الولادة القيصرية لثورة 23 يوليو
ضيف الحلقة: محمد حسنين هيكل كاتب ومفكر سياسي
تاريخ الحلقة: 4/5/2006
محتويات
ثالوث مولدات العملية القيصرية
محمد حسنين هيكل: مساء الخير، نحن هذه الليلة أمام عملية الولادة القيصرية لثورة 23 يوليو، في هذه اللحظة أي بعد خروج الملك مباشرةً كان هناك كما شرحت من قبل ثلاث رجال في غرفة الولادة هُم علي ماهر باشا وسليمان حافظ بك وكيل مجلس الدولة؛
علي ماهر باشا هو الرجل الذي عُهد إليه بتأليف الوزارة، سليمان حافظ هو وكيل مجلس الدولة وهو مستشار الرأي في مجلس الوزراء واللي دعاه علي باشا ماهر لكي يساعده، ثم عبد الرزاق السنهوري باشا وهو رئيس مجلس الدولة الذي استدعاه أيضا سليمان حافظ بك؛
لكي يتكون من هنا ثالوث مولدات العملية القيصرية تقريبا في هذه اللحظة، الشخصية الرئيسية في هؤلاء الثلاثة بالطبع والمسؤول عن غرفة الولادة كان علي باشا ماهر، لو نفتكر الخريطة المعقدة اللي أنا حاولت للبيت اللي كانت بتجرى فيه الولادة إذا كنا عاوزين نقول كان فيه لجنة القيادة في ناحية ولديها القوة..
وأنا عايز ده يبقى في الذاكرة باستمرار لديها القوة الحقيقية القوة الخام قوة التأثير الحقيقية لأن هي اللي غيَّرت.. قلبت سواء كانت تقصد أولا تقصد تدري أو لا تدري غيَّرت الوضع في مصر ووضعتها في وضع شديد الحروجة في واقع الأمر؛
وبعدين الناحية الثانية هناك السلطة أو هناك شكل حكومة شكل إدارة لديها كل الوسائل ولديها كل أدوات السلطة لكنه في واقع الأمر القوة في مكان آخر ولو إنه الحكومة في هذه اللحظة كانت تتصور إنه الأمور في أيديها لكن ليست مطمئنة بالقدر الكافي بتعمل عملية ولادة قيصرية في ظروف شديدة..
ما فيش غرفة معقمة ما فيش أجهزة ما فيش حاجة أبدا يعني، لكن هنا تستحق الوقوف أنا وضعت الخريطة.. خريطة الوضع كله في البيت المصري في ذلك الوقت وقلت إنه في ذلك الوقت كان موجود زي ما باين في الخريطة موجودة عدة قوى؛
لكن أبرز هذه القوى في هذه اللحظة والكل كان محيط بالمركز دي كان فيه قيادة الجيش وفيه الوزارة لكن كان فيه حاجة حاصلة سواء اللي عندهم القوة وهم لا يدروا واللي عندهم السلطة وهم لا يعرفون كيف يمارسونها وعلى الأقل ما هماش حاسين إنه يعرفوا يتصرفوا لأنهم جاؤوا في ظروف ملتبسة مش العادة إنه ييجوا.. العادة إنهم ييجوا بقرار ملكي بوضوح كده لكن هذه المرة جايين في ظروف شوية مختلفة تماما يعني، مختلفة وملتبسة؛
فهنا بيبقى.. حصل حاجة غريبة قوي إنه الشعب أدرك أين القوة الحقيقية وبالتالي فيه غرائز عند الشعب المصري بطول التجربة التاريخية على امتداد قرون أنه يستطيع بقرون استشعار إنه يعرف القوة فين؛
وبالتالي بدت الوفود كلها كل الوفود المُرحِّبة بالتغيير كل الوفود المطالبة بعالم جديد أو بدنيا جديدة أو بمستقبل جديد كل الوفود اللي عندها شكاوي وكل الوفود اللي عندها مقترحات اللي عندها آراء اللي عندها أي حاجة، كله بقى بيتجه للقيادة والوزارة اللي عندها سلطة القرار بعيدة؛
في ذلك الوقت الحاجة الغريبة قوي إنه معدل الجوابات اللي واصلة للقيادة بالآلاف كل يوم، معدل الوفود اللي رايحة عشرات بعد عشرات.. عشرات السياسيين، في أسبوع واحد مئات السياسيين وصلوا دخلوا وطلبوا مواعيد وقعدوا وتكلموا مع الضباط الجدد وهم سواء مدركين أو بالغريزة يعلموا إنه هنا موضع القوة لدرجة إنه في هذا الوقت؛
وكان لسه في وقت البراءة لا يزال موجود كان في لوري بيشيل كل المقترحات.. لوري عسكري يعني بيشيل كل المقترحات وكل صناديق الشكاوي وكل العرائض والحاجات دي كلها يوديها لمجلس الوزراء لكن مجلس الوزراء كمان كان مُثقل باللي عنده، لكن هنا بقى عاوزين نقف أمام شخصية..
أنا قلت إنه في هذه المرة إحنا ها نتكلم عن رجال وقضايا في واقع الأمر ومش ها نأخذ تسلسلا زمنيا، ها نقف شوية أمام رأس أو أكبر حد في مولدات الولادة القيصرية، القابلات.. قابلات هذه الولادة وهو علي ماهر باشا؛
علي ماهر أنا قبل ما أتكلم عنه أنا عايز أحط أو على الأقل ألفت النظر إلى إنه إحنا لم نتعود نتكلم على الأشخاص بطريقة إنسانية حتى في أدبيات اللغة العربية في المديح والفخر والهجاء والرثاء لكن ليس هناك.. ما دخلناش في التحليل لأنه بالدرجة الأولى الشعر كان هو ديوان العرب والشعر قاطع في هواه وفيما يقبل أو لا يقبل فالأمور كانت محددة في الكلام على الأشخاص لدرجة إن إحنا وصلنا..
لو جئنا نتكلم على الجوانب الأخرى في رجل الوجه الآخر من القمر إذا حبينا نقول بيطلع باستمرار يبان إن إحنا بنجافي الذوق أو اللياقة، الحاجة الغريبة إنه العالم الخارجي بره ما يعرفش كده لأن أنا أمامي كتاب أخيرا طالع عن تشرشيل.. عن وينستون تشرشيل وهو..
نحن في هذه اللحظة أمام استفتاءات في إنجلترا لاختيار الرجل الأهم في التاريخ الإنجليزي وانطرحت أسماء عدد كبير قوي من القادة والزعماء والمفكرين، طلع الأول تشرشيل وطلع بعده شكسبير وبعدين ناس آخرين، داروين ونيوتن إلى آخره، لكن تشرشيل ده هذا الرجل الذي قاد إنجلترا لأكبر نصر في تاريخها على أي حال بالتأكيد يعني في حرب كبيرة جدا، هذا الرجل كُتب عنه..
وكُتب وحُلل كان رجل سكير بيشرب كثير قوي وبعدين كان رجل أحواله المالية مرتبكة إلى درجة إنه استلف من كل مَن يعرف ومَن لا يعرف وإنه.. عمل إيه مع أصدقائه إلى آخره، لكن فيه هنا إحنا.. البشر وأنا دائما بألح على ده البشر في كل البشر فيه جوانب طيبة وفيه جوانب خيرة وفيه جوانب بطولة في كل فرد لكن أيضا كل فرد لديه نواحي ضعف إنساني وله مطالب وله نزاعات وله..
ودي مسألة مهمة قوي له منطق صاغته تجربته وهو منطق مؤثر عليه في كل تصرفاته، علي باشا ماهر لما أنا آجي أتكلم عنه بهذا المنطق بأتكلم على إيه؟ أنا حاولت أجيب أو جبت بالفعل تاريخه زي ما الحكومة البريطانية كانت رصداه وعادة في كل الدول بتتعامل مع دول أخرى؛
كل سفارة لدولة متقدمة في بلد من البلدان عليها باستمرار أن تتأكد من وجود أرشيف لشخصيات بتروي سيَر حياتها وبالتفصيل على أقل تقدير ما بين مائتين وخمسين لثلاثمائة شخصية، من الناس اللي ممكن يتعقبوا لسبب أو آخر على مسرح الحوادث رؤساء أحزاب، زعماء نقابات، أمراء في أُسر مالكة، مؤثرين بشكل أو آخر، أدباء، كتاب، صحفيين إلى آخره؛
لكن كل سفارة عندها أرشيف تبعته لوزارة الخارجية وهو أرشيف موجود فيه مائتان وخمسين إلى ثلاثمائة سيرة حياة عن كل شخصية في هذا تعمل فيه هذه السفارة وبالتالي لو أحد يدخل في وزارة الخارجية مثلا الإنجليزية أو الأميركية يلاقي صالة مهولة كل اللي فيها هو سِيَر شخصية لحياة وأعمال وسجلات عدد آلاف الساسة في العالم بحيث إذا وقعت شيء فيما هو متوقَّع إذا جرى شيء في المسار الطبيعي للأمور؛
وتقدم إلى ساحة الفعل حد معين على طول بيقدروا يسحبوا ورقة ويقدروا يبصوا في إيه اللي جرى، مع الأسف إحنا ما عندناش النظام ده، أنا في يوم من الأيام كنت قائما على أعمال وزارة الخارجية كنت وزير خارجية بالنيابة جنب وزارة الإعلام في مرحلة من المراحل وفي وزارة الخارجية أنا شفت إيه اللي موجود عندنا؛
لم أجد ولا سفارة عندنا وأنا موجود بأطلب بصفة رسمية لم أجد في وزارة الخارجية ولا أرشيف واضح لبلاد نحن نتعامل مع ساستها، ما أعرفش مين مثلا كان أنا بتعامل مع يوغسلافيا مثلا لكن ألاقي الموجود عندي عن تيتو وكراديتش واثنين ثلاثة كمان ألاقي في الهند يا دوب اثنين ثلاثة ممكن يبقى فيه معلومات؛
لكن هنا بألاقي أرشيف علي ماهر باشا في السفارة البريطانية وفي أوراق وزارة الخارجية البريطانية وألاقي فيه حكايات طويلة عنه جاهزة لأي صانع قرار في أي لحظة تفرض عليه الظروف أن يتعامل مع علي ماهر وبالتالي أنا بأتصور إنه ساعة ما بدا إنه علي ماهر موجود السفارة؛
هنا ممكن تكون بتابع يوم بيوم إيه اللي بيعمله علي ماهر لكن وكلاء وزارة دائمين وزير الخارجية اللي جاي جديد طبقا لتقلبات الأحزاب ما عندهوش فكرة، على طول فورا يلاقي أمامه ورقا كافيا يقول له مَن هو شخصية علي ماهر وكيف يمكن التعامل معه وإزاي وكل تاريخ حياة وكل طبائعه الشخصية وكل التجارب السابقة معه، علي ماهر باشا أنا أظن إنه كان شخصية..
وأنا شفته كثير.. شفته لأنه كان فيه اثنين من اللي أنا بأعرفهم كويس قوي كانوا من المعجبين به، حد غير رأيه بعدين وحد ما غيرش رأيه، اللي ما غيرش رأيه كانت السيدة روزاليوسف، السيدة روزاليوسف كانت معتقدة وأنا قلت ده مرة إنه علي ماهر هو نمر السياسة المصرية؛
دكتور محمود عزمي وهو أنا بأعتبره أستاذ لي ومدين له بكثير قوي وتكلمت عنه كثيرا لكنه كان في وقت من الأوقات في وزارة علي باشا ماهر سنة 1938، 1939 كان قريبا جدا من علي باشا ماهر وكان تقريبا هو بيعمل مهمة سكرتير عام مجلس الوزراء وهو كان من..
كتب كتابا فيما بعد سماه وزارة المائة يوم لأنه علي ماهر كان فيه خاصية معينة، خاصية زي ما بيقول لي التقرير اللي أمامي ده إنه رجل يريد أن ينجز شيئا ويريد أن يدعم سلطة لأنه هو كان موجود في الوفد زمان؛
واختلف مع سعد زغلول وخرج مع مجموعة الناس اللي خرجوا في أوائل مَن خرجوا وبشكل أو آخر انحاز لثروت وعدلي يَكَن وهو كان قبلها مدير مدرسة الحقوق العليا ورجل كويس قوي وفاهم بيعمل إيه، لكنه عنده طموح يستعصي على التنظيم، عُمْر علي ماهر لا قدر يبقى عضو منضبط في حزب ولا قدر هو ينشئ حزبا لأنه كان من النوع اللي ممكن يسموه عادة (The lop wolf) الذئب الوحيد، حد قاعد عنده كفاءات هائلة لكنه يرغب..
لا يستطيع أن يتعامل مع الزملاء لكن يستطيع أن يتعامل مع مرؤوسيه (Supports) باستمرار وهو كان أنا فاكر أنا أول مرة شفته لما شفته مع السيدة روزاليوسف كان بيعمل حاجة حركة تَجمُّع بيسميه جبهة مصر لأنه هو كان بيتصور إنه هو مُتَأبِّي على الأحزاب، هو زي ما شرحت مرة من قبل هو كان رجل الملك فؤاد وهو كان رئيس وزارة في عهد..
وهو اللي جاء تولى تعليم فاروق كان رئيس ديوان في عصر الملك فؤاد والغريب جدا في أول عصر الملك فاروق كمان والغريب جدا إنه وهو رئيس ديوان رأس الوفد المصري إلى مؤتمر لندن بشأن قضية اللاجئين ونحَّى رئيس الوزارة محمد باشا محمود هنا وهو اللي راح على رأس الوفد، فهو علي ماهر راجل من الناس اللي ممكن.. واحد بيشتغل لوحده، اثنين إنه باستمرار وراء قوة معينة بيشتغل وراء..
في التاريخ مرات كثيرة قوي نلاقي مرات خصوصا في التاريخ الفرنساوي اللي إحنا مبهورين به ومتأثرين به جدا، في التاريخ الفرنساوي في تعبير (كلمة بلغة أجنبية) اللي هي القوة الرمادية، القوة الرمادية كانت هي قوة الكرادلة اللي موجودين مرات وراء العرش وبيهمسوا بشويش قوي ولابسين العباءات الرمادية؛
ومن هنا جاء الوصف وبعدين همَّا لا يظهروا، أول واحد منهم كان موجود كان رشيليو، أول واحد ظهر في التاريخ وأثر كاردينال رشيليو لكن في مصر هنا كان على باشا ماهر بشكل ما بيلعب دور الكاردينال الملكي ويتنافس على هذا الدور هو وأحمد حسنين باشا، كلاهما يريد أن يكون قوة وراء العرش، كلاهما يريد أن يكون قوة من وراء الستار؛
لكن كلامهما يريد أن يكون فاعلا بجد، فرق بين الاثنين في اعتقادي أنه علي ماهر خَبَر الحكم، أحمد حسنين لم يَخْبَر الحكم، فِضل في القصر طول عمره، علي ماهر خَبَر الحكم مثلا على سبيل المثال لما هو اشتغل ما صدقي باشا في وزارات صدقي باشا واشتغل في عدة وزارات كثيرة قٌوي ومع محمد محمود واختلف معه إلى آخره لكن هو لمَّا جاء بعد ما بقى رئيس ديوان سطع نجمه جدا؛
وبعدين بقى رئيس وزراء أزاح محمد محمود باشا وبقى رئيس وزراء جه عمل الوزارة اللي سماها عزمي وزارة المائة يوم وهذه وزارة فعلا أنجزت أشياءً كثيرة قوي وحتى فكرة مثلا وزارة الشؤون الاجتماعية إنشاء وزارة شؤون اجتماعية لأول مرة كانت هي علي ماهر وزارة علي ماهر ودي اللي حاول عزمي..
الدكتور عزمي يحاول يوصَّفها كوزارة وزارة (Achievers) وزارة إنجاز عملت حاجة يعني فعلي ماهر كان مشهورا في السياسة المصرية، واحد أنه رجل يريد.. عاوز قوة يريد السلطة لكنه ما هواش مستعد يطلبها من شعب، بيطلبها باستمرار من وراء ملك ولا يريد أن يظهر في الساحة كده مباشرة إلا وهو مدعَّم وراء بسلطة عرش ما كنتش ممكن يبقى غير كده لأنه إما حد يبقى بيسندوه الإنجليز أو حد بيسنده الشعب زي الوفد أو حد بيسنده العرش زي ما حصل في حكاية علي ماهر.
علي ماهر باشا.. عودة إلى التاريخ
محمد حسنين هيكل: علي ماهر باشا أنا أظن أنه فاجأته المقادير فاجأه التاريخ لأنه هو الملك باعتباره رجل المهمات الصعبة مع الملك فاروق دخل تعرض الحقيقة لدسائس كثيرة قوي هو كمان كان يعني كان شاطر قوي في المؤامرات ولما راح لندن.. راح مؤتمر لندن مؤتمرات فلسطين البنداري باشا..
كامل البنداري باشا وهو وكيل الديوان وقتها خلاَّ الملك فاروق أو راح للملك فاروق وأقنعه وهو شاب لسه أنه الناس بره تهمس أنه علي ماهر هو القوة الحقيقية في القصر وبالتالي الملك وعلي ماهر باشا في لندن أعطى خطابا أنا لا أزال فاكره وأنا صبي فاكر صوت الملك فاروق وهو بيقول له وفاكر قوي العبارة اللي لفتت نظر ناس كثير قوي وأنا سمعتهم بيتكلموا عنها حتى في محيط أسرتي أنه الملك فاروق قال إنه بعض الناس بيقولوا..
ما مؤداه يعني بعض الناس بيقولوا أنه فيه ناس بيؤثروا عليّ وأنا عايز أقول لكم أن أنا ما حدش بيؤثر عليّ ودي حاجه سمعناها كثير قوي كل حد جالنا حاول يقول لنا أنه هو سيد قراره وإحنا قابلين ده يعني مش مشكلة يعني؛
لكن الملك فاروق قالها وهو صبي وكانت دسيسة موجهة ضد علي ماهر وجاء علي ماهر وقاد عملية إخراج البنداري باشا وبعدين حسنين باشا عمل في علي ماهر اللي لا يعمل تقريبا والاثنين الكاردينالات الملكيين كانوا لا يطيقوا بعضهم والغريبة أنه حتى قصة الكرادلة تكاد تكرر نفسها أن كلاهما أحب الملكة نازلي، علي ماهر أحب بلا أمل؛
لكن حسنين باشا أحب وعنده أمل، حكاية كانت غريبة بعد الملك فؤاد لما مات طبعا كل ده كله حصل بعد ما الملك فؤاد ما مات، لكن على أي حال علي ماهر دُعي وهو رجل المهمات الصعبة إلى رئاسة الوزارة بواسطة الملك يوم 26 يناير 1952 والقاهرة محترقة والأحكام العرفية معلَنَة لكنه الدسائس شغالة ولم يكد علي ماهر يستقر في الوزارة حتى..
شهر واحد حتى أُقيل وخرج وأنا تكلمت على الظروف دي مش عايز أرجع لها، لكن علي ماهر خرج من هذه الظروف وهو فعلا جلس في بيته وأنا فاكر وقتها.. وأنه جلس في بيته وفاكر أن أنا رحت له وقتها مرات كثير قوي لأنه كنا بنحاول نتكلم معه هو قال ها يقعد يكتب قصة حياته..
تاريخه وهو ها يكتب مذكراته فأنا رحت له بقصد إن إحنا نأخذ في أخبار اليوم قصة حياته ولو أنه الأستاذين مصطفى وعلي أمين ما كانوش متحمسين قوي لكن أنا كنت بأتصور أنه علي ماهر عنده حاجه يقولها، على أي الأحوال علي باشا ماهر؛
أنا أظن أنه رجل جلس في بيته وفجأة بيكتب مذكراته وبيكتب عن الماضي ويعتقد فعلا أنه تاريخه السياسي انتهى مهما كان من كفاءاته وإذا بالتاريخ يدق باب بيته وإذا بحاجة تحصل في مصر والملك فاروق يُعزَل أو على الأقل تمرد يقوم في الجيش وهذا الجيش يطلب علي ماهر في هذه اللحظة وإذا بالراجل اللي قاعد يكتب قصة حياته ييجي فورا يبقى مسؤول عن فصل مهم جدا من فصول التاريخ؛
وهو الرجل اللي تصور أنه خرج بره التاريخ، الناس الـ(Achievers) اللي زي علي ماهر أو الناس اللي قادرين على إنجاز شيء مرات بيُلجَأ لهم في التاريخ وأنا فاكر فيه مثال واحد مُنجِز من النوع ده نيكر في الثورة الفرنسية بارون نيكر أبو مدام دوستايل الشهيرة بعدائها لنابليون، ده كان رجلا ماليا كبيرا جدا وكان أول الثورة..
آخر الملكية آخر أيام الملكية لويس السادس عشر ماري أنطوانت ندهوه باعتباره المنقذ ثم استغنوا عنه وأول لما جاءت الثورة الفرنسية أو على الأقل بدت بواكير الثورة الفرنسية دُعي جاك نيكر ثاني لحد يعرف حاجه عن الدولة في ظروف ما حدش يعرف فيها حاجه لكي ينقذ شيئا، على أي حال علي ماهر باشا جاء وبقى رئيس وزراء..
وبقى رئيس وزراء وهو يعرف الخريطة المعقدة الموجودة حواليه في مصر وهو غير قادر بالضبط على قياس ما هو هذا الذي جرى في الجيش وأين يقف ومَن هم الناس اللي ورا ده؟ هو شاف محمد نجيب وشاف أنور السادات ولكنه على الفور أدرك أنه من التشاورات اللي رايحة بين القاهرة والإسكندرية في الفترة الأولى قبل خلع الملك ولحظة خلع الملك؛
وبعدها أول ما رجع القاهرة وبدأ يشوف ويتصل ويتكلم أدرك أن هناك حاجة هو مش شايفها ومش عارف يتعامل معاها لكنه على أي حال علي باشا ماهر بحس سياسي مدرَّب على الأزمات وتدريبه على الأزمات يعطيه ميزة كيف يمكن أن يتوقع منها بمقدار ما يستطيع بدأ يتصرف بسرعة كبيرة جدا، أول حاجه أبص ألاقي إيه؟ قرارات.. هو عُيِّن رئيس وزراء والملك خرج ولكن آخر مرة قابل فيها سليمان حافظ اللي هي..
وأنا شرحت تكلمت عليها مرة قبل كده أنه سليمان حافظ هو اللي أخذ خطاب تنازل الملك فاروق عن العرش له، الملك فاروق إداله وقتها طلبين مكتوبين وواحد شفوي، واحد شفوي خاص ببولِّي لأنه إذا كان ممكن نلحقه واللي ما حدش خد باله منه وقتها هو تمسك الملك ببوللي ليه؟
لأنه بوللي ببساطة كان هو أقاربه حد من أولاد عمله أولاد خالته هو الـ(Banker) اللي عنده فلوس الملك فاروق واللي طار منها مبالغ كبيرة جدا في لحظة ما بين إعلان قيام الانقلاب وخروج الملك اختفى جزء كبير من الثروة دي فبوللي ما كنش عايز يروح مش بس أنه الملك عايزه، الملك كان بيعيط لكن فيه أسبابه عنده أسباب حقيقية عملية كمان جنب العواطف وجنب المشاعر، الطلبين الثانيين كان إيه؟
الطلبين الثانيين طبقا لمذكرات سليمان حافظ حاجتين، الحاجة الأولى قال له الثروة اللي عندي اللي موجودة في مصر هنا هي في واقع الأمر ملك لبناتي وأنا بأطلب إنها ممكن تقعد هنا تُستثمر لحسابهم لغاية همَّا يبلغوا سن الرشد كلهم والحاجة الثانية اللي طلبها إداله ظرفا مقفولا قال له دول..
ده هذا كشف الأوصياء على العرش لأنه أنا هأمشي وابنه الملك الطفل ها يبقى موجود هو ملك مصر فلابد من وصاية على العرش والملك حط في اللستة طبقا للدستور ثلاث.. أسماء بثلاثة ويبدو أنه اللستة دي كانت عنده.. أنا مش متأكد هو كتبها إمتى لكن اللستة كانت فيها ثلاث أسماء هي أمير محمد عبد المنعم رئيسا لمجلس الأوصياء؛
والحد الثاني شريف باشا صبري خاله معه والحاجة الثالثة علي ماهر باشا باعتباره راجله في المهام الصعبة، لكن علي ماهر باشا سليمان حافظ أخذ الورقة دي راح لعلي ماهر، لكن علي ماهر باشا كان عنده خطط أخرى، خططه إيه؟
هأبص ألاقي خطط علي ماهر تبدو لي على طول في القرارات اللي طلعها مجلس الوزراء، أول قرار طلع.. هنا فيه فراغ إخواننا اللي عنده القوة قاعدين هناك في كوبري القبة ما عندهمش فكرة وإخواننا اللي عندهم السلطة ومش عارفين إيه قدامهم بيحاولوا بسرعة يجمعوا كل خطوط السلطة في أيديهم وهنا كان فيه علي ماهر فأول قرار طلع مجلس الوزراء يباشر سلطات الملك؛
ممكن فهمه لأنه بقى فيه فراغ دستوري لغاية ما يتعين أو يتقرر مجلس وصاية خصوصا وقد ظهر للوهلة الأولى على طول كده السنهوري باشا وسليمان حافظ قالوا لعلي ماهر إنك أنت كرئيس وزارة بنص الدستور لا تستطيع أن تكون في مجلس الوصاية يا إما هنا يا إما هنا ما ينفعش ده على الأقل الدستور كده؛
ولأنه علي باشا كان عنده خطط أخرى فهو قابل ده فبدأ التفكير في كيفية تشكيل مجلس الوصاية على خلاف رغبة الملك، الحاجة الثانية أنه علي باشا بدأ كمان القرار الثاني اللي طلع أول قرار مجلس الوزراء يباشر سلطات الملك طيب، القرار الثاني مَن ينادي بالملك أحمد فؤاد الطفل ملكا على مصر؟
فعلي باشا ماهر هو اللي تولى يطلع إلى الأمة المصرية الكريمة في الوقت الذي نزل فيه الملك فاروق عن العرش لولي عهده وغادر الديار، ينادي مجلس الوزراء اللي هو واقع الأمر علي باشا ماهر بالملك أحمد فؤاد، الحاجة الثالثة تعديل نص اليمين الدستورية التي يُقسِم بها الوزراء وحتى الأوصياء على العرش يقسموا أمام مين؟
ما هنا فيه فراغ، فبقوا يقسموا.. قرار طالع علي باشا ماهر يقرر أنه الوزراء وحتى الأوصياء على العرش يقسموا أمام الوزارة رئيس الوزارة في واقع الأمر لأنه كل الموجودين حواليه همَّا مساعدين وحتى الوزارة دي كلها كانت فيها إما مساعدين مديري مكاتب سابقين أصدقاء لكن علي باشا ماهر هو ما فيش حد ثاني جنبه يعني
فبقى هنا واضح أنه فيه رجل لديه خطة، خطته كانت مش بس كده هنا فيه عملية قفز بسرعة إلى الاستيلاء على المفاتيح من رجل يعرف معنى السلطة خابرها، رجل وحيد رجل يعرف كيف يمارس رجل خبير بالمناورات رجل لديه برنامج على أي حال عشان أبقى منصف معه على الأقل عنده تصورات برنامج حطها هو حينما حاول أن ينشئ ما أسماه جبهة مصر، عنده حاجتين بعد كده يعمل إيه؟
الحاجة الأولى أنه بدأ يحاول يكتشف ماذا يوجد داخل قيادة الجيش؟ وبدأ يحاول يعمل صلات وأول حاجة فيها أنه هو يدعو العسكريين الجماعة اللي كانوا يبعتوا له العرائض والشكاوي تروح له عنده في مجلس الوزراء هو بدأ يحاول يتصل بمحمد نجيب عشان يقول له إيه؟ بدعوى إيه؟
بدعوى أنه والله أنتم عملتم حاجة مهمة جدا وإحنا كلنا جايين بسبب هذا الذي فعلتموه أنتم يوم 23 يوليو فأنا عايز أنسق معاك ومش عاوزك تُفاجأ بأي قرار أنا أتخذه وهنا علي باشا ماهر بدأ يدعو محمد نجيب ويدعو معه بعض ضباطه لإغرائهم عشان يقول لهم إيه..
يعني ها يعمل إيه وها يتصرف إزاي وهؤلاء ناس فعلا ما كنش عندهم.. همَّا فوجؤوا باللي حصل وفوجؤوا أنه السلطة في أيديهم وعلى أي حال ضمن الناس اللي قبليهم فتحي رضوان مثلا على سبيل المثال لأنه سلميان بك حافظ كان جابه عشان يبقى حلقة اتصال متصورا أنه كان محامي أنور السادات، فتحي رضوان ولديه فعلا حاجة جاهزة قوي وهي إلغاء الألقاب وقد كان أُلغيت الألقاب وعلي باشا ماهر ما كانش عنده مانع..
هو كان صاحب مقام رفيع علي باشا ماهر وما أظنش إنه حكاية إلغاء الألقاب كانت حاجة تبسطه قوي لكنه على أي حال وقد سمعها من الضباط دول ومنقولة عن فتحي رضوان فهو سيرى هذا واعتبر إن اداهم حاجة يعني وبعدين الحاجة الثانية إنه بدأ يحاول.. فبدأ..
هو أخذ على نفسه هو بدأ يقول لهم إن هو ها يدخل في عملية تطهير، ساعات مرات الناس تنسب التطهير إلى ضباط الجيش، هذا لم يحدث، الحقيقة إنه علي باشا ماهر وهو جاي وهذه عناوين الجرائد هو صاحب فكرة تطهير الدولة؛
لأنه هو رجل يعرف وهو رجل خابر إنه أجهزت الدولة حُشدت أو حُشرت أو امتلأت برجال الأحزاب فهو جاي وفي ذهنه إنه يطلع ده كله فدخل هو ها يطهر جهاز الدولة أنتم ها تطهروا له الجيش ها نلغي الألقاب وبعدين طرحت نفسها بطبيعة الأمور مسألة الوصاية على العرش هنا بييجي..
الحقيقة علي ماهر عنده حاجة مهمة جدا لأنه بدأ يلاقي حاجة أقلقته، بدأ يلاقي إنه كل الساسة اللي هو عاداهم وعادوه واللي هو أبعدهم وكلهم حاولوا يبعدوه واللي هو تآمر عليهم في مرحلة من المراحل أو هم تآمروا عليه بدأ يلاقيهم جايين بسرعة جايين هاجمين على الضباط دول كلهم اللي جايين وآخرهم مصطفى النحاس..
النحاس باشا كان موجودا في أوروبا وأنا هأرجع أتكلم على ده بالتفصيل كان موجود في أوروبا لكنه راعاه مبكرا إنه علي ماهر جاء بقى رئيس وزارة والحاجة الثانية إنه علي ماهر باشا بدأ يعمل سلطات يعني ما أقلق النحاس باشا ودعاه هو مجموعة القرارات اللي طلعت عن علي ماهر يتولى سلطات الملك إنه علي ماهر الوزراء يقسموا أمامه إن الأوصية يقسموا أمامه؛
وبعدين النحاس باشا لقى إنه فيه حاجة هنا في نقطة الوصاية على العرش فيه مسألة مهمة هو يقدر يخش فيها، المسألة المهمة إنه الدستور لم يتعرض لحكاية تنازل الملك لم يتعرض لعزل الملك تعرض لوفاة الملك بأتكلم على دستور 23 في المادة 52 منه؛
تعرض لتنازل الملك على العرش ونظم مسألة الوصاية لكن الأوصياء لا يقسِموا اليمين أمام رئيس مجلس الوزراء وإنما يقسِموا اليمين أمام مجلس النواب ومجلس الشيوخ، لكن علي باشا ماهر يدرك.. الدستور بيقول إيه في هذه الحالة؟ مادة 52 بتقول إيه؟
بتقول إذا خلا العرش وليس هناك مجلس نواب وفات عشر أيام على خلو العرش آخر مجلس نواب لابد أن يُدعَى للاجتماع لكي يقسِم الأوصياء أمامه اليمين الدستوري ومش أمام رئيس الوزراء، النحاس باشا أخذ بعضه وجاء على عجل لكي يقف ويصد الموضوع ده، ليه؟
لأنه بوضوح كده آخر مجلس نواب كان موجود هو مجلس النواب اللي عُطِّل بعد حريق القاهرة ومجلس النواب اللي حله أو أعلن بطلانه نجيب الهلالي باشا في مارس سنة 1952 وما حصلش مجلس نواب بعد كده فالأمر إذا طُبق الدستور بهذا الشكل لابد أن يُدعى مجلس النواب الوفدي لكي يحلف أمامه الأوصياء؛
فهنا لقينا فيه مشكلة كبيرة قوي طرحت نفسها، فيه عرش موجود وفيه صبي جالس على العرش وبعدين فيه دستور بيقول كلام وعلي باشا ماهر في ذهنه.. وقد حكاها لسليمان حافظ في ذهنه إيه؟
في ذهنه اللي عمله الملك فاروق ليس الكشف.. اللي عمله الملك فاروق لم يعد قائما ما لهوش معنى لأنه.. أولا علي باشا ماهر ما يقدرش يبقى عضو في مجلس الوصاية باعتبار إنه رئيس مجلس الوزراء، الحاجة الثانية إنه من الحاجات اللي أثارها ضباط الجيش لما شافوا علي باشا ماهر؛
وأظن هو ما كانش بعيد عن الإيحاء بده إنه لا يمكن يبقى فيه اثنين في الأوصياء من العائلة المالكة يبقى فيها محمد عبد المنعم اللي هو ابن عم الملك واللي هو ابن الخديوي عباس حلمي والحاجة الثانية إنه لا يمكن يبقى فيه الوصاية على العرش خال الملك سليم باشا صبري أخو الملكة نازلي؛
فقالوا كده بوضوح إنه صعب جدا إنه يتصورا إن بعد اللي حصل إنه ممكن وأظن إنه ممكن يبقى فيه اثنين من أعضاء الأسرة المالكة موجودين في مجلس الوصاية وإنه لابد إنه بشكل أو آخر الشعب يبقى ممثَّل، النحاس باشا جاء إخواننا القانونيين سليمان حافظ بيقول إنه مشكلة الوصاية على العرش بقت هي المشكلة اللي موجودة؛
والحالة النحاس باشا وغيره من الساسة قلقانين جدا من علي ماهر لكن علي ماهر نافد قوي على الضباط وبيحاول يدخلهم يجرجرهم في واقع الأمر أنتم طهروا الجيش وأنا هأطهر الدولة وأنا ها آخذ كل حاجة وها أرتب وفي ذهنه طبقا لسليمان حافظ وبخط يده..
وهو شاهد هنا لا يمكن أن تكون شهادته موضع تجريح، بيقول إنه خطة علي ماهر زي ما سمعها منه، همَّا راحوا هو والسنهوري باشا الاثنين من القابلات اللي موجودين في غرفة الولادة القيصرية راحوا قالوا له إيه بقى؟
قالوا له إنه لابد إنه هذا الوضع يبقى له بشكل ما نظام دستوري وبعدين إحنا لو طبقنا الدستور ها ييجي برلمان الوفد عشان الأوصياء يحلفوا أمامه فدخلنا في مشكلة طويلة ها ترجَّع الوفد ثاني وهم من أعداء الوفد وها أقول هنا يعني مثلا سليمان حافظ بيقول إنه لمَّا راحوا يكلموا علي ماهر قالوا له إيه؟
قالوا له إن إحنا لابد من فترة انتقال 6 أشهر وعلي ماهر كان متحمس لده عاوزين فترة انتقال 6 أشهر يتعمل فيها قانون انتخاب جديد يكفل أن لا يعود الوفد وبعدين يقول سليمان حافظ بقى يقول إيه؟
هم لاحظوا إن شباب الضباط متحمسين للانتخابات بسرعة وانتخابات تجيب أي حد ييجي والوفد موجود في ذهنهم متصورين فعلا إنه حزب الأغلبية وأنا بأظن إنه في هذه اللحظة هذا كان حقيقيا وأنا شفتها بنفسي وناقشتها مع جمال عبد الناصر بعدها بأسبوعين ثلاثة؛
لكنه فعلا الضباط جايين وتصورهم لما هو قادم انتخابات وانتخابات حرة وتجيب الوفد في الغالب وخلاص كويس قوي وهمَّا يعني يشوفوا طريقة يعني.
المرحلة الانتقالية ومجلس الوصاية
محمد حسنين هيكل: هنا بقى علي ماهر في ذهنه إيه؟ علي ماهر في ذهنه ويناقشه سليمان حافظ والسنهوري هنا في ذهنه إنه طيب فترة انتقال 6 أشهر، سليمان حافظ والسنهوري في هذه اللحظة المولدات.. الدايات اللي في أوضة الولادة القيصرية محتارين أو مختلفين، القانونيين في ناحية وعلي باشا ماهر في ناحية، فيه واحد رجل سلطة وفيه اثنين بيتكلموا قانون ونصوص ومواد، اللي بيتكلموا قانون ونصوص ومواد بيقولوا إيه؟
بيقولوا واحد 6 أشهر فترة انتقال، اثنين إن إحنا لابد أن نعدل قانون للانتخابات لكي نضمن أن لا يجئ الوفد ويقول سليمان حافظ وهو هو من الحزب الوطني والسنهوري باشا من حزب السعديين أصلا وولاءاتهم هناك السياسية وميولهم هناك وكلها معادية للوفد، يقول إيه؟
يقول بالنص كده وأنه وإياي قلنا لعلي باشا ماهر انه وإياي هو والسنهوري باشا كنا قد تدارسنا هذا الموضوع وأعددنا تشريعا لتعديل قانون الانتخابات على صورة تكفل التوازن بين عدد أصوات الناخبين وبين المقاعد التي يفوز بها كل حزب ليه؟
لأنه بيقولوا والله إحنا لاحظنا في كل الانتخابات السابقة إن الوفد أخذ 40% من أصوات الناخبين لكن اكتسح المقاعد كلها فإحنا عاوزين نعمل.. نفصَّل قانونا انتخابيا جديدا يضمن إنه الوفد على أي حال ما يجيش بأغلبية مهما كان؛
وبعدين يبقى فيه حالة من التوازن تكفل ما حدش يعرف تكفل إيه يعني، لكن هم يحسوا إن علي باشا ماهر مش عاوز كده والحاجة الغريبة جدا وهذه نقطة تقتضي الملاحظة إنه ويرويها سليمان حافظ راحوا لعلي باشا ماهر طيب أنت ها تطلَّع قوانين والكلام ده كله باسم إيه؟
هنا فيه مسألة مهمة قوي استنادك إلى إيه؟ لأنه لابد من إعمال دستور ولابد إنه يبقى فيه الفراغات الدستورية لابد أن تغطَّى فلابد أن تغطى بانتخابات ولابد أن تغطَّى بانتخابات نعلن توقيتها، هنا علي باشا ماهر يبدو أمامهم.. الاثنين يحسوا أنه يريد أن يستند إلى السلطة الثورية أو الانقلابية للي جرى اللي عمله الجيش يوم 23 يوليو؛
بقينا أمام وضع في منتهى الغرابة بمعنى إنه فيه مجموعة استولت على السلطة وهي لا تدري وفيه ناس أخذوا وعُهد إليهم بسلطة التنفيذ وهو ليس لديهم قوة لكنهم يريدوا أن يحكموا بشرعية انقلاب وهذه أنا بأعتقد إنه دي كانت من التعقيدات الشديدة جدا التي كانت موجودة في غرفة الولادة القيصرية؛
ولكن علي.. هنا يحصل بداية خلاف بين علي ماهر والقانونيين بنمشي هنا في الخريطة وأنا مش هأخش أتكلم فيها كثير قوي يعني دلوقتي في الوقت الحالي هأسيب بقيت أطرافها لأنه أنا هنا بأكتفي بحركة الجيش..
وبأكتفي بالتفاعلات اللي جارية مع الوزارة بأكتفي بعلي ماهر وسليمان حافظ والسنهوري وهأرجع أتكلم على القانونيين ثاني، لكن هنا علي باشا ماهر كان بيتصرف بشكل حد عنده طموحات بقاء إلى ما لا نهاية وفي ذهنه إنه وده برضه بيقوله سليمان حافظ إنه عاوز يعمل إيه؟
عايز 6 شهور يعدَّل فيها قانون الانتخابات وينشئ مجلس وصاية مؤقت لفترة 6 أشهر وبعدين هو ييجي يحط برنامج الحكومة كما يشاء في هذه الـ6 أشهر وبعد الـ6 أشهر يسيب رئاسة الوزارة لأي أحد من رجاله ويتولى هو الوصاية على العرش؛
التجربة الحقيقية لكاردينال الملكي يريد حتى أن يزيح ستار الملك ويريد أن يبرز بالعباءة الرمادية (كلمة بلغة أجنبية) تبقى واضحة كده في ضوء النهار، هأسيب ده وأروح للبرقيات..
للوثائق البريطانية هألاقي إيه بقى؟ وأنا هنا بألاقيها مهمة قوي لأنه علي باشا ماهر وهو يضع أمامه خريطة القوى في هذه اللحظة ويقرر عاوز يعمل إيه ويقول أمامي الجيش وأمامي الشعب وأمامي الأحزاب رايحة على الجيش وأمامي الشعب رايح على الجيش وأنا هنا بأنفذ وأنا هنا بأعمل في الأداء الحكومي اللي عايز أعمله، فيه عندي جبهة.. الجبهة الأهم وهي جبهة الإنجليز..
هنا هو أنا بأعتقد إنه علي باشا ماهر كان توصيفه صحيحا أنه أردك أنه لابد وعلى الفور إنه هو يعمل وينشئ اتصالات مع الإنجليز ويرسخها لأنه زي ما وهو واضح لأي حد بيبص على الخريطة السياسية، في ذلك الوقت القوة الحقيقية لإقامة شيء أو هد شيء أو السماح بوجود شيء موجودة مرهونة بماذا يتصرف هؤلاء الجالسين في القاعدة؟
دول 80 إلى 100 ألف عسكري والموجودين مش بيلعبوا، دى إمبراطورية بتدافع عن نفسها موجودة وإذا بدا لها أن هناك أوضاع تضر بمصالحها سوف تتدخل ولديها القوة ولديها المبرر القانوني ولديها المبرر الأخلاقي أمام الناس بره ولو حتى بادعاء حماية أرواح الأجانب أو حق المرور في قناة السويس
أي إدعاء فهنا أبص ألاقي إنه على باشا ماهر من أول لحظة رايح بيتكلم مع الإنجليز سير ستيفنسون جاء وعلي ماهر بيشوفه وأنا أبص على توالي البرقيات، أول حاجة بيقولها على باشا ماهر للسفير الإنجليزي وهذه برقية طالعة من مصر يوم 28 يعني السفير رجع كان في إجازة رجع القاهرة قابل علي باشا ماهر فعلي باشا ماهر بيقول له هنا؛
بيقول له أنا عندي معلومات إنه نجيب هو واجهة لضباط آخرين وراءه ولكني أنا.. وكلهم كانوا مسوقين بعداء للملك لكن هم شباب نواياهم كويسة قوي وإحنا على أي حال بنشوف كيف يمكن الحاجة الثانية ماذا يمكن نتصرف معهم ولكن كل حاجة (Under control) وما تقلقوش تحت السيطرة يعني وبعدين برقية ثانية بقى بيقول للسفير علي باشا ماهر بيقول له إيه؟
بيقول له أنا.. إحنا أمامنا مشكلة الوصايا وأنا أريد أن أعرف رأيكم فيها، مشكلة الوصايا على العرش والحاجة الثانية لأنه فعلا أنا عشان أبقى منصف مع الرجل ما كانش ممكن تتعمل حاجة (major) حاجة أساسية كبرى ممكن تعمل انقلاب من غير ما يقولوا للإنجليز؛
طبعا ممكن لأنه ده نوع من حوادث الطرق تقريبا ما حدش بيستأذن فيه أحد لكنه لم تيجي تنظم أمور في بلد فيها احتلال لابد إنك تتكلم معهم فهنا أنا ما لاقتش حاجة غلط إنه علي ماهر يسألهم رأيكم إيه في موضوع الوصايا ولو إني مش متحمس قوي للطريقة اللي طلب بها رأي القانونيين في وزارة الخارجية وقال للسفير الإنجليزي قال له إيه؟
قال له أنا شديد الحرص أنا شديد الحرص على أن تبقى صلتنا وأن نتشاور وأن أتلقى نصائحكم في كل الأمور الهامة وبعدين قال للسفير عندنا مشكلة مجلس وصايا وأنا مش هأخش فيه رغم إن الملك فاروق حط اسمي فيه لكن لأني لو دخلت ها أتخلى عن الوزارة وبعدين برقية ثانية بنشوف السفير ثاني بيقول له إيه؟
السفير بيبلغه بيقول له عشان تتجنبوا المخاطر لابد أن يكون فيه مجلس الوصايا الجديد عضو بارز وأن يرأسه عضو بارز من الأسرة المالكة ونحن نقترح إنه يبقى عبد المنعم وإحنا لن نقبل أي حاجة ثانية لأنه الحجة الأساسية يقول بقى لعلي باشا ماهر بيدغدغ عواطفه بيقول له الجهتين..
كل ما في مصر في اللحظة غير شرعي لأنه ما لوش أساس دستوري لكن فيه حاجتين لهم أساس دستوري أنت كرئيس وزراء لأنه عينك الملك والحاجة الثانية مجلس وصايا اللي عمله الملك لكن ما يتغيرش كثيرا لابد أن تبقى له الإرادة الدستورية اللي كانت موجودة في صياغته؛
حتى وإن غيَّرنا عضوا فيه وبعدين طلب إنه يشوفه مع اللواء نجيب وشافه فعلا مع اللواء نجيب وبعدين بيحكي قابله علي ماهر تاني بيقول له إنه برقية.. بيحكي له علي ماهر بيقول له إن مستشارين منقسمين في حكاية ماذا نفعل من هنا يعني؛
وبعدين بيقول له إنه النحاس باشا جاء وقال حكاية مجلس الوصايا دي عايزة برلمان والبرلمان الوفدي لابد أن يُدعى وإنه بيقترح على علي باشا ماهر إن هو يستنى زي ما الملك طلب يستنى في مجلس الأوصياء ولكن المجلس تعدل ما يخشش فيه شريف صبري لا يخش فيه بهي الدين بركات ويخش فيه حسين سري؛
وبعدين السفير بيقول له إن إحنا لا يمكن نقبل هذا وأن خلو مجلس الوصايا من أي عضو من أعضاء الأسرة المالكة سوف يضعف العرش ويؤثر على استقلال الدولة وبعدين علي ماهر بيقول له إنه هو لابد أن يراعي رغبات الضباط الشبان دول وإنه لازم يتعامل معهم بلطف يعني؛
وبعدين بيرجع تاني برقية تانية وهنا نلاحظ حاجة غريبة مهمة في اللي بيعملوا علي ماهر جنب إنه بيتصل بضباط الجيش جنب إنه بيقوي علاقاته بالإنجليز جنب إنه عاوز يجنب كل الأحزاب عامل حاجة غريبة قوي داعي السفير الأميركي عشان يطلب منه إيه؟ بيقول له أنا بأواجه موقف والوزارة ما عندهاش عندها الجيش موجود هناك؛
والجيش موجود هو اللي جاب الوزارة والجيش هو واقع الأمر هو حامي الدستور لكن الإدارة ليست في يدها سلطة مسلحة كافية فأنا عايز صفقة سلاح للبوليس عايز أقوي البوليس والسفير الأميركاني يطلع يحكي للسفير الانجليزي على حكاية إنه الوزارة عايزة سلاح للبوليس وبعدين بنخش في الكلام ده كله وبعدين بيقول إيه بقى نوصل السفير الإنجليزي هنا واقع الأمر علي باشا ماهر بيحكي له كل حاجة هو أنا مستعد أقبل مستعد أفهم لأنه..
بس أنا شايف إنه الظروف.. الكلام تجاوز مرات إلى درجة إنه فيه مقابلة من المقابلات هنا وفي وجود علي ماهر.. في وجود محمد نجيب السفير الإنجليزي بيتكلم بلهجة السنهوري باشا.. سليمان حافظ بنفسه وقد كان جالسا قال أنا حسيت إن السفير بيوجه لنا كلنا تقريبا إنذار بأنه عايز مجلس وصايا على النحو التالي إلى آخره وبعدين برقية بيقول إيه؟
إنه علي ماهر دعاه وأقنعه وقال له إن إحنا عاوزين قررنا ها نخلي الأمير عبد المنعم رئيس مجلس الوصايا وأنا عملت حتة ضربة حظ هائلة في أنه قدرت أقنعهم بأنه بدل اثنين من الأسرة المالكة خلى محمد عبد المنعم رئيس مجلس وصايا ونخلي بهي الدين بركات باشا اللي اقترحه النحاس باشا يبقى في مجلس الوصايا ونجيب واحد من العسكريين نحطه في مجلس الوصايا وإنه لقى تَعب في ده قوي، الفكرة جاءت إزاي؟
فكرة إن الشباب معترضين لما سمعوا من علي باشا ماهر ويمكن بتحريض من علي باشا ماهر مش عاوزين كل اللي قالوا عليهم ملك طبعا، لكنه برده مش عارفين يعمله إيه وعلي ماهر ما يقدرش يبقى في مجلس الوصايا والنحاس باشا جاء؛
وقال بهي الدين بركات، فإذا بسليمان حافظ يقترح إنه طب ما ييجي مندوب من الجيش، ما دام همَّا اللي شالوا الملك وهذا اقتراح سليمان حافظ وهو لا ينكر هو والسنهوري باشا لا ينكروا هنا أنا بأعتقد إنه حصل..
مرات في التاريخ يحصل توافقات ويمكن دون قصد، أنا تكلمت في حلقة سابقة على ألوان وأنواع الضباط اللي جُم غداة خروج الملك فاروق وكلهم كانوا من فئات مختلفة وطبائع مختلفة وظروف مختلفة لكن فيهم بعض أمراء الجيوش الغاضبين أو الأقل المستغربين أو الأقل اللي لهم شعبية كبيرة في الجيش ومنهم رشاد مهنا؛
في هذه اللحظة يبدو لي أنه.. سواء بالتوافق أو سواء برغبات أخرى إنه لمَّا سليمان حافظ اقترح وألح إنه والله يبقى فيه مندوب من الجيش في مجلس الوصايا أنه الفكرة لاقت هوىً بشكل أو بآخر بعض الضباط عند الجماعة اللي في القيادة، لاقت هوى ليه؟
أولا إنه والله طيب ما إحنا ما دام إحنا اعترضنا على الأوصياء ودي ظروف الأوصياء أحسن قوي وهذا هو المجلس الذي سوف تنتقل إليه ممارسة السيادة الرسمية إنه يبقى فيه حد من الجيش (Why not ) ليه لا؟
والحاجة الثانية طب ما إحنا عندنا أهم الأمراء الغاضبين أمراء الجيوش الغاضبين واللي لهم شعبية في الجيش وهو الشخص البارز جدا في سلاح المدفعية والرجل اللي كان عنده أنا قلت وصفت إني قلت مرة إنه كان عنده في الجيش عنده دائرة انتخابية في الجيش وعنده ضباط معجبين به، طب ليه لا ما يروحش؟
ما يروح في مجلس الوصايا لكن يتضح إنه لا يستطيع أن يكون في مجلس الوصايا إلا مَن تولي منصب الوزارة على أقل تقدير، هنا القانونيين يطلعوا لي تاني مستعدين.. أنا بأحترم جدا القانون بأحترم جدا القانونيين طبعا وبأعتقد إنه أهم حاجة توصلت لها البشرية في طوال تاريخها هو اختراع فكرة القانون لأنه لولا القانون لما حُفِظ أي شيء لا علم ولا فكر ولا أمن ولا أي حاجة أبدا لكنه القانون بأعتقد إنه الخلطة الكبرى..
وإحنا أخذناها من فرنسا، إنه القانون مرات يُستخدم لكي يدور حول الحقائق ولا يواجهها فهنا القانونيين بيقولوا إيه؟ بيقولوا ممكن قوي والله إنه رشاد مهنا يُعيَّن وزيرا ليوم واحد ثم يدخل الوزارة، أنا أظن إنه في هذه اللحظة سواء صح أو غلط سواء كان كويس أو وحش إنه حصل نوع من الخطأ، أنا ما أعرفش كان ممكن يدار إزاي هذا الخطأ؛
لكن في هذه اللحظة بدأ إنه هذا الخطأ القدر لا مفر منه إذا كانت الأمور بهذا الشكل وإذا كانت الأوضاع بهذا الشكل كلها فرشاد مهنا يروح وهنا خطا ضابط برتبة وقتها هو برتبة أميرالاي أظن أو حاجة كده يعني قائمقام رشاد مهنا خطا ضابط في نفس اليوم من ضابط في المدفعية موجود في العريش؛
وجاء القاهرة فجأة للقيادة إلى التعيين في منصب وزير المواصلات لمدة يوم واحد وثالث يوم يقدم نفسه وبوصية قانونية وبرعاية قانونية وبحلول دستورية باللي إحنا عايزينه، يذهب لكي يقدم نفسه إلى رئيس مجلس الوزراء باعتباره..
أنا والله ما عرفوهوش على باب مجلس الوزراء لما راح مجلس الوزراء بعربيته قال روح مجلس الوزراء قابل علي باشا ماهر لأنه عنده حاجة يقولها لك، راح الرجل أنت مين؟ قال أنا قائمقام رشاد مهنا ورئيس الوزارة مستنيني، قعَّدوه في غرفة السكرتارية شوية..
دخل جوه عند علي باشا ماهر فأبلغه علي باشا ماهر إنه ها يتعين وزير مواصلات تمهيدا لأنه يبقى أحد الأوصياء على العرش وهكذا بدأنا.. بدأت الخريطة هذه الخريطة الملتبسة تبدأ عليها تحركات شديدة الحساسية وتقتضي متابعة في اعتقادي، تصبحوا على خير.
المصدر
- حديث تليفزيوني: الولادة القيصرية لثورة 23 يوليو موقع الجزيرة نت