الوحدة قدر لا مفر منه

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الوحدة قدر لا مفر منه

2008-11-11

بقلم : محمد يوسف جبارين

برغم كل شيء فلا مفر من الوحدة .. قدر كل شعب أن يتعلم من تجاربه .. من الصراعات ومن التباينات التي تضيق به وتقلقه وتتعبه ومن المحن والكوارث التي تلم به ..لا مفر ..لا بد من مواجهة المصير بكل ما يتصل به، ويتفق مع الصالح العام والمآل الذي يجب أن يؤول اليه المصير، في كل مرحلة من مراحل التطور ..لا بد من استشفاف الدروس المفيدة والتي تضيف في مسيرة شعب.. لا بد من التعلم من الأخطاء ..لا حل سواه الحل الذي لا غيره وهو الوحدة ..ولكن كيف ..هل كل الاطراف على استعداد ان تستفيد من الأخطاء ..هل حماس على استعداد أن تستخلص الدروس وتنتفع بها لمصلحة شعب فلسطين كله لا لمصلحتها فقط .. هل يكون لحماس بأن تفهم بأن السياسي يعرف مقدار الآخرين ، ويعرف كيف لا يحترف السباب والشتيمة وعدم الاحترام للقيم .. هل يكون لحماس بأن تفهم بأن كفاح الاحرار من أبناء فلسطين يستحق الاحترام ..هل يأتي يوم وتعرف كيف تحترم ياسر عرفات .. لا أن تدوس على صوره بالأقدام .. هل يأتي وقت تعترف حماس بأن الذين ماتوا من أجل فلسطين كلهم شهداء .. وليس الشهيد فقط هو من مات وكان منتميا فقط لحماس ..هل يمكن أن تستخلص حماس بأن شعب فلسطين ليس فقط مادة بشرية يمكن الاتساع فيها واحتلالها بفكر ، وهذا كل ما يعنيه بالنسبة اليها هذا الشعب .. كيف جاز لحماس أن تتواصل في اعلامها ، وعلى مدى وقت طويل في تفسيرات وشروحات ، كادت تصل الى القول بأن فتح كادت تكون ولا فرق بينها وبين الصهيونية ..كيف نفهم هذا الفكر الذي يعشش في عقلية تصف محمود عباس بالخيانة ..كيف نفهم وكيف نرتضي وكيف لا نقلق .. فهنا فكر مشتق من عقائد مركبة تصل بالفلسطيني الى اعتبار العربي الثائر خائنا، لا لسبب الا لكونه يرفض فكر حماس ، وينتمي الى فكر آخر ويدعو اليه فهو متحرك بقناعاته .. وهذا شعب فلسطين الذي حارب من أجل الحرية يريد حريته في أرضه ..ويريد أن يحياها ويريد الحرية أن تصل الى عنان السماء ..لا قيد عليها ..لا فكر يقيدها لا جملة من عقد تقيدها .. لا مليشيات التنفيذية تطاردها وتسفك دمها ..فهذا ارهاب واستبداد وطغيان احترفته [حماس] وقدمت كل الادلة على بشاعة تطبيقاتها لفكرها وقناعاتها .. قدمت حماس بذلك بأن الدم الفلسطيني لا قيمة له حين يرفض قناعات حماس وعنجهيتها وظلامها الذي راحت تنشره بقوة النار .. هل تدرك حماس بأنها ومن لديها ومن هي اليهم تابعة من اخوان وغيرهم من مولاة خريجي قم ، ومن يدور في دورتهم ، بأنها وهم معا ليسوا وحدهم المسلمون على هذه الأرض ..وبأنها أي حماس وكل ربعها ليسوا وكلاء التاريخ ولا الأوصياء على التاريخ ، ولا على هذا الدين وبأن هناك فكر آخر مستمد من نفس التاريخ ..ومؤسس على نفس العقيدة ولا يتفق مع الاخوان ولا مع حماس بل يدينهم في مواقفهم السياسية ، وفي تحليلاتهم ويدين جوانب كثيرة من فهمهم للدين .. ويدينها في كثير من الفكر الذي استوت عليه ..هل يستوي لحماس بأن تكون كما تريد وفقط أن يكون فهمها للاسلام خصيصتها هي ومن هي لهم تابعة وليس هو هذا الاسلام وفقط ، بل هناك الآخرون المسلمون الذين يريدون رفع شأن الإسلام ولكن بطريقة مختلفة ومغايرة لكثير مما تقوم به حماس ..هل تستطيع حماس الاعتراف بذلك .. وهل ترتضيه ..وهل تكف عن تكفير الناس ..وهل تكف عن اباحة دم المختلفين معها والذين يقولون لها لا ..لا..هل تعالج خطابها الاعلامي وتكف عن الاساءة للغير، وتلتزم العلمية والموضوعية في خطابها، ولا يكون منطلقها هو حماس وفقط ، وانما شعب فلسطين واحترام الآخرين غيرها من هذا الشعب ..وفي هذا السياق تجد ذاتها كحركة فلسطينية ..تنمو وتتطور في سياق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وتعتبر الآخرين منافسين لها.. ولهم كما لها كامل الحق في التراب وفي التعايش بسلام وداخل أمن مشترك على كل متغيراته..هل يمكن لها ان تتجدد وتصبح أكثر انسانية وموضوعية تحترم حرية الآخر، بنفس المقدار من الحرية الذي يريده قادتها لأنفسهم...لو يحدث هذا لأصبحت حماس غير ما هي ..وهل بعد كل ذلك يمكنها حماس أن تعي بأن كلمة دولة تعني التنظيم القانوي للمجتمع ، وبأن دولة الأحرار التي يحلم بها الفلسطينيون ، انما جملة القانون فيها بالضرورة ، لا بد تكون متفقة مع الغاية الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني برمته ، وبأن هذه الغاية خلو من كل ما يشكل قيدا على حرية ابن فلسطين في دولته التي فيما لو أفلحت ارادته وأقامتها ، فانها مسيرة حريته ، وانتصاره الدائم الى هذه الحرية هو بعينه ما أنتج دولته ، ولذلك لا يمكنها حرية شعب فلسطين الا أن تتوج بدولة الاحرار ، فعلى ذلك نظام الدولة لا بد وأن يكون صياغة لهذه الحرية التي كانت ولم تزل الغاية التي لا تفارق ، ولا تنزل من بين العيون ، وتبرر دوما كل بذل وعطاء، وهذا النظام القانوني الذي هو الدولة ، كما أن نصوصه التزمت الحرية ، فان المواطن ، كل مواطن يتوجب عليه أن يلتزمها ، ويدافع عنها ، ويعمل في خلال مسار حركته في الحياة على ترسيخ المعايير والقيم التي توفر ظروف ديمومية الحرية ، وكذلك الأحزاب كما الأفراد ، فنظام الحزب ، وما يقوم به في انشطته كلها يحفظ كل متصل بالحرية ويعلو من شأنه فعلا وقولا ، ولا يكون بحال برنامج الحزب بدلا عن الدولة ، ولا يكون برنامج كهذا مشروع احتلال للدولة ، فاذا فاز الحزب في خلال انتخابات بأكثرية نيابية ، يتيح لنفسه ، أن يبدل بالنظام القانوني على ما يجعله بذاته هو نظامه هو ، فيكون بذلك اعادة هيكلة نظام الدولة على ما يتفق للحزب ، فاذا الحزب يحمل فكرة هي مشروع استبداد تعاد به هيكلة نظام الحكم على ما يتفق معها ، فان تسلل هذا الحزب من طريق استحصاله على موافقة جماهيرية على استلامه الحكم ، انما تكون تلك هي بداية فهم الجماهير للخديعة الكبرى التي وقعت فيها حين أوكلت زمام سلطة لهكذا حزب ، ذلك أن هذه الجماهير سرعان ما تدرك على جلدها بأنها باختيارها لحزب كهذا انما اختارت ومن حيث لا تدري تنازلها عن حريتها ، وسرعان ما تفيق هذه الجماهير من غفلتها ، وهي ترى بأم عينيها معاناتها من الاستبداد الذي يمارس عليها ، ومن تغييب الحرية التي كانت تحلم بها ، وسرعان ما تعود الجماهير الى سؤالها المنبثق من حلمها ، كيف تستعيد حريتها ، كيف تتخلص من هذا الاستبداد الذي يمارس عليها ، وهذا هو سؤال الجماهير الشعبية التي ما كانت ترغب يوما بأن ترى حماس على هذا الحال المتنافي مع الحرية ، فالمقاومة على ما وعتها الجماهير ، مشروع حرية ، فلم تفرق الجماهير بين حرية الوطن وبين حرية ابناء الوطن .لقد غاب عن وعي هذه الجماهير بأن مقاومة للاحتلال ليست دليلا كافيا على ماذا يكون مفهوم مقاومة كهذه للحرية حين يصبح عليها تسيير أمور حكم في البلد ، فحماس المقاومة للاحتلال ، غير ما هي في انقلابها ، وفي اباحتها دم كل معترض على سيطرتها ، فهي في فعلها تجيز سيطرتها ، وفي كلامها تجيز مسخ كل رأي أو موقف يتحادد مع رأيها ، وهي حين تسفك دما أو تسب وتلصق التهم جزافا ، تراها بقادتها تفعل ذلك والابتسامات على وجوههم ، فكأنهم خلو من كل حرص على غير فكرتهم التي تجمعهم ، وكأنهم خلو من الوعي بهذا الآخر الذي هو غيرهم ، وهو له ما لهم في وطن لا يزال يرسف تحت الاحتلال . فمشروع الحرية كتنظيم قانوني للمجتمع متناقض في جوهرة مع مفاهيم غائمة عن الحكم تموج برؤوس قادة حماس ، فليس لديهم ما يحرصون عليه سوى فكرة لا يعونها هم أنفسهم بغير اقامة استبداد يسمح لهم بتجسيد هذه الفكرة ، فالآخر بالحرية التي يريدها ،كمفهوم اساسي يقام عليه تشكيل النظام القانوني للحكم هو بعينه ، ما لا يتفق مع فكرة عن حكم تريده حماس ، فهذا الآخر يتجلى بوعيه بالحرية كعقبة تقلق حماس ، وتغيظها ، فترى قادة حماس واعلامها يتمايزون غيظا من هذا الآخر بكل ما يمثله من قيم الخير والحرية .

محمد يوسف جبارين..أم الفحم..فلسطين

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات