بقية تبليغ الرسول للدعوة علي أتم وجه
بقلم:سعيد حوى
محتويات
- ١ مقدمة
- ٢ أ- دعوته - صلى الله عليه وسلم - الناس للاجتماع من أجل أن يبلغهم :
- ٣ ب – ذهابه - r- إلى أماكن تجمع الناس وتبليغهم دعوة الله :
- ٤ ج) رحلته - r - من أجل التبليغ :
- ٥ د) تكليفه - r- من أسلم تبليغ من لم يسلم :
- ٦ و) إرساله - r - الرسل والرسائل لتبليغ الملوك والأمراء :
- ٧ وأخرج البيهقي نص رسالة الرسول - r - إلى أهل نجران وهي :
- ٨ المصدر
مقدمة
هذه الصفحة مننمة للمقال الرسول وتبليغه الكامل للدعوة
نماذج النوع الثاني : الطرق التي سلكها - r - لإيصال دعوة الله إلى الناس .
أ- دعوته - صلى الله عليه وسلم - الناس للاجتماع من أجل أن يبلغهم :
... أخرج أحمد عن ابن عباس قال : " لما أنزل الله {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}(3) أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصفا فصعد عليه ثم نادى : يا صباحاه فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله فقال رسول الله : يا بني عبد المطلب يا بني فهر يا بني كعب أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني ؟ قالوا : نعم . قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم أما دعوتنا إلا لهذا ؟ وأنزل الله {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}(4) .
ب – ذهابه - r- إلى أماكن تجمع الناس وتبليغهم دعوة الله :
... أخرج أحمد عن رجل من بني مالك بن كنانة قال : " رأيت رسول الله - r- بسوق ذي المجاز يتخللها يقول : " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " قال وأبو جهل يحثي عليه التراب ويقول لا يغوينكم هذا عن دينكم فإنما يريد لتتركوا آلهتكم وتتركوا اللات والعزى وما يتلفت إليه رسول الله " .
... وأخرج أحمد عن ربيعة بن عباد من بني الديل وكان جاهلياً فأسلم قال : " رأيت رسول الله في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول : " يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " والناس يجتمعون عليه ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين يقول إنه صابئ كاذب يتبعه حيث ذهب ، فسألت عنه فقالوا : هذا عمه أبو لهب
... وأخرج البخاري في التاريخ وأبو زرعة والبغوي وابن أبي عاصم والطبراني عن الحارث ابن الحارث الغامدي قال :
... " قلت لأبي ونحن بمنى ما هذه الجماعة ؟ قال : هؤلاء اجتمعوا على صابئ لهم قال : فتشرفت فإذا برسول الله يدعو الناس إلى توحيد الله وهم يردون عليه الحديث " .
... وأخرج الطبراني عن مدرك قال : حججت مع أبي فلما نزلنا منى إذا نحن بجماعة فقلت لأبي : ما هذه الجماعة ؟ قال : هذا الصابئ ، فإذا رسول الله - r - يقول : يا أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا " قال الهيثمي ( ج6 ص21 ) ورجاله ثقات .
... وأخرج ابن إسحاق عن الزهري : " أنه عليه الصلاة والسلام أتى كندة في منازلهم وفيهم سيد لهم يقال له مليح فدعاهم إلى الله – عز وجل – وعرض عليهم نفسه فأبوا عليه " .
... وعن محمد بن عبد الرحمن بن حصين : " أنه ( أي رسول الله ) أتى كلباً في منازلهم إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبد الله فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه ، حتى إنه ليقول : يا بني عبد الله إن الله قد أحسن اسم أبيكم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم " .
... وفي البداية عن عبد الله بن كعب بن مالك : " أن رسول الله أتى بني حنيفة في منازلهم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فلم يك أحد من العرب أقبح رداً عليه منهم " .
... وعن ابن إسحاق عن الزهري : " أنه ( أي رسول الله ) أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم يقال له بحيرة بن فراس : والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ، ثم قال له : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء . فقال له : أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك ؛ فأبوا عليه . فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كان أدركه السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم الموسم . فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم .
فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا : جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا . فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال : يا بني عامر ! هل لها من تلاف ؟
هل لذناباها من مطلب ؟ والذي نفس فلان بيده ما تقوّلها إسماعيلي قط ، وإنها الحق فأين رأيكم كان عنكم ؟ " .
... وأخرج الحافظ أبو نعيم عن العباس – t – قال : " قال لي رسول الله - r - : لا أرى لي عندك ولا عند أخيك منعة فهل أنت مخرجي إلى السوق غداً حتى نقر في منازل قبائل الناس وكانت مجمع العرب . قال فقلت : هذه كندة ولفها وهي أفضل من يحج البيت من اليمن ، وهذه منازل بكر بن وائل ، وهذه منازل بني عامر بن صعصعة ، فاختر لنفسك ؟ قال فبدأ بكندة فأتاهم فقال : ممن القوم ؟ قالوا : من أهل اليمن . قال : من أي اليمن ؟ قالوا : من كندة . قال : من أي كندة ؟ قالوا : من بني عمرو بن معاوية ، قال : فهل لكم إلى خير ؟ قالوا : ما هو ؟ قال : تشهدون أن لا إله إلا الله ، وتقيمون الصلاة وتؤمنون بما جاء من عند الله . قال عبد الله بن الأجلح : وحدثني أبي عن أشياخ قومه أن كندة قالت له : إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك ؟ فقال رسول الله - r - : إن الملك لله يجعله حيث يشاء . فقالوا : لا حاجة لنا فيما جئتنا به " .
... وقال الكلبي : " فقالوا أجئتنا لتصدنا عن آلهتنا وننابذ العرب . الحق بقومك فلا حاجة لنا بذلك . فانصرف من عنده فأتى بكر بن وائل فقال : ممن القوم ؟ قالوا : من بكر بن وائل . فقال : من أي بكر بن وائل ؟ قالوا : من بني قيس بن ثعلبة . قال : كيف العدد ؟ قالوا : كثير مثل الثرى . قال : فكيف المنعة ؟ قالوا : لا منعة جاورنا فارس فنحن لا نمتنع منهم ولا نجير عليهم . قال : فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم ، وتستنكحوا نساءهم ، وتستعبدوا أبناءهم أن تسبحوا الله ثلاثاً وثلاثين ، وتحمدوه ثلاثاً وثلاثين ، وتكبروه أربعاً وثلاثين . قالوا : من أنت ؟ قال : أنا رسول الله . ثم انطلق فلما ولى عنهم قال الكلبي : وكان عمه أبو لهب يتبعه فيقول للناس : لا تقبلوا قوله ، ثم مر أبو لهب فقالوا : هل تعرف هذا الرجل ؟ قال : نعم ، هذا في الذروة منا فعن أي شأنه تسألون ؟ فأخبروه بما دعاهم إليه وقالوا : زعم أنه رسول الله . قال : ألا لا ترفعوا برأسه قولاً فإنه مجنون يهذي من أم رأسه . قالوا : قد رأينا ذلك حين ذكر من أمر فارس ما ذكره " .
ج) رحلته - r - من أجل التبليغ :
... أخرج الطبراني عن عبد الله بن جعفر قال : " لما توفي أبو طالب خرج النبي إلى الطائف ماشياً على قدميه يدعوه إلى الإسلام فلم يجيبوه فأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال : اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ! أنت أرحم الراحمين ، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري ؟ إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي غير أن عافيتك أوسع لي . أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
د) تكليفه - r- من أسلم تبليغ من لم يسلم :
... أخرج ابن أبي عاصم عن الأحنف بن قيس قال : " بينما أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان إذ أخذ رجل من بني ليث بيدي فقال : ألا أبشرك ؟ قلت : بلى ، قال : أتذكر إذ بعثني رسول الله إلى قومك فجعلت أعرض عليهم الإسلام وأدعوهم إليه فقلت أنت : إنك لتدعونا إلى خير وتأمر به ، وإنه ليدعو إلى الخير . فبلغ ذلك النبي فقال : اللهم اغفر للأحنف " .
... وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال : " دعا النبي - r - عبد الرحمن بن عوف فقال : تجهز فإني باعثك في سرية – فذكر الحديث – وفيه : فخرج عبد الرحمن حتى لحق بأصحابه فسار حتى قدم دومة الجندل فلما دخلها دعاهم إلى الإسلام ثلاثة أيام فلما كان اليوم الثالث أسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي وكان نصرانياً ، وكان رأسهم فكتب عبد الرحمن – مع رجل من جهينة يقال له رافع بن مكيث – إلى النبي يخبره فكتب إليه النبي أن تزوج ابنة الأصبغ فتزوجها وهي تماضر التي ولدت له بعد ذلك أبا سلمة بن عبد الرحمن " .
... وأخرج ابن إسحاق عن محمد بن عبد الرحمن التميمي قال : " بعث رسول الله عمرو بن العاص يستنفر العرب إلى الإسلام ، وذلك أن أم العاص بن وائل كانت من بني بلى ، فبعثه رسول الله إليهم يتألفهم بذلك " .
... وأخرج البيهقي عن البراء " أن رسول الله - r- بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام . قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه . ثم إن رسول الله - r - بعث علي بن أبي طالب – t – وأمره أن يقفل خالداً إلا رجلاً كان ممن مع خالد ، فأحب أن يعقب مع علي فليعقب معه . قال البراء : فكنت فيمن عقب مع علي . فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ثم تقدم . فصلى بنا علي صفاً صفاً واحداً ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله - r - فأسلمت همدان جميعاً ، فكتب علي إلى رسول الله - r - بإسلامهم . فلما قرأ رسول الله - r - الكتاب خر ساجداً ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان !!! السلام على همدان " .
أخرج أبو نعيم في الحلية عن عروة بن الزبير – t – " أن الأنصار لما سمعوا من رسول الله - r - قوله وأيقنوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته فصدقوه وآمنوا به – كانوا من أسباب الخير وواعدوه الموسم من العام المقبل فرجعوا إلى قومهم – بعثوا إلى رسول الله - r- أن ابعث إلينا رجلاً من قبلك فيدعو الناس إلى كتاب الله فإنه أدنى أن يتبع فبعث إليهم رسول الله - r - مصعب بن عمير – t – أخا بني عبد الدار ، فنزل بني غنم على أسعد بن زرارة يحدثهم ويقص عليهم القرآن فلم يزل مصعب عند سعد بن معاذ يدعو ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة ، وأسلم أشرافهم ، وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم . ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله - r- وكان يدعى المقرئ " .
... وروى الطبراني في الكبير عن بكير بن معروف عن علقمة ... عن رسول الله - r - قال : " ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم ، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون ، والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم ، وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون ، أو لأعاجلنهم العقوبة " .
... ثم نزل فقال قوم : من ترونه عنى بهؤلاء ؟ قال : الأشعريين ، هم قوم فقهاء ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب . فبلغ ذلك الأشعريين فأتوا رسول الله - r - وقالوا : يا رسول الله ! ذكرت قوماً بخير وذكرتنا بشر فما بالنا فقال : " ليعلمن قوم جيرانهم وليعظنهم وليأمرنهم ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا " فقالوا : يا رسول الله ! أنعظن غيرنا ؟ فأعاد قوله عليهم فأعادوا قولهم : أنعظن غيرنا ؟ فقال ذلك أيضاً ، فقالوا : أمهلنا سنة فأمهلهم سنة يفقهوهم ويعلموهم ويعظوهم ثم قرأ رسول الله - r - هذه الآية : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي? إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذالِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ}(5) .
و) إرساله - r - الرسل والرسائل لتبليغ الملوك والأمراء :
... أخرج البيهقي عن ابن إسحاق قال : بعث رسول الله - r - عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه وكتب معه كتاباً :
... " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة ، السلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى ، فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخه ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والمولاة على طاعته ، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني فإني رسول الله ، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً ومعه نفر من المسلمين فإذا جاءوك فأقرهم ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وبلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى " .
... وأخرج البخاري عن ابن عباس حديث أبي سفيان مع هرقل وفيه نص رسالة رسول الله إليه وهذا نصها : " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ! سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيين ، {قُلْ ياأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}(6) .
... وأخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق نص رسالة رسول الله - r - إلى كسرى وهي : " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ! سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، أدعوك بدعاء الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ؛ لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ، فإن تسلم تسلم وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك " .
وأخرج البيهقي نص رسالة الرسول - r - إلى أهل نجران وهي :
... " بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران ! سلم أنتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب أما بعد ! فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد وأدعوك إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام " .
... وقد أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام رسائل مشابهة إلى المقوقس وإلى ملك اليمامة وإلى المنذر بن ساوة عظيم البحرين وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني وإلى الحارث بن عبد كلال الحميري وإلى ملكي عمان ابني الجلندي وغيرهم .
... هذه نماذج من عملية التبليغ عند رسول الله - r - تعطيك صورة مبسطة عن قيامه بتبليغ أمر الله ودينه وشريعته ، واستفياء هذا الموضوع حقه يحتاج إلى مجلد ضخم على الأقل . إذ إن رسول الله خلال ثلاثة وعشرين عاماً بعد النبوة ، لم يهدأ ولم يسترح ولم يفوّت فرصة يستطيع بها أن يبلغ ، بالاتصال الشخصي والعرض الجماعي ، وفي السفر والحضر وبنفسه وأتباعه وبالمشافهة والخطاب ، ثم عمم الأمر على أمته جميعاً بأن أوجب عليهم البلاغ أنه عليه الصلاة والسلام لم يمت إلا والجزيرة العربية كلها مستجيبة لأمر الله ، وأكبر الدول المجاورة للجزيرة العربية قد بلغتها الدعوة ولم يمض عصر الخلفاء الراشدين إلا وكان أكثر العالم المعروف وقتذاك قد بلغته الدعوة ، فمن مستجيب ومن معرض قامت عليه الحجة فأصر على الكفر عناداً ، وما من إنسان يستطيع أن يتصور مثل هذا الحماس للتبليغ المنقطع النظير يمكن أن يكون إلا وليد اقتناع كامل بصدق الدعوة والداعية ، وما كان الداعية ليعطي هذا الحماس لأتباعه ، لو لم يكن هو في أعلى حالات الصدق والقيام بالواجب والشعور بالمسؤولية أمام الله .
... إن تاريخ العام كله لا يقص علينا ، أن أحداً استوعبت دعوته من قبل الآخرين في حياته كما حدث لرسول الله - r - الذي لم يمت إلا وعشرات الآلاف من أتباعه يحفظون من الكتاب المنزل عليه الكثير ، ومن أحاديثه وتعاليمه الكثير الكبير ، ثم حفظت نصوص تعاليمه حرفياً لكل الأجيال الآتية من بعد . لأنها كلها مكلفة باتباعه ومحاسبة أمام الله إن لم تتبعه بعد البلاغ . أما من لم تبلغه دعوته فقد اقتضت رحمة الله ألا يعتبر مسؤولاً ، وكلن عملياً – وذلك كله من آثار قيام الرسول - r- بواجب التبليغ – لم يبق أحد منذ زمن بعيد إلا في النادر لم تبلغه دعوة رسول الله ، وأنت ترى الآن الدعاة إلى الله على صراط رسول الله منتشرين في العالم كله ، لقد قام رسول الله بعملية التبليغ حق القيام ، وكما رأيت فإن كل موقف من مواقفه فيها ما يجعلك على برد اليقين ، بأن هذه المواقف ما كانت لتكون ، لولا أن رسول الله محمداً صادق في دعوى الرسالة عن الله .
... فإلى الصفة الأساسية الرابعة للتبليغ وجوهر الرسالة عن الله وهي العقل العظيم والفطانة لترى أن لرسول الله rالحظ الأعلى منها :
سعيد حوا
فهرس براهين سعيد حوى
(1) فصلت : 26
(2) المدثر : 31 .
(3) الشعراء : 214 .
(4) المسد : 1 .
(5) المائدة 78 ، 79 .
(6) آل عمران :
المصدر
- مقال:بقية تبليغ الرسول للدعوة علي أتم وجه موقع : برهانكم