المخاض الصعب
المستشار عبد الله العقيل
إن الأحداث التي تعيشها أمتنا العربية والإسلامية فيما سمى بأزمة الخليج، نتيجة التصرفات الرعناء، والديكتاتورية العمياء التي يمارسها طاغية العراق قد أوجدت حالة من المخاض الصعب الذي أفرز الكثير من الحقائق، وكشف عن معادن الرجال ومواقف الشعوب، وحقيقة الأهداف، وصحة النوايا.
ولقد كان الشعب السعودي بقيادته وجنوده وجماهيره على مستوى الأحداث، حيث تصدى لها، وواجهها بشرف المسؤولية، وبذل كل طاقته من سرعة الحركة، ودقة المعالجة، وعظيم اليقظة، ووافر العطاء، وقدم المثل الرائع لما يجب أن تكون عليه الشعوب في أثناء المحن والملمات والحروب والاعتداءات.
إن المملكة العربية السعودية ـ قيادة وحكومة وشعبًا ـ قد أثبتت للدنيا كلها صدقها في المواقف، ووفاءها بالتزاماتها نحو جيرانها ودفاعها عن أوطانها ومجابهتها لأعدائها، وسرعة التعامل مع المستجدات على الساحة العربية والإسلامية وفق تعاليم الإسلام الحنيف، عقيدة هذه الأمة ونظامها الذي قامت عليه، وتستمد وجودها من التزامها به، والاحتكام إليه.
إن التلاحم بين جماهير الأمة والتفافها حول قيادتها وأهدافها وثباتها في مواطن العز والكرامة هو السبيل لتحقيق النصر على الأعداء، وتبديد أحلامهم، وتحطيم جبروتهم، وردهم على أعقابهم مدحورين مقهورين خاسرين.
ن الطغاة في القديم والحديث لا تعلو أصواتهم ولا تستقر أوضاعهم إلا في غفلة الأمة عن حقها، ونكوصها عن أداء واجبها، ورضخوها لعربدة الطغاة وتلاعبهم بمصيرها واستخفافهم بها، وصدق الله العظيم إذ يقول: (فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين).
ولهذا فإن واجب العلماء أن يقودوا الأمة إلى مواطن النصر، وأن يتقدموا ركبها لحمل مسؤولية الدعوة لتهيئة الجماهير للاضطلاع بواجباتهم، وسد كل الثغرات التي قد ينفذ منها الأعداء، وفي مقدمتها ترويج الشائعات، وإثارة البلبلة بين الناس، ولقد كان لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز، ومعالي الأخ الدكتور عبد الله التركي، وبعض مشايخنا وإخواننا دور مشكور في ذلك، ولكننا نطلب المزيد، بحيث يشمل كل المجالات في المساجد والأندية والمعسكرات والإعلام مسموعًا ومقروءًا ومشاهدًا، لأن دور الإعلام في المعركة لا يقل عن دور المدفع والصاروخ، فعن طريق الإعلام تفند دعاوى الأعداء وتبطل شبهاتهم، وبواسطته ترتفع معنويات الأمة ويقوى إيمانها، ويعظم صبرها وثباتها، ومن خلاله تقوى عزيمة جندنا المجاهدين، وتزداد حماستهم في مجالدة الأعداء ومجاهدتهم، وكسر شوكتهم.
إن الأمر جد ليس بالهزل، وإن المعركة قد تطول، ولكن الاعتماد على الله وحسن التوكل عليه، وابتغاء مرضاته، والأخذ بالأسباب المادية والمعنوية، وبذل قصارى الجهد كل ذلك كفيل بإذن الله تعالى بتحقيق النصر والظفر (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز).
المصدر
- مقال: المخاض الصعب موقع عبدالله العقيل