العدوان على غزة..واستحقاقات المرحلة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
العدوان على غزة ..واستحقاقات المرحلة
العدوان على غزة.jpg

بقلم : هاشم البدارين

منذ ان تناقلت وكالات الانباء والوسائل الاعلامية بمختلف انواعها الجريمة البشعة التي اقترفتها قاذفات الحمم البركانية الاسرائيلية التي شنت هجوما وصف بالاعنف منذ العام 67 على غزة ،والذي حول اجساد الشباب الى اشلاء وجثث مترامية، حتى التهبت معها مشاعر السخط والاستهجان لدى كل من شاهد هذه المشاهد الاليمة.

وبجانب الحالة العارمة التي اجتاحت العديد من العواصم في العالم والتي خرجت جماهيرها بشكل عفوي للتنديد بالمجزرة ،صدحت الاصوات الرافضة والمنددة بهذه الاجرام من على كل المنابر.

وقد كتب وقيل ما قيل في هذا الحدث الجلل ما يكفي لتغطية سماء غزة وحجب انظار الطائرات العدوانية التي ما انفكت تقصف بكل ساكن ومتحرك منذ السبت الدامي وحتى هذه اللحظة.

ولعل الايام التسعة المنصرمة حملت في طياتها العديد من الاحداث والمواقف التي مرت بوتيرة متسارعة بحيث ان بعض هذه المواقف يحتاج لسنين طويلة من الحث والضغط لتحقيق جزء منها لو تركت لسياق الاحداث الطبيعية لانجازها.

شطر الوطن ينتفض لنصفه الاخر

كما جرت العادة ،وكما هو الدم الفلسطيني دائما موحدا وواحدا ،برغم الالام وبرغم الجراح النازفة بفعل حالة الانقسام .

عادت جماهير شعبنا في الضفة الفلسطينية لتؤكد مجددا على وحدة الدم ووحدة المصير والجغرافيا .فمنذ اللحظات الاولى للعدوان خرجت الجموع الغاضبة بطبيعتها العفوية لتنتصر لاهلها في غزة ..

فانطلقت المسيرات وكانت المواجهات مع الاحتلال في كل مخيم وقرية ومدينة فلسطينية تحمل رسالة واحدة مكونة من نصين ،الاول وهو التنديد بالجريمة الاسرائيلية البشعة و بالصمت العربي والنص الثاني للرسالة هو ضرورة تحقيق الوحدة الفورية و تعزيز الانتماء للدم الفلسطيني باعتباره اولوية وطنية تعلو على كل الاعتبارات الفئوية والحزبية.

الانتفاضة الثالثة

لقد استطاعت القوى والفصائل الفلسطينية باختلاف الوانها وتوجهاتها ان تلتقف الحالة الجماهيرية الغاضبة ،واستطاعت ان تعيد التفاف الجماهير حولها بعد ان فقد هذا الزخم منذ زمن بعيد .

فبدأت الفصائل وبشكل مشترك في كثير من الاحيان بصياغة البرامج النضالية اليومية واعادت الى الاذهان تلك البيانات التي تحمل في طياتها برنامجا كفاحيا تصعيدا ضد الاحتلال ومستوطنيه كما كان في الانتفاضة الاولى الكبرى والانتفاضة الثانية .

وقد ذهب العديد من المحللين والمراقبين الى الاعتقاد بأن هذه الاحداث قد اطلقت شرارة انتفاضة شعبية جديدة .

وهنا تبرز العديد من التساؤلات الملحة في هذا المضمار..

هل يمكن ان تكون هذه بالفعل بداية لانتفاضة شعبية ثالثة ام انها مجرد هبة شعبية للتعبير عن التضامن مع اهالي غزة وما يتعرضون له من عدوان سيما انه لا يوجد اجماع وطني على هذا الامر ولا توجد قيادة سياسية موحدة في وجهة نظرها بهذا الاتجاه يمكن ان تحتضن هذه الانتفاضة، باعتبارها ضرورة وطنية قد تتحقق من خلالها عوامل الضغط المطلوبه التي تمكّن من تحقيق مكاسب سياسية ،بعد ان عجزت المسارات التفاوضية وحالة الصلف والتعنت الاسرائيلي على مدار اعوام التفاوض الذي اثبتت عبثيته في تحقيق اي تقدم يذكر لصالح القضية الفلسطينية ،بل بالعكس ازدادت وتيرة الاعتداءات على الشعب الفلسطيني؟؟.

الجماهير العربية والعواصم الاوروبية تنتفض

في مشهد افتقدناه لزمن طويل ،عادت الجماهير العربية لتؤكد على امتلاكها لضمائر حية وان كانت قد دخلت مرحلة البيات الشتوي مبكرا وقبل حلول الموسم ،فتلك الجماهير التي كان ينبغي لها ان تظل متوقدة منذ اليوم الاول لفرض الموت البطيء الذي تعرضت ولازالت تتعرض له غزة لاكثر من ثمانية عشر شهرا ،هاهي تخرج الملايين بحناجر غاضبة على انظمتها لحثها على التحرك الجدّي لنصرة غزة وقطع كافة العلاقات مع الكيان الاسرائيلي كأقل ما يمكن عمله في هذا القبيل .

ولكن كما هو معهود مع هذه الانظمة التزامها بعروبتها وكرمها الاصيل الذي يمنعها من طرد السفير الاسرائيلي باعتباره ضيف البلد الواجب تكريمه !! .

و في مشهد اخراعاد للقضية الفلسطينية حضورها الدولي ،على الاقل،على المستوى الشعبي .

خرجت العديد من عواصم الدول الاوروبية بمظاهرات واحتجاجات توجهت في اغلبها لتطال السفارات الاسرائيلية وطالبت بطرد السفراء وقطع العلاقات مع اسرائيل ،في موقف جاء مغايرا بالمطلق للموقف الاوروبي الرسمي الذي دعم الهجمة العدوانية الاسرائيلية عندما حمل المقاومة الفلسطينية مسؤولية تصاعد الاحداث مطالبا الفصائل بوقف " قصف" البلدات الاسرائيلية كمقدمة لانهاء العدوان.

الرهان على الانظمة و المحاور الاقليمية

يبدو اننا بحاجة الى مقولة الامام الشافعي التي تقول "جزى الله النائبات (المصائب) كل خير ..

عرفت بها عدوي من صديقي "،حاجتنا الى هذه المقولة تتمثل في ضرورة ان تقف فصائلنا وقوانا الفلسطينية وقفة جريئة لمراجعة مواقفها و علاقاتها مع الانظمة والمحاور الخارجية، خاصة بعد ان بتنا عراة تحت قصف المدافع الاسرائيلية ليس من المباني التي هدمت بل عراة حتى من كل الحلفاء المفترضين ،سواء كانوا عربا او مسلمين .

لست ادري متى يمكن ان يكون " باب الجهاد " مشرعا اكثر من هذه الاوقات ،ولست اعلمم متى ينتصر "المعتصم " لصرخات الاطفال التي مزقت اجسادهم الصواريخ وعورات النساء التي كشفت في شوارع غزة ؟؟؟

لقد وقع الكثير منّا فريسة للاوهام التي ساقتها الشعارات النارية التي تطلق بين الفينة والاخرى والتي تتوعد اسرائيل ،حتى غدونا حائرين في تفكيرنا حول الطريقة التي ستباد بها اسرائيل وتختفي عن الوجود،فهل ستكون بفعل الصواريخ ذات الرؤوس النووية؟؟

ام بفعل "جيوش القدس " الرابضة حول الحدود؟؟

ام بفعل قمة عربية "غير عادية" تملي على مجلس الامن اتخاذ قرار بوقف العدوان الاسرائيلي بالدرجة التي تستدعي استخدام القوة في تنفيذ القرار الصادر عنه..؟؟!

حقا وحقيقة ، ما حك جلدك مثل ظرفك وان طالت المخالب!!

الوحدة الوطنية ....حوار ام قرار!

لم تخلُ مسيرة او تظاهرة او مقالة وحتى تصريح قيل منذ بدء العدوان الغاشم على القطاع الصامد ،الا وطالب بانجاز الوحدة الوطنية عبر اطلاق الحوار الفلسطيني الشامل الذي بات ضرورة ملحة لمجابهة الهجمة الشرسة.

ولقد احسنت القيادة الفلسطينية فعلا عندما بادرت الى دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد وتوجيه الدعوة ل حماس والجهاد الاسلامي لحضور هذا الاجتماع للتباحث وتدارس الموقف ازاء التطور الخطير الذي جرى،ولكن ما حصل كان مؤسفا عندما رفضت قوى حماس و الجهاد للدعوة تحت مبررات قد لا تفهم في هذه المرحلة التي نحن بامس الحاجة الى ان نكون موحدين ،و بالرغم مع الجو الايجابي الذي ساد بعد الاعلان عن وقف التفاوض مع الاحتلال بشكل رسمي من قبل قيادة الوفد المفاوض ،كان من الاجدر ان تعزز هذه الاجواء الوحدوية بخطوة اخرى تفضي الى اطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون الاجهزة الامنية على خلفية انتماءاتهم السياسية، من اجل تذويب كافة الشوائب التي من شأنها ان تفشل الجهود المبذولة نحو اعادة لملمة جراح الوطن .

وفي سياق الحديث عن الوحدة وضروراتها ،يبرز التساؤل هنا حول المطلوب الذي يفترض ان يحتل اولوية كبيرة ،وهذا التساؤل يتمثل في كوننا الان بحاجة الى حوار وطني من اجل تحقيق التصالح ام اننا بحاجة الى قرار فوري لانجاز ذلك على الارض باعتبار ذلك استحقاقا كبيرا للتعامل مع المرحلة الجديدة التي تتطلب تشابك الايدي والسواعد للتصدي لمخططات تصفية الشعب الفلسطيني وقضيته؟.

لم تنتظر الدماء الفلسطينية قرارا سياسيا لتتوحد ،فلقد توحدت بالفعل وامتزجت دماء الاطفال بالامهات ،وتشابكت السواعد المقاومة في الخنادق لصد العدوان ،فنزف الدم الفسطيني دفاعا عن شرف الامة باسرها بلون واحد احمر رغم اختلاف التوجهات السياسية ،منتظرا ان تنجز القيادات الفلسطينية وحدة على الارض تتحطم عليها كل مؤامرات التصفية والعدوان .

المصدر