المشهد الشيعي بعد أحداث النجف
[23-08-2004]
محتويات
مقدمة

- المقاومة سوف تتصاعد وعلى الأمة دعمها
- زيادة التغلغل الصهيوني في العراق كارثة
- واشنطن تتمنى إرسال قوات عربية لانقاذها من المقاومة
حوار- ياسر هادي
وصف الكاتب الصحفي العراقي علي الكليدار أحداثَ النجف بأنها كانت مؤامرة للقضاء على المقاومة العراقية، ووسيلة لتحقيق الإدارة الامريكية نصرًا مزعومًا للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيدًا بموقف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي أصبح رمزًا للمقاومة الشيعية، في الوقت الذي تخلت فيه باقي المرجعيات الشيعية عن دورها؛ تحقيقًا لأغراض بعيدة عن مصلحة العراق!!.
وأكد الكليدار استمرار المقاومة العراقية على الأصعدة كافة، منتقدًا الحكومة العراقية "العميلة" التي تعمل لتحقيق السياسة الأمريكية في العراق، مؤكدًا عدم حصول تلك الحكومة على أي جانبٍ من السيادة أو السلطة، معتبرًا المؤتمر الوطني العراقي الذي عقد مؤخرًا جزء من المؤامرة على الشعب العراقي.
وحذر في الحوار الذي أجراه معه موقع "إخوان اون لاين" من التغلغل الصهيوني في العراق؛ حيث يشتري الصهاينة الأراضي، ويقيمون الشركات بشكل مكثف، كما يهددون تركيا وإيران تبعًا لذلك بشكل مباشر.
كما يرفض إرسال قوات عربية للعراق، مشددًا على أن تلك المبادرة جاءت استجابة للضغوط الأمريكية التي رفضها الرأي العام العربي، مؤكدًا ضرورة مساندة الجميع للمقاومة لإفشال المشروع الأمريكي لفرض الهيمنة الكاملة على المنطقة، وفيما يلي نص الحوار.
نص الحوار
- في البداية كيف ترى المشهد العراقي الآن بعد مرور هذه الفترة على احتلاله؟
- ما يدور بالعراق اليوم هو احتلال حقيقي يقابله مقاومة حقيقية من شعبٍ صعب المراس، مؤمن بوطنيته ودينه وقوميته، ولهذا راهنت بعض القوى السياسة على التدخل الأمريكي في البداية باعتبار ذلك وسيلة وحيدة حسب قناعتها لإسقاط النظام وإقامة الديمقراطية، ولكن هذه الفكرة كانت مرفوضة من المعارضة الوطنية، أي أن هناك أطرافًا عدة من القوى- التي كانت تعارض النظام الصدامي- كانت ترفض العمل مع الأمريكيين والتدخل الأمريكي في شئون العراق.
- وبعد ذلك طلبت أمريكا وتابعتها بريطانيا من مجلس الأمن والمجتمع الدولي أن تكون رسميًا قوة احتلال، وهي بهذا أرادت أن تصدم الشعب العراقي، والعرب والمسلمين، بل أعطت لطمة إلى الأنظمة العربية والحكام العرب فخلقت إحباطًا شديدًا في الرأي العام العربي والإسلامي، لأنها تحتل بلدًا عربيًا إسلاميًا عريقًا وكبيرًا، وأُسقط في يد عملاء المحتل والمتعاونين معه، من الذين كانوا يرددون أن هذه القوات قوات تحرير، وبدأت المقاومة منذ أول يوم لهذا الاحتلال، وكان واضحًا- منذ أول لحظة- رفض الشعب العراقي بكل فئاته لهذا الاحتلال، وتزايدت أعمال المقاومة، مما دفع الأمريكيين إلى تشكيل ما سُمِّي آنذاك بمجلس الحكم.
- وبعد ذلك تمَّ تشكيل الوزارة، ثم استصدار قرار جديد من مجلس الأمن لنقل ما سُمِّي بالسلطة والسيادة، ولكن نرى أنه لا سلطة ولا سيادة على أرض العراق إلا لقوات الاحتلال، وفي المقابل هناك مقاومة تملك سلطة الرفض والحفاظ على الكرامة الوطنية.
- ونرى أن المقاومة بدايةً انحصرت في وسط العراق، ولكن بعد الموقف الوطني الشريف لتيار الصدر وعلى رأسه السيد مقتدى الصدر أضاء مساحة كبيرة في المشهد الشيعي المظلم، المتمثل في المرجعيات الدينية والزعامة السياسية الشيعية، وليس من المواطنين الشيعة؛ لأننا نرى أن الملايين من الشيعة يرفضون الاحتلال، ويرفضون الفيدرالية التي يطرحها الأكراد مستغلين ظروف الاحتلال ووجود حلفائهم الأمريكيين، بل أثبت الشيعة في جنوب العراق أنهم عراقيون أصلاء متحصنون بقوة وطنيتهم وانتمائهم، فأفسدوا بذلك كل مخططات الفتنة الطائفية التي حاول الاحتلال وعملاؤه بثها في صفوف الشعب العراقي ليستغلها حتى يتمكن من البقاء طويلاً في هذا البلد المقدس.
- واليوم يصمد جيش المهدي ويصمد التيار الصدري أمام جبروت القوة، ويرفض الاعتراف بالأمر الواقع ولا يعترف بحكومة إياد علاوي "العميلة"، ولا بأي اجراءات يقدم عليها الاحتلال، وكان مؤيدًا ومساندًا للمقاومة في الفلوجة.
- ونرى اليوم أن المقاومة امتدت من بغداد إلى البصرة والموصل والنجف، ولن تستقر الأمور إلا بعد رحيل الاحتلال، ووضع جدول زمني للانسحاب، وإقامة انتخابات حرة ونزيهة.
الصدر أصبح رمزًا للمقاومة بعد هروب المرجعيات

- بالعكس.. المقاومة الشيعية بدأت من أم قصر والبصرة والناصرة، وصمدت هذه المقاومة إلى ما بعد تهاوي النظام في بغداد- الذي سقط سريعًا- بينما بقيت المدن الشيعية صامدة في الجنوب، فالمقاومة الشيعية بدأت منذ أول يوم، كما أن تيار الصدر كان رافضًا للاحتلال، ولكن لم يظهر هذا الرفض إلا بعد أن تحول إلى الناحية العسكرية، والمؤكد أن رفض الاحتلال كان موجودًا لدى غالبية الشيعة، بينما الزعامات لها حسابات سياسية مرفوضة.
- لماذا اقتصرت المقاومة على التيار الصدري؟
- هذا بحكم طبيعة وتركيبة المذهب الشيعي الذي يستند في هذه الأمور إلى المرجعيات الدينية العليا، وهي التي تأثرت بالمرجعيات والقيادات السياسية الشيعية الكبيرة التي شاركت في مجلس الحكم وتفاهمت مع الأمريكيين، وإضافة إلى وجود دور إيراني له حساباته الداخلية؛ حيث تمَّ ابتزاز إيران عن طريق برنامجها النووي، وكانت هناك مساومات تم بمقتضاها إيعاز إيران إلى من ترتبط بهم من الشيعة سواء كانوا من اللاجئين عندها أو غيرهم أن يبتعدوا عن المقاومة، بل أقنعتهم بالمشاركة في الحكم، لكي يكون للشيعة دور في الحياة السياسية الجديدة.
- أما التيار الصدري فهو منظم وله قيادة واضحة، ودُفع دفعًا إلى المواجهة، وكان وراء هذا الاستفزاز بعض المرجعيات الدينية والسياسية الشيعية التي أحسَّت بتوسع شعبية تيار الصدر وزعامة قائده واعتبرته تهديدًا لوجودها، ومن هنا كان التآمرعليه كبيرًا، ومع تزايد الأحداث ومرور الأيام اكتسب هذا التيار أرضًا وراء أخرى، وزادت شعبيته في قطاعات كبيرة في مدن العراق الجنوبية ذات الغالبية الشيعية، حتى من الذين كانوا يختلفون مع توجهات هذا التيار، فإنه أصبح المدافع الأول عن المقدسات والكرامة الشيعية والاستقلال العراقي، على عكس الآخرين الذين يفرطون في سيادة الوطن والكرامة.
- ولكن البعض يؤكد أن مقتدى الصدر لا يتمتع بالخبرة الكافية لقيادة المقاومة كما أن مواقفه السياسية تعاني تناقضًا كبيرًا؟
- لم يعلن الصدر أنه مرجع ديني، أو زعيم سياسي، وأكد أنه لا يسعى إلى منصب سياسي، وهو من خلال مستشاريه يحاول أن يوجد بعض الحلول للأزمة في النجف، ومواجهة المؤامرة التي تمثلت في ترحيل آية الله السيستاني، وإغلاق مكتب قناة الجزيرة وطرد الصحفيين، وهي الخطوة التي اتخذتها أمريكا قبل الانتخابات من أجل تحقيق بعض النجاح للإدارة الأمريكية؛ باعتبارها قامت بنزع أسلحة الميليشيات وإسكات صوت المعارضين، وشارك في هذه المؤامرة عناصر من القائمين على الحكم بأوامر أمريكية.
- وأعتقد أن هؤلاء الحكام الذين لا يستطيعون الخروج للشارع بل يعيشون في ظل الأمريكيين لا يستحقون أن يمثلوا العراقيين، فالصدر يحاول عدم إراقة الدماء، وعدم المساس بالمقدسات في النجف، وعدم هدم بيوت الأبرياء وقتلهم، وهذه مسئولية ملقاه على كاهله، وكل ما يطالب به خروج القوات الصليبية من أرض النجف الأشرف التي تأتي في المرتبة الثالثة في المقدسات لدى الشيعة بعد مكة والمدينة، كما يقدسها السنُّة لأنها مكان أهل البيت، وهذا مطلب شرعي يطالب به كل العراقيين الشرفاء.
- يؤكد الأمريكيون ضرورة حلِّ ميلشيات الصدر وإدخاله في الحياة السياسية، فماذا وراء هذه الدعوة؟
- هي جزء من المؤامرة حتى تمر الانتخابات ويوهموا ناخبيهم بانتهاء المقاومة، فهم يريدون تحقيق ذلك بأي وسيلة سواء بالطرق العسكرية، أو التلويح بها من أجل نزع فتيل القوة لهذا التيار، أو إدخاله في المعمعة السياسية وترويضه وإغراقه، وتوفير رواتب لأفراد جيش المهدي بعد حله، وليس مستبعدًا أن يتم في وقت لاحق اعتقال الصدر أو اغتياله، إذا فشلت محاولة ترويضه.
- وكيف ترى مستقبل الأحداث في النجف؟
- قد يتم التوصل إلى حلٍّ ركيك كما حدث منذ شهرين، حين تم التوصل إلى اتفاقية خرقها الأمريكيون، واعتقد أنه أمام ردود الفعل العالمية الرافضة لما حدث في النجف، والمؤتمر الذي يسمونه الوطني العراقي الذي تم اختيار أعضائه من جانب الاحتلال يمكن أن تكون هناك هدنة مؤقتة ومفاوضات حتى يتم انتهاء المؤتمر بتوصيات يستفيد منها العملاء والاحتلال لفترة من الوقت.
- ولكن أعتقد أن المواجهات ستستمر في الكوفة والبصرة والشعلة وغيرها حتى في حالة استشهاد الصدر، وإذا أصرَّ الاحتلال على مواصلة الحل العسكري للقضاء على الأعداد الباقية في النجف من جيش المهدي فإن هذه ستكون نقطة فاصلة بين ملايين الشيعة والاحتلال، لأن استخدام القوة العسكرية في الأماكن المقدسة والدماء التي ستسيل عليها ستؤجج روح الثورة والمقاومة الحقيقية لدى ملايين الشيعة، بل والشعب العراقي كله.
- لا بالطبع، ففي نفس توقيت تنفيذ مؤامرة النجف تم قصف سامراء المحاصرة منذ شهر، كما قصفت الفلوجة والكوت، فالاحتلال لا يفرق بين المدن الشيعية والسنية بل يستهدف كل القوى المقاومة، واليوم تشتعل المقاومة في البصرة ضد الإنجليز، وهي مستمرة من الجنوب إلى الشمال، مرورًا بالوسط حيث تحرق أماكن كثيرة في بغداد، في الوقت الذي تحترق فيه أيضًا آليات الاحتلال تحت وطأة ضربات المقاومة.
- وما تعليقك على تزايد دعاوى وصف المقاومة بالإرهاب من جانب بعض الدول العربية؟
- بداية يجب الفصل بين أمرين، أن المقاومة الوطنية الحقيقية هي التي تقوم باستهداف قوات وعملاء الاحتلال، ثم إن هناك عمليات غامضة تشير أصابع الاتهام فيها إلى الموساد ومجموعات مرتبطة بعملاء أمريكا؛ تنفذ مهامًا محددة لكي تسيء للمقاومة الحقيقية وتخلق رد فعل سلبيًا لدى العالم ضد المقاومة.
- والسؤال هنا من الذي اغتال 250 عالمًا عراقيًا حتى الآن، ومن قتل بعض الرموز الوطنية من السنة والشيعة؟! أظن أن من مصلحة الموساد والاحتلال خلق فتنة طائفية واضحة، إلا أن الوعي الوطني أفسد المؤامرة.
- أما توجه بعض الأطراف العربية إلى وصف المقاومة بالإرهاب فقد يأتي أحيانًا من بعض الكتاب والسياسيين المرتبطين بالدوائر والمصالح الامريكية الصهيونية بالمنطقة، ولكن يجب أن لا ينسحب هذا الأمر على الاعلام العربي الرسمي.
- وأرى أن هناك ضغوطًا أمريكية مورست على بعض الأنظمة العربية لاستقبال رمز العمالة إياد علاوي وأفراد حكومته المؤقتة، وهي محاولة لإضفاء شرعية عربية على هذه الحكومة، وقد ينساق إعلام بعض هذه الأنظمة مع الوقت واستمرار الضغوط متحدية للرأي العام الداخلي، ولكن هنك حكومات أخرى لا تنساق وراء تلك الضغوط، ومن مصلحة الجميع خاصة الدول المحيطة بالعراق أن تنتصر المقاومة العراقية وأن يفشل المشروع الأمريكي، الذي أكدت أمريكا أنه سيكون نموذجًا يحتذى به في المنطقة، وقد ينسحب هذا الانتصار إلى فلسطين أيضًا لكي تندحر غطرسة الكيان الصهيوني، أما التآمر على المقاومة فلن يخدم إلا الأعداء، فالجميع في مركب واحد حكامًا ومحكومين، أنظمة وشعوبًا، أمام عدو واحد شرس يستهدف الجميع، أرضًا ومستقبلاً.
- وكيف ترى المبادرة السعودية لإرسال قوات عربية للعراق؟
- للآسف الشديد جاءت هذه المبادرة من السعودية وهي تعرف تمامًا أن هناك قرارًا داخل العراق بعدم قبول أي قوات من الدول المحيطة، وهي تعرف أنها لن ترسل قوات، ولكن في دعوتها توريط للآخرين في مقابل كسب الرضا الأمريكي، وأعتقد أن الجميع ينأى بنفسه بعيدًا عن هذه المبادرة؛ لأنه لا يريد أن يدخل في مواجهة مع شعب العراق، في الوقت الذي سحبت فيه الفلبين وتايلاند وقبلها إسبانيا قواتها من العراق، كما انسحبت عدد من الشركات من الساحة العراقية بعد عمليات الخطف التي تمت لعناصرها.
- فهذه الدعوى في الحقيقة تتمناها أمريكا لتخفيف الضغط عن قواتها ومحاولة للخروج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه؛ لكي تكون القوات العربية والاسلامية درعًا تحتمي به، وأرى أنه لن يتم ذلك لأن الرأي العام العربي والإسلامي يقظ ومستنفر.
- بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة أكدت أنها ستتمتع بالسلطة والسيادة الكاملة، فهل تحقق ذلك؟
- في 28 يونيو الماضي ردد الاحتلال أنه سيسلم السلطة إلى العراقيين، وردد من استلم ما يسمى بالسلطة من المحتلين بأنه تسلم السلطة والسيادة، وعندما طرح التساؤل وماذا عن دور قوات الاحتلال، كان الرد بأن لقوات التحالف دور مكمل ومساند عندما يُطلب منه ذلك، أي لا تقوم القوات الأمريكية والتي معها بأي عمليات إلا بعد أخذ موافقة الحكومة العراقية المؤقتة، وما شهدناه في النجف هو دخول مفاجئ للقوات الأمريكية دون استئذان، ولم يكن هناك انفلات أمني يستدعي ذلك، ونتساءل هل طلبت الحكومة العراقية من الأمريكان دخول المدينة، فإذا فعلت فتكون كارثة أن تطلب دخول مدينة مقدسة لدى الشيعة، وإن لم تفعل ذلك فهو إثبات أنه لا توجد أي سيادة لهذه الحكومة العميلة، فأين السيادة والسلطة التي في يد العراقين؟!
- ومن يتحمل مسئولية آلاف الشهداء والجرحى والدمار الذي لحق بالعراق؟
- قتْل هذا العدد الهائل من الأبرياء الآمنين في بيوتهم، والأطفال القتلى والمصابين، والأسر التي أبيدت بالكامل، والأخرى تعاني نتيجة هدم بيوتهم وذهاب أموالهم وممتلكاتهم، والقصف العشوائي الأمريكي الذي خلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، تتحمل مسئولية كل ذلك قوات الاحتلال والإدارة الأمريكية وصقورها، ولهذا يجب أن تُشكل منظمات دولية وعربية وإسلامية لمخاطبة الرأي العام العالمي لتشكيل محكمة شعبية دولية تضم ذوي الرأي والضمائر في العالم لمحاكمة ومطاردة هذه الإدارة قضائيًا واخلاقًا وجنائيًا حتى بعد تركهم للسلطة، وطلب تعويضات منصفة لكل من تضرر من جرائمهم.
- وما مدى مسئولية الحكومة العراقية عن ذلك؟
- في اعتقادي أن الحكومة من الناحية المنطقية لن تُسأل لأنها تابعة للاحتلال، ولن تبقى في السلطة طويلاً وسيلاحقها الشعب ويقتص منها، ومن جميع الشركاء في مأساة الشعب العراقي وما حلَّ به من كوارث، واعتقد أن وصول حكومة وطنية منتخبة إلى الحكم سيكون منوطًا بها القيام بتلك الملاحقة والمساءلة القانونية لهؤلاء الذين تخلوا عن ضمائرهم ووطنهم لصالح الاحتلال ومخططاته.
المؤتمر الوطني جزء من المؤامرة
- وماذا عن المؤتمر الوطني الذي عقد مؤخرًا، ألا يمكن أن يكون خطوة أولى في طرق نشر الديمقراطية في العراق؟
- ما بُني على باطل فهو باطل، وبالتالي فكل ما اتخذ من اجراءات (من تعيين رئيس الجمهورية والحكومة من جانب مجلس الحكم إجراء غير شرعي)؛ لأن مجلس الحكم ليس له صلاحيات لهذا الاختيار لأنه معين من قبل الاحتلال، فلا يملك منح الشرعية من لا شرعية له، وبالتالي فما يستتبعه من إجراءات مثل اختيار مجموعات من الأشخاص فيما يسمى المؤتمر الوطني الذي سيختار 100 شخصية ضمنها 19 شخصًا من مجلس الحكم السابق هي إجراءات غير شرعية.
- إذن فهي ليست خطوة في الطريق الصحيح من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إنما هي خطوة لتحقيق ما يُخطط له الاحتلال من خلق نظام عميل موالٍ للسياسة الأمريكية، يبقى على العراق تابعًا للهيمنة الأمريكية، ويبقى على قواعد أمريكية على أرض العراق لسنوات طويلة.
- هذا التغلغل قديم جديد؛ حيث يعتبر استغلال مسألة الأقليات لتفتيت وحدة تراب الدول العربية والإسلامية من أولويات الصهاينة، ويتمشى مع أهدافهم في تفتيت وحدة الأمة، ومن هنا كان لهم علاقات قوية مع الأكراد منذ وجود الملا مصطفي البرزاني، أي مع بداية الستينيات، حيث كان هناك دعم كامل للتمرد في شمال العراق، وهذا ثابت بالأدلة والصور التي تجمع الملا مصطفى مع جولدا مائير وأباإيبان وقادة صهاينة آخرين، ثم امتدت بشكل واضح وعلني بعد أزمة الكويت، ووجود ما يسمى بالمنطقة الآمنة في شمال العراق، ومُنعت القوات العراقية من دخول هذه المنطقة بحماية أمريكية، عندها تواجد الصهاينة بكثافةٍ في مناطق الأكراد، سواء في المنطقة التابعة للبرزاني أو طلباني، وكان نشاطهم واضحًا واستمر حتى اليوم.
- وبعد سقوط النظام العراقي ودخول الاحتلال أصبح الصهاينة يجوبون أرض العراق، ويكوِّنون الشركات بحماية أمريكية، وصدرت فتاوى عديدة تحرم البيع لهؤلاء ولوكلائهم سواء من الأجانب أو العراقيين، وأصبح تواجدهم أكبر في المنطقة الكردية (في شمال العراق)، ويحاولون شراء الأراضي التي من المحتمل أنه يوجد بها البترول، في مقابل وعدٍ من الصهاينة للقيادات الكردية بمساعدتهم على إقامة دولتهم مستقبلاً؛ من خلال الضغط الصهيوني على أمريكا والاتحاد الأوروبي للاعتراف بهم، وكذلك تدريب البشمرجة من جانب ضباط صهاينة، بل أن هناك أماكن يتم فيها تدريب ضباط الشرطة والجيش العراقيين من ضباط صهاينة.
- وهذا التوجه الداعم للزعامات الكردية دفع بالحكومة التركية إلى إدراك مدى الخطر الذي يهدد وحدة أراضيها، وأمنها القومي، فاستدعت السفير الصهيوني في انقرة، وأبدت رفضها لأي تواجد صهيونى على حدودها في شمال العراق، كما أن هذا التواجد الصهيوني في شمال العراق خطر على إيران؛ حيث يتم وضع أجهزة تصنت وتجسس على الأراضي الإيرانية، ومنها المنطقة الجبلية داخل إيران لرصد مواقع الصواريخ التي تهدد الكيان الصهيوني، وكذلك التجسس على البرنامج النووى الإيراني.
المصدر
- حوار: المشهد الشيعي بعد أحداث النجف موقع اخوان اون لاين