المسكوت عنه في انتخابات ناي قضاة الإسكندرية2

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المسكوت عنه في انتخابات نادي قضاة الإسكندرية (2)



بقلم: المستشار محمود الخضيري


قلنا في المقال السابق عن المسكوت عنه في انتخابات نادي قضاة الإسكندرية أنه جرت محاولات شديدة التأثير على القضاة في الإسكندرية يقودها شخصان :

المستشار/حسن سليمان رئيس استئناف الإسكندرية, والمستشار/ علي حسن رئيس المحكمة الابتدائية, وذلك بتعليمات صريحة وواضحة من وزارة العدل ممثلة للحكومة بالطبع وكان أشد هذه المحاولات استصدار أحكام قضائية بإجراءات معيبة للتأثير على الانتخابات باختيار أشخاص معينين لرئاسة اللجان الانتخابية وصدرت هذه الأحكام وتم تنفيذ بعضها باختيار مجلس الإدارة القائم وقتها وتنفيذ البعض الأخر جبرا بإجراءات تصل بالأحكام الصادرة فيها إلى درجة الانعدام. وقد يسأل سائل لماذا كل هذا الجهد من الفريقين المتنافسين لاختيار أعضاء اللجان أليس كل أعضاء اللجان من القضاة وهم متساوون في الثقة؟

وأنا أقول ردا على هذا السؤال إن ضمانه وضع قاض على كل صندوق من صناديق الاقتراع والقيام بعملية الفرز لا تكفي في حد ذاتها لضمان النزاهة والحيدة بل لابد من ضمانات أخرى مع وجود القاضي, وقانون المرافعات نفسه قد وضع ضمانات لإصدار الأحكام مع أن من يقوم بالحكم بين الناس قاض فأوجب علانية الجلسات حتى يشهدها الجمهور ويراقب مسلك القاضي عند نظرها وما إذا كان قد ساوى بين الخصوم أم انحاز إلى فريق دون فريق حتى في المعاملة الخاصة والنظرة والابتسامة. وواجب على القاضي كتابة أسباب حكمه وإعلانها حتى يراقب الشعب ويقتنع بأن ما انتهى إليه من حكم يتفق مع ما ذكره من أسباب وأخيرا أعطي للخصوم الحق في الطعن على الأحكام التي لا يقتنعون بالأسباب التي قامت عليها, هذه الضمانات وضعت لمنع صدور أحكام لا تمثل الحقيقة وكذلك في الانتخابات يجب وضع ضمانات مع وجود قاض على كل صندوق وهذه الضمانات هي الصندوق الزجاجي والحبر الفسفوري والتوقيع على جداول الانتخابات وسرية التصويت وعلانية الفرز كل هذه ضمانات يجب وجودها لضمان نزاهة الانتخابات إلى جوار وجود قاض على كل صندوق, فإذا كانت الانتخابات في نادي القضاة وجب أن تكون هذه الضمانات أقوى لأن القاضي الجالس على الصندوق يحكم في قضية زملاء له قد تربطه ببعضهم روابط يمكن أن تؤثر على حياده أثناء عملية الاقتراع والفرز, وهذا ما كان موضع خلاف بين الفريقين حيث كان الفريق المنافس يقاوم الضمانات ويحاربها بشكل واضح سواء عن طريق الأحكام التي شاب إجراءات نظرها عيوب جوهرية أو عن طريق المحاولات الشخصية, وانتهى الأمر إلى اختيار بعض القضاة الذين يرضى عنهم الفريقان مع وضع بعض الضمانات التي تضمن الحيدة وتمت الانتخابات بنجاح ولا أعلم حتى الآن بوجود تجاوزات تؤثر عليها وحتى في حالة وجود بعضها فإن السكوت عنها أولى من الحديث فيها صونا لسمعة القضاء والثقة فيه.

نعم كانت النتيجة مفاجئة لنا جميعا ولكن هذا ليس دليلا على أنه قد حدث عبث فيها بل قد يكون دليلا على نزاهتها لأنه من سمة الانتخابات النزيهة خاصة في حالة المنافسة الشرسة أن تكون النتائج غير معروفة أو مفاجئة. ولكن المواقف السابقة على الانتخابات والتي أثرت فيها بلا شك هو ما يجب الحديث عنها حتى نوضح للقضاة وللشارع المصري الذي أصبح يهتم بانتخابات نادي القضاة اكثر من اهتمامه بأية انتخابات أخرى خاصة انتخابات النادي الأم في مصر وفرعه بالإسكندرية, لما كان لهما من تأثير في السنوات الثلاث الأخيرة على تكوين الرأي العام في مصر.

ولذلك أقول أن المهمة الوحيدة لوزير العدل/ ممدوح مرعي عند تكليفه بالوزارة كانت القضاء على النشاط العام الذي يقوم به النادي من المطالبة باستقلال القضاء ونزاهة الانتخابات وأن بقاءه في الوزارة مرهون بإنجاز هذه المهمة, ولذلك كانت حملته المعروفة ضد النادي الأم وفرعه بالإسكندرية اللذان كان يقودان معركة استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات وأقولها صريحة أن الحكومة لم تكن مستعدة أن تكرر مأساة الانتخابات التشريعية السابقة ولذلك كانت التعديلات الدستورية التي قلصت دور القضاة في الإشراف وجعلته إشرافا صوريا لا قيمة له وكانت المرحلة الثانية القضاء على دور نادي القضاة في هذا الشان, ومع اقتراب انتخابات التجديد الكلي لمجلس إدارة نادي قضاة الإسكندرية, بدأت المعركة وكانت أولى معالمها محاولة الوزارة وبعض أجهزة الأمن منع بعض الشباب من الترشيح في القائمة الخاصة بفريقنا, مع بعض الضغط والكثير من الترغيب وأعترف صراحة أن هذه السياسة لم تجد نفعا مع أحد ممن مورست عليهم ونظر إليها البعض بكل احتقار رغم أنهم شباب يتوقون إلى المراكز التي تحقق لهم ميزات مادية وأدبية وراحة من عناء العمل القضائي. ثم كانت حرب الشائعات بالقول بأن انتخاب قائمة الخضيري معناه استمرار العداء مع الحكومة وهو ما قد يكون له تأثير سيئ على الميزات التي حصل عليها القضاة والتي يمكن أن يحصلوا عليها في المستقبل مع التذكر بأن الخضيري هو الذي تسبب في استبعاد القضاة من الإشراف الكامل على الانتخابات وتسبب كذلك في ضياع ميزة تعيين أبناء القضاة الحاصلين على تقدير مقبول في النيابة العامة وبقاءه قد يجلب علينا بعض الأضرار الأخرى, وجرى القول أن بقاء ممدوح مرعي على كرسي الوزارة مرهون ببقاء مجلس الإدارة الحالي فإذا ذهب هذا المجلس ذهب معه ممدوح مرعي لانتفاء مبرر بقاءه أما إذا بقى هذا المجلس فإن مبرر بقاء ممدوح مرعي يظل موجودا مع ما يمثله وجوده على كرسي الوزارة من ألم لكثير من القضاة, ولا يخفى ما في هذا القول من مغالطة لأن نجاح مجلس الإدارة الحالي كان يمثل للحكومة فشل لسياسية الوزير وبالتالي ذهابه أما الآن فإن نجاحه يمكن أن يكون مبررا للبقاء.

استمرت حرب الشائعات هذه قرابة شهر هي المدة السابقة على الانتخابات واستمر شبابنا من القضاة في الرد عليها, وأضيف إلى ذلك القول بأن النادي أصبح يعمل بالسياسة ويأتي بتصرفات لا تتفق مع كرامة القضاء وهيبته من وقفات احتجاجية واعتصام ورفع الأعلام السواء على النادي تعبيرا عن الحزن والغضب من التعديلات الدستورية وكان ردنا أن هذه التصرفات لا تتنافى مع تقاليد القضاء ولا تقلل من هيبته إنما الذي يقلل منها هو أن يكون القضاة مطيه ذلولا في يد الحكومة وضعفاء لا يستطيعون الدفاع عن حريات الناس وأموالهم وأعراضهم ضد من يعتدي عليها أيا كان وقد شاهدت بنفسي تعاطف الناس مع القضاة في مواقفهم للدفاع عن إخوانهم واستقلالهم.

وقد شهدت هذه الانتخابات حشدا غير مسبق للقضاة وحضورا لهم فيها لم يحدث من قبل حيث بذل كل فريق كل ما يملك من جهد في هذا السبيل وكان سبيلنا الوحيد الذي نملكه هو الإقناع أما سبل الفريق الأخر فكان الإقناع أقلها وكانت هناك سبل أخرى بالحرص بأية وسيلة على إحضار العاملين في كل من محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية غير المقيمين بالإسكندرية للمشاركة فيها وقد شاهدت بنفسي من حضر من بور سعيد مثلا قاطعا مسافة أربع ساعات ذهابا وأخرى عودة من أجل المشاركة وهذا ليس عيبا في حد ذاته بل ميزة ولكن ما قلبها عيبا حضور رئيس المحكمة الابتدائية المستشار/ علي حسن لمراقبة من حضر وحصرهم وكذلك حضور بعض رجال المستشار/ حسن سليمان رئيس الاستئناف وبث إشاعة حضوره شخصيا وكذلك بعض رجال الوزير وكل هؤلاء لم يسبق لهم الحضور في النادي خلال الأعوام السابقة بل كان محظورا عليهم من الوزير الحضور في الحفلات التي كان يقيمها النادي ويدعوا إليها كافة الزملاء.

وأخيرا سألني الكثير وخاصة الصحفيون عما إذا كان عدم توفيقي وبعض الزملاء في هذه الانتخابات يعني أن القضاة لم يعد يثقون في تيار من يسمونهم بالقضاة الإصلاحيون؟ وقد نفيت ذلك بشدة فرغم الحملة الشرسة التي قادتها الحكومة ضد هذا التيار فإن النتائج التي أسفرت عنها بالأعداد والأرقام لا تدل على ذلك فقد فاز من هذا التيار في هذه الانتخابات سبعة أعضاء من خسة عشر وهو ما يقارب النصف كما أن الفارق بيني وبين المستشار/ إسماعيل البسيوني الفائز 34 صوتا فقط من عدد الحضور البالغ عددهم 1104قاض حصلت منهم على عدد 535صوت وحصل منافسي على 569صوت وهو ما يزيد على ما حصلت عليه في أخر انتخابات جرت قبل عامين وهو ما يدل على أن التيار الإصلاح في التنامي وما يجب أن يعلمه الجميع أن ابتعادي عن رئاسة النادي لا يعني أبدا ابتعادي عن الكفاح في سبيل تحقيق الاستقلال الكامل للقضاء والعمل على نزهة الانتخابات وستكون الأيام القادمة إن شاء الله بالنسبة لي اكثر عطاء في هذا الشأن.