المرأة الجزائرية في مواجهة التحديات

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المرأة الجزائر ية في مواجهة التحديات
02-04-2005


مقدمة

بصمات المرأة الجزائرية على الصحوة الإسلامية واضحة لا تخطئها عين؛ تلك البصمات التي لم تكن يومًا من الأيام غريبة على المرأة الجزائرية التي شاركت ببساطتها وتلقائيتها وحبها لدينها في صنع أحداث هزَّت التاريخ، وربما ينقص الكثير من هذه البطولات في الماضي والحاضر، وكيف ساهمت المرأة المسلمة وتساهم في بناء دولة الإسلام القادمة؟

كيف تفكر المرأة الجزائرية وما أهم التحديات التي تواجهها.. هذا ما سنعرفه من خلال حوار مع د. يوسف عدوان- أستاذ مساعد علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجزائر.


في مواجهة التغريب

المراة الجزائر ية

في البداية يذكرنا د.يوسف عدوان بأنَّ الجزائر تعرَّضت لأخبث وأمكر استعمار يمكن أن يُبتلى به شعب- قرن من الزمان حاولوا أن يستقطبوا الجزائريات عن طريق أنشطة غريبة عن الإسلام، إلا أنَّ المرأة الجزائرية أبلت بلاءً حسنًا، فحينما أرادت فرنسا أن تحتفل بمرور قرن على احتلالها الجزائر، أرادت أن تثبت للعالم أنها نجحت في تغريب الشعب الجزائري، والدليل نجاحها في تغريب المرأة، فأخذوا مجموعة من الفتيات (10 تقريبًا) وربوهن تربية فرنسية، وطلبوا منهن الخروج على الحاضرين متبرجات، وعنما رُفِعَ الستارُ إذا بهؤلاء الفتيات يخرجن على العالم بالزي الإسلامي الجزائري، ولما سألت مربياتهن قلن: وماذا نصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا.

  • وهذا معناه أنَّ المرأة نجحت في مواجهة هذا المحو..
نعم، غداة الاستقلال خرجوا يبكون، وصرَّح أحد الفرنسيين السياسيين الكبار قائلاً: لقد هزمتنا المرأة في الجزائر، فردَّ البعض لقد هزمنا من الرجال من الخنادق، فكان الجواب: "ليقيني الثابت أنَّ المرأة في الجزائر هي التي صنعت الرجال الذين قاومونا وصمدوا أمامنا، وهذا اعتراف منهم بدور المرأة ودور الأسرة التي صنعت العلماء والمجاهدين والأبطال عبر التاريخ- عبد الحميد الباديسي- البشير الإبراهيمي، وكثيرين أنجبتهم الأسرة.
  • وهل ما زالت الأسرة تتمسك بهويتها؟
انتبه المتغربون إلى أنَّ سر تمسك المجتمع الجزائري وصموده هو الأسرة، فعمدوا إلى ضرب الأسرة عن طريق المرأة، وكانت أول خطوة الدعوة إلى خلع الحجاب، لكن كرد على هذه الحركة خرجت الجزائريات في مسيرة رائعة دعا إليها الشيوخ والدعاة للرد على أدعياء فرنسا دعاة التغريب والتحلل والتفسيخ من القيم الإسلامية، فخرجن يلبسن الحجاب، حتَّى غير المحجبة خرجت محجبة، تحديًّا للمؤامرة على القيم الإسلامية، وعلى المرأة بصفة خاصة.
  • وهل تواجه المرأة المحجبة ضغوطًا اليوم؟
بعض المواقف الشاذة في بعض المؤسسات الخاصة، ولم تلقَ صدى، بل نبذها المجتمع الجزائري برمته والمشرفون على أمور الجزائر.
  • وكيف واجهت المرأة تحديات التجهيل التي أراد الاستعمار أن يفرضها على الشعب الجزائري؟
الاستعمار خرج ونسبة الأمية مرتفعة بصفة عامة في الجزائر، وبصفة خاصة بين النساء، وعلى وجه الحصوص نساء الريف، وقد قامت تنظيمات وجمعيات مدنية بفتح المجال لمحو أمية المرأة، ودعمتها كل الجهات، وأبواب التعليم مفتوحة أمام المرأة الجزائرية إلى أبعد الحدود، فالفتيات يلتحقن بكافة الكليات حسب ميولهن، ويعملن في كافة المجالات، وعندنا أساتذة محجبات في الجامعة، وكذلك مجالات العمل.

العلم الشرعي

  • وهل تهتم بتلقي العلوم الشرعية؟
الجامعات التي تدرس العلوم الشرعية تجد إقبالاً من الفتيات، في الإطار الرسمي للتعليم الجامعي، ومنها جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، وقد وضع برنامجها التعليمي الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله- وهناك جمعيات خيرية إصلاحية ثقافية وتربوية، وفروع مخصصة للنساء، ليس فقط لتزويدها بالعلم الشرعي، بل للمرأة إسهامات من خلالها ثقافية ودعوية وتربوية تُحمَد لها.


الدعوة النسائية

  • وما دور المرأة في الدعوة؟
ميثاق الشئون الدينية كهيئة رسمية أدرجت ضمن مصالحها ما يُسمَّى بالمرشدات الدينيات على مستوى كل المساجد الجامعة، هذا على المستوى الرسمي، أما خارج النشاط الرسمي فممنوع النشاط الحرفي في المساجد دون ترخيص، ومعظم الأنشطة تقوم بها النساء في المناسبات المختلفة كالأفراح، أو في الجمعيات التي أشرنا إليها، وهناك نساء عضوات هيئات التدريس في الجامعات الأهلية، فالمرأة تحتاج إلى العلم الشرعي الذي يجعلها مؤثرة وتوظفه لصالح المجتمع وتغير به.


75% محجبات

الشريعة الاسلامية
  • وما تقييمك لدورها في الصحوة؟
المرأة الجزائرية قوية محافظة على الهوية، داعية بما يُدبَّر لها من مؤامرات داخلية وخارجية، نشيطة فشرائح النساء سواء ملتزمات أو غير ملتزمات نجدهم في أسوأ الظروف والحالات تتمسك بدينها مع أنها قد تبدو أمام الناس غير ذلك، ففي الجامعات عندما ألقى المحاضرة أجد ثلاثة أرباع القاعة من الطالبات المحجبات الملتزمات بينهن قليلات غير محجبات.
  • وماذا عن فتاة اليوم الجزائرية؟


جيل الشباب والفتيات يختلف عن جيل الأمهات والجدات، فهناك وسائل حديثة أصبحت تتعامل مع دقائق النفس، وأدوات مختلفة للإغراء فيها الكثير من الإباحية، في القنوات الفضائية التي لا رقابةَ عليها، والإنترنت، والإصدارات اليومية والإسبوعية التي تساعد على التحلل والانحراف.
وهناك جهود تُبذل من طرف الجمعيات الدعوية الخيرية الإصلاحية، وألاحظ إقبال بناتنا خاصةً في سن المراهقة الثانوية والجامعية على الأنشطة الدعوية- خاصةً التي تسهم في علاج المشكلات السلوكية الأخلاقية والعاطفية الناشئة عن وسائل الإغراء.
  • وهل معنى هذا أنَّ الفتيات أفضل حالاً من أمهاتهن وجداتهن؟
بصفةٍ عامةٍ الظروف التي تنشأ فيها الفتاة غير التي نشأت فيها الأم والجدة، فقد كان مجتمع الجدة والأم محافظ مغلق رافض لكل ما هو وافد، وبعد الاستقلال كان لهن نفس الحصانة فكن يرفضن الوافد من غير المسلم رغم أن 90% منهن غير متعلمات ولم يدخلن مدرسة بل لا يحفظن الإ الفاتحة، وحتى اليوم نجد من الجدات من لا تحفظ الفاتحة، وقد تُصلي بآية منها أو بسورة الإخلاص ورغم ذلك هي مجافظة متدينة بالفطرة، وتحرص على تعليم أولادها الالتزام، وخاصةً الصلاة التي كنا نُؤمر بها ونحن لا نزال أطفالاً صغارًا من طرف الأم ومن طرف الجدة العجوز رغم الجهل والأمية؛ لذلك قال بعض دعاتنا ردًّا على دعاة العلمانية، أتحداكم أن تخرجوا إلى العجائز الجزائريات في رؤوس الجبال لتقولوا أمامهن مثل هذا الكلام فستضربون بالنعال، وعندنا مثلاً امرأة قادت ثورة ضد الاستعمار في منطقة القبائل، أكثر من 7 سنوات عام 1853م وهي بنت الجبل ويسمونها عذراء الجبل، وقد أنتج مسلسل سوري جزائري لقصة لحياتها.


في مواجهة التغريب

  • لا شك أنَّ اختلاف ظروف الفتيات له جوانب إيجابية وأخرى سلبية؟
نعم اختلاف الظروف، والسولك والرغبات وأساليب التعامل ومستوى الطموح قد يحمل السلب في طياته، كما يحمل الإيجاب، فالجدات عشن فقرًا شديدًا أيام الاستعمار؛ لأنَّ الأراضي انتزعت منهم، وحولت لملكية الاستعمار، فالبنات أكثر رفاهية، وهذه الرفاهية يسرت دخول القنوات الفضائية إلى معظم البيوت، مما له فائدة علمية لكن في المقابل إذا لم توجد رقابة قد ينجرف بهن إلى الانحراف، وهكذا في سائر الأمور.
وبصفة عامة نحن نحتاج لإحصاءات دقيقة، وهذا غير موجود، لكن من خلال ما نراه ونسمعه، وما نعايشه هناك تأثيرات سلبية أحيانًا خطيرة على الفتاة تتوقف على الحضانة التي تلقتها من أسرتها فهناك مَن ينشغلن عن بناتهن، وهناك ثلاث شرائح من الفتيات، الفتاة الملتزمة الواعية التي تساهم بأنشطة في النقابات الطلابية يفوق نشاط الطلبة أنفسهم، وتبذل كل ما في وسعها من أجل فكرتها، وهناك الفتاة غير الواعية، لكن فيها خير كثير إنَّ أحسن أعداها وتربيتها وتوجيهها، وهذه الفتاة غير المبالية التي ليس لها خط ولا اهتمام لكنها لا تعادي دينها ولا أعداء دينها، والصنف الثالث الذي يتحرك من منطلق المتعة والغريزة، وهو الصنف التغريبي، وهي شريحة ضعيفة بالمقارنة بالشريحتين السابقتين، والشيء الطيب في الفتاة الجزائرية أنها قد تضع المساحيق، ومتبرجة، ولكنها تضع جلباب صلاتها في حقيبتها المؤتمرات والمواثيق الدولية.
  • ما مدى تأثيرها على الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية؟
هذه المفاهيم من حسن الحظ لم تفد إلى الجزائر بالصورة المطروحة في بعض الدول الإسلامية؛ لأن رباط الزواج في الجزائر له قيمة اجتماعية كبيرة؛ حيث يحترمه كل الناس، سواء كانوا متدينين أم غير متدينين، والمرأة قيمتها تأتي من هذا العقد.
وقد حدث في الآونة الأخيرة أن أنشأت الحكومة لجنة من 52 عضوًا تقريبًا لوضع قانون للأسرة، يلغي الولي في عقد الزواج كشرط، ومحاولة تكييف مفهوم الخلع على أن يعطي المرأة حق التطليق كالرجل، ومنع التعدد ولم تمر هذه القوانين؛ حيث وجدت معارضة شديدة على وجه الخصوص من مجتمع السلم بكل قيادييه وأعضائه في البرلمان وماضليه، وكان للمرأة دور ملحوظ رفضن هذا المشروع؛ حيث وضعت الأمانة الوطنية لشئون المرأة والأسرة في برنامجها لعام : 2005م خطة لجمع توقيعات لرفض القانون ونجحن في جمع 20 ألف توقيع، وكذلك المنظمة الوطنية للمجاهدين، وفيها مجاهدات قياديات هددوا بأنه إذا مرَّ القانون فسنحمل السلاح، ورفضن القانون من طرف الأحزاب الإسلامية والوطنية التي تدافع عن الإسلام واللغة الغربية وهوية الجزائر العربية، فالإسلام جزء من مشروعها الحضاري.


قضايا الأمة

تشاطر المرأة الرجل في ذلك مع مراعاة أن المرأة أكثر تضحية وغيره، فقد تقدَّم كل ما لديها من ذهب ومال، وتقدمه للقضية الفلسطينية، امرأة في الستين من عمرها، قدمت خاتم زواجها الذي لا تملك غيره، وفي إحدى اللقاءات أحد الضيوف سأل الحاضرين حضر إلينا مجموعة من الأمريكيين فسألونا هل تقبلون أن تكون هناك دولة للكيان الصهيوني، اندفعت امرأة وقالت: لا انطلاقًا من بنيتنا وتكويننا بأنَّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لهذه الأمة والجزائر جزء من هذه الأمة فلا فينبغي أن تغفل عنها في أي يوم أو لحظة من اللحظات.

المصدر