انتفاضة الاقصى ... مخاض ما قبل التحرير

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
انتفاضة الاقصى ... مخاض ما قبل التحرير


بقلم : رجب الباسل

دخلت انتفاضة الاقصى عامها الرابع وحققت المعجزة التى لم يتوقعها احد وهى ان تستمر رغم كل عوامل الضغط التى اجتمعت عليها لوقفها تحت اي مسمى.

استمرت انتفاضة الاقصى ولم تكتفى بالاستمرار انتصارا بل حققت انتصاراتها على ارض الواقع وامتدت اثارها الايجابية من محيطها الفلسطينى الى امتها العربية والاسلامية فأحيت لديهم خيار الجهاد وكشفت عن اعدا ء الامة الحقيقيين ومخططاتهم وثبت صحة خيار المقاومة ان "المفاوضات لا تحرر ارضا ولا تقيم دولة "وانما المقاومة والجهاد فقط هما السبيل الوحيد لنيل الحق المسلوب .

قد يرى البعض فى عدد الشهداء الكبير فى الصف الفلسطينى علامة على المعاناة التى جلبتها الانتفاضة للشعب الفلسطينى ولكن العكس ما حدث فقد ازداد تمسك الشعب الفلسطينى بالمقاومة او كما يقول بعض الصهاينة"ان حماس كانت تحتاج فى الانتفاضة الاولى الىمراحل ووقت كبير لكى تجند فلسطينيا لينفذ عملية استشهادية بينما الان اذا دعا احدهم لتنفيذ عملية استشهادية لا ستجاب له العشرات ".

تأييد شعبى

اسباب عدة جعلت الفلسطينييين يختارون المقاومة سيبلا , منها ما ارتبط بفشل سلطة الحكم الذاتى الفلسطينية (1994-2000 ) على المستوى الامنى والاقتصادى و وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى ومنها ما ارتبط بممارسات الاحتلال الذى استغل اوسلو لصالحه احسن استغلال فازداد عدد المستوطنيين بنسبة كبيرة "مليون مهاجر روسى من عام 1991-2000 "وتوسع رقعة المستوطنات الصهيونية وفرض الاحتلال الصهيونى مزيد من الامر الواقع فى القدس وغيرها .

هذه المقاومة التى حققت حدا ادنى من الرضاء الشعبى الفلسطينى الذى اصبح يثأر لشهدائه بل اصبح الشعب الفلسطينى يستأخر رد المقاومة وكأنه يضعها فى ميزان قوة واحد مع الاحتلال وتحولت مواكب شهداء انتفاضة الاقصى الىما يشبه "حفل العرس "كما اضحت كل عملية استشهادية فرحا جديدا يضاف الى الافراح الفلسطينية .

لقد اصبح الفلسطينيون يعيشون حياة طبيعية او يتعايشون مع الواقع رغم كل الامه من حصار واغلاق وعمليات اغتيال واقتحام متتالية فى ظل دعم دولى للاحتلال الصهيونى تتزعمه الولايات المتحدة شيطان هذا العصر الاكبر وصمت عربى اقرب الى الخذلان والاستكانة والاستجابة لكل ما يتم املاؤه على الانظمة .

انكسار صهيونى

بينما على الجانب الاخر يعيش الصهاينة فى قلق رغم كل الدعم الذى يلاقونه لقد تحولت حياة المغتصب "المستعمر" الصهيونى سواء فى المغتصبات "المستوطنات "او داخل الخط الاخضرالى جحيم ، فمنذ بداية انتفاضة الاقصى فى 29 سبتمبر 2000 وحتى الان لا يعيش صهيونى حياة طبيعية ،لقد ازدادت نسبة البطالة والامراض النفسية والخوف من كل شىء تحسبا ان يكون خلفه استشهادى ،لقد اصبحت الحياة شبه مستحيلة فالمراكز التجارية ووسائل المواصلات وحتى المستوطنات المحصنة باكثر من جدار امنى (اسلاك شائكة –اسوار كهربائية –جدران سميكة .. الخ )اصبحت كلها هدفا سهلا للمقاومة ،حتى الجيش الصهيونى الذى يعتبر صمام امن الاحتلال تسرب اليه الخوف فصواريخ القسام والبنا اصبحت تصل الى كل موقع فلم تعد هناك قاعدة للاحتلال او دبابة حتى لو كانت الميركافا يتحصن بها الجندى الصهيونى وسيلة مناسبة لحماية هؤلاء ، بل وصل الامر الى الذراع الطويلة ذاتها لقد شهدت انتفاضة الاقصى سقوط اول طائرة من طراز اف 16 وكذا تذمر 27 طيارا صهيونيا ورفضهم الطيران فوق الضفة وغزة رغم الاهمية القصوى للطيارين فى العسكرية الصهيونية اضافة الى ان الطيران يعد اكثر وسائل الاحتلال امانا واكثرها فعالية فى ظل عدم امتلاك المقاومة الفلسطينية لاسلحة فعالة مضادة للطائرات,

قد يستطيع رئيس الوزراء الصهيونى شارون تعويض 10 مليارات دولار هى خسائر الكيان الصهيونى من انتفاضة الاقصى بوسائل الدعم المالى المختلفة من الخارج واخرها الضمان الامريكى لاقراض الكيان الصهيونى 9 مليار دولار ولكنه لن يستطيع ان يعوض الصهاينة عن حالة الرعب التى عاشوها و يعيشونها وسيعيشونها اذا استمرت الانتفاضة ، خاصة وان الامن هى القيمة العليا لدى الصهاينة حكومة ومستعمرين ، لقد استطاع الفلسطينيون ان يحققوا المعجزة الامنية بالانتقال من نظرية " توازن الرعب "التى كانت من اهم انجازات انتفاضة الاقصى الى الاقتراب من تحقيق نظرية "توازن الردع " بانتاجهم لصواريخ القسام والبنا واستخدام الهاون والتهديد باستهداف مبانى الصهاينة وكلها فى اطار المعطيات الجغرافية للكيان الصهيونى تمثل تهديدا مباشرا لأمنه .

مكاسب محققة

لقد حققت انتفاضة الاقصى فى ثلاث سنوات ما لم تحققه دول فى صراعها مع الصهاينة خلال سنوات فان كانت المقاومة الفلسطينية لم تحرر ارضا بالمعنى الجغرافى حتى الان ولم تتحول الانتفاضة الى حرب تحرير مسلحة حسبما استهدفت فصائل المقاومة الاسلامية منذ بدايتها الا ان سبب ذلك يعود الى رغبة تلك الفصائل الى عدم الصدام الداخلى (المقاومة ضد سلطة الحكم الذاتى)الا انها انتقلت من مرحلة المقاومة السلمية الى الانتفاضة المسلحة ولم يحسب عليها حتى الان اى سلبيات لدرجة ان التقرير الاستراتيجى العربى الصادر عن مؤسسة الاهرام المصرية –وهو شبه رسمى –جعل المقاومة الفلسطينية "افضل نموذج للمقاومة "او"المقاومة النظيفة التى لم تتلوث يدها بدم شعبهاواستطاعت الفصائل المختلفة ان تتعاون وتتعايش ولا يحتكر اى منها الحقيقة ".

لقد نجحت المقاومة ان تجعل خسائر استمرار الاحتلال اكبر من مكاسبه ليس فى فلسطين 67 وحدها بل امتد اثرها الى فلسطين 48 لتجعل الهجرة العكسية من الكيان الصهيونى والهروب من المستوطنات واقعا جديدا وافشلت اكبر مخطط صهيونى لاستقبال مليون مهاجر خلال خمس سنوات (2000-2005) طبقا للمخطط الصهيونى الذى اعلنه شارون عند الاحتفال بقدوم المهاجر رقم مليون من الاتحاد السوفييتى السابق واوروبا الشهرية خلال عشر سنوات اعلن انه سيستقبل نفس العدد خلال خمس سنوات قادمة وهو ما لم يتحقق بفضل انتفاضة الاقصى ، لقد اصبح عدد الشهداء الفلسطينيين الى القتلى الصهاينة 1:3 على اقصى تقدير (2700 شهيد فلسطينى مقابل 840 قتيل صهيونى على اقل تقدير)وهو رقم لم تصل اليه اي حركة مقاومة فى العالم من قبل خاصة اذا علمنا قيمة الحياة لدى اليهود مقابل فضل الاستشهاد لدى المسلمين الذين وان كنا نحزن على فراقهم واستشهادهم فى حملات العدوان الصهيونى الا ان البعد العقيدى لدى المسلمين يخفف من ذلك الحزن ويمحوه قدرة المقاومة على الثأر واجبار الصهاينة على الندم على كل عملية غادرة يرتكبونها بحق شعب اعزل .

ان الناظر الى عدد الشهداء الفلسطينيين خلال ثلاثة اعمال كاملة فى ظل اختلال فى التوازن العسكرى وحصار مفروض من الداخل والخارج على المقاومة ليجد ان رقم الثلاثة الاف شهيد فلسطينى ليست بكبيرة بل يمكن ان يموت او يستشهد مثل هذا العدد فى حادث مدنى واحد !لقد استشهد فى حادثة القطار المصرى العام الماضى اكثر من 3500 مواطن حسب الاحصاء الرسمى الحكومى الذى يؤكد البعض انه اقل من الواقع بكثير . واستشهد فى حوادث طبيعية اخرى –زلازل وبراكين وغيرها – الالاف فى دول مثل باكستان وايران وبنجلاديش .

ان محاسبة الانتفاضة ليس فيما حققته من انجازات فليس خطأ الفلسطينيين انهم اختاروا المقاومة سبيلا لنيل الحقوق وهو مايكفله لهم القانون الدولى ويوجبه الشرع عليهم ولكن المحاسبة تكون لمن أعاق الانتفاضة والمقاومة وحاول ان يفرض عليها الهزيمة فى حرب غير متكافئة بالمرة ومنع عنها كل اشكال الدعم الانسانى وحتى الاعلامى واستجاب لكل ما يمليه اعوان الاحتلال عليهم من اجل ضمان استمراره ، فقبل ان يطالب البعض المقاومة المحاصرة بتحقيق انتصارات –هى حققتها بالفعل لكل ذى بصيرة –فعليه ان يحاسب الاخرين ماذا قدموا هم للانتفاضة التى حققت لهم امنا لم يحققوه لانفسهم فان كانت الانتفاضة الاولى منعت الكيان الصهيونى من التمدد خارجيا لاول مرة منذ زرعه فى المنطقة فان انتفاضة الاقصى اذاقت الصهاينة هزيمة لم يذوقوها منذ حرب العاشر من رمضان ورعبا لم يعايشوه منذ ان وجد الكيان حيث اصبح التهديد يصل الى مخادع الصهاينة واصبح الصهاينة لاول مرة يديرون حربا مسرحها الارض التى يعيشون فيها او قريبا منها بينما كانت كل حروبهم السابقة على أرض الاخرين.

المصدر