اللعنة التي تطارد أوباما

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
اللعنة التي تطارد أوباما

21 يوليو، 2008

بقلم :الأستاذ / فهمي هويدي

تجتاح الإعلام الأمريكي لوثة تحري حقيقة معتقدات المرشح الرئاسي باراك أوباما، ومحورها الرئيسي هو ما إذا كانت لاتزال تشوبه «شائبة» تنم عن صلة له بإسلام أبيه «حسين» أم لا لأجل ذلك فإن مختلف وسائل الإعلام ما برحت تتسابق في التنقيب عن أسرته، وتأثيرات أبيه الأفريقي الذي هجر زوجته الكاثوليكية عندما كان ابنهما باراك في الثانية عشرة من عمره، ثم ما الذي تبقي لديه من السنوات التي انتقلت فيها الأم من كينيا إلي إندونيسيا، والتحق خلالها بإحدي المدارس التي كانت تدرس الدين الإسلامي للتلاميذ، وبطبيعة الحال فإنهم تتبعوا رحلته الدراسية في أمريكا، وسألوا كل الذين عرفوه كطالب وكمحام عما إذا كانت قد بدرت عنه أي بادرة تشي بحقيقة معتقده الديني، ولم يسترح بال هؤلاء حين علموا أن الأب حسين كان ملحداً، ولم يبق له في الإسلام إلا اسمه فقط، وأن الابن باراك نشأ علي تعاليم أمه الكاثوليكية، لكنه في شبابه وحتي تخرج في الجامعة كان لا دينياً، ولم يتم تعميده كمسيحي إلا في مطلع تسعينيات القرن الماضي، مع ذلك فإن اللاهثين وراء سيرته لم يكفوا عن التنقيب عن حقيقة معتقداته، حتي إن مجلة نيوزويك أفردت في عددها الأخير دراسة خاصة حول «مسيرة إيمانه»، وفي هذه الدراسة عرضت نتائج استطلاع أجرته حول هذه المسألة، بيّن أن 13% من الناخبين الأمريكيين لا يزالون يظنون أنه مسلم، وأن أكثر من ربعهم يعتقد أنه نشأ في بيت مسلم «الأمر الذي لا يغفر له» بل إن الشكوك لاحقته في مسيحيته أيضاً، ذلك أن كبير القساوسة في الكنيسة التي تعمد بها كان القس جيرما يا ريات الابن، وهو من ظهر علي شاشات التليفزيون في الربيع الماضي وصب لعناته علي أمريكا، الأمر الذي دعا أوباما إلي التبرؤ منه، مع ذلك فإن الاستطلاع الذي أجرته نيوزويك بيّن أن نصف المشاركين أعربوا عن اعتقادهم بأن أوباما يشارك رايت بعضاً من آرائه علي الأقل، وقال ما يقرب من ثلث المشاركين إن الكلام الذي قاله القس رايت قد يدفعهم إلي عدم التصويت لصالح أوباما.

أحد أخطاء أوباما القاتلة إنه قال ذات مرة إن الإسلام ينسجم مع العصر الحديث وهو ما تصدته بعض الأبواق التي أظهرته في صور مرتدياً جلباباً وعمامة ورغم الجهد الكبير الذي يبذله لإقناع الرأي العام بأنه مسيحي مؤمن، لا يفوت الصلاة في الكنائس كل يوم أحد، ورغم أنه ذهب بعيداً في مجاملة اليهود والإسرائيليين وامتداحهم في خطبته الشهيرة أمام منظمة «إيباك»، إلا أن ناقديه لم يغفروا له أنه لم يسب الإسلام ولم يتبرأ تماماً منه، علماً بأنه ظل شديد الحذر في التعامل مع المسلمين الذين يريد أن يكسب أصواتهم، وذلك لم يمنع مساعديه من أن يبعدوا فتاتين محجبتين حضرتا مؤتمراً له من الجلوس في الصفوف الأمامية لسامعيه، لكي لا يظهر في الصورة التي ستنشر عن اللقاء، الأمر الذي يعزز الشكوك المثارة حول حقيقة مشاعره الإيمانية.

من المفارقات في هذا السياق أن الأمريكيين الذين تضيق صدورهم باحتمال أن ينتخب رئيس لهم كان أبوه يحمل اسماً إسلامياً ثم صار ملحداً، في حين أنه يقطع لهم بأنهم لم تكن له بالإسلام صلة، ولكنه ابن أمه الكاثوليكية، ومن الثابت أنه تم تعميده كمسيحي قبل أكثر من 15 عاماً، هؤلاء أنفسهم هم الذين نسمع عنهم في الندوات والمؤتمرات سؤالاً دائماً عن السبب في أن بعض الإسلاميين يرفضون أن يتولي الرئاسة قبطي مصري، وفي لقاء أخير مع بعضهم قلت إن النص في الدساتير علي أن يكون رأس الدولة منتمياً إلي ديانة الأغلبية أمر ليس مستغرباً، وهذا هو الحاصل في اليونان والدنمارك وإسبانيا والسويد وإنجلترا ودول أخري في آسيا البوذية وأمريكا اللاتينية الكاثوليكية، ومع ذلك فإن عدداً غير قليل من الباحثين الإسلاميين وأنا منهم، لم يعودوا يشترطون سوي أن يتم اختيار الرئيس في انتخابات حرة ونزيهة بصرف النظر عن ديانته.

المصدر