العمليات الاستشهادية مطلوبة لإحداث التوازن
في إطار الاحتفال بمرور أربع سنوات على الانتفاضة الفلسطينية المباركة أقامت نقابة العمليين المصرية ندوةً الأربعاء 29 سبتمبر 2004م تحت عنوان "مشروعية العمليات الاستشهادية"، والتي أكد المتحدثون على مشروعيتها من الكتاب والسنة، وأنها ضرورية لإحداث توازن مع الأعداء، وبالفعل قلبت موازين ومعايير الحروب التقليدية لصالحها فتحولت دولة الأعداء إلى ثكنات عسكرية لا يأمنون فيها من عواقب هذه العمليات.
وكانت من أهم أثارها النفسية رفض الخدمة العسكرية، وارتفاع عدد الهاربين من التجنيد إلى ما يقرب من مليون صهيوني، كما زاد عدد المطالبين بالانسحاب من قطاع غزة والضفة، كما أنها وضعت القضية الفلسطينية في مقدمة القضايا وجعلتها دائما في بؤرة الاهتمام، وشدد المتحدثون على ضرورة أن نعامل الأعداء بمثل ما يعاملوننا به، وأن نعاقبهم بما يعاقبوننا به، وعدم الالتفات إلى ذريعة قتل المدنيين، والتي من أهم أهدافها التخلي عن الجهاد وإلقاء السلاح.
ومن جانبه أكد الدكتور جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى سابقًا أننا إزاء مشروع صهيوني أوروبي عالمي، فعدوهم الأول هو الإسلام؛ لأنه دائمًا يقاوم ولذلك جاءوا إلى أرضنا واغتصبوا أرضنا، وهذا ما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان وموقف الأمة لا بد أن يكون نابعًا من الآية الكريمة "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" (الحج: 39).
وأشار عبد الهادي إلى أن الأوروبيين لهم تاريخ أسود مع المسلمين والمسيحيين، فالرومان ظلوا يحتلون مصر ما يقرب من مائتي عام، وقد تعاملوا بقسوة مع المسيحيين وإستهزأوا بالمسيح عليه السلام، واليوم يرفعون شعار المسيح وهو منهم براء، وأوضح عبد الهادي أن الإنسان عند المسلمين له قيمة ودمه محرم، لكننا نُهاجم في بلادنا فالأوروبيون والأمريكان والصهاينة أشاعوا الرعب في بلادنا؛ فهم اغتصبوا أرض فلسطين، ويعتقلون العراق، وقد دمروا وسبوا واعتقلوا الآلاف في السجون وعذبوهم تعذيبًا إجراميًا يستخف بالإنسانية.
وشدد عبد الهادي على أننا في عصر البلطجة والقرصنة الأمريكية والصهيونية، وأمام هذه الجرائم المعلنة يقف العالم مقيدًا؛ فلا المنظمات الدولية لحقوق الإنسان تفعل شيئًا ولا الأمم المتحدة تفعل شيئًا، ولهذا جاءت العمليات الاستشهادية لتحقق توازن الرعب، فهي نموذج فريد للمقاومة، وهي التي جعلت المحللين يركزون على الانتفاضة، وأصبحت تقلق مضجع الصهاينة والأمريكان، ويحاولون مع الأنظمة العربية بشتى الطرق لإيقافها، لكن دون جدوى، فهذه العمليات جعلت دولة الكيان الصهيوني بمثابة ثكنة عسكرية، بالإضافة إلى تأثيرها الشديد على الاقتصاد الصهيوني، الذي يعاني من تدهور واضح وكانت من أهم أثارها النفسية رفض الخدمة العسكرية، وارتفاع عدد المهاجرين إلى حوالي مليون، والمطالبين بالانسحاب زاد عددهم.
وشدد عبد الهادي على أن الانتفاضة غيَّرت وقلبت معايير الحروب وغيرت منهج التفكير العسكري؛ فقد خرجت من مفهوم الحرب التقليدي ووضعها في مفهوم الحروب غير التقليدية التي أدخلت العدو في مرحلة غير متوازنة وفي غير صالحه.
أما الدكتور يحيى هاشم- عميد كلية أصول الدين بطنطا سابقًا- فأشار إلى أننا نمر بمرحلة من مراحل الحرب الشاملة التي تُشن على الإسلام أينما وُجد على خريطة العالم، وليس الأمر كما يقال المسلمين الأصوليين لكنه الإسلام والمسلمين جميعهم.
وأوضح هاشم أن طبيعة الحرب طبيعة قائمة على فلسفة الصراع منذ صراعات الآلهة، والآن صراع القوميات، العقل الأوروبي لا يمكن أن يتنازل عن فكرة الصراع وهي ممتدة وما يدل على ذلك أن الحروب التي تقوم الآن لا تعرف شيئًا اسمه المدنيين، فهي تبدأ بهم وتنتهي بهم أيضًا وهم ينطلقون من عقائدهم في ضرب المدنيين، وهذا يتضح بوضوح في سفر التثنية.
وأشار إلى أنه الآن وعلى سبيل المثال في العراق لا تستطيع تحديد المدني من العسكري والذريعة التي يتذرع بها الأمريكان والصهاينة وذيولهم في الشرق هم المدنيون، ولا يجب قتلهم مع أنهم هم الذين قتلوا 40 مليون مدني في الحرب العالمية الثانية، والمدن التي ضربت في هيروشيما ونجازاكي هل كانت ثكنات عسكرية؟
وأكد هاشم أن العمليات الاستشهادية تتطابق تمامًا مع الآية الشريفة "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" (التوبة: 111)، وما يدل أيضًا على وجوب مثل هذه العمليات ما حدث من الصحابي الجليل الذي كانت بيده تمرات، وقال بخٍ بخ،ٍ وخرج وفي اعتقاده أنه لا يرجع، كذلك الاستشهادي يخرج ويعتقد أنه لا يرجع.
وأضاف أن المسلمين بحاجة إلى سلاح لإحداث نوع من التوازن، ولولا هذه العمليات الاستشهادية ما كان أحد يتكلم عن حقوقهم، ولكن يشترط في هذه العمليات أن تكون وفق مبدأ تحقيق المصلحة ونكاية بالعدو اشتراط نية الجهاد، وتساءل هاشم كيف يخلط البعض بين الاستشهاد والانتحار؟ قائلاً: لا يمكن أن توضع العمليات الاستشهادية موضع التشكيك؟، وما يحدث من البعض بالمطالبة بإيقاف مثل هذه العمليات هو غلٌّ ليد المجاهدين.
وشدد على أنها حرب قذرة؛ فهي تقتل المدنين ويجب مواجهتها بالمثل كما جاء في القرآن، مع أن القتل في أصله محرم ولكن أُحل في باب المعاملة بالمثل كضرورة ميدانية، فنحن مأمورون بأن نعاقب أعداءنا بمثل ما يعاقبوننا به.
أما الشيخ محمد الشريف- من علماء الأزهر- فقد فرَّق بين أهداف ودوافع الاستشهاد والانتحار، فالأولى هو لهدف أسمى وهو دخول الجنة، فالاستشهادي قد سمى بنفسه إيمانيًا وهو عبدٌ حقق معني العبودية لله بعد تربية إيمانية وجهادية طويلة، وهذا الاستشهاد لم يأت من فراغ، أما المنتحر فيكون وراء انتحاره إما مرض نفسي أو ضيق في المعيشة.
وأشار إلى أن الشهيد أقام الحُجة على الناس، فلا بد من تقديم المناهج لصنع الاستشهاديين حتى يخرج باختيار للاستشهاد، وفي النهاية أكد أن التدين الصحيح مهانٌ سواء من بني جلدتنا أو من أعدائنا، الذي يتزعمهم بوش، الذي لم يتخلق لا بأخلاق الإنسانية ولا المسيحية التي يرفع شعارها، ولكنه تخلق بأخلاق الهمجية.
المصدر : إخوان أون لاين