السيناريو الآخر أسوأ

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
السيناريو الآخر أسوأ


بقلم : جهاد الخازن

أكمل من حيث توقفت أمس في عرضي فرص مؤتمر أنابوليس، ولا أجد سبباً كبيراً للتفاؤل، ثم أخشى الفشل لذاته، وأيضاً لما يمكن أن يطلق من عنف بين الفلسطينيين واسرائيل، وبين الفلسطينيين أنفسهم، وكلا الوضعين يناسب اسرائيل لأنه سيمكّنها من إرجاء العودة الى الموضوع سنتين أو ثلاثاً أو أكثر، ريثما يخرج جورج بوش من البيت الأبيض، ويدخله رئيس آخر، ديموقراطي أو جمهوري، لن ينغمس في الصراع العربي – الاسرائيلي قبل تثبيت ادارته الجديدة في مواقع الحكم، ثم الالتفاف الى أولويات قد لا نكون بالضرورة على رأسها.

ثمة سابقة على أخطار الفشل، فبعد فشل مؤتمر كامب ديفيد في تموز (يوليو) من السنة 2000، انطلقت انتفاضة الأقصى قرب نهاية ايلول (سبتمبر) التالي وأعيد احتلال المدن الفلسطينية وسقط ألوف القتلى والجرحى، وفشل آخر لا بد من أن ينعكس بزيادة سلبية العلاقات الفلسطينية – الاسرائيلية، وعلى الساحة الفلسطينية نفسها.

تجربتي الشخصية من متابعة كامب ديفيد في تموز 2000 وحتى مفاوضات طابا قرب نهاية كانون الثاني (يناير) 2001 أظهرت تآمراً اسرائيلياً مستمراً.

وقد حاول الأميركيون والاسرائيليون تدبير «مقلب» في كامب ديفيد، لكن أبو عمار لم يقع، وكانت النتيجة أن الرئيس بيل كلينتون طلع باتفاق الأطر في الأسبوع الأخير من السنة، وقبل أبو عمار المعروض عليه في آخر اجتماع له مع كلينتون في واشنطن في الأسبوع الأول من كانون الثاني، وأجريت آخر مفاوضات في طابا مثّل الجانب الفلسطيني فيها الدكتور صائب عريقات، وانتهت باتفاق، ومؤامرة اسرائيلية أخرى.

أتكلم بمنتهى الموضوعية والمسؤولية الممكنتين، ومعلوماتي من المفاوضين مباشرة، وأسجل أن أبو عمار كان مسؤولاً عن تأخير الاتفاق وأخطاء كثيرة، ثم فاز آرييل شارون بالانتخابات الاسرائيلية بعد شهرين ونسف العملية السلمية من أساسها.

إلا أن التآمر الاسرائيلي على العملية السلمية كان سينسفها في جميع الأحوال، فرئيس الوزراء في حينه ايهود أولمرت، وهو وزير الدفاع الآن، بقي يلتف حول الموضوع لأنه كبقية القيادة الاسرائيلية، قديماً وحتى اليوم، لم يرد حلاً، وإنما مجرد انتزاع فوائد لاسرائيل.

وهكذا وبعد أن اتفق الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي على تبادل أراضٍ، فيحصل الفلسطينيون على أرض في النقب تعادل اثنين في المئة من الأراضي المحتلة تترك لاسرائيل في تجميع للمستوطنات طلب ثلاثة جنرالات اسرائيليين مقابلة الرئيس حسني مبارك في شرم الشيخ، وقالوا له إنه بدل تبادل الأراضي تريد اسرائيل استئجار أراضي المستوطنات لمدة 999 سنة.

وفوجئ الرئيس مبارك بالطلب، وقال إن هذا يعني البقاء في الأراضي الفلسطينية الى الأبد.

ورد جنرال اسرائيلي: نعم، الى الأبد.

هناك معلومات اسرائيلية عن هذا الموضوع، ولكن لا أحتاج اليها، فهناك الرئيس مبارك الذي رفض الطلب الاسرائيلي، كما أن هناك السيد عمرو موسى، وزير خارجية مصر في حينه، الذي كان شاهداً على الاجتماع.

إذا كان هذا ما لقينا من حزب العمل الذي كان يضم قياديين يريدون السلام فعلاً، فماذا يمكن أن نلقى من حزب كاديما الذي ولد من رحم ليكود؟

نتائج النجاح معروفة، ولكن مع ضعف فرص النجاح، يجب علينا أن نراجع النتائج المحتملة للفشل المرجح. سيكون هناك عنف، إلا أنه لن يأخذ شكل انتفاضة الأقصى، وإنما شكلاً أخطر كثيراً، فهو قد يبدأ بين الفلسطينيين أنفسهم هذه المرة، وستستغله اسرائيل لمصلحتها، وعندها خيارات.

هي تستطيع بعد مؤتمر أنابوليس أن تعيد احتلال قطاع غزة وتقضي على حماس فيها، ولن يمنعها أحد، بل ستجد تأييداً واسعاً، عربياً صامتاً، ودولياً معلناً.

وإذا كان هذا السيناريو سيئاً، فالسيناريو الآخر أسوأ، لأن اسرائيل تستطيع أن تترك حماس تحتل الضفة الغربية، وربما تساعدها في ذلك، فإذا سيطرت حماس على الأراضي الفلسطينية، تستطيع اسرائيل، أيضاً بدعم عربي ودولي، فرض حصار على الفلسطينيين جميعاً في الأراضي المحتلة، وتأخير أي جولة مفاوضات أخرى لانهاء النزاع سنوات.

أعرف أن الرئيس محمود عباس لا يستطيع أن يرفض حضور اجتماع لحل القضية الفلسطينية، وأعرف أن القادة العرب في مثل وضعه، فكلهم يريد حلاً، ولا يريد أن يبدو معرقلاً، إلا أنني أرجو أن يقدر الجميع أن أخطار الفشل أكبر كثيراً من فرص النجاح.

المصدر