الهجرة ثورة وعبرة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الهجرة ثورة وعبرة


بقلم : خميس النقيب

مع مطلع شهر المحرم من كل عام ، يقف أهل الصلاح والتقوى يأخذون العبرة ، ويسترشدون المعني ، ويستلهمون الدرس ، ويجدد فيهم النشاط ، ويثير فيهم الحماس ، ويزرع فيهم الأمل ، ويحثهم علي العمل ، ينير لهم الطريق ، ويبعث فيهم روح الفريق ، ويدفعهم إلي السير الحثيث إلي الله ، ويهون عليهم مشاق الدنيا وأهوال الحياة ، ويبعث فيهم روح الثورة ، الثورة علي الظلم والبغي ، الثورة علي الخمول والكسل ، الثورة علي التشتت والتشرزم ، الثورة علي التيه و الغفلة ، ثورة تقودهم الي التوحد والعمل والابداع .. ادراك قيمة الوقت والتضعية والامل والتخطيط السليم وصون المباديء وغيرها مما قد لا نحصيه في هذا المقال ..!! ونخلص من الهجرة إلي هذه الدروس والعبر ..!!

  • الوقت هوا لحياة : لعل أول درس هو إدراك قيمة الوقت ..!! فالوقت هو الحياة ، واستغلاله في الطاعة طريق النجاة ..!! ، عاما من حياتنا مضي ، بحلوه ومره ، بخيره وشره ، بحسناته وسيئاته ، بصلاحه وطلاحه ، لا ندري أيكون لنا أم علينا ، لذا يجب أن نكون من الله علي وجل (الملك:12) .." الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ "(الأنبياء:49) لهم المغفرة "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"( الملك:12) ..والله حسيبهم "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً " (الأحزاب:39) لذلك " فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ "(الذاريات:5) ، وان نكون من الجنة علي عجل ".. وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "(آل " (عمران:132) ومن الآخرة كذلك ( اعمل لأخرتك فانك تموت غدا ) ومن أعمال الخير لا كلل ولا ملل " إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ " (الأنبياء:90) ، إن انتهاء عام من أعمارنا قربنا من لقاء الله خطوة ولا ندري كم بقي من أعمارنا ، بعض خطوة ، أم خطوة ، أم خطوات " يقول الحسن البصري رضي الله عنه : إنما أنت أيها الإنسان أيام مجموعة ، فاذا ذهب يومك فقد ذهب بعضك ... إذا مر يوم من حياتك فقد وقعت ورقة من شجرتك ، وطويت صفحة من صفحاتك ، وهوي جدار من بنيانك..!! ويقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما ..نعم الليل والنهار يعملان فيك كيف؟.! يقربان كل بعيد ، ويبليان كل جديد، ويفلان كل حديد ...!! يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ..ويقول أيضا .. لو قيل أن كل الناس يدخلون الجنة إلا واحد لظننت إني ذلك الواحد .. بينما يقول الصديق أبو بكر رضي الله عنه :والله لا امن مكر الله وان كانت احدي قدماي في الجنة .. اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك . ‌

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 1077 في صحيح الجامع.

  • قيمة التضحية...!! تأ تي الهجرة لتعلي قيمة التضحية في زمن الخنوع والخضوع لغير الله ، في زمن المعاصي والذنوب إلا ما رحم ربي ..!! في زمن المصالح الشخصية ، والحياة الوردية ، والمتعة الوقتية ، في زمن انتعاش أهل الباطل في غفلة أهل الحق ، في زمن الفساد المخطط والإفساد الممنهج في الأرض ..! فمن اجل تبليغ الدعوة إلي العباد ، ومن اجل الاستقواء علي الفساد والإفساد ، ومن اجل مقارعة الباطل في كل البلاد كانت التضحية بالوطن ..!! ولو كان مسقط الرأس ، ومرتع الصبا ، ومجمع الذكري ..!! (و الله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي ولولا أني أخرجت منك ما خرجت .) ‌ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 7089 في صحيح الجامع.. حتى انزل الله عليه "إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "(القصص:85) والتضحية بالمال ولو كان قليل ( موقف صهيب الرومي ) ، والتضحية بالأهل ولو كانوا أحبة ( موقف أسرة سلمة ) ، والتضحية بالراحة والاستقرار ولو كانا في قبضة اليد ..!! إنها ثمرة التربية التي حرص القائد الاعلي عليها طوال ثلاثة عشر سنة ، إنها الوسيلة لبناء الرجال ، والروح لتغيير الأحوال ، والوصول إلي حياة قد تبدوا صعبة المنال ، انه المنهج لتغيير الأمم ،وبلوغ القمم ، وإبراء الذمم ، والأعذار إلي الله ..!! نعم إنها التربية الفكرية والثقافية والخلقية والاجتماعية والبدنية والجهادية والسياسية.. ولعل التضحية كانت حاضرة بقوة عند الشعب المصري في الشهور القليلة الماضية فكانت الثورة هجرة بكل معني الكلمة .. هجرة من الكسل الي العمل ، من الباطل الي الحق ، من الفساد الي الاصلاح ، من الحصار الي الانتشار .. ثم كان الاستفتاء ثم جاءت الانتخابات فابهرت العالم ، واظهرت معدن المصري الاصيل الذي نال حريته فهاجر يسطر مستقبله ..!! اعني هنا الهجرة المعنوية لا المكانية .. التي تحدث عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ) صحيح
  • المبادئ لا تتجزأ : تثب الهجرة أن المبادئ لا تتجزأ ، وان الالتزام بها ضرورة لأهل العقيدة ، رغم كل الظروف ، فالنبي صلي الله عليه وسلم كان حريص علي أداء الأمانات التي كانت مودعة لديه إلي أهلها ، وهو القائل: أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك . فترك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فراشه ، وهو أمر عجيب ، هؤلاء الناس استباحوا دمه و أرادوا قتله ، بل أدموه وأذوه وطردوه لكنه لم يشأ قتلهم ، ولم يستبيح أموالهم ، ولو كلفه ذلك بالمخاطرة بابن عمه، وصدق الله " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً "(النساء:58)
  • الأمل في نصر الله والثقة في وعده : في بيت النبي صلي الله عليه وسلم جلس علي يرد الأمانات إلي أهلها وخرج النبي فوجد أربعين شابا ينتظرونه لضربوه ضربة رجل واحد فيقتلونه ويتفرق دمه بين القبائل ..!! لكنه خرج يتلوا القران "وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ "(يس:9) واخذ حفنة تراب ونثرها علي رؤوسهم فما بقي واحد إلا ونال قسطا من التراب ، وصدق الله " وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "(الأنفال:17)..وصل النبي وصحبه إلي الغار ، فتبعهم الطلب ( الأعداء ) فقال أبو بكر : لو نظر احدهم تحت قدمه لرآنا ..!! فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا "..إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(التوبة:40)

و لما دنا سراقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة وقال له أبو بكر :

الطلبوراءنا يا رسول الله، قال: لا تخف، قال: الطلب قاب قوسين، فقال صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفنيه بما شئت...فلما دنا غاصت قوائم فرسه في الأرض، أو عثرت به وسقطعنها.

فنادي: يا محمد! ادع ربك كي ينجيني مما أنا فيه ولن يصيبك منيأذى.

هناك عرف بأن لمحمد ربا أحسن من ربه، وعرف الحق، فلما دعا له النبي قام،فتعجب سراقة مما رأى، وقام يعرض عليهم الزاد فقالوا: نحن في غنى عنذلك. قال: خذ هذا السهم من كنانتي وستمر بغنمي، فاعرضه على الراعي وخذ منغنمي ما شئت.قال: يغنينا الله عن غنمك...ثم قال له صلى الله عليهوسلم: أتعجب يا سراقة من هذا؟ كيف بك يا سراقة إذا أنت لبست سواري كسرى؟ قالكسرى أنوشروان ؟!أمر مذهل ما استطاع سراقة أن يتحمل، فهذا شخص أخرجه قومه ..ويمكر به قومه، ثم هو وصاحبه فقط ويعد سراقة بأن دينه سيظهر، وأنهسوف يأخذ عرش كسرى، وأن سراقة يلبس سواريه...فقال: اكتب لي كتاباً بسواري كسرى، فقال صلى الله عليه وسلم: اكتب له يا أبابكر ، فكتب له فرجع سراقة ، وكلما رأى طلباً يطلب النبي صلى الله عليه وسلمقال ارجعوا اطلبوه في غيره فقد كفيتم تلك الجهة، هذا سراقة الآنيفي الله سبحانه وتعالى له بوعد رسوله..ففي زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يفتح الله على المسلمين المدائن،ويؤتى بلباس كسرى وله سوا ران من الذهب، وله تيجان وصولجان وأشياء عجيبة جدا، فنظروافإذا هو لباس طويل لرجل ضخم، و عمر رضي الله تعالى عنه كان يريد أن يراه كي يعطيهمن يرتديه، فأخذوا يستقرئون الحاضرين فلم يجدوا أطول من سراقة ، فلبس والصك فيجيبه، وتذكر: كيف بك إذا أنت لبست سواري كسرى. وقبل ذلك تحقق وعد الله وعاد النبي إلي مكة في عشرة ألاف مسلم موحد ظافرا منتصرا متواضعا علي ظهر دابته يستغفر من ذنبه ويدعو ربه في الفتح الأعظم "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً"(النصر:1-3)

  • الرحمة كيف ترتجي : تثبت لنا الهجرة إن رحمة الله لا ترتجي من الخمول أو الكسل ، من القنوط أو القعود ، إنما ترتجي من الحركة والعمل والنشاط والجهاد كيف ؟! " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(البقرة218) أما الاستضعاف والسكون والرضا بالذل والهوان يورد المهالك ويؤدي بصاحبه إلي سوء المصير كيف ؟! " ِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً "(النساء:97).
  • القدوة في كل شيء : حرص النبي صلي الله عليه وسلم علي الأجر فرفض أن يقبل من أبي بكر دابة السفر بل دفع ثمنها ، وحرص أن يجاهد بماله أيضا ..!! وقد قال بعد ذلك في بدر لصاحبيه الذين يتبادلان معه الركوب : ما أنتما بقدر علي المشي مني وما أنا باغني عن الأجر منكما ..!!
  • التخطيط السليم ، والتنفيذ الأمثل : وعدم التعويل عليهما فحسب بل النتائج علي الله ...!! تفرض الهجرة وجوب التخطيط والتنفيذ الجيدين والأخذ بالأسباب ثم اليقين في رب الأرباب الموثقين ، الأخذ بأسباب النجاح دون التعويل عليها وحدها وصولا إلي الأهداف الجزئية والمرحلية التي تهد الطريق للأهداف الكبيرة و الكلية ، مع التوكل علي الله والثقة فيه والتعلق بعونه ومعيته "ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا. ( التوبة 40)
  • المعني الحقيقي للنصر : الهجرة سميت نصرا رغم انه لم تسيل قطرة من الدم ، ولم تلتقي فيها السيوف ،"الاتنصروه فقد نصره الله " وهذا اتساع لأفق النصر في حياة أهل التوحيد والعقيدة ..!! فالثبات علي المبدأ نصر ، والالتزام بالحق نصر ، والوصول للأهداف سواء مرحلية أو كلية نصر ، في الهجرة تحقق النصر لمن ؟ لأقل جيش ..!! " اثنين " في مكان ضيق ..!! " الغار" ..!! كيف ؟ " بجنود لم تروها " لا عدد ولا عتاد ، إنما كانت القوة في الثقة بالله ،والثبات علي مبادئ الدعوة والدين ، والتضحية في سبيل الله ، ومن ثم "إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(التوبة:40) شاء من شاء وأبي من أبي ..!!
  • مجتمع ظهر في المدينة فريد من نوعه ، إيمان عالي ، أخوة راقية ، حب عميق في ذات الله ، مجتمع انصهر فيه كل فرد حتى كان يقول لأخيه يا أنا ..!! يعرض فيه الأنصاري طلاق زوجته التي هي نصفه وحياته بعد الله إيثارا لأخيه المهاجر ..!! مجتمع لم يعرف له التاريخ مثيلا من قبل ولا من بعد حتى استحق التكريم والتخليد في القران الكريم يتعبد به الأجيال جيلا بعد جيل إلي يوم الدين .!! في المهاجرين " ِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ "(الحشر:8) وفي الأنصار " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "(لحشر:9) وفي الذين ساروا علي نهجم وسلكوا طريقهم عبر الزمان والمكان ..!! " وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر:10).
  • المعني الحقيقي للهجرة : إذا كانت الهجرة في وقت من الأوقات تعني النقلة المكانية من ارض الشرك إلي ارض الإسلام من مكة إلي المدينة ، فقد ألغاها النبي صلي الله عليه وسلم حينما قال " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية .. ألغاها بالمعني الجغرافي لكنه أبقاها بالمعني المعنوي حيث قال : والمهاجر من هجر ما نهي الله عنه .. إذن فالمطلوب من كل منا أن يهاجر ، كيف ؟!! يهاجر من المعصية إلي الطاعة ، من الفردية إلي الجماعة ، من الكسل إلي العمل ، من القنوط إلي الأمل ، ، من الضعف إلي القوة ، ومن التسفل إلي القمة ، من الذلة إلي العزة ، من الحصار إلي الانتشار، ومن الانكسار إلي الانتصار ، من الانكفاء علي الذات إلي الاهتمام بشأن المسلمين ، من التعصب بالرأي إلي النزول علي الشورى ، من مصلحة الفرد إلي مصلحة المجموع ،من حياة الهوان والحرمان إلي حياة الإيمان والإحسان ..!!وهكذا نجد أن الهجرة سلوك واجب ومستمر علينا أن نباشره ونمارسه علي كل المستويات ، وفي جميع الأوقات ، خاصة بعد قيام الثورة المجيدة 25 يناير ..وأخلاق عالية وقيم رفيعة يجب أن نحياها ونعيشها علي طول الطريق رغم وعثاءه و أشواكه ....!! وهذا غيض من فيض من معاني الهجرة ... اللهم اجعلنا مهاجرين إليك متوكلين عليك واثقين في معيتك ، مستعينين بك ... اللهم احشرنا مع المهاجرين والأنصار والصالحين والأخيار ، والمرسلين الأطهار ،،والشهداء الإبرار اللهم فقهنا في ديننا ، وفهمنا شرعة ربنا، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ،ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ،وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم،والحمد لله رب العالمين

المصدر