القرضاوي والشيعة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
القرضاوي والشيعة

بقلم/ الشيخ عصام تليمة

مقدمة

الشيخ عصام تليمة

لعل القراء يذكرون مقالا لي في شهر سبتمبر الماضي، تحت عنوان (زلة اللسان بين العوا والقرضاوي)، والذي كان تعقيبا على بيان أصدره أستاذنا الدكتور محمد سليم العوا، توضيحا لتصريح أصدره شيخنا القرضاوي مختصره: أن الشيعة يقومون بأعمال عنف ضد السنة، وكتبت فيه أخالف الدكتور العوا فيما كتب، وأنه آن الأوان للمصارحة في توجه الشيعة الحقيقي من أهل السنة، وبخاصة في العراق، وقد لقيت هجوما وقتها من بعض من لم يفهموا المقال جيدا، وظنوا أني أسيء به للشيخ القرضاوي أو للدكتور العوا، وكلاهما أستاذ لي، ومن أصحاب المكانة في قلبي.


ولم أفاجأ بما سمعته من شيخنا القرضاوي ولا من بقية علماء السنة في مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية، والذي قال فيه الشيخ القرضاوي ما كنا نتمنى منه دوما إعلانه، والحقيقة التي ينبغي أن يدركها الكثير: أن القرضاوي ومعه عدد كبير من علماء السنة المعتدلين ـ وكل المشاركين في التقريب لا شك لا يختلف عليهم اثنان في ذلك ـ صبروا كثيرا على استفزازات الشيعة في بلادهم، والتبشير بالشيعة في مناطق وبلاد سنة خالصة، ويبدو أنهم فهموا أن هذه السماحة من علماء السنة ضعفا، بل كانت إحسانا للظن، وإعطاء لمزيد من الفرصة لعل المخطئ يصحح خطأه، والعقلاء تقوم المعوج من أهل التشدد من الشيعة.


ولكن عندما يصل الحال بالمسلم السني في العراق أنه إذا قبض عليه وسقط في يد الأمريكان، يذبح ذبيحة تقربا لله وشكرا له، أنه لم يقع في يد الشيعة، حتى لو كانوا شرطة، أو رجال أمن، لأن الولاء للمذهب عندهم أقوى من الولاء للوطن ذاته. وعندما يصل الحال إلى هذا التهجير الجماعي، والهدم المتعمد لمساجد السنة، والقتل على الهوية، فعندئذ السكوت يعد حراما، ولا يليق بعالم أن يكون شيطانا أخرس.


بقي أمر على كل دعاة التقريب من السنة أن يقفوا أمامه وقفة منصفة أشبه بمراجعة الحساب، ومن أولى الوقفات: أن التوجه الذي حذر من عدم صفاء نية الشيعة، كان أقرب للصواب في الرؤية منا في هذه المسألة خاصة، وبخاصة التيار السلفي المتعقل منه، لا الطارد لكل مخالف من هذا التيار، فقد نظروا إلى القوم عن طريق كتب تشرح عقيدتهم، وممارسات فعلية تحدث على أرض الواقع.


كما علمتنا هذه التجربة: أن أهل مكة أدرى بشعابها، من عاشر القوم هو من يستطيع الحكم عليهم جيدا، كان أهل العراق قبل احتلالها يرسلون رسائل تحذير لكثير من دعاة التقريب، في ألا يتسرعوا في الدعوة للتقريب، وأن عليهم أن يتريثوا، حتى يروا دلائل على حسن وصدق نوايا الآخرين، وفعلا لا يستطيع مصري مهما بلغ علمه أن يحكم على مذهب ليس له وجود في بلده، ولا ممثلين لهم، وبالطبع لا يغني في المعرفة: المؤتمرات التي غالبا ما يسودها الود والعشاء والقبلات والأحضان، شأنه شأن لقاء الدبلوماسيين والسياسيين الفرقاء.


كما أنه آن الأوان أن يقف الذين تكلموا بعد الشيخ القرضاوي جزاه الله خيرا مؤيدين له، أن يقفوا وقفة مع أنفسهم، إذا لم يتكلم القرضاوي متى كانت ستخرج كلماتهم، أظن ـ وأتمنى ألا يكون ظني من الظن الآثم ـ أن كلامهم سيكون موضعه بطن الغيب، وذلك إما خوفا من أن ينسب إليهم إفشال عملية التقريب، أو يلامون ويعاتبون من المشايخ الكبار، وإن كنت على يقين أن قناعة الشيخ القرضاوي بهذا الرأي وصلت بعد تأكيد ممن حوله من العلماء لما توجه إليه أخيرا في موقفه من عنف الشيعة ضد السنة في العراق، وبقية الممارسات في دول أخرى، ومحاولة كسر الأغلبية السنية في بلاد بعينها كبلاد الشام وفلسطين ومصر.


وآن الأوان لدعاة التقريب من المذهب الشيعي أن يثبتوا لنا حسن نواياهم، وصدق توجههم، وهذا وقت العمل الحقيقي لا الكلام المنمق،

بقية كلمة نقولها لشيخنا القرضاوي: جزاك الله خيرا على صدقك مع نفسك، وصراحتك مع أمتك التي أعطتك هذه المكانة لتمثلها، وهذا ما ننتظره منك ومن بقية الرموز، لا نحتاج منكم مجاملة لأحد، بل قولوها لنا صريحة مدوية مهما كانت مؤلمة، فمرارة الحق خير لنا من معسول الكلام الذي لا يمثل الحقيقة.

  • المصدر: ملتقى الإخوان المسلمين