المستشار سالم البهنساوي ..الفقيه الدستوري

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المستشار سالم البهنساوي ..الفقيه الدستوري
سالم البهنساوي2.jpg

كتبهاDr.YASSER DRWISH

يعد المستشار سالم البهنساوي يرحمه الله أحد ابرز رجالات الفكر الوسطي في العالم الاسلامي، حيث أفنى حياته في خدمة الاسلام والمسلمين، وكان من أبرز المنظرين للفكر العلماني.

حياته في سطور :

ولد المستشار سالم علي إمام البهنساوي عام 1932 م في قرية السعديين وهي أحدى القرى المعروفة والشهيرة بمحافظة الشرقية في جمهورية مصر العربية ، حصل على ليسانس الحقوق في جامعة فؤاد الأول ب مصر عام 1955 م ( القاهرة حالياً) . وكان قد إلتحق منذ صباه بالدعوة الإسلامية في مصر وعرف كرمز من رموز الحركة الطلابية في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات . نشأ في أجواء عائلية ملتزمة ساعدته على الارتباط بالعمل الدعوي والنشاط الإسلامي مما أكسبه الخبرة وحب الناس والنظر إلى الأمور بشمولية .

عمل مديراً لإدارة التأمينات بمدينة المنصورة عام 1956 ـ 1959 م ، وعمل مديراً لللتأمينات الاجتماعية بمدينة شبين الكوم 1959 ـ 1964 م. قدم إلى الكويت عام 1973 م ليعمل بالهيئة العامة لشئون القصر بوزارة العدل حتى بلوغه سن المعاش .

وقد قام خلال تلك الفترة بصياغة بعض القوانين المستنبطة من الشريعة الإسلامية والتي تنظم العمل بهيئة شؤون القصر .

شارك في صياغة بعض القوانين المدنية المنبثقة عن الشريعة الإسلامية في دولة الكويت وبعض الدول الإسلامية الأخرى .

قام بصياغة العديد من القوانين المدنية ذات الصبغة الإسلامية للجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية . شارك في مناقشة أصحاب الفكر التكفيري مع المستشار الراحل حسن الهضيبي وقام بتفنيد آرائهم وقد توج ذلك بكتاب دعاة لا قضاة للمستشار حسن الهضيبي . شارك في العديد من المؤتمرات في العديد من دول العالم ويعد من أبرز من واجه قضايا الغزو الفكري والفكر التكفيري ، وصدر له ما يربو على 26 كتاباً.

نشرت له مقالات في العديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية مثل (مجلة المجتمع ، الوعي الإسلامي ، الدعوة ، جريدة الأنباء ، لواء الإسلام) .

استعانت وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بخبراته كمستشار لوكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية منذ عام ( 2001 ) وحتى وفاته فجر الجمعة 3/3/ 2006 ـ 3/2/1427هـ .

إسهاماته الفكرية :

توافرت للمستشار البهنساوي العديد من الصفات التي لم تتوافر لغيره فكان عالماً موسوعياً ملماً بدقائق الشريعة الإسلامية ومستلهماً روحها السمحة دون تفريط ولا إفراط . ولقد خلف رحمه الله تراثاً فكرياً يربو على الـــ 26 كتاباً تناولت عدة قضايا في الشريعة والقانون والتطرف والمرأة وأدب الحوار وغيرها ، ولقد بدأها بكتاب (الوجيز في العبادات) عام 1957 م ، ثم كتاب (الإسلام والتأمينات الاجتماعية) ، عام 1963 م ثم توالت مؤلفاته إلى أن توفاه الله عز وجل ولا زال كتابان له تحت الطبع هما (أركسة العلمانية) وكتاب (الإصلاح السياسي في الإسلام) .

مؤلفاته : · الوجيز في العبادات (1377هـ ـ 1957 م).

· الإسلام والتأمينات الاجتماعية (1383هـ ـ 1963 م).

· القوانين وعمال التراحيل (1384هـ ـ 1964 م).

· الحكم وقضية تكفير المسلم (1397هـ ـ 1977 م).

· السنة المفترى عليها (1399هـ ـ 1979 م).

· قوانين الأسرة بين عجز النساء وضعف العلماء (1400هـ ـ 1980 م).

· مكانة المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية (1401هـ ـ 1981 م).

· الغزو الفكري للتاريخ والسيرة (1404هـ ـ 1984 م).

· أضواء على معالم في الطريق (1405هـ ـ 1985 م).

· سيد قطب بين العاطفة والموضوعية (1406هـ ـ 1988 م).

· تهافت العلمانية في الصحافة العربية (1408هـ ـ 1988 م).

· شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر (1409هـ ـ 1989 م).

· الخلافة والخلفاء الراشدون بين الشورى والديموقراطية (1411هـ ـ 1991 م).

· الإسلام لا العلمانية (1412هـ ـ 1992 م).

· الشريعة المفترى عليها (1415هـ ـ 1994 م).

· فكر سيد قطب في ميزان الشرع (1420هـ ـ 1999 م).

· السنة بين الوحي والعقل (1424هـ ـ 2003 م).

· حرية الرأي (1424هـ ـ 2003 م).

· كمال الشريعة وعجز القانون الوضعي (1424هـ ـ 2003 م).

· قواعد التعامل مع غير المسلمين (1424هـ ـ 2003 م).

· التطرف والإرهاب في المنظور الإسلامي والدولي (1424هـ ـ 2004 م).

· السلام الصهيوني والعجز العربي (1425هـ ـ 2004 م).

· أدب الخلاف والحوار (1426هـ ـ 2005 م).

· أركسة العلمانية (تحت الطبع).

· الإصلاح السياسي الإسلامي الحائر بين أهله (تحت الطبع).


منهج الوسطية ومحاربة الفكر التكفيري :

منذ صباه إلتحق بالدعوة الإسلامية المباركة ، وعرف كرمز من رموز الحركة الطلابية في منتصف القرن الماضي وداعية يحمل الفكر الوسطي في مشارق الأرض ومغاربها . وفي عام 1977 م صدر له كتاب الحكم وقضية تكفير المسلم مما أثار ضجة كبرى .

ويعتبر الكتاب المرجع الأساسي في العالم كله لمن يبحث عن جذور فكر التكفير وكيفية هدمه ، حيث قوض أفكارهم بالدليل العلمي من القرآن والسنة وإجماع الصحابة وعلماء الأمة وفضح الأيدي الخفية التي تقف خلفهم والتي جعلت منهم شماعات لتجفيف منابع الإسلام ومسوغاً لضرب الدعوة والدعاة المعتدلين .

ولهذا وصف الباحثون هذا الكتاب بأنه واسع وأشمل ما صدر من الكتب في كشف ودرء هذه الفتنة في عصرنا الحاضر كما تميز بعلاج تلك المشاكل كما تميز بعلاج تلك المشاكل بالإنصاف والدقة.

الرد على الشبهات وانتصاره للشريعة الإسلامية :

خاض المستشار البهنساوي رحمه الله حواراً مريراً مع دعاة العلمانية ، الذين اتخذوا من الطعن في تصرفات بعض المنتمين للتيار الإسلامي ستاراً للطعن في الإسلام ذاته سواء على هيئة مناظرات أو من خلال كتبه وكتاباته في الصحف والمجلات أو حتى في الندوات التي شارك فيها.

ولقد أرقه كثيراً تخلف الأمة ، وتبديد هويتها ، وخمود رجولتها ، وترك رسالتها ، واندثار ثقافتها، وضياع عزتها ، وموت إرادتها ، واستسلام ريادتها ، وهاله بشدة ضلال مثقفيها ، وحيرة موجهيها ، وشرود شبابها ومعلميها ، وآلمه واقض مضاجعه موجات الغزو الثقافي ، وعواصف التقليد الأعمى ، واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ، وتبني الإعلام التائه دعوات الغريب والتسيب ، وتقديمه سما زعافاً للعامة الغافلين والسكارى من المتعلمين على أنه حضارة ومدنية وتقدم وحرية ،

وألف في ذلك كتابه القيم (تهافت العلمانية في الصحافة العربية) الذي فضح فيه التهافت العلماني الضال في صحافة الأمة التي تعتبر أداة التوجيه الكبيرة في الشعب ، والتي تسيطر عليها للأسف الشديد الرؤوس الداعية إلى نبذ عقائد الأمة وتبديل هويتها وكتاب شبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر ، والإسلام لا العلمانية والشريعة المفترى عليها ، والسنة المفترى عليها .

ومن خلال خبرته القانونية ألف عدداً من الكتب التي تبين إنصاف الشريعة الإسلامية لحقوق الإنسان فيما أكد عجز القوانين الوضعية وقصورها وتحيزها وعدم إنصافها من خلال مؤلفاته القيمة كمال الشريعة وعجز القانون الوضعي ، والتطرف والإرهاب في المنظور الإسلامي والدولي ، والخلافة والخلفاء الراشدون بين الشورى والديموقراطية . كما أنصف المرأة أكثر مما أنصفها دعاة تحريرها ورد على من أراد تعريتها وجعلها سلعة رخيصة تباع في سوق النخاسة وبين من أرادوا الحجر عليها وحبسها وسط أربعة جدران وفند زيف إدعاءاتهم جميعاً ، كما أوضح بجلاء الفرق بين الدولة الدينية والمدنية وبين أنه لاكهنوتية ولا بابوية في الإسلام وأن الدولة الإسلامية ليست دولة ديمقراطية تحكم باسم الحق الإلهي .

إنما هي دولة مدنية ينبثق روح دستورها وقوانينها من الشريعة الإسلامية السمحة وبين كمال الشريعة الإسلامية وعجز القانون الوضعي .

فالذي يتولى مواجهة الفكر العلماني أو الإلحادي يجب أن يتسلح بالأسلحة العلمية التي تمكنه من دحض أباطيل هذا الفكر عبر معرفته بأصول هذا الفكر ومرتكزاته وأدلته ومعرفة ما يستند إليه من شبهات ضد الدين ، ومعرفة أحكام الإسلام في مثل هذه الأمور وغيرها فكان رحمه الله بحق نداً قوياً ومحاوراً مقتدراً عنيداً .

حياته في دولة الكويت :

وصل الكويت قادماً من جمهورية مصر العربية عام 1973 م ، وعمل مستشاراً للهيئة العامة لشؤون القصر ، وكانت في بدايتها آنذاك ، فاجتهد في تنظيمها وسن القوانين الخاصة بها وفق روح الشريعة الإسلامية فاعتبر بحق الأب الروحي لقوانين الهيئة العامة لشئون القصر بدولة الكويت التي ظل بها حتى أحيل إلى التقاعد . لقد ساهم في صياغة قانون إنشائها رقم 67 لسنة 1983 المعمول به إلى الآن ، والذي تنص المادة الأولى منه بأن (تنشأ هيئة عامة لشؤون القصر تكون لها شخصية اعتبارية وميزانية ملحقة ويكون لهذه الهيئة جميع الاختصاصات المخولة للوصي أو القيم أو المشرف وعليها الواجبات المقررة عليهم حسب الأحوال ، طبقاً لأحكام هذا القانون والقانون المدني ما لم تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ، فإن لم يوجد فيهما نص طبقت أحكام الشريعة الإسلامية).

ويسجل للبهنساوي رحمه الله أيضاً أنه قام بصياغة العديد من القوانين المدنية المنبثقة من الشريعة الإسلامية خلال عمله في اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، التي أتحفها بجل وقته وساهم فيها كمستشار في عدة لجان ومؤتمرات وقدم فيها العشرات من الأبحاث وأوراق العمل وظل مخلصاً في عمله حتى أتاه اليقين .

لقد توافرت للمستشار البهنساوي رحمه الله العديد من الصفات التي لم تتوافر لغيره فكان عالماً موسوعياً ملماً بدقائق الشريعة الإسلامية ومستلهماً روحها السمحة دون تفريط ولا إفراط ، حتى أن وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت استعان به منذ عام 2001 م وحتى وفاته كمستشار خاص له نظراً لموسوعيته العلمية التي يندر أن تتوافر لإنسان في هذا الزمان .

كما عمل مستشاراً قانونياً متطوعاً للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية شارك في صياغة العديد من الدساتير والقوانين لبعض الدول العربية والإسلامية مما يعني أنه كان رجل قانون من الطراز الأول إضافة إلى كونه فقيهاً وعالماً مجتهداً .

قالوا في البهنساوي يرحمه الله :

  • الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد … الحديث عن المرحوم بإذن الله المستشار سالم البهنساوي حديث ذو شجون ، فلقد عايشت هذا الرجل فوجت فيه مدرسة الوسطية هو وغيره من أعلام الأمة الذين افتقدناهم .. أولئك كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ولا ينقطع عطاؤها وثمارها .

هو من الرجال الذين اختصهم الله لدعوته الإسلامية المباركة وخدمة دينه وعباده فنذروا أنفسهم لله في همة عالية هدفهم دائماً حماية حدود الله والدفاع عن حرماته .. رحمك الله يا أبا أسامة ومثواك الجنة إن شاء الله تعالى .

  • لقد فقدنا عالماً فاضلاً ومفكراً واثقاً وحكماً بارزاً أبى إلا أن يبذل ما أتاه الله من عافية وقوة في نشر وسطية ديننا الحنيف بعيداً عن الإفراط والتفريط . ملك الإسلام حياته وعاش له ونذر حياته كلها لخدمته وسخر قلمه وفكره في الدفاع عنه وبيان مقاصده وجلاء أهدافه وشرح مبادئه والذود عن حماه ، والدفاع عنه ضد خصومه أو جهال المنتسبين إليه .

د.عادل الفلاح-وكيل وزارة الاوقاف الكويتية

  • لم يكن الأستاذ المستشار سالم البهنساوي رجلاً عادياً وإنما كان إنساناً ذا طبع ملائكي النزعة إذا خالطته خالطت رجلاً صافياً كماء المزن ، رقيقاً كأوراق الزهر ، تلمس فيه الحنان والرقة والحب وتحس فيه الإخلاص والأبوة والود وإذا ناقشته وجدت علماً غريزاً وأدباً جماً ، وأفقاً واسعاً ونظراً ثاقباً ، ومعرفة غامرة ، يحيط بزمانه ويلم بواقعه ، يملك زمام نفيه ، ويدري وقع خطوه ، ويعرف كيف يسير وسط الأشواك في أيام نحسات يتعدى المزالق ويختار الدروب ، ويوجه بدون إحراج ، ويعلم بمنطق القدوة ويربي بأساليب الحب ويدعو ببصيرة وحنكة ويرد بصبر وأناة وفقه وحكمة .

د. توفيق الواعي

  • رحل المستشار سالم البهنساوي رحمه الله والأمة أحوج ما تكون إلى جهوده فلقد ترك فراغاً لا يسد في مجالات عديدة كان هو فارسها وحكيمها .. عرفته ساعياً على الدوام في حل مشاكل الناس ليلاً نهاراً مهما كلفته من جهد ووقت ومال في كثير من الأحيان . عرفته يساهم في عمل الخير متطوعاً بخبرته وعلمه فلقد كان مستشاراً قانونياً متطوعاً للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ، وعرفته أيضاً سداً منيعاً أما الدعوات الهدامة وموجات التغريب .. وعرفته ملتزماً في دينه وأمانته وقد أفنى زهرة شبابه في خدمة الإسلام وقضايا المسلمين .

ابراهيم حسب الله-مديرالهيئة الخيرية الاسلامية

  • عشت معه ، وعايشته سنين طويلة في لقاءات علمية ومحاورات في أسفار ورحلات ، في تقديم مشورات ، ورؤى مستقبلية في إصلاح ذات البين ، في آداب اجتماعية وصلات أرحام في دفاع عن مظلومين وقضاء في خصومات في نصح وإرشاد ، ودعوة إلى الله ومن خلال هذا التعايش ، وتلك المعايشة ، وجدتني أما شخصية فريدة فذة ، وهبها الله عز وجل خصائص ومزايا عملت على تنميتها وترسيخها حتى صارت جزءاً لا يتجزأ من كيانها

د.السيد نوح يرحمه الله

وفاته :

على طريق الحق سار المستشار سالم البهنساوي في حياته فأراد له القدر أن يذكرنا في وفاته بجيل الصحابة والتابعين الذين ماتوا في الديار الإسلامية بعيداً عن أوطانهم ، وشاء الله أن يسترد أمانته ويختاره إليه في فجر الجمعة 3 صفر 1427هـ 3 مارس 2006 م ، على أعتاب باكو العاصمة الأذرية وهو يبلغ دعوة الله إلى الناس في جمهوريات الاتحاد السوفياتي مشاركاً في مؤتمر الوسطية في الإسلام صادحاً بكلمة الحق ناشراً لنور الإسلام .

أبيت روحه الطاهرة إلا أن تصعد إلى بارئها بعد أن صلى فجر الجمعة في الفندق جماعة مع الدكتور عادل الفلاح وكيل وزارة الأوقاف الكويتية وصحبه الكرام ، فقد اختار له القدر أن توافيه المنية وهو يشارك في مؤتمر تنظمه وزارة الأوقاف بدولة الكويت لنشر وسطية الإسلام بين مسلمي أسيا الوسطى في أذربيجان وحمل جثمانه الطاهر ليحتضنه ثرى الكويت الطاهر البلد الذي أحبه لدرجة أن ثراه الطيب أبى إلا أن يحتضن جسده الفواح بعبق الإسلام خلال رحلة مديدة تزيد على الـــ 75 عاماً .

فهنيئاً لك أيها الرمز فلقد كنت رجلاً بأمة …

قالب:روابط سالم البهنساوى