المسلمون ولعبة الأيام

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المسلمون ولعبة الأيام
د. الواعى.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

في هذا الوقت والأوان يتخذ الأوروبيون المسلمين غرضًا؛ ليلصقوا بهم كل جريمة تقع في العالم، وكل حادثة تظهر في أي أرض وقُطر, وإذا أعجزهم من ذلك شيء اخترعوه وجوَّفوه وحرَّضوا عليه, وما مسميات: الإرهاب، والعنف، وفتح السجون والمعتقلات للمتهمين الأبرياء من أمثال (جوانتنامو) الشهير، الذي بلغت شهرته الآفاق في القهر والإذلال، بالرغم من أنه لم يثبت على أحد من نزلائه جريمة أو تجاوزات، اللهم إلا ما أُلصق زورًا من التجاوزات الاستعمارية، إلا دلالة على سوء النية المبنية ضد المسلمين، والتي يُراد منها التحريض عليهم، وحضّ المجتمعات على كراهيتهم، وفعلاً نجد جملةً من الأقطار الغربية يظهرون العداء ضد المسلمين.

ويبدو أن ظاهرة اضطهاد الغرب للإسلام عامةً، والمحجبات على وجه الخصوص، تزداد يومًا بعد يوم، فبعد الأحداث التي شهدتها ألمانيا أواخر السنة الماضية بمقتل مسلمة محجبة في ساحة إحدى دور القضاء ببرلين، تشهد ولاية جورجيا الأمريكية قضية "اضطهاد" أخرى، تعرَّضت لها طالبة دراسات عليا، من أصل مصري، وتُدعى سلمى شلباية، والتي تقول إنه تمَّ الاستغناء عنها كمدرس زائر بمعهد دراسات الشرق الأوسط في الجامعة الأمريكية، بعد تعرُّضها لـ"إهانات" من جانب إحدى المدرسات بالمعهد، متهمةً إيَّاها بالسخرية من زيِّها وبالتمييز ضدها؛ بسبب ارتدائها الحجاب، وكانت تصفها بأنها شبيهة "بالسنجاب البري"، وسألتها في أكثر من مرة عمَّا إذا كانت تُخفي قنابل تحت غطاء رأسها؛ ما دفعها إلى التقدُّم بشكوى إلى إدارة الجامعة في نوفمبر الماضي.

وبالرغم من تجاوب الإدارة مع شكواها واعتذار المدرسة عبْر رسالة إلكترونية فإنه سرعان ما توالت المشكلات؛ حيث تمَّ إعفاء شلباية من عملها بالجامعة، بحجة أنها لا تستطيع أن تكون طالبة دكتواره، وأن تشغل هذا المنصب في الوقت ذاته، علمًا أنه لا يوجد قانون مكتوب ينص على هذا الأمر، بحسب ما ذكرت.

وإلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية وفي وجه آخر لإضهاد المسلمين؛ لقي إمام مسجد مصرعه في ظروف غامضة، في حادث دفع عددًا من المسلمين الأمريكيين إلى المطالبة بالتحقيق فيه؛ باعتباره جريمة كراهية.

وقالت أسرة الإمام علي محمد، إمام مسجد بلدة يرمو بولاية كاليفورنيا، إن الإمام ذهب عصر السبت إلى منزل قديم كانت تقطنه الأسرة لإزالة عبارات كراهية كُتبت بداخل المنزل، لكنه لم يعد بعد ذلك؛ حيث عُثر على الإمام ميتًا داخل المنزل إثر حريق نشب فيه، وكانت العبارات التي كُتبت داخل المنزل قبيل اندلاع الحريق تقول: "اللعنة عليك أيها العربي.. عُد إلى ديارك أيها العربي"، وحملت توقيع جماعة كوكلوكس كلان، وهي حركة بيضاء عنصرية، وبجوار التصريحات العنصرية تمَّ رسم العلم الأمريكي والصليب النازي المعقوف.

وفي جريمة جديدة تكشف مسلسل الكراهية للمسلمين هنا وهناك، استُشهد ما لا يقل عن 129 مسلمًا، وأُصيب المئات خلال قمع السلطات الشيوعية الصينية تظاهرات احتجاجية في "تركستان الشرقية" في أعمال وحشية ضد أقلية "الإيجور" المسلمة، التي تعيش غرب الصين، ومن المعروف أن الإيجور هي إحدى الأقليات الإسلامية، وموطنهم الأصلي هو إقليم تركستان الشرقية المسلم الغني بالبترول، والذي يقع شمال غربي الصين، والذي حصل على الاستقلال الذاتي صوريًّا عام 1955م.

وتفرض الصين على أقلية الإيجور المسلمة في الغرب الأقصى من البلاد حالةً من العزلة كما تقيد ممارساتهم للشعائر الدينية.

وبعد.. فإن المسلمين بالرغم من ذلك أصحاب تسامح، ودينهم يدعو إلى العفو والعشرة الطيبة والإحسان إلى بني البشر؛ لأنه يحمل الهداية والنور والسلام، إلا أنه يُلعب بهم لنومهم وضعفهم، ولو نهضوا لكان لهم شأن آخر، وصدق رسول الله حين قال: "توشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" قالوا: أومن قلة نحن يومئذ قال: "لا بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم، وليقذفن في قلبهم الوهن"، قال: قلنا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". (رواه أحمد بسند حسن).

ومن هنا يُعمد إلى زرع الديكتاتورية في الوطن الإسلامي؛ لتعطيل مسيرة الإصلاح، وإبعادهم عن هويتهم التي هي مصدر قوتهم.

ولهذا فإن أغلب الدراسات التي قامت بها الدول الغربية حديثًا عن طبيعة مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي عن طريق جامعاتها ومراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية بها، تؤكد بأنه في حال انتهاج العرب للأسلوب الديمقراطي الغربي- أي أسلوب الانتخابات- فإن التيار الديني والمتطرف منه سوف يكسب السلطة، كما حصل في الانتخابات الجزائرية في نهاية الثمانينيات، وحاليًّا في فلسطين بعد فوز حماس وبعض البلاد العربية الأخرى، مثل مصر؛ حيث إن الإخوان المسلمين يشكِّلون قوةً مهمةً في السياسة المصرية؛ ما يقلق مضجع البلاد الغربية من الخطر والصراع المرتقب، والذي سوف يحدثه هذا الأسلوب الديمقراطي بفوز الإسلاميين.

ومن ثَمَّ أصبح الكتاب والمحلِّلون السياسيون الغربيون ينادون وينصحون بترك العرب يعيشون على دكتاتورية الفرد والأسرة والعشيرة؛ لضمان مصالحهم في النفط ومساعدة هذه الأنظمة من أجل الحدِّ من الهجرة واستيعاب أو استهلاك المصنوعات الغربية في هذه البلاد، عن طريق فتح تجارة تعتمد على منهج الاستهلاك والتبذير، ومن ثَمَّ يرى الغرب أن هذا الأسلوب الديمقراطي سوف يودِّي إلى فوز الطرف الإسلامي أو الطرف الوطني، وكلا الطرفين له أيديولوجية تتعارض مع مصالح الغرب وتودي إلى فقدان الغرب إلى مصالحه في الطاقة، وأيضًا الصدام مع مشكلات الهجرة.

لهذا يرى الغرب أيضًا أن الأنظمة الديكتاتورية العربية سوف تبقى على ارتباط وثيق مع الغرب للحفاظ على السلطة، ومن ثم سيكون أيضًا تعاملها الاقتصادي مع شرق آسيا في مجال الطاقة، والتي في حاجة ماسة إليه، سيكون وفقًا لما تسمح به الإدارة الأمريكية والدول الغربية، ووفقًا لتعليماتها، ومن هذا اعتمدت الإدارة الأمريكية أخيرًا إلى إنشاء هيئة مراقبة منفصلة لمراقبة سير منظمة الدول المصدرة للنفط، بل إنها أخيرًا قامت بالتحقيق في ارتفاع الأسعار ومسئولية منظمة الدول المصدرة للنفط عنه.

ورغم ذلك فإن دولنا المهيبة لا تعرف صديقها من عدوِّها، ولا تبدي حراكًا لتمنع ذلك الزحف الأسود عن المسلمين، ولا هذا الاضطهاد الظالم على هويَّتهم، أو مقدساتهم وديارهم ومستقبلهم، وقد بلغ الحمق الغربي حدًّا لا يمكن تحمله أو تجاوزه، فضلاً عن مصادقة أصحابه ومصاحبتهم وهم مقيمون عليه، رغم مخالفتهم كل معقول وواجب.

قال الحافظ ابن حبان: الواجب على العاقل ترك صحبة الأحمق ومجانبة معاشرته، كما يجب عليه لزوم صحبة العاقل الأريب، وعشرة الفطن اللبيب؛ لأن العاقل وإن لم يصبك الحظ من عقله أصابك من الاعتبار به، والأحمق إن لم يعبك حمقه تدنَّست بعشرته.

وبعض الناس يأخذ من الحلم مذهبًا، ولكنه إذا جهل عليه أو ظلم انتفض وصال صولة الأسد،

وقد أنشد محمد الواسطي:

لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج

ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

فمن شاء تقويمي فإني مقوَّم ومن شاء تعويجي فإني معوج

وما كنت أرى الجهل خدنًا ولا أخًا ولكنني أرضى به حين أحرج

فإن قال بعض الناس فيه سماجة فقد صدقوا والذل بالحر أسمج

هذا وما لم يعرفه الغرب والأعداء أن هذه الأمة تتعرَّض للضعف ثم لا تلبث أن تنهض ولا تنحى، وستظل طائفة منها على الحق لتعيد للأمة شرفها وعزها وهويتها إن شاء الله تعالى.

أباة ولغير الله لا نحني الجباة أباة وارتضيناها شعارًا للحياة

إن تسل عنا فإنا لا نبالي بالطغاة نحن جند الله دربنا درب الأباة

المصدر


قالب:روابط توفيق الواعى