بــيــــن الــحــــذاء والــكـــــرة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
بــيــــن الــحــــذاء والــكـــــرة


بقلم: الأستاذ عبد القادر الأسمر

بات من التقاليد الصحافية المتعارف عليها أن يستعرض المحررون وقائع عام مضى ليقفوا على أهم المحطات المفصلية التي كانت بارزة ومؤثرة، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو الدولي، وكذلك ليختاروا أهم الشخصيات الفاعلة على صعيد بعينه وكان لمبادرتها دور ايجابي، أو ربما سلبي، سياسياً أو ثقافياً، أو علمياً، أو إنسانياً.

وقد جُلنا في مثل هذا الوقت من العام الماضي على أحداثه اللافتة وشخصياته المميزة لنستخلص منها شخصية اجمع عليها - قدر الامكان - أبناء هذه الأمة، وحظينا بالعديد من المشاهير على كل صعيد، ولكن لم نجد حدثاً أو شخصاً حاز اعجاب العرب من المحيط الى الخليج سوى «زميلنا» الصحافي العراقي منتظر الزيدي وحذائه الذي ألقاه على الرئيس الأميركي - آنذاك - جورج بوش استنكاراً للاحتلال الأميركي للعراق.

لقد كان حذاء الزيدي شخصية عام 2008 الذي اخترناه، ولقي اختيارنا قبولاً لدى كل من التقيناه، لأن هذا الحذاء جمع أمة العرب على موقف واحد نطقت قذيفته باسم كل متحرق شوقاً الى مجابهة هذا الاحتلال الحاقد والظالم والسارق... والشاذ.

حذاءٌ خطف برمزيته الأضواء، كما خطفت حجارة أطفال فلسطين الشهرة والمكانة من ترسانات الأسلحة المتطورة في مستودعاتنا والمخزونة للصدأ قبل أن تسدد أثمانها للشركات الأميركية دعماً لها حتى لا تشهر إفلاسها.

وماذا عن شخصية العام الحالي 2009؟ أو ربما الحدث الأكثر بروزاً عربياً؟ وقبل استعراض الأحداث والشخصيات البارزة، لا بدّ من الاشارة مجدداً الى مواصفات بعينها للحدث الأبرز أو لنقل الجدة والتأثير والغرابة، وكذلك الأمر مع الشخصية المختارة لهذا العام.

لقد اصابتنا الحيرة باختيار شخصية تمتلك هذه الشروط، فقد كانت كثيرة ومنها ما هو اقتصادي، ولا يعني ذلك انه حقق مشاريع تنموية لأمته أو بلده، وانما نقصد الدور المالي ولا يعني ذلك أيضاً انه تبوأ المراكز الأولى في قائمة أغنى 50 ثرياً في العالم، فلم يلفتنا أي اسم يصلح ليكون رجل العام في هذا المجال.

ترى ما هو الحدث الأكثر غرابة الذي فاجأ الملايين من أبناء هذه الأمة مذهولين من امكانية حدوثه وهو النزاع المفاجئ بين مصر العروبة وبلد المليون شهيد حول مجريات مباراة كرة القدم بين البلدين في التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 2010 في جنوب افريقيا.

تظاهرات متبادلة تندد بالبلد العربي الشقيق الآخر ومحلات في القاهرة والعاصمة الجزائرية تقتحم، ورعايا من البلدين يطردون، وسحب السفيرين، وتحذير من رأسي الدولتين.. لماذا؟ من اجل كرة القدم.

لذا رأينا ان الكرة هي شخصية العام الحالي على الرغم من سلبية دورها، حيث انها فرقت بين الاخوة والدول العربية التي انتشرت في مقاهيها ومجالسها حلقات النقد والتحليل، والحق على من؟

حذاءٌ جمع العرب على وحدة الكلمة الرافضة للاحتلالات في العراق، ومجرد طفل فلسطيني يواجه دبابة اسرائيلية ضخمة غير هياب أو متردد في عام 2008.

اما كرة القدم فقد فرقت بين دولتين وشعبين ولعبت هي بنا وكشفت مقدار هشاشة علاقاتنا و«كبر عقلنا» في عام 2009.

كرة ذكرتنا بماضي امتنا المجيد عندما كانت بقاع الأرض ملعباً لخيولنا وفرساننا.

كرة دوختنا بعد أن دوخ ابطالنا الكرة الأرضية. ألا تستحق هذه الكرة ان تكون شخصية عام 2009 رغم أنها لم تمنح هذه الأمة سوى المزيد من ألقاب الخمول والسذاجة حتى لا نقول التفاهة.

كرة ألهت الشعوب العربية لأسابيع عما يخطط الاسرائيليون للقيام به، ونحن أشبه بأطفال ارتضى كل منهم التقوقع داخل أنانية نهى الله عنها، فيما بعضنا يحاول استيعابها.

هذا أحد اقتراحاتنا حول شخصيته عام 2009: عسى الله تعالى ان تكون شخصية عام المقبل ما يُجمع عليه اللبنانيون والعرب، شخصية مميزة توحد ولا تفرق، تعيد بعض الكرامة التي هدرت على الحواجز والحدود الجمركية، وتنقّح البيئة السياسية والمناخ الفكري من تلوث الديكتاتورية والشخصانية.

شخصية يشرّفها ان تتشبه بحذاء الزيدي الذي رفع بعضاً من الحماسة، لا مثل كرة القدم، هذه الشخصية المنفّرة لعام 2009.

المصدر