الصحوة الإسلامية ومكر الأعداء

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الصحوة الإسلامية ومكر الأعداء

المستشار عبد الله العقيل

إن الصحوة الإسلامية تنتظم العالم الإسلامي كله، وهي في الصميم من اهتمامات الدعاة والعاملين في الحقل الإسلامي، يولونها جُلَّ عنايتهم، ويبذلون في تيسير أمورها وترشيد مسارها كل طاقاتهم من خلال الدورات والمؤتمرات والندوات والمحاضرات، والتي آتت ثمارها الطيبة ـ والحمد لله ـ في كل مكان.

ونحن نعلق الآمال الكبار على شباب الصحوة الإسلامية الذين فَقِهوا إسلامهم الصحيح من كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وعرفوا طريقهم إلى الدعوة لإبلاغ رسالة الإسلام وفق المنهج النبوي الشريف المتمثل في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن..

هؤلاء الشباب الصادقون في إيمانهم الذين أتقنوا فن الجهاد لأعداء الله من اليهود والشيوعيين والملاحدة والعلمانيين والمستعمرين والصليبيين، وصاولوهم في ميادين فلسطين وأفغانستان وإريتريا والفلبين والبوسنة وكشمير وغيرها من بلاد المسلمين.

لقد ظن دعاة الباطل وأهل الكفر الذين يراقبون وقائع الصحوة الإسلامية أنه بانقراض كبار السن يخلو لهم الجو، ويعملون عملهم مع ناشئة المسلمين، فيصوغون عقولهم وفق مناهج الغرب وقيمه وأفكاره ومبادئه، ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وأفشل كل مؤامراتهم، وبقي أبناء الإسلام بدينهم متمسكين، ولرسولهم متبعين، وبشريعة ربهم ملتزمين (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون) صدق الله العظيم.

لقد طار صواب الحاقدين على الإسلام من كل الفئات، فتناسوا خلافاتهم، وعكفوا للتآمر على هذا التيار الإسلامي الجارف، الذي أتى على كل مخططاتهم من القواعد، وضاع كل الجهد الذي بذلوه، والأموال التي أنفقوها، وبدءوا بأساليب ماكرة، وخطط خبيثة جديدة لإحداث الفجوة بين العاملين للإسلام، وصنفوا الدعاة إلى متطرفين وسلفيين؛ ليخيفوا الناس من هؤلاء الشباب الطاهرين الملتزمين الحريصين على دينهم، العاملين لدعوتهم، وانطلق إعلامهم المقروء والمسموع والمشاهد يشهر بهؤلاء الشباب، ويغمزهم ويلمزهم ويتهمهم بصنوف الاتهامات، ولم يترك مجالاً من مجالات السخرية إلا وسلكه؛ فالسخرية من الحجاب، ومن اللحية، ومن الالتزام بالسنة، والتشكيك في القرآن الكريم والسنة النبوية، والانتقاص من لغة القرآن الكريم والتاريخ الإسلامي والتقاليد والأعراف الأصيلة، والمجاهرة بالكلام الساقط في العقيدة والقصة والمقالة، وترجمة المئات بل الألوف من كتابات المستشرقين والمبشرين الذين يحقدون على الإسلام ونبيه، وتوزيعها بالملايين بأسعار رخيصة لتشكيك المسلمين في دينهم، فضلاً عن ملايين النسخ من الأناجيل باللغات المختلفة لتنصير المسلمين.

ومن هنا، فإن الواجب على الدعاة جميعًا أن يتخذوا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القدوة والأسوة في كل شيء (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وأن يعرضوا حقائق الإسلام كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، ويتناولوا قضايا المجتمع ومشكلات الناس على ضوء المنهج الإسلامي، ويبتعدوا كل البعد عن السباب والشتائم والغمز واللمز للأشخاص والجماعات والهيئات، ويسلكوا مسلك التلميح بدل التصريح، مؤثرين أسلوب النصيحة دون الفضيحة، والتوجيه بدل التوبيخ، والتذكير بدل التشهير، والدعاء بالهداية بدل اللعن، والعمل الهادئ بدل الضجيج، والإخلاص بدل الشهرة.

والواقع والمشاهد أن معظم الأنظمة العربية والإسلامية، وبخاصة العسكرية الفردية والدكتاتورية، لا تطيق النقد، ولو كان هادفًا بناءً، فهم يضيقون بالدعاة والناصحين، ويمنعون من الخطابة كل خطيب متمكن، أو داعية متبصر، أو مرشد حكيم، ويستبدلون به المتأكلين بالدين، المتهافتين على فتات موائد الظالمين، والذين لا يجاوز القرآن حناجرهم، ولا يخالط الإيمان شغاف قلوبهم، همُّهم الجري خلف ركاب السلاطين، وتقبيل أيدي الطغاة، والهتاف مع الناعقين، حيث يصدق فيهم وصف الإمعات التي تساير أهواء العوام وشهوات الحكام.

إن ظاهرة انتشار المساجد وبنائها وصيانتها وعمارتها، وإنشاء المدارس والمعاهد الإسلامية، ورواج الكتاب الإسلامي والشريط الإسلامي، وإغاثة المسلمين ونجدتهم، والحركات الجهادية في فلسطين وأفغانستان والفلبين وكشمير، كلها حركات مباركة، وغراس طيب ومنارات مضيئة وعلامات حياة هذه الأمة المسلمة المستعدة دائمًا للبذل والعطاء والجود بالمال والنفس في سبيل العقيدة؛ لأنها تعلمت من رسولها أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، وأنه ما ترك قوم الجهاد إلا ذُلوا، وأنه ذروة سنام الإسلام.

وهاهي النماذج الرائعة والبطولات الفذة التي يقدمها لنا أبطال الحجارة في فلسطين، أكبر شاهد على أن الجهاد الإسلامي هو المولود الأصيل الذي أتى به رحم الصحوة الإسلامية التي انطلقت تجاهد الطاغوت الصهيوني، فقدمت الشهيد تلو الشهيد، والجريح إثر الجريح، وعجت سجون الطغاة بالمئات؛ بل بالألوف من شباب الإسلام وجند الحق.

وإن بوارق النصر لتلوح في الأفق، ومقدمات الفوز وعلائم النجاح بادية للمؤمنين من كل هذه التحديات والحرب الضروس على الإسلام وأهله، لأن الصراع بين الحق والباطل سنة ماضية، والمؤمن سلاحه الصبر والمصابرة والرباط والمثابرة والجهاد والمجالدة (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر