المسكوت عنه في انتخابات نادي قضاة الإسكندرية3
بقلم: المستشار محمود الخضيري
من الدعاية التي استخدمت ضدنا في هذه الانتخابات وضدي أنا شخصيا، سياسة تضخيم الأخطاء بوضعها تحت المجهر بحيث تبدو أكبر من حجمها الطبيعي فالذي لا يعرفه الكثيرون أن إنتاجي العلمي عبارة عن - كتابان أحدهما دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع والثاني تشريعات السلطة القضائية والأول يعرفه القضاة جيدا والثاني خاص بالمقومات اللازمة لاستقلال القضاء ونشر في دولة الإمارات أثناء إعارتي لها وأحضرت بعض نسخه في مصر نفدت جميعا، هذا بالنسبة للكتب أما الأبحاث فقد تجاوزت الخمسة عشر بحثا وهذا بخلاف أكثر من مائة مقال منشورة في مختلف الصحف ومثلها أحاديث صحفية وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كل ذلك لم يستطع أحد أن يسند إلى خطأ سوى في مقال وحديث صحفي، أما المقال فهو سر الصفعتين الذي هاجمت فيه وزير العدل ممدوح مرعي عندما رفض علاج زميلنا القاضي في مجلس الدولة وعندما أحال زميلنا حمدي وفيق للمحاكمة بحجة نزعه صورة السيد الرئيس من حائط حجرة زميل له. وقد عالج السيد رئيس الجمهورية هذين الخطأين بسرعة مما جعلني أهاجم الوزير ويبدو أن الهجوم كان شديدا عاتبني فيه زملائي فاعتذرت عن بعض الكلمات التي جاءت به واعتبر البعض الاعتذار فضيلة ورأى البعض تضخيم الخطأ والاعتذار معا، أما الخطأ الثاني فكان في حديث صحفي نشرته جريدة الدستور وصفت فيه تقاعس مجلس الشعب أمام تصرفات الحكومة بالمنبطح،ولم يتحرك مجلس الشعب بل تحرك من يهمهم تضخيم أخطاء الخضيري وأخذوا يستحثون أعضاء مجلس الشعب لاتخاذ إجراء في هذا الشأن واستمرت الحملة أكثر من أسبوع، وفوجئت بتفسير كلمة منبطح لم يخطر على بالي ولا يصح أن يرد على لساني وقلت أني لم أقصد هذا المعنى الهابط لهذا للفظ وأن ما أقصده هو عدم قيام المجلس بدوره وهذا ما يعلمه الجميع وأصر عليه حتى الآن. وكان من رأي زملائي أن هناك مؤامرة تحاك للقضاء على النادي وأني يمكن أن أفسد هذه المؤامرة بزيارة للدكتور فتحي سرور أوضح فيها فقط مقصدي من الكلمة التي أستعملها من يريد تضخيم الأخطاء وتمت المقابلة في حضور أخي المستشار أحمد مكي وأشهد أن الدكتور فتحي سرور كان متفهما تماما لحسن النية وأن هذا المعنى الذي ورد على ذهن البعض لم يكن ممكنا أن يرد على ذهني ولم يطلب الرجل اعتذارا مطلقا وكان الاحترام المتبادل للقضاء والدور الدستوري للمجلس، وحتى إذا اعتبر البعض أن مجرد ذهابي لمنزل رئيس مجلس الشعب اعتذارا فإنه اعتذار عن كلمة منبطح فقط وليس عن نقد تقاعس المجلس عن القيام بدوره.
وحتى على فرض أن هذان خطأن اعتذرت عنهما فهل كثير أن يخطئ إنسان خطأين في هذه الأعمال التي ذكرتها أترك الحكم لكم.
يقول الزملاء في الفريق المنافس أن ما قمنا به في نادي القضاة في الفترة السابقة من وقفات احتجاجية واعتصام ورفع الأعلام السوداء على النادي بمناسبة التعديلات الدستورية لا يتفق مع كرامة وهيبة القضاء وأنهم يتفقون معنا في الأهداف وهي استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات ولكن يختلفون معنا في الوسائل حيث يجب اللجوء إلى الوسائل الشرعية للمطالبة وهي في نظرهم الجمعيات العمومية للنادي والمحاكم، ونسى الزملاء الأفاضل أو تناسوا أنه منذ عام 1991 تعقد الجمعيات العمومية وتطالب ثم تنفض إلى حين عقد الجمعية العمومية في العام التالي وهكذا حتى عام 2005 عندما بدأ النادي في رفع حدة المطالبة بالوقفات الاحتجاجية والاعتصام أفاق المسئولون وأفاق الشعب كله واستجابت الحكومة مرغمة إلى بعض مطالبنا وأنه إذا وجدت الحكومة منا وهن أو ضعف في الفترة القادمة فإنها لن تكتفي بعدم الاستجابة لباقي الطلبات بل ستسحب بيدها اليسرى ما أعطته بيدها اليمنى ويكفي للدلالة على ذلك ما حدث في مشروع القانون الخاص بالهيئات القضائية والذي لولا قوة موقف القضاة لصار حقيقة واقعة.
لم يتعرض أحد من زملائي لمثل ما تعرضت له من هجوم ونقد به الكثير من المبالغة والوقائع المختلقة ولأني أؤمن إيمانا عميقا بحرية الصحافة وأنها المرآة التي يرى فيها المسئولون أنفسهم على حقيقتها كما يراهم الشعب فقد عاهدت نفسي ألا أشكو صحفي أو كاتب ولا أرد على نقد إلا إذا كان نقدا موضوعيا من إنسان موضوعي والحمد لله أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وحتى في المرتين اللتين شعرت فيها بأني أخطأت وجدت من الزملاء والكتاب المحترمين من يدافع عن هذين الخطأين وبقول أنك لم تقل إلا الحق وأن ما فعلته صادف الواقع وكنا نتمنى أن نقوله نحن.
لم أكتب هذه الشهادة لتبرير فشلي في الحصول على ثقة زملائي في نادي قضاة الإسكندرية، فيعلم الله أني كنت زاهدا في هذا المكان وقد قاومت ترشيحي له منذ البداية سنة 2004 مقاومة شديدة لأنه كان هذا أول مرة أخوض فيها هذه التجربة، وفي المرة الثالثة كنت أعد نفسي لمرحلة ما بعد المعاش وتقديم زميلي وصديقي المستشار محمود مكي لكي يتولى هذا المكان ولكن شاءت إرادة الله أن يمد السن ويتمسك زملائي وخاصة الشباب بترشيحي ورفض محمود مكي ترشيح نفسه فلم أجد بدا من أن أرشح نفسي رغم علمي بما يسببه ذلك للحكومة من جرح ولوزير العدل من تحدي وأن المعركة شرسة قد تفوق شراستها قوة أسود الإسكندرية ولكنهم أصروا، وكانت النتيجة كما تعلمون، ويعلم الله كم أنا سعيد ومستمتع بحياتي العامة والخاصة فبيتي لا يخلو من صديق وزميل يقضي معي بعض الوقت كما تعودنا وهاتفي لا يكف عن الرنين وحب الناس واحترامهم يحوطني من كل مكان فماذا أطلب أكثر من ذلك.
الكفاح في سبيل استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات والرقي بمصر لا يتوقف على مكان ولا زمان، ولا يعني انتقالنا نحن من أطلق عليهم القضاة الاصلاحيون من مجلس إدارة النادي إلى غيره أن كفاحنا سيتوقف وأن همتنا ستفتر بل أعتقد أن هذا سيزيد من جدية النشاط حتى يتحقق للقضاء الاستقلال الذي نصبوا إليه وللانتخابات ما نريده من نزاهة ولمصر ما تطمع فيه من تقدم.
أخوتي القضاة لقد أشعلتم شعلة الحرية وأيقظتم الرأي العام، ومصر قبل وقفتكم لم تعد مصر بعدها وأصبح الناس يقلدوكم في وقفتكم الاحتجاجية واعتصامكم ويحصلون على حقوقهم من جراء هذه المواقف الصلبة، هل تعلموا أخوتي أن قضاة فرنسا قد حذو حذوكم في وقفتكم الاحتجاجية عندما تعرضوا لمواقف تحتاج ذلك، هل تعلموا أن وقفاتكم هذه تدرس الآن في بعض معاهد أمريكا كما أخبرتني باحثة أمريكية من أصل مصري كانت تحضر لتسجيل هذه الوقفات.
أقولها صريحة لكم أخوتي قضاة مصر أنه لو عاد بي الزمن لكررت ما قمنا به ويعيبه علينا بعض الزملاء لأن ما قمنا به كان من أجل القضاء وأجل مصر التي تستحق أن نضحي في سبيلها بأنفسنا وإلم نضحي من أجل مصر فمن أجل من نضحي إذن!؟