الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد و كلمات من رصاص

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد و كلمات من رصاص

[30/08/2003]

مقدمة

-شعراء فلسطين ضحَّوا بأرواحهم في سبيل الوطن

-الشعر سبق السلاح في الجهاد الفلسطيني

في فلسطين لم تعد الكلمات كمثيلاتها في دولة أخرى.. بل تحولت الحروف إلى رصاصات، والكلمات إلى مدافع تقصف كل دقيقة مواجهة جديدة بين الفلسطينين العزَّل وقوات الاحتلال الصهيوني الغاشم، أصبح للشعر مكانة متميزة، حيث يلعب دور الوقود الذي يغذي روح المقاومة ويعّبر عنها..

قابلنا أحد أهم الشعراء الفلسطينيين في العصر الحديث (هارون هاشم رشيد)، الذي تغنَّى بفلسطين منذ عام 48 وحتى اليوم، وما زال يرسم بقلمه صورة للجهاد في أرض أهم الشعراء في تاريخ فلسطين، والاختلاف بين أداء الشاعر الذي تتعرض بلاده لنكبة عن أقرانه من الشعراء الذين لا يعيشون في هذه الظروف .. وقضايا أخرى ناقشناها معه في السطور التالية.

نص الحوار

منذ بداية الأزمة في عام 1917 حينما ظهرت بوادر وعد "بلفور"، ذلك الوعد الجائر الذي منحت بريطانيا للصهاينة- بناءً عليه- أرض فلسطين، وجميع الشعراء الفلسطينيين ليس لهم همُُ سوى رفع سلاح الكلمة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، والتمسك بالأرض، والتذرع بالجهاد في مواجهة الاحتلال الغاشم.
كل ذلك كان هو المحرك الرئيسي لشعراء فلسطين، حيث دعوا من خلال قصائدهم إلى الوحدة ومقاومة الاستعمار، بل إن من هؤلاء الشعراء من لم يكتفِ بالكلمة وحدها، بل حمل السلاح وقاتل في صفوف المجاهدين، ومن هؤلاء الشاعر عبدالرحيم محمود ...
أما بعد النكبة 1948 حين اتضحت أبعاد المأساة، وبدأ انتزاع شعب من أرضه ووطنه ودياره ومقدساته وإلقائه في الهواء، واستحضار شعب غريب مُشَتت من أنحاء الدنيا؛ ليحل مكان أصحاب الأرض ومالكيها .. فكان الشعراء أول من بادر لمقاومة هذه الأزمة، وأخذوا على عاتقهم تحديَ المأساة، وإضاءة مشاعل الأمة في ظلمة الليل، والرد على المبدأ الذي راهن عليه الصهاينة، وهو أن الكبار سيموتون، والصغار سيُنسون، ولكن ما حدث أن ذاكرة الكبار كانت أقوى من الكبار، وحين حاول الصهاينة محو كلمة "فلسطين" من الخريطة، وإلغاء فلسطين كشعب، وقف الشعر يواجه هذه المخططات، وسبق الشعر السلاح في المقاومة، وهيّأ لها، وأنشأ أجيالاً تؤمن إيمانًا قاطعًا بأنه لا طريق لتحرير فلسطين سوى طريق السلاح.

أبرز الشعراء الفلسطينين

العلاَّمات كثيرة منهم يوسف الخطيب، إبراهيم طوقان، كمال ناصر، عبدالرحيم محمود، فضلاً عن الشعراء الذين جاءوا بعدهم وواصلوا المسيرة.
  • ما شعورك وأنت بعيد عن هذه الساحة، بحكم إقامتك في مصر؟
لم أكن قط بعيدًا عن هذا المعترك، فحياتي كلها وهبتها للجهاد في سبيل تحرير هذا الوطن، وأرى أن جهادي لم يتوقف، بل إنه تواصل في مصر، كما كنت تمامًا داخل حدود فلسطين. ونحن جميعًا نناضل في صف واحد.
  • هل يختلف أداء الشاعر الذي تعيش بلاده في مأساة، كالتي يعيشها أبناء فلسطين عن أقرانه؟
بالتأكيد، ولكن هذا لا ينطبق على الشاعر العربي، حيث إن العرب والمسلمين جميعًا يقفون معًا في نفس الخندق، يقاتلون كما نقاتل، ويكتبون كما نكتب، ويشعرون بمأساتنا تمامًا؛ لأن القضية ليست قضيتنا نحن أبناء فلسطين فقط، بل هي قضية العرب والمسلمين جميعًا، والصهاينة لا يهددون أبناء هذا الشعب فحسب، وإذا كانت جماهير الشعوب العربية تتفاعل مع القضية، وتشعر أنها همُّها الأول.. فما بالك بالشعراء؟.

دورالأدباء والشعراء

  • هل ترى أن تفاعل الأدباء والشعراء مع القضية ومع الانتهاكات التي يقترفها الصهاينة ضد أبناء فلسطين كان بالشكل الذي يوازي حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون؟
ربما لم يصل التجاوب لمستوى ما يجري بالداخل، ولكن تجاوب الجماهير كانت أكبر من ذلك بكثير، والمطلوب من الشعراء والأدباء العرب أن يشعروا بالقضية أكثر من ذلك، وأن يعالجوها في إبداعاتهم، وأن يكونوا على مستوى الأحداث؛ لأن الشعراء دائمًا هم ضمير الأمة وصوتها والناطق باسمها والمعبر عن همومها وآلامها بأمانة، والشعر الذي يبقى هو الذي يعبر عن هموم الأمة وأوجاعها، ويصف العلاج لجروحها وآلامها.
  • كيف يمكن للشعر أن يكون رصاصة في صدور المحتلين؟
كلما صدق الشاعر كانت كلماته صاروخًا موجهًا إلى الغاشمين. فالصدق هو السبيل الوحيد لأن يصل الشعر إلى هذه المرحلة. والصهاينة يعرفون أن أخطر ما يواجههم هو الكلمة، لذلك قتلوا الشاعر كمال ناصر، والروائي غسان كنفاني، وما زالت جرائمهم مستمرة في وأد كلِّ من يحاول أن ينقل بالكلمة مأساة هذا الشعب.
ويعرف الصهاينة كذلك أن الأدب هو أحد الدوافع الرئيسية للكفاح ضد المستعمرين، وهو الذي يحمل الأفكار ويبث روح الجهاد، كما كان الأدب الصهيوني من الأدوات الفاعلة لخلق الحركة الصهيونية.

دور وسائل الأعلام العربية

  • كيف ترى تفاعل وسائل الإعلام العربية مع الأحداث الأخيرة بفلسطين؟
في هذه المرحلة تمكنت الفضائيات إلى حد كبير من نقل جزء من الصورة الحقيقية لما يحدث من انتهاكات صهيونية، ولكننا نريد تجاوز الحديث إلى أنفسنا، حيث نطالب دائمًا بضرورة أن يكون للعرب قناة فضائية موحدة؛ لنقل صورتهم للخارج، ولدينا من الحقائق ما يمكن أن يحرك الرأي العام معنا ضد هؤلاء الذين يزورن الحقائق، وللأسف فالعقبات التي تحول دون ذلك هي عقبات مالية بسيطة يمكن تجاوزها.
وفلسطين لم تخرج من ضمائر وقلوب العرب لحظة واحدة، ولكن قد يكون هناك تعتيم إعلامي في فترات معينة، ولدى الجماهير العربية من الوعي والدعم للشعب الفلسطيني ما يتزايد كل يوم.
  • وماذ تقول للشعب العربي في هذا التوقيت؟
أؤكد لهم أن القضية واضحة، حيث هناك شعب مهدد بالفناء، ويجب أن ندرك ذلك قبل فوات الأوان، وأن يتزايد الدعم المادي والمعنوي لأبناء الأرض المحتلة، وأذكرهم بأن ثورة الجزائر لم تنجح في طرد المحتل إلا عن طريق الدعم العربي، وكذلك كل الثورات، حتى نتغلب على العدو الغاشم.
ماذا يعني تواصل الكفاح الفلسطيني طوال هذه السنين؟
يواجه الشعب الفلسطيني معركةً لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، حيث يواجه وحده منذ أكثر من 56 عامًا قوة عسكرية رهيبة لا ترقب في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، وتعاونها أكبر قوة حربية في العالم .. ومع ذلك لم يستسلم شعبنا البطل أو يرفع الرايات البيضاء، بالرغم من طوابير الشهداء الطويلة، وكميات الدم التي نزفت على هذه الأرض، وهدم معظم أنحاء الدولة، ومحاولة القضاء على مقدراتها، ولكن رفض الشعب السكون، وأصرّ على استمرار المقاومة والصمود.

المصدر