المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين ... بين الماضي والحاضر
أحمد زكي – أمل الأمة
محتويات
مقدمة
في 27 أبريل كان أول فصول المسرحية والتي سميت بالمحكمة العسكرية ل 34 مدنيا ضمت أساتذة جامعات ورجال أعمال ومهنيين جريمتهم لم تكن لتجارة المخدرات أو تجسس لدولة أجنبية أو احتكار الحديد أو سرقة قوت الشعب أو غرق عبارة بل جريمة هؤلاء رفع راية الإصلاح لهذا الوطن لتستمر فصول المهزلة حتي يومنا هذا باحتجاز هؤلاء الشرفاء في سجون الظلم والاستبداد علي رأسهم المهندس خيرت الشاطر والمهندس حسن مالك المحكوم عليهما بالحبس 7 سنوات
يحاول موقع ( أمل الأمة ) في هذا الملف إلقاء الضوء علي تاريخ المحاكمات العسكرية للإخوان ومدي شرعية إحالة المدنيين إلي المحاكمات العسكرية وهل يعتبر القاضي العسكري قاضي طبيعي ؟ أم ماذا ؟
البداية
كانت بداية المحاكمات العسكرية مع الإخوان المسلمين في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وذلك بعد حادثة المنشية في عام 1954 تم اعتقال عدد كبير من أفراد الجماعة و تقديمهم إلي محكمة عسكرية سميت بمحكمة الشعب برئاسة جمال سالم وعضوية أنور السادات وحسين الشافعي لتصدر حكما بإعدام سبعة من قيادات الإخوان علي رأسهم الشهيد عبد القادر عودة والشهيد محمد فرغلي وتحكم علي العديد من الإخوان بالسجن المؤبد كان منهم الأستاذ عمر التلمساني و الأستاذ محمد مهدي عاكف والأستاذ محمد حامد أبو النصر تميزت هذه المحكمة أنها كانت الخصم والحكم في ذات الوقت كما لم تتوافر ضمانات حقيقية لدفاع المعتقلين عن أنفسهم أو الطعن علي الأحكام الصادرة في عام 1965 يتم تقديم الإخوان المسلمين مرة أخري إلي المحكمة العسكرية برئاسة الفريق أول محمد فؤاد الدجوي عرفت باسم قضية تنظيم 65 لتصدر المحكمة حكما بالإعدام شنقا لسبعة من الإخوان المسلمين كان علي رأسهم الشهيد سيد قطب ولكن هذه المحكمة تميزت بقاضيها هو الفريق أول محمد فؤاد الدجوي حيث كان هذا القاضي يشغل منصب الحاكم العسكري لقطاع غزة عندما كانت تخضع للإدارة المصرية أثناء العدوان الثلاثي 1956 ليقوم هذا القاضي وهو يستسلم للجيش الإسرائيلي، بالوقوف ذليلاً أمام ضابط إسرائيلي ويثني على الجيش الإسرائيلي وشجاعته وقوته ومروءته وإنسانيته.
ويدلل على هذه المروءة بأن زوجته كانت مريضةً وأن اليهود نقلوها إلى مستشفى في تل أبيب لإجراء عملية جراحية لها وبدل أن يقدم الدجوي إلي المحكمة العسكرية بتهمة الخيانة العظمي يكون هو رئيس المحكمة العسكرية التي تحاكم الإخوان المسلمين
عهد مبارك ... الرقم القياسي للمحاكمات العسكرية
تميزت بداية عهد الرئيس مبارك بالهدوء النسبي مع الإخوان المسلمين إلا عام 1995حيث أخذ منحي التصعيد فى العلو فقد شهد هذا العام ثلاث محاكمات عسكرية للإخوان المسلمين كان أولها اعتقال 49 من قيادات الجماعة في 2 يناير في عام 1995 وذلك عقب اجتماع لمجلس شوري الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية.
وبعد عدة أشهر تم تحويل المجموعة إلي المحكمة العسكرية انتهت القضية بالحكم علي 34 ممن أحيلوا للقضاء العسكري بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، وكان من حكم عليهم بالسجن خمس سنوات ثلاث قيادات هم عصام العريان وخيرت الشاطر ومحمد حبيب.
في 23 نوفمبر في عام 1995 يتم اعتقال 33 قيادياً في جماعة الإخوان المسلمين ويتم تحويل المجموعة إلي المحكمة العسكرية لتحكم علي 20 منهم بالسجن بمدد تتراوح بين الثلاث والخمس سنوات وكان الحكم بخمس سنوات من نصيب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمود عزت في 30 نوفمبر 1995 حيث اعتقل ثلاثة من أعضاء الجماعة ويحولوا إلي محكمة العسكرية لتحكم علي اثنين منهم بالسجن لثلاث سنوات وتبرئة الثالث .
في عام 1996 يتم اعتقال 13 من قيادات ورموز الجماعة علي رأسهم محمد مهدي عاكف و 11 من قيادات الإخوان المسلمين عرفت بقضية حزب الوسط ليتم تحويل القضية إلي المحكمة العسكرية حيث حكم علي ثمانية من المحالين للمحكمة العسكرية بثلاث سنوات .
في عام 1999 يتم اعتقال 20 من أبرز رموز العمل النقابي الإخواني ويتم إحالتهم في 12 ديسمبر 1999 إلي المحكمة العسكرية لتصدر المحكمة أحكاما تراوحت بين ثلاث وخمس سنوات علي 15 من المحالين للقضاء العسكري كان من بينهم الدكتور محمد بديع سامي المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين
في عام 2001 يتم اعتقال 22 من أساتذة الجامعات عقب تنظيم مظاهرة في الجامع الأزهر من أجل فلسطين ليتم تحويلهم بقرار جمهوري إلي المحكمة العسكرية لتعرف القضية باسم تنظيم الأساتذة لتصدر الحكم في 30 يوليو 2002 بالسجن بمدد تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات علي 16 من المعتقلين، بينما برأت المحكمة 6 منهم
في عام 2007 تقوم مباحث أمن الدولة باعتقال 35 من الإخوان المسلمين في مقدمتهم نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك علي خلفية العرض الرياضي لطلاب جامعة الأزهر لتقرر محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل المجموعة ليصدر بعد ذلك قرار جمهوري بإحالة المجموعة إلي المحكمة العسكرية لتكون المحكمة العسكرية التاسعة في تاريخ الإخوان والمحكمة العسكرية السابعة للإخوان في عهد الرئيس مبارك
مهازل العسكرية الأخيرة
قامت محكمة الجنايات بإخلاء سـبيـل المتهميـن في 29 /1/2007 فردت الداخلية باعتقالهم في اليوم نفسه .
قامت النيابة بالتحفظ علي أموال عدد من المتهمين دون أي دليل أو سند قانوني علي تهمة غسيل الأموال ودون الالتزام بالإجراءات التي حددها القانون .
تم تجديد الحبس للمتهمين من القضاء العسكري خمس مرات بقرارات كلها مخالفة للقانون وهي قرارات باطلة و في حكم المنعدمة.
قام المدعي العسكري بإحالة المتهمين إلي المحكمة العسكرية دون إجراء أي تحقيق معهم
أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في 8/5/ 2007 قراراً بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة القضية للمحكمة العسكرية وكان واجباً علي القضاء العسكري الإفراج الفوري عن المتهمين تنفيذاً لهذا الحكم ولكن شيئا من ذلك لم يحدث.
قام المدعي العام العسكري بتوجيه تهمة غسل الأموال للمدعي عليهم رغم اعترافه صراحة في أولي جلسات المحكمة العسكرية في 26/4/2007م أن التقرير المالي الذي تستند إليه تهمة غسيل ّالأموال لم ينته إعداده بعد
تسلمت المحكمة العسكرية التقرير المالي في 23/5/2007م أي بعد خمسة أشهر من توجيه تهمة غسيل الأموال للمدعي عليهم وذلك في مخالفة صارخة للقانون رقم 80 لسنة 2002م ولائحته التنفيذية
عهدت النيابة العامة إلي إدارة الكسب غير المشروع في إعداد التقرير بالمخالفة التامة للقانون الذي حدد وحدة غسل الأموال بالبنك المركزي للقيام بهذه المهمة.
تقرير خبراء الكسب غير المشروع لم يوجه تهمة غسل الأموال لأي من المدعي عليهم، وقام بفحص عدد 71 شركة ولم يجد بأي منها أي دليل علي تهمة غسل الأموال .
اعترف شاهد الإثبات الوحيد المقدم /عاطف الحسيني أمام المحكمة العسكرية أنه لم يتهم أي أحد من المدعي عليهم الأربعين بتهمة غسيل الأموال!! ولما وجه الدفاع أسئلته حول الدليل الذي يملكه علي أي تهمة عجز عن تقديم دليل واحد.
قدم شاهد الإثبات الوحيد المقدم/ عاطف الحسيني شهادته أمام المحكمة وأمام هيئة الدفاع وأمام المتهمين علي مدي 25 ساعة كاملة ولم يستطع إثبات أي تهمة علي أي متهم كما لم يقدم أي دليل أو قرينة علي أي تهمة.
المتهمون الآن يتنازعهم القضاءان المدني والعسكري وكل من القضائين يباشر جزءاً من القضية دون الالتفات للآخر!!
والقانون واضح وصريح: أنه في حالة تنازع الاختصاص يتم وقف سير الدعوى والإفراج عن المتهمين لحين أن تحدد المحكمة الدستورية القضاء المختص قانوناً بنظر الدعوي.
أكد رئيس لجنة الخبراء في الجلسة السابعة عشر للمحاكمة أنه لا علاقة بين الشركات وبين جماعة الإخوان المسلمين وأن هذه الشركات وفق تقريره لم تمول أنشطة طلابية كما أن أموال هذه الشركات لم تأت من تدوير أموال جرائم أو عمليات مشبوهة .
رغم كل هذا لا تزال النيابة العسكرية مصرة علي توجيه تهمة غسل الأموال للمتهمين رغم أنف القانون
شرعية تحويل المدنيين إلي المحاكمات العسكرية
جاء في المادة 68 من الدستور المصري"
" التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا.
ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء " الواضح أن النص أكد علي حق من حقوق المواطن اللجوء إلي القاضي الطبيعي وهو يطرح سؤال هل تتوافر صفة القاضي الطبيعي في القاضي العسكري ؟
يستند رئيس الجمهورية في إحالته للمدنيين إلي المحاكم العسكرية إلي المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 بل يعطي القانون في حالة الطوارئ أن يحيل المدنيين إلي القضاء العسكري
من هو القاضي العسكري ؟
يري الكثير من القانونيين عدم دستورية هذا القانون لمخالفة المادة 68 من الدستور وهو ما دفع بالدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري ورئيس هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان المسلمين في قضية المحاكمات العسكرية في عام 1995 بالدفع بعدم دستورية القانون أمام المحكمة الدستورية العليا و منذ عام 1995 حتي وقتنا هذا لم تفصل المحكمة الدستورية العليا في الدعوى
من هو القاضى الطبيعى
تنص المادة الأولى من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 / 1966 على ما يلى :- ( الإدارة العامه للقضاء العسكرى إحدى إدارات القيادة العليا للقوات المسلحة ويتبع هذه الإدارة نيابة عسكرية ومحاكم عسكرية وفروع أخرى حسب قوانين وأنظمة القوات المسلحة ) وتنص المادة الثانية على ( يتولى الإدارة العامة للقضاء العسكرى مدير يتبع نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مباشرة )
وبتفسير النص يتضح أن إدارة القضاء العسكري إدارة من إدارت القوات المسلحة يخضع فيها مديرالإدارة العامة للقضاء العسكري لنائب القائد الأعلي للقوات المسلحة مباشرة – وزير الدفاع – ووزير الدفاع هو عضو في الجهاز التنفيذي – الحكومة – إذا هو ينفذ سياسة وزارته فى حدود السياسة العامه للدولة وليس من اختصاصه إقامة العدالة بين الناس ويترتب على ذلك بداهة انتفاء استقلال القاضى العسكرى
وإذا كان القاضى العسكرى ليس مستقلا فإنه أيضا لا يتمتع بأى حصانة على الإطلاق سواء فى (التعيين أو الندب او الإعادة أو العزل والمساءلة)وذلك على النحو التالى:-من خلال أحكام القانون25/1966 .
- 1- يكون تعيين القضاة العسكريين لمدة سنتين قابلة للتجديد ( م 59 / 1 )
- 2- يعين القضاة العسكريون من ضباط القوات المسلحة (م55) من غير اشتراط مجرد الحصول على ليسانس الحقوق
- 3- يصدر بتعيين القضاة العسكريين قرار من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة (وزير الدفاع ) بناء على اقتراح مدير القضاء العسكرى ( بدون اشتراط أى مواصفات خاصة م54 ) .
- 4- يجوز نقله إلى مناصب أخرى للضروريات العسكرية ( م59 /2 ) .
- 5- يخضع القضاة العسكريون لكافة الأنظمة المنصوص عليها فى قوانين الخدمة العسكرية ( م 57 ) .
فالقاضي العسكري لايمكن أن تتوافر فيه صفة القاضي الطبيعي والأحكام الصادرة منه بحق المدنيين لا تتمتع بالشرعية وعندما يحيل رئيس الجمهورية قضايا الإخوان المسلمين إلي المحاكم العسكرية فهو يعلم أن القضاة في هذه المحاكم تخضع له في الأوامر وليس لها الاستقلال الذي يحظي به القاضي المدني
العجيب في الأمر أن المتأمل في تاريخ الإخوان المسلمين يجد أنهم تعرضوا إلي تسع محاكمات عسكرية منها سبع محاكمات عسكرية في عهد الرئيس مبارك فلا تراجع الإخوان المسلمين عن رسالتهم ولا تراجع الظالمون عن ظلمهم
المصدر
- مقال:المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين ... بين الماضي والحاضرموقع: أمل الأمة