإبداع في الأنشطة التي تصل بالرسالة التربوية إلى فئات الطلاب وأولياء أمورهم.
فقد اختتمت مدرسة الجيل المسلم بالحلو للبنات التابعة لإدارة شرق طنطا التعليمية محافظة الغربية مساء يوم الثلاثاء 5 فبراير 2013م فعاليات المهرجان الفني والإبداعي الذي تقيمه المدرسة للبنات سنويا، بإشراف الجمعية التربوية الإسلامية صاحبة مدارس الجيل المسلم.
وصرح سامي سمك مدير المدرسة أن إدارة المهرجان عاهدت المدارس على تفعيله سنويا، ويستهدف العمل على إبراز أهمية النشاط المدرسي لدى الطالبات وتنمية المواهب واستثمار طاقة المواهب وكيفية استثمار أوقات الفراغ والتركيز على التواصل بين البيت والمدرسة.
شارك في المهرجان العديد من القيادات التربوية والتعليمية وسامي سمك مدير المدرسة ولاشين أبو شنب من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين، ومؤسس الجمعية التربوية الإسلامية صاحبة المدارس. (6)
اثر الجمعية التربوية ومدارسها في المجتمع
على مدار ما يقرب من 35 عاما كانت بصمات الجمعية ومدارسها واضح في المجتمع وعلى الأجيال التي تخرجت منها سواء علميا أو تربويا، وتحقق ما تحدث عنه د. إبراهيم الزعفراني حول أهداف الجمعية حيث قال: الجمعية التربوية الإسلامية وكان على رأس مؤسسيها الحاج أحمد البس، ولقد ركزت عملها في تشجيع الإخوان على إنشاء المدارس الإسلامية في محافظات مصر المختلفة، إيمانا بأهمية التعليم وجودته في بلد يسعى للتقدم والرقى. (7)
ومن أثر هذه الجمعية في الناس ما يحاول بعض الكارهين للحركات الإسلامية ترويجه في حق هذه المدارس، إلا أن شهادة تدل على حقيقة تأثير هذه المدارس في النشء، فيقول الأستاذ عبدالحفيظ طايل - مدير مركز الحق في التعليم- أن مدارس الإخوان المسلمين تعتمد في دراستها على التركيز في بيئة التعلم
وليس مناهج التعليم التي أقرتها الوزارة، فمثلا تفرض إدارة المدرسة على المعلمين والمعلمات الاعتكاف في رمضان، وتفرض على المعلمات الحجاب أو النقاب كشرط لقبولها في المدرسة، وترسخ ثقافة أحادية النوع الاجتماعي عن طريق الفصل التام بين البنين والبنات
وإجبار الطلاب على ترديد الأناشيد الصباحية التي لا تدعو للانتماء للدولة المصرية، والحصص التي تفرضها المدرسة لتعليم الأناشيد التي تحث على الجهاد، كل هذه الأمور تؤثر على أفكار الطلاب وتخلق صورة ذهنية أن من لا يمارس تلك السلوكيات، لا يمارس الدين الإسلامي، ومع مرور الزمن تصبح الأجيال القادمة منتمية بشكل غير مباشر لجماعة الإخوان المسلمين من حيث الأفكار والسلوكيات. (8)
ويتحدث بعض طلاب المدارس وتأثيرها عليه –وهو إسلام شاهين - فيعبر عن فرحته بعودتها بعد الثورة فيقول:
- كنت في غاية السعادة اليوم عندما رأيت الشعار الخاص بهذه المؤسسة العظيمة يعود مرة أخرى للظهور على أتوبيسات الجمعية بعد غياب سنوات طويلة بسبب النظام الظالم من الممكن أن يسألني البعض عن سبب سعادتي بهذا الحدث
- و بعبارة بسيطة أستطيع الرد بأني من الذين تشرفوا بالانتماء لهذه المؤسسة في البداية فقط أريد أن أعرفكم بالجمعية التربوية كما عرفتها فهي مؤسسة تربوية تنموية تنتمي لها بالطبع مدارس الجيل المسلم و أنا أحد خريجي مدرسة الجيل المسلم بطنطا تربيت فيها منذ كنت رضيعا وحتى تخرجت من الثانوية العامة إلى كلية الصيدلة
- أردت فقط أن أعبر عن سعادتي برؤية هذا الشعار بكتابة هذه الكلمات و الحمد لله على رجوع الجمعية إلى أصحابها وأتمنى من الله أن تعود مدارس الجيل المسلم لتخرج لنا المتفوقين علميا وأخلاقيا. (9)
ويرد عليه أخر (حسام) فيقول:
- أولا أهنئك على هذا الحدث السعيد ،قد تكون تهنئة غريبة و لكنني أعتقد بشدة أن كل ما يحدث في حياة الإنسان من أحداث تصيبه بالسعادة فهي تستحق وتستوجب التهنئة.
- ورغم تحفظاتي الكثيرة على جماعة الإخوان إلا أن ما سمعته منك و من زميلتنا العزيزة خريجة تلك المدارس و من بعض من يعرفون أو ارتادوا فرعها بالمنوفية يجعلني اعتبر رجوع تلك المدرسة لإدارتها السابقة يعتبر نصرا للثورة في مجال محاربة الفساد و الحفاظ على التعليم.
- أرجو من الله أن تستمر تلك المؤسسة الضخمة في صنع و تربية أجيال جديدة من النشء المسلم و أن يخرج منها شخصيات متفردة مثل حضرتك و الزميلة العزيزة. (10)
التأثير التربوي الذي أحدثته الجمعية التربوية وشقيقاتها في الشارع المصري على مدار سنوات كثيرة كان له أثره على المجتمع في سلوكياته وأخلاقياته، وانتماءه للوطن والعمل على دحر الفساد، وسمو الأخلاق العملية، والإتقان في العمل.
المراجع
- مجلة الدعوة: أبريل 1979م، صـ 59
- نافذة مصر: محمد حمدي، 15/3/2014م.
- الأهرام: محمد علي، تنفيذ حكم عودة مدارس "الجيل المسلم" بالغربية لإشراف الإخوان، 1/ 3/ 2011م
- محمد ربيع: الموجز، الجمعية التربوية بالغربية تتهم قيادات الوطني بحرق مدرسة الجيل المسلم، 17/ 2/ 2012م
- الشروق: علاء شبل، "الجمعية التربوية» تشكو لمحلب غل يدها عن إدارة مدارس «الجيل المسلم» : الأحد 23 أغسطس 2015م
- بوابة أخبار التعليم: مدرسة "الجيل المسلم" تختتم فعاليات مهرجانها السنوي، الثلاثاء : 5 فبراير 2013م.
- إبراهيم الزعفراني: موقع الإسلاميون، 18/12/2016م
- يوم دراسي في مدرسة إخوانية: الشروق الجديد، 12 / 3/ 2013م
- مدونة عايز أكون: 4/ 3/ 2011م
- مدونة عايز أكون: 5/ 4/ 2011م