الكاتب الأديب أحمد محمد جمال

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الكاتب الأديب أحمد محمد جمال

المستشار عبد الله العقيل

(1343 ـ 1413هـ = 1924 ـ 1993م)

مولده ونشأته:

وُلد بمكة المكرمة سنة (1343هـ 1924م). وتخرج في المعهد العلمي السعودي سنة 1359هـ، واختير أستاذاً للثقافة الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بجدة سنة 1387هـ ثم بجامعة أم القرى بمكة المكرمة وظل مدرساً فيها حتى وفاته. وكان ذا ثقافة عالية، شغوفاً بكتب الدعاة المعاصرين كالإمام حسن البنا والأستاذ سيد قطب.

وقد اجتمع مع الإمام الشهيد حسن البنا في بيت الله الحرام وما كان يتركه إلاّ لماماً، كما ذكر ذلك الأستاذ علي حسين بندقجي في كتابه (ظلمات ونور).

وكان مشرفاً على سلسلة (دعوة الحق) التي تصدرها رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة حتى وفاته. كما كان مشرفاً على مجلة (التضامن الإسلامي) التي تصدرها وزارة الحج والأوقاف إلى ما قبل سنة من وفاته.

سعدتُ به في رحلات ومؤتمرات إسلامية ومنها افتتاح المركز الإسلامي في مدريد بإسبانيا حيث كان موضع التقدير والاحترام من الجميع.

كما كان له نشاط فكري ومقالات في الصحافة المحلية والعربية بصفة مستمرة، كانت الزاد الفكري الإسلامي للشباب المسلم.

وقد اختير عضواً خبيراً في المجمع الفقهي الإسلامي التابع للمؤتمر الإسلامي في جدة.

أول معرفتي به:

عرفتُ الأستاذ أحمد محمد جمال وأخاه صالح محمد جمال في منتصف الأربعينيات الميلادية، حين قرأت الإعلان بمجلة (الإخوان المسلمون) الأسبوعية، بأن صالح محمد جمال مطوف الإخوان المسلمين بمصر، وحين توجهت إلى الحج أول مرة سنة (1375هـ 1955م)، زرت المكتبة التي يديرانها واطلعت على محتوياتها، وسرني أن أجد الكثير من كتب الإخوان المسلمين فيها، وجرى بيني وبين الرجلين أحاديث، أدركت من خلالها ارتباطهما بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، وعرفت مقدار غيرتهما على الإسلام ودعاته، والحرص على وحدة الأمة الإسلامية وعالمية الإسلام، وتحقيق معنى الأخوة الإسلامية بين الشعوب، والتواصل المستمر لتوثيق العرى بين العاملين والدعاة إلى الله في كل مكان، كما وجدتُ فيهما الصدق والوفاء والحب والتقدير للإمام الشهيد حسن البنا الذي تأثرا به غاية التأثر وأحباه في الله ولله، ووقفا إلى جانب إخوانه وتلامذته.

نشاطه العلمي الدعوي:

إن الأخ الكريم أحمد محمد جمال صاحب قلم سيال، يكتب في موضوعات شتى كلها لخدمة الإسلام والمسلمين، سواء على المستوى المحلي أو العربي أو الإسلامي أو الدولي.

كما أنه عضو فعال نشط له دور كبير في المؤتمرات الإسلامية التي تعقد داخل المملكة وخارجها، حيث يبين حقيقة الإسلام ويبين محاسنه، وينبري للرد على كل الأباطيل التي يثيرها الخصوم عن الإسلام والمسلمين، وكانت له مواقف صلبة في تعرية الطغاة الذين انتصبوا لحرب الإسلام ودعاته في هذا العصر.

والأستاذ له محاضراته ودروسه في جامعة أم القرى، فضلاً عن المحاضرات التي يلقيها في سائر أنحاء المملكة العربية السعودية بالجامعات والمعاهد والأندية وغيرها، كما أن له مؤلفات كثيرة جداً، في موضوعات إسلامية متنوعة، وله اهتمام بتربية الشباب وتوجيه الخطاب لهم من خلال الدروس والأحاديث والكتب والمقالات لأنه يعتبرهم العنصر الذي سيتولى زمام الأمور فيما يستقبل من الأيام، فيجب علينا أن نعنى بتنشئته النشأة الإسلامية الصالحة وأن نعطيه مزيداً من الجهد والرعاية، وأن نراعي السن التي هو فيها، والثقافة التي يحتاجها، وأن نحسن عرض الإسلام بالأسلوب المحبب على جرعات متدرجة، لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة عليهم والملل، فكيف بمسلمي اليوم، وخاصة الشباب؟!!

أخلاقه وصفاته:

كان الأستاذ أحمد محمد جمال له ابتسامته المشرقة التي لا تفارقه حتى في أحرج الأوقات، كما أن فيه من صفة الوفاء لإخوان الصدق، قدراً كبيراً وشأناً عظيماً، بل إن أسلوبه في الحوار ممتع وجميل، لا يصخب ولا يجهل ولا يتطاول ولا يتعالم، بل يعرض وجهة النظر التي يؤمن بها، بأسلوب حكيم وطريقة لبقة تشد السامع إليه، وتؤثر فيمن يحاوره مستفهماً أو متشككاً أو مجادلاً، فلا يملك الطرف الآخر إلا التسليم بوجهة النظر التي طرحها الأستاذ جمال دون أي حرج أو غضاضة للأسلوب البارع في فن الحوار الذي سلكه الأستاذ جمال والأدب الجم والكلام الطيب الذي يظلل أجواءه.

مواقفه:

إن مواقف الأستاذ جمال في المؤتمرات الإسلامية العالمية تتسم بالصدق والوضوح والجرأة في الحق والانقضاض على الباطل وتصديع أركانه حتى ينهار.

وكانت الجولات الإسلامية التي يقوم بها في أنحاء العالم الإسلامي من خلال رابطة العالم الإسلامي أو غيرها ذات مردود طيب وأثر فعال، لأنه يقدم عرضاً صادقاً لأوضاع المسلمين الذين زارهم، ويشفعه بالمقترحات اللازمة لعلاج مشكلاتهم وحل معضلاتهم، بحيث يستفيد المسلمون من هذه الزيارات الفوائد الجمة التي تعود عليهم بالخير الكثير.

ولن أنسى للأخ أحمد جمال ترحيبه بي حين التحقت برابطة العالم الإسلامي، كما لا أنسى الزيارات التي أسعدني بها والمؤلفات التي يواليني بها تباعاً، وكنت أبادله وداً بود، وحباً خالصاً في الله ولله، لما أعرف من سابقته وسابقة أخيه صالح في الوقوف إلى جانب الدعاة أيام المحن التي تعرضوا لها على أيدي الطغاة في بعض الأقطار، ومساعدتهم مادياً ومعنوياً، وبذل قصارى الجهد لرفع الظلم والحيف الواقع بهم، والشفاعة لدى الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز آل سعود في تفريج كربة المكروبين ودفع الأذى عن المظلومين والعمل على فك أَسر المعتقلين ومساعدة الأُسر والمحتاجين.

إن صالحاً وأحمد جمال كانا من أعيان مكة المكرمة المشهود لهم بالخير والفضل والاستقامة والسمعة الطيبة والسيرة العطرة لدى القريب والبعيد، وقد كان فقد كليهما خسارة للعمل الإسلامي في كل مكان حيث بكاهما محبوهما داخل المملكة وخارجها لما لهما من أياد بيضاء ومواقف صادقة ورجولة صلبة لا يملك الإنسان حيالها إلا الاعتراف لذوي الفضل بفضلهم، وخاصة في هذا الزمن الذي قل فيه أنصار الحق وكثر الملق والنفاق وطغى الزيف والزخرف على الجوهر النفيس.

ومع هذا كله فإنني مهما كتبتُ عن الأخ أحمد محمد جمال فلن أستطيع أن أفيه حقه، ولقد قرأتُ الكثير مما كتبه الأوفياء في الصحف السعودية عن الرجل وجهاده ونشأته وسيرته، غير أن الجانب المهم ـ وهو تعضيده للحركة الإسلامية المعاصرة والاتصال برموزها في أنحاء العالم الإسلامي ـ لم يتطرق إليه الإخوة الكتّاب لذا آثرت إبرازه والتنويه عنه.

ولقد حدثني الأستاذ عمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين ـ رحمه الله ـ عن زيارة أحمد جمال له بمكتبه بالقاهرة والحديث الذي دار بينهما والغيرة الصادقة على الدعوة والدعاة التي أبداها الأستاذ أحمد جمال ـ رحمه الله ـ واستعداده لبذل كل جهد مستطاع في صالح الإسلام والمسلمين، خاصة في مصر الشقيقة التي يعتبرها العالم الإسلامي القلب النابض، وفيها نشأت أكبر حركة إسلامية معاصرة انتشرت في مصر والعالم العربي والإسلامي كله.

توفي في الإسكندرية ودفن بمكة المكرمة يوم (9/12/1413هـ).

صدرت عنه كتب ومقالات لمؤلفين كثيرين منها:

ـ مقال (أحمد جمال... وفقد العلماء) بقلم: عاصم حمدان.

ـ كتاب (أحمد جمال: رجل الدعوة والفكر) لمؤلفه: زهير كتبي.

ـ كتاب (الأديب المكي: أحمد محمد جمال) لمؤلفه: محمد علي الجفري.

ـ كتاب (أحمد محمد جمال: الداعية، النسر، الأديب) لمؤلفه: محسن باروم.

ـ دراسة (أحمد محمد جمال شاعراً) بقلم: محمد قطب عبد العال.

ولقد رثاه الشاعر محمد ضياء الدين الصابوني في قصيدة منها:

نبأ سرى فأثار كامن مهجتي

وغزا فؤاداً لم يكن متحمِّلا

إن النوائب في الحياة كثيرة

وأجلّها فَقْدُ الحبيب معجلا

يا(أحمد) والفضل فيك سجيّة

قد كنت في دنيا المعارف منهلا

أسفاً عليك بكل عين أدمع

أسفاً على أدب رفيع قد جلا

ولقد عرفت بك الأخوة سمحة

بل كنت في دنيا الأخوة مشعلا

أبكي الشمائل والفضائل والنهى

أبكي الأخوة والوداد الأكملا

ما مات من ترك المآثر بعده

ما مات من كان الأديب الأمثلا

من مؤلفاته:

أدب وأدباء.

استعمار وكفاح.

الإسلام أولاً.

الاقتصاد الإسلامي.

أوصيكم بالشباب خيراً.

تاريخنا الإسلامي لم يُقرأ بعد.

تعليم البنات بين ظواهر الحاضر ومخاطر المستقبل.

الجهاد في الإسلام: مراتبه ومطالبه.

خطوات على طريق الدعوة.

دين ودولة.

رفقاً بالقوارير.

سعد قال لي.

الشباب: دراسات ولقاءات.

الصحافة في نصف عمود.

الطلائع (أعاد طبعه بعنوان وداعاً أيها الشعر).

عقود التأمين بين الاعتراض والتأييد.

فكرة الدولة في الإسلام.

في مدرسة النبوة.

القرآن الكريم: كتاب أحكمت آياته.

القصص الرمزي في القرآن الكريم.

قضايا معاصرة في محكمة الفكر الإسلامي.

كرائم النساء: أمثلة من أمجاد الأمومة.

ليشهدوا منافع لهم.

ما وراء الآيات.

مأدبة الله في الأرض.

ماذا في الحجاز؟

مأساة السياسة العربية.

مبادئ ومثل.

مجتمعنا العربي كما ينبغي أن يكون.

محاضرات في الثقافة الإسلامية.

مسؤولية العلماء في الإسلام.

مع المفسرين والكتّاب.

مفتريات على الإسلام.

مكانك تحمدي.

من أجل الشباب.

من كشمير إلى فلسطين وخطر الصهيونية والصليبية على الإسلام.

مهمة الحاكم المسلم.

نحو تربية إسلامية.

نحو سياسة عربية صريحة.

نساء وقضايا.

نساؤنا ونساؤهم.

وداعاً أيها الشعر.

يسألونك.

رحم الله الأخ الكريم أحمد محمد جمال وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجازي عباده الصالحين، وحشرنا الله وإياه في مستقر رحمته مع الأنبياء، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

المصدر