القائد أبو المعتصم في عيون أهله ومحبيه

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
القائد أبو المعتصم في عيون أهله ومحبيه
الشهيد القسامي محمود عبد الله علي عقل

لا يشعر الإنسان بقيمة العظماء إلا إذا افتقدهم وفارقوه دون رجعة ، ولا يشعر حتى العظماء بقدرهم بين الناس ، لأنهم علموا أن ما عند الله خير من هذه الدنيا الفانية ، فتجهزوا ليوم الرحيل ، وحرصوا على أن يتركوا لهم ذكرا طيبا بعد رحيلهم ، فكانوا خير من وطأت أقدامهم هذه الأرض ، لأنهم وبكل صدق رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .

ومن حق الذين سبقوا علينا أن نوفيهم حقوقهم ولو بالكلمة الطيبة ، علها تلامس القلوب قبل العيون ، لذا فإننا سنستعرض في هذا الحوار مع زوجة الشهيد ، وفي الذكرى السادسة لرحيله ، بعضا من محطات حياة الشهيد القائد محمود " عبد الله " علي عقل .

  • في البداية تحدثي لنا عن حياة أبو المعتصم ، وما الذي كان يميزه عن غيره ؟
كانت حياة أبو المعتصم حياة هادئة ، وكان يحيى الحياة الإسلامية في كل أموره ، ويحرص على تربية أبنائنا التربية الإسلامية الخالصة ، وكان دائما يوصينا بمداومة مراقبة الله عز وجل والإحسان إلى الآخرين ، والإكثار من الأعمال الصالحة التي ترضي الله عنا .
  • كيف كان مسلك شهيدنا داخل البيت ؟ وكيف كان يعامل أهله ؟
كان الشهيد رحمه الله هادئ الطباع ، ساكن الوجدان ، رفيق بأهله وأبنائه ، حريصا على إرضاء والديه ، وبرهما في كل الأمور ، محبا للنظام والنظافة ، بشوشا لا يغضب إلا لوجه الله ، شجاعا يحترم الآخرين ويقدرهم ، حريصا على التخلق بأخلاق الإسلام في كل تصرفاته وسكناته .
  • كيف كان أبا المعتصم يبدأ يومه ، وبماذا كان ينهيه ؟
ككل العظماء يبدأ يومه بصلاة الفجر والدعاء والذكر والإكثار من قراءة القرآن ، فإن كان عنده عمل جهادي استيقظ مبكرا ، وإن لم يكن عنده وقلما يحدث هذا فإنه يرتاح لبعض الوقت ، مصداقا لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم " إن لبدنك عليك حقا " أما كيف ينهي يومه فهذا يرجع إلى طبيعة عمله في هذا اليوم ، فقد لا ينتهي بسبب ارتباطه بعمل آخر في اليوم التالي.
  • ما أصعب شيء واجهكما في حياتكم الزوجية ؟
ليس هناك شيء أصعب من أن تفقد الزوجة زوجها بعد شهر واحد من زواجها ، فقد اعتقل أبو المعتصم بعد شهر من زواجنا ، وكنت حينها حاملا ، وخرج من السجن بعدما أنجبت معتصم وكان عمره سبعة شهور .
  • كيف كانت علاقة شهيدنا مع القرآن الكريم ؟ وما المسجد الذي التزم فيه ؟
كان محبا للقرآن الكريم دراسة وقراءة وحفظا ، ولولا ضيق وقته لعاش كل حياته مع القرآن ، فقد كان يحرص على أن يطبق القرآن واقعا عمليا في حياته .
والتزم أبو المعتصم منذ صغره في مسجد البريج الكبير ، وتربى على يد قادة أفاضل أمثال الشهيد القائد إبراهيم المقادمة ، والشيخ أبو أيمن طه ، حيث تعلم منهم حب التضحية والبذل في سبيل الله .
  • كم من الوقت كان يقضيه أبو المعتصم خارج البيت ؟ وهل كنت تعارضينه في هذا الأمر ؟ وهل كان يعطي أهل بيته حقهم الشرعي ؟
لعل معظم وقته كان يقضيه خارج البيت ، بسبب طبيعة عمله الجهادي الذي يتطلب منه ذلك ، من خلال متابعة المجاهدين ، والإشراف والمشاركة في الأعمال الجهادية ، والإعداد لمواجهة الاحتلال الصهيوني ، حيث أنني لم أكن أعارضه على شيء فيه خدمة للإسلام والمسلمين ، لأن إنسان كهذا لا بد أن يفضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، وكان يحرص على أن يعطينا حقنا ، وفي بعض الأوقات كان يعوضنا عما يفوتنا .
  • كيف كانت نظرة شهيدنا للحياة الدنيا ؟ وهل كان متفائلا بالمستقبل ؟
كان الشهيد يعتبر حياته في الأيام معدودة ، لذا كان يعمل كأنه مسافر عنها في أي لحظة ، فيحرص على اغتنام كل دقيقة من حياته في طاعة الله ، وكان متفائلا جدا بالمستقبل ، معتبرا أن الذي سيأتي سيغير وجه التاريخ ، فقد كان متفائلا باقتحام المستوطنات وطرد الاحتلال من قطاع غزة ، وقد حدث ما تمنى .
  • كيف كانت طبيعة تعامله مع التنظيمات الأخرى على الساحة الفلسطينية ؟
كان موضوعي في تعامله مع التنظيمات الأخرى ، يتحدث مع الجميع ، ويحترم وجهات النظر المختلفة ، فلا تحزب لديه ، ولا أنانية ولا حب للذات على حساب الآخرين ، فالكل سواء عنده كأسنان المشط ، حيث كان يُحكم شريعة الله في تعامله مع الغير ، لذا أحبه الجميع ، وكَنوا له كل الاحترام والتقدير .
  • ما هو الدعاء الذي كان يردده دائما ؟ وهل كان يكثر من الحديث عن الشهادة والشهداء ؟
كان دعاؤه المفضل " اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وأمتني على الشهادة في سبيلك " ، ولأنه من الجيل الأول المؤسس لكتائب القسام ، فقد كان دائما يكثر من الحديث عن الشهادة والشهداء ، لأنهم جيل صادق ، عملوا على إعلاء راية الإسلام في كل مكان ، وهذا كان عهدهم مع الله عز وجل .ومن كلماته التي كان يرددها دائما " مت مرابطا خير لك من الدنيا وما فيها "
من فينا لا يبغض الاحتلال الصهيوني وهو جاثم على صدورنا وقلوبنا ، فقد كان أبو المعتصم دائم التفكير في كيفية صد الاحتلال عن مدننا ومخيماتنا ، وكان من أشد الباحثين عن الأهداف الصهيونية التي تصلح لضربها أو تنفيذ عملية فيها ، كونه أحد القادة المسئولين عن هذه الأمور ، وكان يتمنى أن يستيقظ ويرى النصر بعينيه ، وقد اندحر الاحتلال من ديارنا ، وطهرت مقدساتنا .
  • هل كان يخرج للرباط لتفقد المجاهدين كونه من قيادة كتائب القسام ؟
كان أبو المعتصم حريصا دائما على حياة إخوانه المرابطين ، وكان دائم التفقد لشئونهم وأمورهم ، حريصا على أداء الأمانة التي كُلف بها على أكمل وجه ، لدرجة أنه وفي ليلة استشهاده كان مرابطا مع إخوانه ، يؤانسهم ويخفف عنهم .
  • هل تغير سلوك شهيدنا بعد استشهاد رفاقه القادة ؟ وما هي أهم الكلمات التي كان يرددها ؟
طبعا تغير سلوكه بعد استشهاد رفاقه وأحبابه ، فقد أحس بالوحدة والفراغ من بعدهم ، وخصوصا أن المسئولية تضاعفت عليه من بعدهم ، وكان دائما يردد " هم السابقون ونحن اللاحقون ، اللهم أكرمنا مثلهم بالشهادة " .
  • هل سبق استشهاده مؤشرات أو دلالات معينة ؟
كل الدلائل التي كانت قبل استشهاده توحي بأنه على طريق إخوانه الشهداء ، فعندما فرغت الساحة من أصحابه جاءه الدور ، وشعر بأنه المقصود في هذه المرة ، فصار يتصرف وكأنه شهيد مع وقف التنفيذ ، وما أكد ذلك الرؤيا التي رآها أحد أصدقائه المقربين منه ، من أنه سيلحق بإخوانه شهيدا ، وكانوا دائما يقصون عليه الرؤيا فيضحك ويقول " إن شاء الله يكرمنا بالشهادة وألحق بمن أحب " .
  • كيف تلقيت نبأ استشهاد زوجك أبا المعتصم ؟
كان نبأ استشهاد أبو المعتصم كالصاعقة علي وعلى أبناء المعسكر جميعا ، وخصوصا أنه لم يمض على فراقه إلا بعض دقائق ، وإذا بالقصف يحدث ، ويزف إلي نبأ استشهاده ، وما فاقم الأمر أكثر أن أبا المعتصم وزوج أختي أبو يوسف ميط كانا معا واستشهدا معا ، فأحسست حينها أن حياتي انتهت في تلك اللحظة ، ولكن رحمة الله بعباده المؤمنين هي البلسم والشفاء في كل لحظة .