السيدة لطيفة الصولي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
السيدة لطيفة الصولي
زوجة الإمام الشهيد حسن البنا

هي في سطور

2003-15-05

لطيفة ابنة الحاج حسين الصولي أحد رجال محافظة الإسماعيلية الأتقياء، عاشت في أسرة من الأسر التى خدمت الدعوة وهي إحدى النساء الفاضلات اللواتي سعين إلى الخير وعملن للآخرة، ففي بيتها ترعرعت نواة حركة الإخوان المسلمين ومن ثنايا دارها فاحت روائح الطيب كلها وهي من السابقات في مضمار الدعوة وكانت لها وقفات إيمانية تدل على جهادها وصبرها، وقد عزفت عن الشهرة ولم يكتب عنها كلمة في حينها.

تعرف الإمام حسن البنا عليها

ذهبت أم الإمام حسن البنا في زيارة إلى أهل الحاج حسين الصولي، وسمعت صوت فتاة تقرأ القرآن بصوت خاشع، فانجذبت نفسها إليه، واقتحمت قلب أم الشهيد فأحبتها، وتأثرت بنبتة هذا البيت الطيب ونقلت إلى ابنها أن هذه الفتاة جديرة بأن تكون زوجة لك، ولم تكن الآنسة لطيفة الصولي تدرك أن صوتها الخاشع سيكون رسولها إلى قلب الإمام أيضًا بعد أن فهمت أم حسن البنا ماذا يريد ابنها من مواصفات في رفيقة الدرب والحياة ؟.

وفي خلال شهر وعشرة أيام من عام 1932م تم البناء السعيد.

وكم كانت سعيدة وهي تنتقل إلى بيت زوجها الذي سمعت عنه قبل أن تراه ..لقد سمعت عن حسن البنا العابد المتصوف، الداعية المتحرك المصلح، الخطيب المفوه والأديب الفذ والزعيم السياسي المتعددالمواهب صاحب الروح المشعة بالنور كالماس وقد عرفت عنه الرقة والإنسانية والسخاء، وكانت رغبتها في زوج يسير في هذا الخط حيث كان لديها حس مرهف وذوق رفيع وحسن استعداد في قبول الآخرين حتى منَ الله عليها بما تريد .

الزواج المثالي

لقد عرفت السيدة لطيفة الصولي زوج الإمام الشهيد منذ أول وهلة أن الزواج وسيلة تتقرب بها إلى الله تعالى وأن حسن طاعتها لزوجها يدخلها الجنة، وكان من أهدافها إقامة بيت مسلم يكون نموذجًا طيبًا وتكون هي قدوة لبنات جنسها،وكانت تدرك أنها زوجة رجل دعوة ومؤمنة بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- : "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها" وأدركت أن حسن تبعلها لزوجها نوع من الجهاد.

واستطاعت كزوجة أن تفهم جيدًا دورها نحو زوجها وبيتها فحققت السكينة والمودة والرحمة وأعانت زوجها على الطاعة والبر في التكاليف الربانية .

وأبدعت في تقديم هذه الواجبات خاصة عندما يقوم الزوج بدوره في إعلاء كلمة الحق ودعوة الناس للخير.

ومما عرف عنها أنها كانت ريحانة يشعر بها الإمام بمجرد أن يدخل البيت حين تقبل عليه بروح جميلة متفاعلة وكانت تقدر للرجل قوامته فلم ترفع عليه صوتاً .

وتجملت بالسكينة القلبية والرضا والقناعة والحياء بل وشاركت زوجها في قيام الليل والتهجد ولا تنام إلا وهو راضٍ عنها.

وذكر عنها حرصها على تنظيم، وإدارة البيت في كل شئونه، وتذكر لزوجها دائمًا أنها موفقة بفضل دعائه لها وتوجيهاته.

كما أثر عنها المودة الشديدة والتقدير لأهله وذويه وكانت تقول: إنهم أهدوا لها أجمل هدية في حياتها.

وأجمل ما كان فيها الحفاظ على أسراره، وتأمين عمله الدعوي بوعي، وإدراك لطبيعة رسالته العظيمة،ورغم كل هذا كانت تهتم بمظهر، وملبس الإمام وتتقن ما يحتاجه البيت من مهارات نسائية سواء في تربية الأولاد ورعايتهم أو ما يخص البيت من إعداد طعام وتجهيز في كل الجوانب .

شهد لها من عايشها شدة اهتمامها بالضيوف دون امتعاض رغم كثرة ترددهم على البيت، أو مفاجآتهم بالحضور، بل تكرمهم، وترحب بهم .

جهودها في الدعوة

انتقلت السيدة لطيفة الصولي زوج الإمام البنا إلى القاهرة في نفس عام الزواج 1932م فكانت الزوجة المتفانية التى أدت دورها خير أداء، ولم تكن يومًا ما حائلاً دون نشاطه، بل كم قضت أيامًا وليالي بمفردها، أو مع صغارها، والزوج مشغول بدعوته...مطمئن إلى أن ظهره محمي بالله أولاً ثم بزوجة اختارها الله له لتشد من أزره، وتدفعه لأداء واجبه ودعوته .

وكانت تسعى لإصلاح ذات البين بين الأخوات، وتعطي المثل والصورة المشرقة المضيئة التي تعيد سيرة السلف الصالح من الداعيات العاملات للإسلام ولم تقل رعايتها لأبناء الدعوة، وغيرهم عن خدمتها لأولادها، وكان الجميع قرة عين لها،والدعوة شغلها الشاغل، وهمها الأول .

وكم بذلت قصارى جهدها في حدود إمكانات زوجها الصالح الكريم للتخفيف عن المعوذين وتقديم العون لهم، ولم تتردد في دعم أي مشروع خيري قدر المستطاع،ولم تحتقر شيئًا أو تتوقف عن فعله إذا اقتنعت بحقيقته، وأهميته وضرورته.

وبعد رحيل زوجها الشهيد وثقت علاقتها بالعلماء والدعاة والمصلحين والقادرين ممن يعرف عنهم البذل والعطاء والفضل والجهاد في سبيل الله بالكلمة أو الجهد والمال، و كانت تحيطهم بالإجلال والتقدير والاحترام؛ لتصل بذلك إلى إغاثة ملهوف وإعانة محتاج، وكم توسطت في تشغيل العاطلين وتلمست حوائج المحتاجين.

ومن هذه الجهود لما ابتلى الله الإخوان بمحنة 1948م واعتقل عدد كبير منهم، فلم يهدأ بال "لأم سيف" حتى يقترض زوجها 150جنيهًا، ويدفعها إلى الشيخ عبد اللطيف الشعشاعي واعظ قسم الأخوات ليوزعها على أسر الإخوان المعتقلين.

وكان الإمام حسن البنا يقسم راتبه المعقول وقتها إلى ثلاثة أقسام ثلث للبيت، وثلث للدعوة، وثلث لأقاربه، ورحمه، والزوجة الكريمة تعينه على بره بأهله، وكرمه، فهنيئاً لها على إخلاصها.

صبرها على المحن والبلاء

واجهت السيدة لطيفة الصولي المحن المتعاقبة بإيمان راسخ، ورباطة جأش، وتوكل على الله .

مثالاً للزوجة الصابرة المؤمنة بقضاء الله وقدره ومن النساء القلائل المؤمنات بمقابلة الشدائد بالصبر لأنه نصف الإيمان تأسيًا بمن سبقوها على درب الدعوة، ولم تقنط من رحمة ربها محسنة الظن به معتقدة أن رحمة الله أقرب وأسرع ممن يظن العباد، وكانت تذكر دائمًا القول المأثور(عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه فينظر إليهم قانطين (يائسين) فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب) . فيدفعها ذلك إلى حسن الصلة بالله واللجوء إليه .

اكتملت فصول المحنة والبلاء باغتيال الزوج الحبيب بمؤامرة دولية نفذتها أيد داخلية بإيعاز من أوامر خارجية إبعادًا للشبهة .

الثاني عشر من فبراير 1948م بعد أن مضى من عمره اثنان وأربعون عامًا،ومنعوا كل المحبين والمريدين والأتباع من المشي في جنازته سوى الزوجة المكلومة والبنات والوالد العجوز وأحد المفكرين الكبار.

ويحمل رجال الطاغوت الجثمان الطاهر شاهرين أسلحتهم في وجه امرأة عزلاء إلا من إيمانها وقوة صبرها واستعانتها بالله وقابلت المحنة بصبر وجلد وتفنن الطغاة في إلحاق الأذى بها وأهله، فقد فرضوا الحراسة عدة سنوات على بيته فيذهب الصغار إلى المدرسة تحت نظر ومراقبة الشرطة، وقطعوا خطوط الهاتف وأصدروا قراراً بأن البيت الذي يسكنوه آيل للسقوط وكانت حالته جيدة لينقلوهم من مكان يدفع فيه أجر زهيد لا يتجاوز 216 قرشاً إلى بيت يدفع فيه عشرة جنيهات ليكون ذلك عبئًا جديدًا على الأسرة وضغطًا نفسيًا ومعنويًا بعد أن وجدت الأسرة نفسها في العراء وتستمر رحلة الابتلاء باعتقال ابنها سيف الإسلام عام 1965م ثم يفرج عنه بعد تدخل أحد قادة الجيش في عهد عبدالناصر مع تحديد اقامته وفرض الحراسة على بيته وقابلت ذلك بجلد ورباطة جأش .

لطيفة الصولي وتربية الأبناء

لقد أنجبت المجاهدة الصابرة من الذرية المباركة سبعة أبناء إضافة إلى الملايين من محبي دعوة الإخوان ومن أبنائها سيف الإسلام حسن البنا المحامي والنقابي المعروف ووفاء زوجة الداعية الراحل سعيد رمضان، وثناء الأستاذة بكيلة البنات في مصر، وهالة الأستاذة بكلية الطب، ورجاء خريجة كلية البنات.

وتوفي في الصغر محمد حسام الدين، وصفاء، وقد ألحدهما الإمام البنا بنفسه، واحتسبهما الوالدان عند الله تعالى بصبر ورضا وتسليم عسى أن يكونا ذخرًا لهما في الجنة بإذن الله تعالى .

وكانت السيدة لطيفة شديدة العناية بأسرتها وأولادها وماتت راضية عنهم ودعت لهم بكل الخير في حياتهم وأخراهم وكانت تصون أولادها من كل سلوك يغاير كتاب الله وسنة رسوله وتغرس في نفوسهم المحافظة على الوقت بشكل دقيق كما تحافظ على صحتهم و كانت تتعاون مع زوجها الشهيد بعمل ملف لكل فرد في الأسرة يضم جميع أوراقه(شهادة الميلاد وتواريخ التطعيم والروشتات الطبية والشهادات الدراسية وغير ذلك).

وتعلمت من زوجها المربي ألا تكون الأوامر مباشرة للأولاد في التوجيه لكن بلسان الحال والتلميح وتقديم المثل والقدوة واستغلال المواقف والقصص الجميل أسوة بالنبي الكريم وصحبه والسلف.

ومن أبرز سماتها في تربية أولادها حثهم على صلة الأرحام فتحصيهم عددا وتصحبهم في زيارة الأقارب.

وبعد ستة وثلاثين عامًا من الجهاد والصبر والتفاني في سبيل الدعوة في حياة الشهيد وبعد مماته يختار الله أم سيف إلى جواره وتلحق برفيقها في جنة الخلد-بإذن الله- دون أن يفرق بينهما اغتيال زوج أو ملاحقات طاغوت .

وينقطع عمل المجاهدة الصابرة في الدنيا ويبقى لها من الباقيات الصالحات والأبناء الصالحين صدقة جارية فهنيئًا لها ولكل من يواصل طريق الدعوة والجهاد والصبر.

المصدر