المواجهة مع الحقيقة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المواجهة مع الحقيقة


بقلم : محمد السودي

أما وقد حان وقت المواجهة مع الحقيقه حيث انتهى الموعد المحدد لما سمي " تجميد الاستيطان " تلك المسرحية الهزيلة الذي استطاع نتنياهو وجوقة حكومته اليمينية المتطرفة تسويقها بقدرة قادر على الجميع ثم تبنتها الادارة الامريكية المتراجعه عن وعودها السابقة وكذلك فعل المجتمع الدولي بأسره واصبحت تشكل سقف عملية استئناف المفاوضات المباشرة لدى الوكيل الحصري لعملية التسوية بالاضافة الى مختلف الاطراف ومنها الطرف الفلسطيني المفاوض الذي بدوره تخلى عن الوقف التام لبناء المستوطنات بغطاء عربي خاصة في مدينة القدس التي تتعرض لهجمه التهويد والمصادرة وهدم البيوت وطرد السكان الى العراء بشكل لم يسبق له مثيل ،

الأمر الذي وضع الادارة الامريكية ومعها المجتمع الدولي أمام مأزق حقيقي في حال تنكره لوعوده وفقدان مصداقيته مما يجعل التحرك الحالي بعد أن رفضت حكومة الاحتلال عملية تمديد التجميد الصوري ولو لفترة محدودة ينصبّ على انقاذ ماء الوجه كما افادت التقارير الواردة من القدس حيث يحمل السيناتور ميتشل في جعبته مجموعة عروض ضمانات سخية من قبل الرئيس الامريكي اوباما لحكومة نتنياهو مأخوذه من حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية مقابل تجميد الاستيطان لمدة " ستين يوما فقط " ومنها الاعتراف " بيهودية الدولة " والتزام الادارة الامريكية بافشال اي محاولة لنقل الملف الفلسطيني الى مجلس الامن الدولي وكذا تقديم الهبات التسليحية المجانية لجيش الاحتلال وغيره من الامور الاخرى ومع ذلك افادت المصادر العليمة بخفايا الامور ان نتنياهو رفض هذه العروض الاستجدائية بالرغم من كونها سابقة لم يقدم عليها رئيس امريكي من قبل والتي فاقت بكثير ضمانات الرئيس السابق جورج بوش الابن لشارون في حينه ، فما بال الداعين الى استئناف المفاوضات سواء تمت عملية التجميد او بدونها كما يروج لها الان في العديد من الاوساط النخبوية الفلسطينية والعربية على اعتبار ان موضوع وقف الاستيطان اختزال للاهداف الفلسطينية ،

ويبعدها عن القضايا الجوهرية عندها ماذا ستقدم الادارة الامريكية لحكومة الاحتلال مقابل الاتفاق على اطارما ضمن سقف زمني محدد؟

يقول ليبرمان القادم من روسيا امام المجتمع الدولي انها تحتاج الى عقود من الزمن وايضا تبادل للسكان والاراضي ، وهذا يعني ترسيم سياسة ترانسفير للسكان الاصليين ، وتطبيق عملي لسياسة الفصل العنصري ، ولا يهم كثيرا ما يعلن عنه مكتب رئيسه نتنياهو بأن ليبرمان يتحدث امام الجمعية العامة للامم المتحدة بصفته الشخصية وهذه حيلة لا تنطلي على طفل وتندرج ضمن توزيع الادوار ولا شك ان هذه هي الرؤيا الاسرائيلية الحقيقية للحل الذي تراه وفق القياسات الاحتلالية الاستعمارية للارض الفلسطينية .

لقد تسربت انباء عن الغضب الامريكي تجاه نتنياهو ومنها ان الادارة الامريكية تدرس " نقول تدرس " امكانية اعتراف الادارة الامريكية بحدود الرابع من حزيران بكونها اراضي محتلة " طبعا " مع تبادل للاراضي في حال استمر نتنياهو برفضه تمديد تجميد الاستيطان ، يا لها من مفارقه غريبة مستهجنة ، فالادارة الامريكية التي صاغت قرارات الامم المتحدة منذ نشوء الصراع في الشرق الاوسط واستخدمت حق الفيتو ضد القرارات التي تحمي اسرائيل من العقاب او تنفيذ قرارات الامم المتحدة ،

تدرس امكانية الاعتراف بها ، انه تخبط ما بعده تخبط ، ولا نعلم ان كان ذلك سيسوق على انه انتصار للقضايا العربية وبشكل خاص قضية الشعب الفلسطيني ، ربما هناك من يأتي بعد حين ويعتبر ذلك انه انجاز عظيم بفعل الحكمة والحنكة السياسية الفلسطينية فكل شيء جائز في زمن الانهيارات .

إن الوضع الفلسطيني الراهن الذي يراكم ازمات متفرعه من كل نوع فوق الازمة المزمنه لا يملك ترف الخيارات الاخرى الذي يمتلكها الاحتلال ، فالاخير مستمر في تنفيذ مخططاته الرامية الى قضم الاراضي الفلسطينية شيئا فشيئا وهو يحتاج الى عامل الوقت من اجل هضم كل خطوة يخطوها ، ويعلم الجميع انه لا يوجد في اسرائيل من يستطيع المساس بجوهر الفكر الصهيوني ، تجاه القدس وحق عودة اللاجئين الى ارضهم وديارهم التي شردوا منها ، وكذا قيام دولة فلسطينية مستقلة حقيقية ذات سيادة بالاضافة الى عوامل اخرى يعتبرها جوهرية كالمياه والامن وغيرها من الامور ، لهذا لا بد من اعادة النظر في العملية السياسية برمتها .

ليس عيبا التأشير على مكامن الخلل ان احد اهم اخفاقات الوضع الفلسطيني تكمن بالقفز عن المراحل التي تستدعي الوقوف امامها في عملية هروب من مواجهة الحقيقة ودرء المخاطر التي ظلت دائما مرافقه لمسار النضال الوطني الفلسطيني ، ان ثقافة تحويل الهزيمة الى نصر ،

والفشل الى نجاح والاجتهاد والتجريب مقابل البرامج والخطط تشكل العامل الرئيسي لما وصلت اليه الحالة الفلسطينية فلا الاصيل الذي انطلق بالمشروع الوطني استطاع الوصول الى شاطئ الامان ولا اللذين ادعوا بأنهم البديل استطاعوا تحقيق ذلك وفي حقيقة الامر ان الجميع جزء من الازمة وليس الحل ،ان الوقت لم يفت بعد وان تأتي عملية المراجعه الشاملة ولو متأخرا خير من ان لا تأتي ابدا ، واذا صدقت النوايا التي اعقبت اجتماع دمشق بين حركتي فتح و حماس ومهدت الطريق امام توقيع الورقة المصرية فسيكون ذلك الخطوة الاولى الضرورية بالاتجاه الصحيح نحو اعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، من حق اللذين يتريثون بالحكم على نتائج اللقاء انتظار الخطوات اللاحقة بعد الجولات الكثيرة من الحوار في القاهرة وغيرها من العواصم والتي اخفقت بالوصول الى جسر الهوة بين المتحاورين .

واكثر ما يخشى منه المواطن الفلسطيني والغزاوي بشكل خاص ان تظهر شياطين التفاصيل حتى لو كان هناك قضية واحدة لكنها جوهرية لا زالت بانتظار الاتفاق مطلع شهر تشرين الاول والاهم من هذا وذاك ليس التوقيع على مشروع المصالحة الفلسطينية بل الكيفية التي سيطبق بها الاتفاق والذي سيشمل مختلف القضايا بما في ذلك الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية ، وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية على اساس الشراكة السياسية بعيدا عن المحاصصة وتقاسم النفوذ ، ان رسم استراتيجية وطنية شاملة ضرورة لا بد منها في مواجهة مخططات الاحتلال وعربدة المستوطنين ، اذ لا يمكن الوصول الى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني دون استعادة الوحدة وتحشيد كافة الطاقات الشعبية واستنهاض الحالة الوطنية بما يعيد للقضية الفلسطينية مكانتها على المستوى الدولي ، والتفاف جماهير شعبنا الفلسطيني والعربي الحاضنة والحامية لها ،

هكذا يمكن ان يستعيد المشروع الوطني الفلسطيني حيويته وليس بالوعود او الاستجداء فان الشعب الفلسطيني يملك مخزون هائل من العطاء وله كل الحق بان يدافع عن ارضه وعن وطنه من خلال تطوير مقاومته الشعبية الباسلة وتصديه للعدوان المستمر ، هم بعنصريتهم وهمجيتهم وشعبنا بحقه وحجارته وصدوره العارية وبناءه لمؤسساته ومقاومته ونضاله الدؤوب وكل يوم نعزز فيه الصمود على هذه الارض يراكم الانتصار ويلتف العالم حول قضيته بعد ان انفضحت بشاعة الاحتلال وحروبه ضد الاطفال والشيوخ والارض والشجر ، فلا يموت حق وراءه مطالب .

  • عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية

المصدر