المستشار لاشين يطالب بالشفافية تجنبًا للكوارث
[29-01-2004]
مقدمة
• الإصلاح الشامل هو السبيل الوحيد لعدم تكرار كارثة (مدينة نصر).
• ما حدث جزء من فساد عام يجب علاجه فورًا.
• تعديل أجور الموظفين والعقوبات الرادعة ضرورة لوقف الرشاوى.
• الضحايا شهداء ودور الشرطة رائع.
لم تكن كارثة سقوط عمارة "مدينة نصر" على رؤوس المواطنين ورجال الإطفاء إلا انعكاسًا للفوضى التي استشرت في الإدارات المحلية, وعدم استخدام القانون إلا ضد البسطاء، في الوقت الذي يُستثنى الكبار من تطبيقه.
ولا شك ان الكارثة مروعة ولكنها تدق ناقوس الخطر؛ باحتمال تكرارها في آلاف المباني الأخرى، التي صدرت لها قرارات إزالة كلية أو جزئية، ولا شك أيضًا أن دور رجال الإطفاء كان بطوليًا في التضحية بأرواحهم في سبيل إنقاذ أكثر من ثلاثمائة مواطن من الموت المحقق تحت حطام العمارة المنكوبة.
وللتعرف على رأي الشرع والقانون في تلك الكارثة التقينا الدكتور "فتحي لاشين" المستشار السابق بوزارة العدل، الذي أكد أن الأزمة ليست قاصرة على العمارة المنهارة وحدها، بل سبقتها أكثر من عمارة ترتبت على سقوطها كوارث ومأسٍ كثيرة.
نص الحوار
- ما تعليقكم على كارثة سقوط عمارة مدينة نصر؟
- ما حدث هو جزء من فساد عام ومستشرٍ، خاصة في مجال الإدارة المحلية التي تُشرف بشكل مباشر على العقارات والأبنية، ومن مهامها الأولى الحفاظ على أرواح الناس والثروة القومية من الدمار.
- وطالب بضرورة وقف كل أشكال الفساد بكافة صوره من الرشاوى والوساطات من ذوي النفوذ, والإجراءات التي تتم دون أي ضوابط شرعية أو قانونية تحكم العمل في دواوين الحكومة المصرية، كما أن مرتبات الموظفين التي يتقاضونها من الدولة قاصرة عن تلبية الحاجات الطبيعية لهؤلاء في ظل الارتفاع الحاد في أسعار كافة السلع والخدمات، الأمر الذي يدفعهم لتقاضي الرشاوى.
- وكيف نستطيع التغلب على هذا الوضع المقلوب؟
- يجب وضع نظام أخلاقي وضوابط قانونية صارمة تُطبق على الجميع، إلى جانب فرض عقوبات رادعة على أمثال الموظفين المنحرفين سواء كانت مسئوليتهم عن المخالفات مباشرة أو غير مباشرة لمن يمتلكون سلطة الرقابة والإشراف، وتطبيق قانون (من أين لك هذا)، ومنع استغلال النفوذ والسلطة في التدخل لصالح المخرِّبين والمخالفين، والذي يتم مقابل منافع مادية أو معنوية.
- ولا يمكن تقويم هؤلاء الموظفين إلا بتحسين أحوالهم الوظيفية والمالية لأن مرتباتهم تعجز عن سدِّ الحاجات والمتطلبات الأساسية لأسرهم.
- كما يجب تعجيل التغيير الجذري للسياسات والمناهج والخطط التي تسير عليها الدولة؛ لأن أسباب الفساد والتسيب والانهيار أصابت كل مناحي الحياة، نتيجة جمود النظام والسياسات، وفي ظل قوانين لا تنفذ فضلاً عن ضرورة الإصلاح اللشامل الذي يتناول كل مرافق الحياة وقيمها ومبادئها، وأن يكون ذلك في اتجاه المباديء والقيم الإسلامية لأنها العاصم من كل هذا الفساد ورائها الخلل البادي في نظم الحياة وقيمها.
قرارات سريعة
- هل تتوقع أن تنفذ القرارات السريعة التي اتخذتها الحكومة لإصلاح الأوضاع عقب الكارثة؟
- أرجو أن لا تكون القرارات الحكومية التي صدرت في أعقاب الكارثة، مجرد "فورة" وقتية لامتصاص غضب الجماهير، كما دأبت الحكومة على ذلك في أعقاب الكوارث، ثم لا تتبعها بأي عمل جدي يساهم في تغيير الواقع الذي يؤدي إلى الكوراث.
- وماذا عن ضحايا الكارثة؟
- أوجه التحية لأرواح المواطنين ورجال شرطة الدفاع المدني، الذين أظهروا بسالة وتفانيًا في عملهم وضحوا في سبيل إخوانهم بأرواحهم, ونسأل الله أن يتقبلهم في رحمته وأن يهبهم ثواب الشهداء الصالحين.
- وأشيد بدور الشرطة فما تبذله من جهد واضح وأن ذلك لا يمنع من وجود سلبيات ننتقدها لأنه يجب التوازن بين النقد والإشادة، فالحق أحق أن تبيع ولابد أن نقول للمسيء اسأت وللمخطيء أخطات دون مجاملة أو محاباة في الحق.
احكام سريعة
- ما تأثير عدم الالتزام بأحكام الإسلام على أخلاقيات المجتمع؟
- إن الفساد المستشري جاء نتيجة لعدم الامتثال لأحكام الإسلام، والابتعاد عن أي منهج أخلاقي؛ لأن الالتزام بالدين والأخلاق الإسلامية الفاضلة عاصم من الوقوع في هذه المخالفات، كما أن المبادئ يجب ألا تعيش في إطار النظريات فحسب، بل لابد لأولي الأمر أن يمكنوا لهذه المبادئ بين الناس، ويساعدوهم على الالتزام بها، كما يؤكد القول المأثور (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، وهذه هي الحكمة مِنْ أن الله أوجب على المسلمين اختيار حاكم يحكم بما أنزل الله، ويردع الخارجين عن النظام والمتهاونين عن السلوك القويم, ويهدي الناس إلى سواء السبيل، ويضع من النظم ما يضيق الخناق على الفاسدين والمنحرفين, ويوجد مجتمعًا فاضلا تحيا فيه الأخلاق والنظم، في ظل الالتزام بشريعة الله في المجتمع.
- وما مدى تأثير استبعاد المصلحين من التفاعل مع الجماهير، في انتشار الفساد داخل المجتمع؟
- شيوع المذهب العلماني في سياسة الدولة، والتعليم المدني البعيد عن الإسلام وروحه، وشيوع الجهل بالإسلام، ومنع الدعاة وأصحاب الفكر الوسطي المعتدل من أداء واجبهم؛ في هداية الناس إلى القيم الفاضلة، وعدم وجود قدوة أمام الناس يقتدون بها، هي أهم أسباب التدني الأخلاقي وفساد الذمم، والضعف الشديد الذي أصاب مجتمعاتنا أمام الدول الكبرى أصحاب الهيمنة والتسلط على دول الإسلام وشعوبها.
المصدر
- حوار: المستشار لاشين يطالب بالشفافية تجنبًا للكوارث موقع اخوان اون لاين