ان لخروج السيسي .. لسكرات
كفر الشيخ اون لاين | خاص
لم تعد مسألة خروج السيسي من القصر الرئاسي محل جدل ، فالبرادعى لا يظهر ولا " يبان " إلا وعلى الرئيس السلام ، وهذه المرة يأتينا البرادعى حاملا لقائد الإنقلاب تهما ينوء بحمل أوراقها العصبة أولو القوة ، محاولا أن يضفى على كلامه شيئا من المصداقية عندما أسند للإتحاد الأوربي وأمريكا تهمة الإشتراك في الإنقلاب على الزعيم الأسير محمد مرسي ، والشاهد في ظهور البرادعى دائما أنه لسان حال الكواليس الأمريكية والصهيونية فإذا ولى وجهه شطر وجهة سياسية فَهم كثير من المراقبين أن أمريكا تنظر إلى تلك الوجهة من وراء حجاب .
الحراك الثوري الذي أتبع ذكري 25 يناير خلع عن قائد الإنقلاب عباءة القوة التي طالما تدثر بها عندما كان وزيرا للدفاع ، فلا هو قادر على تعبئة الجيش بامكاناته الكاملة للسيطرة على الموقف ، ولا هو قادر على التعاطي سياسيا مع الأزمة بحيث يمكن السيطرة عليها من خلال الملاءمات والمواءمات ، وآية خشيته من تعبئة القوات المسلحة هى تجربتين مرت بهما مصر خلال اربعة أعوام ، فلم يكد حسني مبارك يغلق سماعة الهاتف في وجه حبيب العادلي معلنا نزول القوات المسلحة إلى الشارع حتى صدر البيان الأول مثمنا وشاكرا الحراك الجماهيري ضده واستقر الأمر بين يدي المشير طنطاوي والفريق عنان ، والمرة الثانية عندما تأكد الحشد الفلولي المسيحي المشترك فلم يكن بد من أن يستدعى الرئيس مرسي الجيش للسيطرة على الموقف الإجرامي من رجال أمريكا واسرائيل فانقض السيسي على السلطة ، ولن يكون الأمر بدعا من الإنقلاب عند الفريق صدقي صبحي بل وحتى الفريق محمود حجازي رغم ما له عندهم من ذمة ونسب ، ولن يعدما حجة عندئذ في توجيه اللوم له لتعثره في الكلام وعجزه عن اقناع الشعب بقدراته المتواضعة ، فما أن يأمر قائد الإنقلاب بنزول الجيش إلا ويلتقى الحدثان على أمر قد قدر ، حدث انتهاء أمريكا إلى عزل السيسي وحدث انتهاء الجنرالات إلى أن هناك من هو أحق بالسلطة وأهلها .
إذا انتهينا إلى حتمية تلك النتائج فإن الأدوات التي بين يدي قائد الإنقلاب الآن ليسطر على الموقف قد أصبحت محدودة جدا خاصة مع التدهور الإقتصادي الكبير في البلاد وجفاف المنابع الخليجية بعد انهيار أسعار النفط بالإضافة إلى الموقف السعودي الغامض من شخص السيسي والذي وضحت أبعاده بعض الشئ عندما منع من حضور جنازة الملك الراحل عبد الله ، وما أشيع حول رفض الملك سليمان بن عبد العزيز استقباله له في الرياض ، وهو ما يؤذن في حالة صحته بتعجيل الإنهيار الإقتصادي بمتوالية هندسية آيته الأولي الآن هو ارتفاع سعر الدولار الي مستوى الثمانية جنيهات وإذا اضفنا إلى ذلك تردي الخدمات والبنية التحتية التي لم تمتد إليها يد التجديد خلال خمس سنوات فإن كل لحظة تمر تقرب السيسي آكثر من بوابة القصر من الداخل ، وهو بلا شك موقف عصيب له وحده لأن كل من أيده وظاهره يظن وهو مطمئن أنه يستطيع دفع التهمة عن نفسه كونه قد أضطر إلى ذلك تحت تهديد بطش قائد الإنقلاب وهو أمر ستساعد عليه أمريكا بلاشك حفاظا على البقية الباقية من عملائها في مؤسسات الدولة .
المشكلة الأكبر التي تواجه قائد الإنقلاب خلال الأيام القادمة هو حرق قدرته على المناورة بعد أن استنفد محمد حسني مبارك والمجلس العسكري كل أساليب الخداع لاستمرار استحواذهم على السلطة ، فلم يعد مجديا مثلا أن يعد السيسي بمصالحة أو مشاركة أو عفو تضمنه القوات المسلحة كما فعل حسني مبارك لأستنفاده دور الجيش كمؤسسة محايدة بعد أن ارتكب الجنرالات أفظع المذابح ووصل بهم الأمر إلى تهجير الناس من بيوتهم لتأمين الجوار الصهيوني ، كذلك استدعى السيسي في لحظات الكرب الأولي للإنقلاب كل القوي السياسية والشخصيات القومية لإنجاح الإعتداء على العملية السياسية الديمقراطية الأولى في تاريخ مصر فلم يعد هؤلاء قادرين على اقناع الشعب بالصبر أو الكفاح بعد أن طالبوا الرئيس محمد مرسي بانتخابات رئاسية مبكرة بعد اسبوعين من استلامه مقاليد الرئاسة ومرغ السيسي بكرامة الذي تولى كبره منهم الوحل عندما أجبره على خوض الإنتخابات الرئاسية ضده والإعتراف بنتيجتها التي أظهرت أن حمدين صباحي في المركز الثالث بنسبة أقل من ثلاثة في المائة متأخرا عن منافسته " أصوات باطلة " بعشرات الآلاف من الأصوات ، وأخيرا لم يعد الخطاب الديني السلفي قادرا على اقناع الشباب بالتوقف عند طاعة السيسي باعتباره ولي أمر شرعى بعد اكتشف المتلقون للخطاب الإسلامي أن هؤلاء الشيوخ ليسوا أكثر من متطوعين في الجيش والمخابرات وقد جري عليهم ما جري على الجنود من أوامر وتعليمات بل وجزاءات وتكديرات .
إن تعداد الزوايا التي أغلقت في وجه السيسي لا يتسع لمقال وحيد ولكن الواضح أن ما يشغل كثير من الإنقلابيين الآن هو الوجهة الآمنة عندما تضيق الأرض بما رحبت ، وقد ضاقت من قبل على حليف أمريكا التاريخي الأول محمد رضا بهلوي فلم يجد شقة يسكنها حتى قبله السادات مضحيا بالعلاقات مع ايران غير أنه في حالتنا تلك لن يكون هناك من يرغب في التضحية بالعلاقات مع مصر خصوصا أمريكا التي تعطي الأوامر بالسماح بهبوط طائرات الرؤساء الهاربين ، فبعد أن ترتفع الطائرة عن الأرض يتحول ذلك الرئيس إلى لاجئ لما يبت في طلب لجوئه من كان يظن الهارب بالأمس أن له قدرا مثل قدرهم ومكانا بجوار مكانهم ، لحظة صعبة تقترب من قائد الإنقلاب عليه أن يفكر فيها الآن عندما يدخل عليه وزير الدفاع أو قائد الحرس الجمهوري ليقول له ان وجوده في السلطة سوف يدخلهم جميعا السجن وأن تضحيته بكرسيه قد أصبحت تبرعا اجباريا لابد أن يؤديه طائعا أو كارها وكما أن للموت جلال وصخب وسكرات فإن لإقصاء السيسي اليوم لسكرات لم يبق منها سوى القليل .
المصدر
- مقال:ان لخروج السيسي .. لسكراتموقع:كفر الشيخ أون لاين