الشعب المتواطئ
26 ابريل 2009
بقلم: عماد الدين حسين
يحلو لنا دائما كمصريين أن نمدح أنفسنا دائما، وكثيرون يعتقدون أننا شعب متفرد أوتى من القوة والتفوق والعبقرية ما لم يؤت لشعوب أخری.
وبالطبع فذلك غير صحيح، لأنه كلام لا يستند لمنطق، ويعطى الحق لأمثال وأنصار وتلاميذ هتلر فى أى مكان، أن يتحدث عن تفوق عرق على آخر، ثم إن أفضل دليل على أننا شعب عادى، هو إنفلونزا الطيور. قبل نحو عامين قامت الدنيا ولم تقعد عندما استشرى المرض فى مصر.. تحدثت الحكومة عن حالة طوارئ، اتخذت إجراءات قالت إنها كفيلة بمحاصرة المرض والقضاء عليه، أغلقت محال ذبح الطيور الحية من مناطق الاكتظاظ السكانى، ومنعت نقل الطيور بين المحافظات، ثم استعانت بمطرب الجيل شعبان عبدالرحيم وآخرين، فى حملة دعاية مكثفة لإقناع المواطنين بخطورة الموقف.
مر الشتاء فى ذلك العام وهدأت المسألة نسبيا، وتوقف الذعر، واعتقد الكثيرون أن الأمر انتهى، بل روج آخرون لنظرية غريبة مفادها أن المسألة بأكملها عبارة عن مؤامرة حكومية، أو مؤامرة من رجال أعمال ضد آخرين.
اليوم عاد المرض ليصبح أكثر فتكا، الإصابات زادت، والحديث عن إمكانية تحور المرض لينتقل من بشر إلى بشر بدا يتردد كثيرا فى الداخل والخارج، وزاد الطين بلة إنفلونزا الخنازير التى بدأت تجتاح أمريكا والمكسيك.
لو كنا شعبا متفردا وعبقريا لكنا تمكنا من القضاء على المرض أو على الأقل من محاصرته، وفى أضعف الإيمان كنا تمكنا من الالتزام بالحد الأدنى من إجراءات السلامة التى تمنع تفاقم هذا الفيروس الذى قد يتحور فى أى لحظة لا قدر الله.
لكن الحقيقة ولأننا شعب مهمل، وحكومة مشغولة بفرض الطوارئ لحماية النظام فقط، فقد تآمرنا جميعا شعبا وحكومة على «التطنيش» وكأن شيئا لم يكن.
جميعنا يعلم أن كل محال الطيور مفتوحة، وأن الذبح يجرى علنا.. ليس فقط فى المزارع حيث يمكن تطبيق بعض إجراءات السلامة، لكن فى الشوارع خصوصا المناطق الشعبية المزدحمة.
فى الشارع الذى أسكن فيه فى منطقة فيصل ــ شأن كل الشوارع تقريبا.. الأسر تربى الطيور فى منازلها علنا، والمحال فى الشوارع مفتوحة علنا، والذبح «عينى عينك».
السؤال البسيط للحكومة هو: ما الذى يمنع أجهزتك المصورة وجحافل الأمن المركزى من اقتحام كل محال الطيور فى الشوارع المزدحمة وإغلاقها فورا؟، لماذا لا تقوم الأجهزة المحلية بدورها؟.. لماذا لا تقوم الأحياء بتفتيش أسطح المنازل؟.
نحن جميعا نتواطأ ضد أنفسنا حكومة وشعبا.
المصدر
- مقال :الشعب المتواطئ ، الشروق
