الصومال -3 بقلم موقع الإخوان

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الصومال -3 بقلم موقع الإخوان


شكّلت الجامعة العربية عقب اندلاع الأزمة الصومالية لجنة سباعية عربية (مصر، والسودان، والسعودية، وقطر، وجيبوتي، واليمن، وتونس) لمتابعة الملف الصومالي، إلا أن هذه اللجنة لم يعرف عنها نشاط يذكر منذ ذلك التاريخ.

وظل التنافس فيما يتعلق بسبل تسوية المشكلة خفياً بين القوى الإقليمية المتمثلة في توجهين: توجّه عربي، وآخر أفريقي متحالف مع الغرب.

وعلى الرغم من جهود جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي في تحقيق المصالحة بين الفصائل المتناحرة، إلا أنهما أخفقتا في تحقيق نجحات تُذكر، واكتفت المنظمتان بدعم ومساندة الجهود الفردية التي بذلتها بعض الدول الأعضاء كمصر، وجيبوتي، واليمن، هذا إلى جانب إصدار عدد من القرارات والخطط لحل المشكلة، لكنها لم تجد طريقها للتطبيق.

ولم تنس قرارات وبيانات الجامعة العربية على مستوى القمة، أو الوزراء، أو المندوبين ذِكر الصومال طيلة فترة الحرب الأهلية، مؤكدة على الوحدة والسلامة الإقليمية للصومال، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية، ودعوة الفصائل المتقاتلة للجلوس إلى طاولة الحوار، لكنها جميعاً ظلت حبيسة الأدراج؛ وبقيت الجهود العملية جهوداً ذاتية، ومبادرات فردية من بعض الدول الأعضاء؛ مما أطال من أمد الحرب الأهلية، ووضع الملف الصومالي على طاولة «اللئام» إن جاز التعبير.

وعلى الرغم من عقد عدد من الاجتماعات لبحث مبادرات السلام الصومالية في عدد من العواصم العربية (القاهرة، وصنعاء، وطرابلس، وجيبوتي) فإن هذه التحركات كانت مبادرات فردية من قِبَل هذه الدول، ولم تكن مبادرة عربية جماعية، حتى الالتزامات التي خرجت بها القمة العربية في 2001م بإنشاء «صندوق دعم الصومال» ذهبت أدراج الرياح.

كما أن الجهود العربية لتحقيق المصالحة تعثرت، ولم تحقق شيئاً يُذكر على أرض الواقع؛ نظراً لانعدام الدعم، وتأثير الدول الإقليمية في إحباط الجهود السائرة بعيداً عن مصالحها ومطامعها في الصومال، وبعد أحداث 11 سبتمبر بدت الدول العربية منشغلة بنتائجها على الصعيد السياسي والأمني والعسكري؛ وهو ما أتاح لدول الجوار التفرد بملف القضية بعيداً عن الجامعة (والدول) العربية.

وقد وجهت أطراف صومالية عدة انتقادات واسعة إلى الجامعة العربية لعدم اتخاذها مبادرات فعالة تجاه القضية الصومالية؛ حيث اقتصر دورها فقط على مباركة المبادرات الخارجية الهادفة إلى إحلال السلام في الصومال.

لقد بذلت دولة جيبوتي بالتنسيق مع الفصائل المتصارعة والمتحاربة جهداً في انعقاد المؤتمر الثالث عشر للمصالحة الصومالية، والذي عقد بمنتجع (عرتة) بجيبوتي عام 2000م، وخرج بإعلان «الميثاق الوطني» واختيار قاسم صلاد حسن رئيساً لما سُمّي بالحكومة الوطنية الانتقالية، بالإضافة إلى تشكيل مجلس برلماني مؤقت لمدة 3 سنوات غير قابلة للتمديد.

وقد حظيت هذه الخطوة في حينها بدعم قوي من مصر واليمن وأطراف عربية أخرى، وكان أن شغل مقعد دولة الصومال في مجلس جامعة الدول العربية، والمؤتمر الإسلامي، والأمم المتحدة بعد فراغ دام قرابة عقد كامل.

ومن الملحوظ أن محادثات المصالحة الصومالية والسودانية كلاهما انعقدت في كينيا بدلاً من أي بلد عربي، وهو ما يعكس برأي المراقبين إخفاق وعجز الجامعة العربية والدول العربية في حل أزمات الدول الأعضاء، وتسليمها للإرادة الخارجية.

ويذكر أن مصر وليبيا هما البلدان العربيان الوحيدان اللذان احتفظا بسفارتيهما مفتوحتين في مقديشو؛ حيث تعمل فيهما بعثات دبلوماسية مقيمة؛ وذلك منذ انهيار الحكومة المركزية، كما تعتبر مصر وليبيا من أكبر الداعمين للحكومة الانتقالية (السابقة) بقيادة عبدي قاسم صلاد، رغم قلة ما قدماه.

وتأتي اليمن في مقدمة الدول التي حرصت على إنجاح جهود المصالحة بين الأطراف الصومالية، معتبرة أن أمن واستقرار الصومال ينعكس بالضرورة على الأمن في المنطقة عموماً، خاصة وأن اليمن هي من أوائل الدول التي تأثرت بمضاعفات الصراع بحكم جوارها للصومال؛ فقد تدفق إليها آلاف النازحين، ومثّلوا عبئاً إضافياً على أوضاع الدولة المأساوية.

وقد قدمت حكومة اليمن للحكومة الصومالية المؤقتة برئاسة صلاد معونات مادية وأسلحة، لكنها وبحسب تصريح يوسف حسن إبراهيم وزير الخارجية في الحكومة الصومالية المؤقتة لصحيفة «البيان» الإماراتية في 23/1/2004م لم تدم.

1 - جيبوتي ـ الصومال:

تعتبر جيبوتي دوله شقيقة للصومال ,وهي دولة مسلمة عربية،ولديها نوايا طيبة تريد تحقيقها، لأنها تريد صومال قوية لكي تستأنس بها وتكون سندها الأساسي مادامت هي دولة صغيرة من حيث المساحة والسكان، فأراء جيبوتي للمصالحة الصومالية أفكار بنّاءة، لكن لا أحد يصغي لها، ولولا قلة حجمها السياسي في القرن الإفريقي لاستطاعت إنقاذ الصومال من محنتها بعون الله، وقد عينت سفيرًا للصومال وتحضر المؤتمر الكيني بمستوى السفير، وهي دائمًا مع الخط الوطني، وهمّها الأمن والاستقرار في الصومال

يرأس جيبوتي الرئيس إسماعيل عمر جيلي، شاب عرف ما عليه من حقوق عن إخوانه في الصومال، قدّم عام 1999م في الأمم المتحدة مبادرة للمصالحة أخذت اسم (مبادرة جيلي) للمصالحة، ولبى الصوماليون نداء أخيهم إسماعيل، واجتمع في جيبوتي أكثر من 2000 شخص توافدوا من جميع مناطق الصومال، وشكل بعد مشاورات استغرقت شهورًا أول حكومة حظت باعتراف العالم، وترأسها عبد القاسم صلاد حسن -الوزير السابق في حكومة سياد برى-.

اتخذت العلاقات الجيبوتية الصومالية منحى عكسياً للعلاقات الإثيوبية الصومالية؛ حيث وقفت جيبوتي بقوة إلى جانب الحكومة الصومالية الانتقالية في مواجهة محاولات إثيوبيا اعتبارها مجرد فصيل من الفصائل المتناحرة في الصومال، وكذا في مواجهة تجاوز مقررات مؤتمر (عرتة) في أي جهود مصالحة تالية، وقد أدى ذلك التعارض في المواقف بين الجانبين الجيبوتي والإثيوبي، وتمسك جيبوتي بموقفها إلى انسحاب جيبوتي من اللجنة الفنية الثلاثية التي شكّلتها منظمة (الإيجاد) بعضوية إثيوبيا، وكينيا، وجيبوتي لتنظيم مؤتمر للمصالحة، وإعداد الترتيبات اللازمة له. وهو ما أدى إلى تبادل إثيوبيا وجيبوتي الاتهامات بالسعي إلى إحباط مؤتمر المصالحة الصومالية؛ حيث أكد إسماعيل عمر جيلى رئيس جمهورية جيبوتي مرات عديدة: أن إثيوبيا تعرقل جهود المصالحة الصومالية، وفي المقابل ادعت إثيوبيا أن جيبوتي تتمسك بحكومة غير معترف بها، وتريد أن تفرضها على منظمة (الإيجاد).

وقد شهد عام 2002م العديد من المباحثات الثنائية الجيبوتية الصومالية على مختلف المستويات، وجرت لقاءات بين عبدي قاسم صلاد رئيس الحكومة الصومالية الانتقالية، وإسماعيل عمر جيلى رئيس جمهورية جيبوتي؛ لتنسيق المواقف فيما يتعلق بمجريات الأحداث الداخلية والإقليمية، وبخاصة على صعيد مؤتمر المصالحة.

وكانت جيبوتي أول دولة يقوم بزيارتها الحاكم الجديد لجمهورية «أرض الصومال» طاهر ريالى كاهن، الذي تولى الحكم بعد وفاة محمد إبراهيم عقال في مايو 2002م؛ وذلك على خلاف كافة التوقعات بأن تكون أول زيارة خارجية له صوب إثيوبيا الحليف الرئيس للإقليم.

ومن ناحية أخرى، وعلـى أثـر هــزيمته أمـام عبد الله يوسف، واستيلاء الأخير على إقليم «بونت لاند» فرّ (جامع علي جامع) أحد قادة الفصائل المتنازعة على السلطة في ذلك الإقليم إلى جيبوتي قَبْل أن يبدأ من جديد حشد قواته لاستعادة نفوذه في الإقليم.

3 - إثيوبيا وإريترياـ الصومال:

تحولت الصومال الى ساحة للحرب بين الطرفين عام 1999 عندما عبرت القوات الإثيوبية آنذاك الحدود الى الصومال لضرب معاقل حسين عيديد أحد قادة الحرب الصوماليين في ذلك الوقت (والذي صار وزيرا للداخلية في الحكومة الانتقالية) في بيداوا (مقر الحكومة الحالي 250 كم إلى الغرب من العاصمة مقديشو) وكانت الحجة الإثيوبية آنذاك وجود مقاتلين تابعين للجبهات الإثيوبية المعارضة في هذه المناطق .

وكانت إريتريا قد دخلت في تحالف مع حسين عيديد لتسهيل دخول آلاف المقاتلين المعارضين للنظام في أديس أبابا إلى إثيوبيا عن طريق الصومال بأسلحتهم مما أدى الى قيام القوات الإثيوبية بمهاجمة مدينة بيداوا وإخراج مليشيات عيديد من المنطقة وتم ذلك بالفعل عام 1999 . وكانت القوات الإثيوبية قبل ذلك قد عبرت الحدود مرات عديدة لضرب مواقع مليشيات جماعة الاتحاد الإسلامي الصومالي بجنوب غربي الصومال وكان من الطبيعي أن تقوم إريتريا باستغلال العداء بين الجماعات الصومالية وإثيوبيا وتقوم بدعم كل من المعارضة الإثيوبية المسلحة وكذلك الفصائل الصومالية التي كانت تقوم بدور المسهل للعمليات العسكرية للمقاتلين الإثيوبيين المعارضين .

ولقد هدأت الجبهة الصومالية الإثيوبية لبعض الوقت في الفترة ما بين 2000- 2005 لكن الخلاف الإثيوبي الإريتري حول الوضع في الصومال ظل مستمرا ودعمت إريتريا سياسيا وعسكريا بشكل محدود حكومة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن (2000- 2004) والتي اشتدت العداوة بينها وبين الحكومة الإثيوبية التي دعمت بدورها خليطا من أمراء الحرب الصوماليين لعرقلة حكومة عبد القاسم وقد نجحوا في ذلك حيث لم تتجاوز سلطته جيبا صغيرا في العاصمة مقديشو .

وعندما صعد نجم المحاكم الإسلامية كقوة عسكرية في العاصمة مقديشو عاد الحديث عن دعم إريتري لها ردا على الدعم الذي تقدمه إثيوبيا للحكومة الانتقالية الضعيفة المعترف بها دوليا والتي اتخذت من بيداوا مقرا لها، لكن الأمور في العاصمة اتسمت بالسرعة المتلاحقة وبدأت المحاكم الإسلامية تحقق انتصارات عسكرية كبيرة في العاصمة ضد تحالف أمراء الحرب المسمى بـ"التحالف من أجل إعادة السلم ومكافحة الإرهاب" والذي فقد جميع المناطق التي كان يسيطر عليها داخل العاصمة وخارجها على يد المحاكم الإسلامية .

وتفاقم الوضع عندما شعرت إثيوبيا بأن جبهتها الشرقية التي تحاذي الشريط الحدودي مع الصومال (نحو 2800 كم) مهددة من قبل المقاتلين الإسلاميين الذين أحسوا بالانفراج بسبب سيطرة المحاكم الإسلامية على الوضع في العاصمة مقديشو وجزء كبير من جنوب الصومال، حيث أن المعارضة الإثيوبية الموجودة داخل الصومال سواء الإسلامية أو غيرها كانت تعمل بشكل شبه سري بسبب خوفها من ملاحقة أمراء الحرب الصوماليين الموالين لإثيوبيا والذين قام بعضهم بتسليم قيادات منهم إلى الحكومة الإثيوبية مقابل الحصول على السلاح والذخيرة منها .

وقد تغير الوضع الآن، فبعد سيطرة الإسلاميين على الوضع في جنوب الصومال أصبحت تحركات المعارضة الإثيوبية الإسلامية بوجه خاص قيادات وأفراد، أكثر سهولة من أي وقت مضى ولم يُخف بعض قيادات المحاكم الإسلامية تعاطفهم بل واستعدادهم لدعم المسلمين الصوماليين في إقليم "أوجادين" في الحصول على اسقلالهم من إثيوبيا؛ ومن هنا جاء الشعور الإثيوبي بالتهديد المباشر القادم من الصومال خاصة أن عددا من فصائل المعارضة الإثيوبية المسلحة في إقليم أوجادين لها أجنحة عسكرية مقاتلة في داخل الإقليم، وأبرزها "جبهة تحرير أوجادين" و"الاتحاد الإسلامي في أوجادين" و"جبهة تحرير الصومال الغربي" وكلها تقوم بحرب أشبه ما تكون بحرب العصابات داخل الإقليم الصومالي لكن كان ينقصها العمق الإستراتيجي خلال سني حربها الطويلة حيث كان أمراء الحرب الصوماليون المتحالفون مع إثيوبيا يمنعون ذلك .

وهنا جاء الدور الإريتري في دعم المعارضة الإثيوبية المسلحة عبر المحاكم الإسلامية التي هي الأخرى ترى إثيوبيا عدوا للصومال على مر التاريخ وكانت سببا في إضعاف الصومال حتى لا يكون منافسا لها في منطقة القرن الإفريقي وقد تحدثت وسائل إعلام محلية وأجنبية عن دعم عسكري إريتري للمحاكم الإسلامية وكذلك عن زيارات سرية لضباط عسكريين إريتريين للصومال لتدريب مليشيات المحاكم الإسلامية .

وكما كانت بيداوا مسرحا للحرب بالوكالة عام 1999 بين إريتريا وإثيوبيا فإن المؤشرات تتجه نحو عودة نفس السيناريو مرة أخرى بناءا على التحالف بين إثيوبيا والحكومة الانتقالية من جهة وبين إريتريا والمحاكم الإسلامية من جهة أخرى .

وتعتبر منطقة بيداوا ذات أهمية إستراتيجية عسكرية واقتصادية في النزاع الصومالي؛ عسكريا فهي تربط بين الوسط والجنوب وكذلك الشرق حيث العاصمة مقديشو، كما أنها تضم عددا من القواعد العسكرية والمطارات التي كانت تتبع الجيش الصومالي المنهار .

يضاف الى ذلك أن القبائل الساكنة في المنطقة رغم أنها تتمتع بقوة عددية ظاهرة إلا أنها دخلت الحرب الأهلية الصومالية متأخرة كما أن أمراء الحرب المنتمين للمنطقة ليسوا متحدين في الولاءات السياسية والقبلية ومن الطبيعي أن يبحث كل طرف عن حلفاء له خارج المنطقة سواء من الأطراف الصومالية الأخرى أو من إثيوبيا .

واقتصاديا تعتبر منطقة باي وبكول (ومركزها بيداوا) سلة غذاء الصومال حيث تنتج هذه المنطقة أكثر من نصف المحصول الزراعي في الصومال وعليه فإن القبائل المسلحة كانت عينها على الأهمية الاقتصادية والسكانية في المنطقة ومن أجل هذه الميزات كانت هذه المنطقة بؤرة للتوتر المستمر منذ بداية النزاع الصومالي الداخلي عام 1991 عقب انهيار الحكم المركزي في الصومال.

فالعداء بين إثيوبيا والصومال قائم منذ قرون، وناتج هذا العداء عن اختلاف في الدين والصراع على الأرض، ولا أحد يقبل التنازل عن واحدة منهما، والحرب بين إثيوبيا والصومال كانت سجالاًً، والحكومتان السابقتان في كل من البلدين نجحت في إسقاط الأخرى، وإن سبق سياد بري إلا أن منجستو لم يتأخر عن زميله شهورًا، فمنجستو هيل مريم قال يوم وداعه وفراره من أديس أبابا: "لو كان لشعب إثيوبيا بقية عقل وإدراك لعرفوا أن لي فضل عليهم، نجحت في إسقاط حكومة عدوهم، وهاهي الصومال اليوم لا دولة ولا نظام". وهناك خطبة أدهى من تلك قالها بالحرف الواحد الرئيس الإرتري الحالي أسياس أفورقي يوم سقطت الصومال "سلام على الصومال، وأبشركم أنها لن تعود إلى الساحة الدولية" .

وقد غزت إثيوبيا الصومال عسكريًا أواخر نفس السنة وسيطرت على ثلاث مناطق في جنوب الصومال؛ إلا أنها تراجعت عسكريًا بعد أن قدم رئيس الوزراء السابق في الحكومة الانتقالية الدكتور علي خليف جلير شكوى في الأم المتحدة بخصوص التدخلات الإثيوبية في بلاده، وحدث ما تنبأ به الباحثون من أن منظمة الوحدة الإفريقية قد ضلت الطريق حين كلفت إثيوبيا أن تكون المسؤولة عن المصالحة الصومالية، وعقدت لهذا الغرض مؤتمرات عدة، وتساءل الصوماليون يومها: كيف يمكن لإثيوبيا أن تكون الراعية للمصالحة وهي المشجعة السابقة لتدمير الصومال؟.

وكل الاجتماعات التي عقدت في أديس أبابا لم تثمر؛ لأنها بالأساس لم يكن القصد منها أن تثمر.

رئيس الوزراء الإثيوبي -ملس زيناوي- قال في أكثر من مقابلة إنه يريد للصومال أمنا ونظامًا وحكومة ذات قاعدة قوية تحكم البلاد كاملة. وقال: إن من مصلحة إثيوبيا إقامة شرطة بالصومال لكي تخرج من الفوضى التي فيها، وإن إثيوبيا خسرت اقتصاديًا بسبب الأزمة في الصومال، لكن الشعب يرى مثل هذه الخطب كما يرى العراقيون خطب بوش وحديثه عن الحرية للإنسان العراقي، لا أقل ولا أكثر، فإثيوبيا لديها أهداف وأجنده محددة من الصومال، يمكن تلخيصها في الآتي:

1- صياغة دستور جديد يتفق مع أهدافها تجاه هذا البلد، وتكون من أهم بنوده تقسيم الصومال إلى خمسة أقاليم، كل إقليم له سيادته وإدارته الخاصة، وذلك باسم -الجمهورية الفدرالية الصومالية- وأن يتنازلوا عن أطماعهم لإقليم أوجادين التابع حاليًا لإثيوبيا، وألا تكون هناك حكومة مركزية قوية، حيث يصعب عليهم تفكيك البلاد من جديد .

2- الحد من التحالف بين الصومال وجارتها السودان حتى لا يولد في القرن الإفريقي حكومتان إسلاميتان قويتان، وإن شئت أن تتيقن من ذلك فما عليك إلا أن تتساءل عن سبب طول صراع السودان والصومال.

3- أن يكون رأس الدولة الصومالية أحد عملائها القريبين حتى يتسنى لها تنفيذ مطامعها، وتسربت قريبا معلومات تشير إلى أنهم يفضلون للرئاسة الكولونيل عبد الله يوسف، الذي يعد أقرب الساسة الموجودين على الساحة إليهم .

4- الحد من جميع الأنشطة الإسلامية هناك، حتى قال ملس زيناوي: "لابد من تغيير مناهج التعليم في الصومال، وإلا ستصبح يومًا ما "طالبان" جديدة في القرن الإفريقي .

4 - كينيا ـ الصومال:

علاقتها مع الصومال علاقة عادية بالمفهوم السياسي، ولم تقم بينها وبين الصومال أية حروب، لكن كانت هناك مشاجرات بسبب النزاع معها على الأراضي، إلا أن هذا الخلاف لم يصل حد المواجهة العسكرية، استضافت في فترات سابقة مؤتمرات لأجل الوفاق بين زعماء الحرب، لكن كلها لم تلد شيئًا، وآخرها مؤتمر نيروبي برئاستها هي، وعلى أية حال فإن كينيا وإثيوبيا متفقتان على الخوف من الصومال لأجل صراعهم على الأرض، لأن الكثير من الصوماليين يسكنون شمال شرقي كينيا .

الرئيس الكيني السابق " دانيال أرب موي" هو الذي افتتح أعمال مؤتمر نيروبي، وقد صرح وهو في زيارة لكلية عسكرية في واشنطن، حين سأله خبير عسكري أمريكي: لماذا لا يوجد في الصومال دولة؟ فأجاب (موي): "كينيا وإثيوبيا لن تكونا صادقتين في المصالحة الصومالية، لأنهما تخافا إذا وجدت دولة صومالية أن تعيد نزاعها معهما، وأن يكون هدفها أن تضم الصومال بعض المناطق التابعة حاليًا لكل من كينيا وإثيوبيا" .

هذا التصريح كان عين الحقيقة والرئيس "موي" يعلم أنها هي السياسية التي كان يتعامل بها مع الملف الصومالي، وأعتقد أنها هي الجواب الوافي لسؤال حير الكثيرين من الباحثين في القضية الصومالية.

طرحت كينيا خلال عام 2002م استضافة مؤتمر مصالحة يضمّ مختلف الفصائل الصومالية المتناحرة والأطراف الإقليمية والدولية المهتمة بالمشكلة.

ويمثّل ذلك الطرح استكمالاً وامتداداً لجهود كينيا السابقة على هذا الصعيد، والتي كان آخرها استضافتها مؤتمراً للمصالحة بين الحكومة الانتقالية والفصائل المعارضة في نوفمبر نهاية عام 2001م، والذي أعقبه مؤتمراً موسعاً في ديسمبر من العام نفسه أسفر عن توقيع اتفاقيات منفصلة بين الحكومة وثلاثة من الفصائل المعارضة.

وإعمالاً لمقررات (قمة الإيجاد) بعقد مؤتمر موسع للمصالحة الصومالية، عاودت كينيا من جديد عرض استضافة ذلك المؤتمر الذي سعت السودان من جانبها إلى عقده على أرضها، باعتبارها رئيس دورة (الإيجاد)، كما شاركت كينيا في اللجنة الفنية الثلاثية المسؤولة عن الإعداد لمؤتمر المصالحة الذي تقرر ـ وتم عقده ـ في نيروبي في أكتوبر 2002م. وفي هذا الإطار قامت حكومة كينيا بالسعي إلى إزالة الخلافات التي نشبت بين جيبوتي وإثيوبيا بشأن طبيعة تمثيل الفصائل الصومالية، والأطراف المشاركة في المؤتمر، وكذا وضع مقررات وقرارات مؤتمر (عرتة) في إطار الترتيبات الخاصة بالأعداد للمؤتمر.

وتعتبر قضية اللاجئين الصوماليين في كينيا إحدى القضايا الحرجة في العلاقات بين الدولتين في ظِلّ ما تسفر عنه المواجهات المسلحة بين الميليشيات الصومالية من تدفق للاجئين على الحدود الكينية، وما يصاحب ذلك من ضغوط على الحكومة الكينية اضطرتها في عام 2002م إلى استخدام القوة لإعادة آلاف اللاجئين الصوماليين إلى بلداتهم تخلصاً من أعبائهم.

5 - السودان ـ الصومال:

استمر موقف السودان من القضية الصومالية مؤيداً للحكومة المؤقتة، ومؤكداً على ضرورة التوصل إلى حل سلمي، يحقق الاستقرار والوحدة للبلاد، وعلى الرغم من أن السودان ليس له دور فاعل في عملية التسوية الصومالية؛ فإن التداعيات الدولية في المنطقة قد دفعت بالجانبين الصومالي والسوداني إلى ركن واحد في ظل الاتهامات الموجهة للجانبين بدعم وإيواء عناصر إرهابية، فضلاً عن اتهام السودان بدعم تنظيم (الاتحاد الإسلامي) الصومالي، وتسهيل انتقال أفغان عرب إلى الساحة الصومالية، وهي الاتهامات التي ترجع بجذورها إلى ما قبل أحداث 11 سبتمبر، وأعادت إريتريا إحياءها، والتأكيد عليها في إطار إدارتها للأزمة التي اعترت العلاقات بينها وبين السودان، في الوقت الذي نفت فيه حكومة السودان أي علاقة لها بالتنظيمات الإرهابية.

وقد بذلت السودان جهوداً حثيثة من خلال المنظمات المختلفة للمساهمة في حل القضية الصومالية؛ فقد قررت قمة دول المنظمة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا التي عقدت في يناير 2002م في الخرطوم عقد مؤتمر للمصالحة الصومالية في العاصمة الكينية نيروبي في غضون شهرين، يضم جميع الأطراف المتحاربة في الصومال. كما أعربت القمة الرابعة لدول تجمع الساحل والصحراء ـ ومنها السودان التي عقدت في مارس 2002م بمدينة سرت بالجماهيرية الليبية عن تأييدها الحكومة الصومالية الانتقالية، ومناشدة المجتمع الدولي للأمم المتحدة والمنظمات الأفريقية توحيد الجهود؛ لتحقيق المصالحة الوطنية في ذلك البلد. كما أنها تبذل بالشراكة مع مجلس اتفاق صنعاء الثلاثي، سبل تحقيق الاستقرار، والأمن في المنطقة، ومنها قضية الصومال.

(1) موسوعة السياسة

(2)الصومال وعملية إعادة الأمل- جون هيرش وروبرت أوكلى

(3) مقالاً بعنوان (جولة أولبرايت: السياسة الأمريكية بعد الحرب الباردة)، أ. د. حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة القاهرة، وآل البيت بالأردن؛ نقلاً عن موقع إسلام أون لاين.

(4) راجع كتاب «خمس سنوات في بيت من زجاج» لبطرس غالي.

(5) يراجع التقرير الإستراتيجي العربي، نقلاً عن موقع مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام.

(6)أنور قاسم الخضري مجلة قراءات إفريقية

(7) موقع الشرقية http://sharkiaonline.com/

المصدر