بقية بشارات رحمة الله الهندي
بقلم:الشيخ سعيد حوى
محتويات
مقدمة
هذه الصفحة متممة لـ ملخص بشارات إظهار الحق
البشارة الثامنة عشرة :
وهذه البشارة واقعة في آخر أبواب إنجيل يوحنا وأنا أنقل عن التراجم العربية المطبوعة سنة 1821 وسنة 1831 وسنة 1844 في بلدة لندن فأقول في الباب الرابع عشرة من إنجيل يوحنا هكذا :
15 ( إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي وأنا أطلب من الأب فيعطيكم فارقليط آخر ليثبت معكم إلى الأبد روح الحق الذي لن يطيق العالم أن يقبله لأنه ليس يراه ولا يعرفه وأنتم تعرفونه لأنه مقيم عندكم وهو ثابت فيكم ) 26 ( والفارقليط روح القدس الذي يرسله الأب باسمي وهو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلته لكم ) 30 ( والآن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون ) ...
وفي الباب السادس عشر من إنجيل يوحنا هكذا : 7 ( لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق لأني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم ) 8 ( فإذا جاء ذلك فهو يوبخ العالم على خطية وعلى بر وعلى حكم ) 9 ( أما على الخطية فلأنهم لم يؤمنوا بي ) 10 ( وأما على البر فلأني منطلق إلى الأب ولستم ترونني بعد ) 11 ( وأما على الحكم فإن أركون هذا العالم قد دين ) 12 ( وأن لي كلاماً كثيراً أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن ) 13 ( وإذا جاء روح الحق ذلك فهو يعلمكم جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع ويخبركم بما سيأتي ) 14 ( وهو يمجدني لأنه يأخذ مما هو لي ويخبركم ) ..
وأنا أقدم قبل بيان وجه الاستدلال بهذه العبارات أمرين :
الأمر الأول : أنك قد عرفت في الأمر السابع أن أهل الكتاب سلفاً وخلفاً عاداتهم أن يترجموا غالباً الأسماء وأن عيسى u كان يتكلم باللسان العبراني لا باليوناني ، فإذاً لا يبقى شك في أن الإنجيل الرابع ( إنجيل يوحنا ) ترجم اسم المبشر به باليوناني بحسب عادتهم ، ثم مترجموا العربية عرّبوا اللفظ اليوناني بفارقليط ( البارقليط - الباراكليتوس ) وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته وكانت في تحقيق لفظ فارقليط وادعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبه المسلمين على سبب وقوعهم في الغلط من لفظ فارقليط وكان ملخص كلامه : إن هذا اللفظ معرب من اللفظ اليوناني فإن قلنا ( إن هذا اللفظ يوناني الأصل باراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل ، وإن قلنا إن اللفظ الأصل بيركلوطوس يكون قريباً من معنى محمد وأحمد ، فمن استدل من علماء الإسلام بهذه البشارة فهم أن اللفظ الأصل بيركلوطوس ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد فادعى أن عيسى u أخبر بمحمد أو أحمد لكن الصحيح أنه باراكلي طوس ، انتهى ملخصاً من كلامه فأقول :
إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة فتبدل بيركلوطوس بـ باركلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس ثم رجع أهل التثليث المنكرين هذه النسخة على النسخ الآخر ومَن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب والأمر السابع من هذا المسلك السادس بنظر الإنصاف ، اعتقد يقيناً بأن مثل هذا الأمر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس ببعيد بل لا يبعد أن يكون من المستحسنات والأمر الثاني أن البعض ادعوا قبل ظهور محمد r أنهم مصاديق لفظ فارقليط مثلاً منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلاد ، وكان مرتاضاً شديداً واتقى عهده ، دعى في قرب سنة 177 من الميلاد في آسيا الصغرى الرسالة وقال إن هو الفارقليط الموعود به الذي وعد بمجيئه عيسى u وتبعه أناس كثيرون ، ذلك كما هو مذكور في بعض التواريخ ، وذكر وليم ميور حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان أردو المطبوع سنة 1848 من الميلاد هكذا :
... ( أن البعض قالوا إنه ادعى أني فارقليط يعني المعزي روح القدس وهو كان أتقى ومرتاضاً شديداً ولأجل ذلك قبله الناس قبولاً زائداً ) .
انتهى كلامه .. فعلم أن انتظار فارقليط كان في القرون الأولى المسيحية أيضاً ، ولذلك كان الناس يدعون أنهم مصاديقه وكان المسيحيون يقبلون دعاويهم وقال صاحب لب التواريخ :
" إن اليهود والمسيحيين من معاصري محمد - r - كانوا منتظرين لنبي فحصل لمحمد من هذا الأمر نفع عظيم لأنه ادعى أني هو ذاك المنتظر . انتهى ملخص كلامه " .
... فيعلم من كلامه أيضاً أن أهل الكتاب كانوا منتظرين لخروج نبي في زمان النبي - r - وهو الحق لأن النجاشي ملك الحبشة لما وصل إليه كتاب محمد - r- ( فقال أشهد بالله أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب ) وكتب في الجواب ( أشهد أنك رسول الله صادقاً ومصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك ، ( أي جعفر بن أبي طالب ) وأسلمت على يديه لله رب العالمين ) .
... وهذا النجاشي قبل الإسلام كان نصرانياً ، وكتب المقوقس ملك القبط في جواب كتاب النبي - r - هكذا : ( لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك .
... أما بعد ..
... " فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت نبياً قد بقي وقد كت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك .
... والمقوقس هذا وإن لم يسلم لكنه أقر في كتابه أني قد علمت أن نبياً بقي وكان نصرانياً . فهذان الملكان ما كانا يخافان في ذلك الوقت من محمد - r - لأجل شوكته الدنيوية ؛ وجاء الجارود بن العلاء في قومه إلى رسول الله - r - فقال : " والله لقد جئتَ بالحق ونطقتَ بالصدق والذي بعثك بالحق نبياً لقد وجدت وصفك في الإنجيل وبشر بك ابن البتول فطول التحية لك والشكر لمن أكرمك لا أثر بعد عين ولا شك بعد يقين ، مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله ثم آمن قومه " .
... وهذا الجارود كان من علماء النصارى وقد أقر بأنه قد بشّر بك ابن البتول أي عيسى u فظهر أن المسيحيين أيضاً كانوا منتظرين لخروج نبي بشّر به عيسى u .
... فإذا علمت ذلك فأقول إن اللفظ العبراني الذي قاله عيسى u مفقود واللفظ اليوناني الموجود ترجمة لكني أترك البحث عن الأصل ، وأتكلم عن هذا اللفظ اليوناني وأقول : إن كان اللفظ اليوناني الأصل بيركلوطوس فالأمر ظاهر وتكون بشارة المسيح في حق محمد - r - بلفظ قريب من محمد وأحمد وهذا وإن كان قريب القياس بلحاظ عاداتهم لكني أترك هذا الاحتمال لأنه لا يتم عليهم إلزاماً ، وأقول إن كان اللفظ اليوناني الأصل باراكلي طوس كما يدعون فهذا لا ينافي الاستدلال أيضاً لأن معناه المعزي والمعين والوكيل على ما بين صاحب الرسالة أو الشافع كما يوجد في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816 وهذه المعاني كلها تصدق على محمد - r - وأنا أبيّن الآن أولاً أن المراد بفارقليط النبي المبشر به أعني محمداً - r- لا الروح النازل على تلاميذ عيسى u يوم الدار الذي جاء ذكره في الباب الثاني من كتاب الأعمال وأذكر ثانياً شبهات العلماء المسيحية وأجيب عنها فأقول : أما الأول فيدل عليه أمور :
... (1) أن عيسى u قال : " أولاً إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي " ، ثم أخبر عن فارقليط ، فمقصوده u أن يعتقد السامعون بأن ما يلقى عليهم بعد ضروري واجب الرعاية ، فلو كان فارقليط عبارة عن الروح النازل يوم الدار لما كانت الحاجة إلى هذه الفقرة لأنه ما كان مظنوناً أن يستبعد الحواريون نزول الروح عليهم مرة أخرى لأنهم كانوا مستفيضين به من قبل أيضاً ، بل لا مجال للاستبعاد أيضاً لأنه إذا نزل على قلب أحد وحلّ فيه يظهر أثره لا محالة ظهوراً بيّناً ، فلا يتصور إنكار المتأثر منه وليس ظهوره عندهم في صورة يكون فيه مظنة يكون الاستعباد فهو عبارة عن النبي المبشر به .
فحقيقة الأمر أن المسيح u لما علم بالتجربة وبنور النبوة أن الكثيرين من أمته ينكرون النبي المبشر به عند ظهوره فأكد أولاً بهذه الفقرة ثم أخبر عن مجيئه .
... (2) أن هذا الروح على زعمهم متحد بالأب مطلقاً وبالابن نظراً إلى لاهوته اتحاداً حقيقياً فلا يصدق في حقه ( فارقليط آخر ) بخلاف النبي المبشر به فإنه يصدق هذا القول في حقه بلا تكلف .
... (3) أن الوكالة والشفاعة من خواص النبوة لا من خواص هذا الروح المتحد بالله ( على زعمهم ) فلا يصدقان على الورح ويصدقان على النبي المبشر به بلا تكلف .
... (4) أن عيسى u قال : " هو يذكركم كل ما قلته لكم " ولم يثبت من رسالة من رسائل العهد الجديد أن الحواريين كانوا قد نسوا ما قاله عيسى u وهذا الروح النازل يوم الدار ذكّرهم إياه .
... (5) أن عيسى u قال : " والآن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون " . وهذا يدل على أن المراد به ليس الروح لأنك قد عرفت في الأمر الأول أنه ما كان عدم الإيمان مظنوناً بهم وقت نزوله بل لا مجال للاستبعاد أيضاً فلا حاجة إلى هذا القول ، فلو أردنا به النبي المبشر به يكون هذا الكلام في محله وفي غاية الاستحسان لأجل التأكيد مرة ثانية .
.. (6) أن عيسى u قال : " هو يشهد لأجلي " وهذا الروح ما شهد لأجله بين يدي أحد لأن تلاميذه الذين نزل عليهم ما كانوا محتاجين إلى الشهادة لأنهم كانوا يعرفون المسيح حق المعرفة قبل نزوله أيضاً فلا فائدة للشهادة بين أيديهم والمنكرون الذين كانوا محتاجين للشهادة فهذا الروح ما شهد بين أيديهم ، بخلاف محمد - r - فإنه شهد لأجل المسيح uوصدّقه وبرّأه عن ادعاء الألوهية الذي هو أشد أنواع الكفر والضلال وبرأ أمه عن تهمة الزنا وجاء ذكر براءتهما في القرآن في مواضع متعددة وفي الأحاديث في مواضع غير محصورة .
... (7) أن عيسى u قال : " وأنتم تشهدون لأنكم معي من الابتداء وهذه الآية في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816 هكذا ( وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم كنتم معي من الابتداء ) وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860 هكذا : ( وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء ) .
فيوجد في هذه التراجم الثلاث لفظ أيضاً وكذا يوجد في التراجم الفارسية المطبوعة سنة 1816 وسنة 1828 وسنة 1841 وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1814 ترجمة لفظ أيضاً فلفظ أيضاً سقط من التراجم التي نقلت عنها عبارة يوحنا سهواً وقصداً ، فهذا القول يدل دلالة ظاهرة على أن شهادة الحواريين غير شهادة فارقليط ، فلو كان المراد به الروح النازل يوم الدار فلا توجد مغايرة الشهادتين لأن الروح المذكور لم يشهد شهادة مستقلة غير شهادة الحواريين بل شهادة الحواريين هي شهادته بعينها . فلا يصح هذا القول بخلاف ما إذا كان المراد به النبي المبشر به فإن شهادته غير شهادة الحواريين .
... (8) أن عيسى u قال : ( إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم ) .
... فعلق مجيئه بذهابه وهذا الروح عندهم نزل على الحواريين في حضوره لما أرسلهم إلى البلاد الإسرائيلية فنزوله ليس بمشروط بذهابه فلا يكون مراداً بفارقليط ، بل المراد به شخص لم يستفض منه أحد من الحواريين قبل زمان صعوده وكان مجيئه موقوفاً على ذهاب عيسى u ، ومحمد - r - كان كذلك لأنه جاء بعد ذهاب عيسى u وكان مجيئه موقوفاً على ذهاب عيسى u لأن وجود رسولين ذوي شريعتين مستقلتين في زمان واحد غير جائز بخلاف ما إذا كان الآخر متبعاً لشريعة الأول أ يكون كل من الرسل متبعاً لشريعة واحدة لأنه يجوز في هذه الصورة وجود اثنين أو أكثر في زمان واحد ومكان واحد كما ثبت وجودهم ما بين زمان موسى u وعيسى u.
... (9) أن عيسى u قال : " يوبخ العالم " فهذا القول بمنزلة النص الجلي لمحمد - r- لأنه وبخ العالم سيما اليهود على عدم إيمانهم بعيسى u توبيخاً لا يشك فيه إلا معاند بحت ، وبخلاف الروح النازل يوم الدار فإن توبيخه لا يصح على أصول أحد ، وما كان التوبيخ منصب الحواريين بعد نزولة أيضاً لأنهم كانوا يدعون إلى الملة بالترغيب والوعظ وما قال رانكين في كتابه المسمى بدافع البهتان الذي هو بلسان أردو في رده على خلاصة صولة الضيغم " إن لفظ التوبيخ لا يوجد في الإنجيل ولا في ترجمة من تراجم الإنجيل ، وهذا المستدل أورد هذا اللفظ ليصدق على محمد صدقاً بيناً لأجل أن محمداً - r - وبخ وهدد كثيراً إلا أن مثل هذا التغليظ ليس من شأن المؤمنين والخائفين من الله " . انته كلامه ؛ فمردود .
... وهذا القسيس إما جاهل غالط أو مغلط ليس له إيمان ولا خوف من الله لأن هذا اللفظ يوجد في التراجم العربية المذكورة التي نقلت عنها عبارة يوحنا ومن الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860 هكذا : " ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية إلخ " وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816 وسنة 1825 وفي التراجم الفارسية المطبوعة سنة 1816 وسنة 1828 و 1841 يوجد لفظ الإلزام ولفظ التبكيت والإلزام أيضاً قريبان من التوبيخ لكن لا شكاية منه لأن مثل هذا الأمر من عادات علماء بروتستنت ولذلك ترى أن مترجمي الفارسية وأردو تركوا لفظ فارقليط لشهرته عند المسلمين في حق محمد - r- ومترجم ترجمة أردو المطبوعة سنة 1839 فإن هؤلاء أسلافه أيضاً حيث أرجع إلى الورح ضمائر المؤنث ليحصل الاشتباه للعوام أن مصداق هذا للفظ مؤنث وليس بمذكر .
... (10) قال عيسى u : " أما على الخطية فلأنهم لم يؤمنوا بي " وهذا يدل على أن فارقليط يكون ظاهراً على منكري عيسى u موبخاً لهم على عدم الإيمان به ، والروح النازلة يوم الدار ما كان ظاهراً على الناس موبخاً لهم .
... (11) قال عيسى u : " إن لي كلاماً كثيراً أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن " وهذا ينافي إرادة الروح النازل يوم الدار لأنه ما زاد حكماً على أحكام عيسى uلأنه على زعم أهل التثليث كان أمر الحواريين بعقيدة التثليث وبدعوة أهل العالم كله فأي أمر حصل لهم أزيد من أقواله التي قال لهم زمان صعوده ، نعم بعد نزول هذا الروح أسقطوا جميع أحكام التوراة التي هي ما عدا بعض الأحكام العشرة المذكورة في الباب العشرين من سفر الخروج وحللوا جميع المحرمات وهذا الأمر لا يجوز في حقه أن يقال إنهم ما كانوا يستطيعون حمله لأنهم استطاعوا حمل سقوط حكم تعظيم السبت الذي هو أعظم أحكام التوراة الذي كان اليهود ينكرون كون عيسى u مسيحاً موعوداً به لأجل عدم مراعاته هذا الحكم فقبول سقوط جميع الأحكام كان أهون عندهم ، نعم قبول زيادة الأحكام لأجل ضعف الإيمان وضعف القوة إلى زمان صعوده كما يعترف به علماء بروتستنت كان خارجاً عن استطاعتهم فظهر أن المراد بفارقليط نبي تزاد في شريعته أحكام بالنسبة إلى الشريعة العيسوية ويثقل حملها على المكلفين الضعفاء وهو محمد - r- .
... (12) أن عيسى u قال : " ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع " وهذا يدل على أن فارقليط يكون بحيث يكذبه بنو إسرائيل فاحتاج عيسى u أن يقرر حال صدقه فقال هذاالقول ولا مجال لمظنة التكذيب في حق هذا الروح النازل يوم الدار على أن هذا الروح عندهم عين الله فلا معنى لقوله بل يتكلم بما يسمع فمصداقه محمد - r- فإنه كان في حقه مظنة التكذيب ، وليس هو عين الله وكان يتكلم بما يوحى إليه كما قال الله تعالى : {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} النجم 3 ، 4 . وقال {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} الأحقاف : 9 .
... (13) أن عيسى u قال : إنه يأخذ مما هو لي وهذا لا يصدق على الروح لأنه عند أهل التثليث قديم وغير مخلوق وقادر مطلق ليس له كمال منتظر بل كل كمال من كمالاته حاصل له بالفعل ، فلا بد أن يكون الموعود به من الجنس الذي يكون له كمال منتظر ، ولما كان هذا الكلام موهماً أن يكون هذا النبي متبعاً لشريعته دفعه بقوله فيما بعد " جميع ما للأب فهو لي فلأجل هذا قلت مما هو لي يأخذ " يعني أن كل شيء يحصل لفارقليط من الله فكأنه يحصل مني كما اشتهر من كان لله كان الله له ، فلأجل هذا قلت إن مما هو لي يأخذ .
... ( ثم ذكر الشيخ ( رحمة الله الهندي ) شبهات النصارى وما يمكن أن يقولوه وردّ عليها وختم بذلك البشارات ) .
الرجوع الي براهين سعيد حوى
المصدر
- مقال:بقية بشارات رحمة الله الهندي موقع : برهانكم