العدوان على لبنان.. يقع أو لا يقع.. قبل فوات الأوان

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
العدوان على لبنان.. يقع أو لا يقع.. قبل فوات الأوان


بقلم: الأستاذ إبراهيم المصري

الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان

العدوان على لبنان.. يقع أو لا يقع.. قبل فوات الأوان

منذ أشهر يدور اللبنانيون والعالم العربي من حولهم في حلقة مفرغة، هل نحن أمام عدوان اسرائيلي على لبنان، يسبق الضربة الاسرائيلية أو الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية، أو يكون لاحقاً لها ومن تداعياتها؟ اضافة الى توقعات أوسع وأشمل تضع سوريا في حسابات العدوان، كما تضع قطاع غزة في مرمى العدوان الاسرائيلي.

بعض المحللين يضع التهديدات الاسرائيلية في خانة التهويل الإعلامي، وبعضهم ينأى بها لتكون خلال عام 2011 أو الذي يليه، بينما الواضح أن التوجهات الأمريكية (والغربية) متطابقة مع التهديدات الاسرائيلية، فإيران دولة اسلامية تضع في رأس أولوياتها مواجهة المشروع الصهيوني، كانت كذلك منذ اغلاق السفارة الاسرائيلية في طهران وتسليم مبناها الى بعثة منظمة التحرير الفلسطينية وذلك قبل بروز المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان.

واذا كان الامام الخميني يعتبر أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، فأين يمكن أن تكون «اسرائيل»؟!

وإيران التي يدرجها الغرب في رأس مجموعة «محور الشر» باتت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك أسلحة ذرية تسقط المعادلة الصهيونية القائمة على امتلاك «اسرائيل» وحدها هذا الامتياز، على الرغم من فتح مفاعلاتها في ناتانز وقرب مدينة قم للرقابة والتفتيش الدولي، وتأكيدها أن برنامجها لا يتعدى طموحها بإنتاج طاقة نووية للأغراض السلمية، وصدور تهديدات واضحة بتوجيه ضربة مشتركة، غربية اسرائيلية، الى المفاعلات النووية الإيرانية.

ماذا عن دور لبنان في هذا الاستحقاق؟ واضح أن التنسيق الأميركي الاسرائيلي بلغ مراحل متقدمة في توجيه ضربة مشتركة الى إيران، وان القدرات الإيرانية على المواجهة تبدو غير قادرة على الردع، وأن بطاريات الباتريوت الأمريكية جرى نشرها على سواحل أربع من دول الخليج، فضلاً عن ارسال مجموعات منها الى الكيان الصهيوني.

لذلك تبدو شبكة صواريخ المقاومة الإسلامية المزروعة على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة هي الأجدى، سواء في ردع العدوان الصهيوني على إيران، أو في توجيه ضربات مؤلمة الى الداخل الفلسطيني، خاصة بعد تواتر الأخبار بامتلاك حزب الله عشرات آلاف الصواريخ.

يضاف الى هذا أن المضادات الاسرائيلية قد تستطيع اعتراض الصواريخ الإيرانية البالستية، نظراً لتركيبتها، ولأنها تستغرق دقائق حتى تبلغ أهدافها، بينما صواريخ المقاومة الإسلامية (من غزة أو من الجنوب اللبناني) كثيفة العدد وقصيرة المدى بحيث لا يمكن اعتراضها.

وقد كشفت تقارير استخبارية أوروبية النقاب (نقلاً عن جريدة الوطن السورية) عن «عمليات نزوح وانتقال سريّة لمئات العائلات الاسرائيلية من مستوطنات الجليل القريبة من الحدود اللبنانية.. وان أفضلية عمليات النقل التي يتم بعضها بباصات وشاحنات، هي العائلات الكبيرة من الأطفال والعجزة والمسنين، في حين توضع المنازل التي يتم اخلاؤها بتصرف القيادة العسكرية الشمالية..».

وتفيد التقارير الاسرائيلية «أن هناك حاجة لحشد اكبر تأييد ممكن من الدول في حال تجدد الحرب ضد حزب الله، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما، فالمظلة التي وفّرها الرئيس جورج بوش لاسرائيل عام 2006 في عهد أولمرت قد لا يستطيع أوباما توفيرها.. كما أن الحرب القادمة ضد حزب الله التي ستندلع لا محالة لن تكون مقيدة بجدول زمني وبلا حدود أو قيود..».

وتشير التقارير الى أن رئيس جمهورية لبنان ميشال سليمان «عاد بانطباع مقلق من زيارته لواشنطن، حيث لمس خلال أحاديثه مع أركان إدارة أوباما التفهم الأميركي لامكانية اقدام اسرائيل على شنّ حرب جديدة ضد لبنان»، وان محاولة ما يصفه اللبنانيون بالاختراق الاسرائيلي المستمر للمياه والأجواء اللبنانية قوبل من جانب أوباما ومستشاريه بحالة من الفتور الواضح، وهذا الانطباع نقله الرئيس سليمان الى أحد المسؤولين الأوروبيين (الرئيس الفرنسي ساركوزي) الذي التقاه عقب عودته من واشنطن»، ما أثار حفيظة الأوساط السورية في الساحة اللبنانية والناطقين باسمها.

وعلى الرغم من أن أوساطاً غربية تهوّل من شأن العدوان الاسرائيلي على لبنان، وان مصادر عسكرية اسرائيلية أفادت «أن الحرب ستبدأ عملياً في شمال نهر الليطاني باتجاه البقاع والمرتفعات الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا..»، الا أن الأمر المحسوم أن اسرائيل استفادت من دروس حرب 2006 على لبنان، كما استفادت من عدوانها على قطاع غزة، وأنها لن تعيد التورط في حرب برية، أو احتلال أي بقعة تسود فيها المقاومة، بعد اضطرارها للانسحاب من الجنوب اللبناني بعد أيام، كما اضطرارها للانسحاب من بعض مواقع قطاع غزة بعد ساعات... كل ذلك سوف يردعها عن تكرار التجربة، وهي سوف تركز على تدمير القدرات القتالية للمقاومة، سعياً وراء تعطيل دورها وعزلها عن أي تأثير في حربها المعلنة ضد إيران.

وحتى لا نبقى في دوّامة التحليل والتوقعات، يكون العدوان على لبنان قبل ضرب إيران أو بعده، يكتفي بالغارات الجوية لتعطيل دور الصواريخ أم يتقدم لاحتلال الجنوب من جديد، يعيد احتلال الشريط الحدودي أم يدفع العدوّ قواته نحو سهل البقاع لقطع طريق دمشق.. كل هذه احتمالات.. لكن المؤكد الوحيد أن الكيان الصهيوني لن يصبر طويلاً على استمرار البرنامج النووي الإيراني لينتج أسلحة ذرية.

وقد دعا وزير الصناعة الاسرائيلي (بنيامين بن اليعيزر) الولايات المتحدة الى أن «تعي هول الكارثة التي ستحصل في الشرق الأوسط، خصوصاً أنها ستكون أول من يتحمل تبعاتها»، ولبنان لن يكون بمنأى عن هذه المواجهة، لأن ما يهدد إيران يهدد حزب الله، والعكس صحيح، وقد فهمت الأوساط الصهيونية أن مطالبة السيد حسن نصر الله بهدنة داخلية تمتد اثني عشر شهراً، أنها من أجل التفرغ للجبهة الجنوبية.

وهذا يحتم على الطبقة الحاكمة في لبنان، وهي تمثل معظم القوى السياسية اللبنانية:

أولاً: توجيه الدعوة لعقد طاولة الحوار الوطني في القصر الجمهوري، لأنها الاطار الملائم لمناقشة كل مترتبات العدوان على لبنان والاستراتيجية الدفاعية لمواجهته.
ثانياً: ان تبادر قيادة الجيش الى التحضير لمواجهة العدوان، سواء كان جوياً أو برياً، والجيش - بعقيدته القتالية الوطنية - أول المكلفين بهذا الواجب.
ثالثاً: أن تبادر القوى الحية في لبنان، لا سيما التي لها وجود فاعل في المناطق الجنوبية، الى تنسيق جهودها وقواها حتى تكون جاهزة لمواجهة العدوان.

المصدر