بحور من ظلام ..

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
بحور من ظلام ..


بقلم : محمود القلعاوي

وابل من صور وفيديوهات وأخبار تمطر علينا من السماء لا نعرف لها صواب من خطأ ، شائعات وأخبار ، فلان عُرض عليه الرئاسة ولم يقبل ، ضربت قوات الأمن المكان الفلانى ... وغير ذلك من وابل من أخبار على صفحات الإنترنت وخصوصاً صفحات الفيس بوك ، كل دقيقة أخبار تتوالى ، الجميع يتناقل مثل هذه الأخبار ، شائعات تصير أخبار ومسلمات ويتعامل معها البعض ، بل وتبنى عليها الآراء وتتحرك الجموع ويثور من يثور ويقتل من يقتل ، وفى النهاية تجد أن الأمر برمته لا أصل له وما هى إلا شائعة أطلقها البعض من فمه متغافلاً مسئوليتها وخطورتها ، وينسى من يشارك فى نقل مثل هذه الشائعات أنه يخلق أزمة خطيرة ، يفتت بها مجتمعه ، وينسى أنها أشد الأسلحة تدميراً وأعظمها وقعاً وتأثيراً ، ينسى أنه يفتت الصف الواحد والرأي الواحد ، ويبعثرته ، فالناس أمامها بين مصدق ومكذب، ومتردد ومتبلبل .

الشائعات يا سادة جريمة ضد المجتمع بأسره ، صاحبها مذنب في حق دينه ومجتمعه وأمته ، يثير الاضطراب والفوضى في الأمة ، بل وقد يصل شره فى المجتمع كمروّج المخدرات ، فكل منهما يستهدف الإنسان وهلاكه .

إننا فى مصر أمام بحور من شائعات تلوكها الألسنة التى هى فى الأجساد وكذلك الألسنة الإلكترونية ، نقل دون تثبت وتيقن وتحرى ودقة مما يُنقل ، ، فجوة تصل كما بين السماء والأرض بين نقلنا ونقل السادة المحدثين فى علم مصطلح الحديث ، لا اعلم كم من أخبار مما هو منقول موجود على صفحات الفيس بوك مثلاً سيجيزها الإمام البخارى على سبيل المثال إذا ما عرضت عليه وكذلك الإميلات التى نظل نعيد إرسالها متعاطفين تارة إيجابين تارة بنوايا أخرى تارة ، المهم نعيد إرسالها دونما توثيق وضبط .. خطاب السماء لنا واضح بين فى طلبه أن نتحري الدقة فى التفريق بين المؤمن والكافر وعدم اتهام المؤمنين بالكفر ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيّنوا ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعندالله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فتبيّنوا )

من عجائب المحدّثين

جاء أحد المحدثين ورواة الحديث إلى راو آخر بلغه أنه يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقطع مسافة طويلة ليصل إليه فلما جاءه وجده يوهم دابة له أن بيده خبزاً أوشيئاً ليطعمها، فلما جاءت الدابة إليه لم يطعمها شيئا، فرجع ذلك الراوي الذي جاء من بلد بعيدة ولم يحدّث أو ينقل عنه شيئا!! فقيل له: أترجع دون أن تحدّث عنه وقد قطعت كل تلك المسافة!! فقال: رجل يكذب على دابته ما يدريني أنه لا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لكم هو خطير ما يحدث ؟! ..

خطير الأمر ، ولا اعلم ألا يشعر الناقل للشائعة بخطورة ما ينقل ، يا لها من لحظة شديدة يصفها القرآن الكريم :- ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضرا ولايظلم ربك أحداً ) ، وانظر إلى وصف النبى صلى الله عليه وسلم ( وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً ) يصدق ويتحرى الصدق ، يتحرى الدقة في كلامه وفيما ينقله وفيما يرويه وفيما يحدّث به ، وقال صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكل ما سمع " أي أن ينقل الخبر دون أن يتحرى صحته ويدقّق في معلوماته ، يقول الإمام الحسن البصري :- " المؤمن وقاف حتى يتبين " ، ويقول الأستاذ سيد قطب :- " ... فالتثبت من كل خبرٍ ومن كل ظاهرة ، ومن كل حركةٍ قبل الحكم عليها؛ هو دعوة القرآن الكريم ، ومنهج الإسلام الدقيق ، ومتى استقام القلب والعقل على هذا المنهج لم يبق مجال للوهم ... "

كن حائط صد

أظن أننا نستطيع أن نقف حائط صد أمام مثل هذه الشائعات فلا نتحدث بكل ما نسمعه بل ولا ننشره .. فلو لم يتكلم كل منّا بمثل هذه الشائعات لماتت في مهدها ولم تجد من يحيها :- ( ولَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا ) ، وفى النهاية أقول ما تعملته من الحبييب صلى الله عيه وسلم :- ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ).

* مدير تحرير موقع منارات ويب للعلوم الشرعية .

المصدر