السلخ قبل الدبح " 2 "

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
جمهورية الموز الفاشية

بقلم : أحمد القاعود

(26/05/2014)

قبل سقوط حكم الرئيس حسني مبارك في 2011 ، كانت التيارات السياسية و الفكرية العاملة و الناشطة في الساحة المصرية تكيل الإتهامات لتيارات الإسلام السياسي ، بأنها استبدادية و فاشية ، و تسعي لإقصاء الأخر وإخفائه من الحياة السياسية و العامة و ربما إبادته و التنكيل بمعتنقي أفكارهم . هذه التيارات طالما روجت في منابر إعلامية مختلفة و خلال ندوات أن " الاسلاميين " إذا ما وصلوا للسلطة سيسحقون معارضيهم ، و ينقلبون علي العملية الديموقراطية التي جاءت بهم .

ورغم أن مصر كانت تحت عسكري ممتد منذ سقوط الملكية عام 1952 ، اتخذ ديموقراطية شكلية ، فان هذه التيارات لم تري في استبداد الحكم أي نوع من التهديد للحرية أو المدنية ، بينما إعتبرت التيارات الأخرى المخالفة لها و هي التيارات الاسلامية ، هي الأجدر بالمعارضة و المناهضة رغم أنها ليست في الحكم ومقموعة دوما من السلطة .

إتهامات كثيرة طالت الاسلاميين بدء من عزمهم التنكيل بمعارضيهم و سجنهم و تكميم الحريات العامة و الشخصية ، و معاقبة المواطنين من غير معتنقي الاسلام ، مرورا بوقف الابداع و الفنون و غيرها من الاتهامات الاستباقية في إطار هجوم مرتب و منظم صنعته السلطة وأطراف أخري ، لخلق عدو وهمي لدي الفكر الشعبي الجمعي ، يجعل هذا الفكر رافضا لتيارات الاسلام السياسي .

بعد ثورة يناير بدأ أصحاب الصوت العالي المرددين شعارات و مفاهيم الحرية و الديموقراطية و الكرامة يطالبون ببدع فكرية و سياسية لم تشهدها أي ديموقراطية محترمة ، و ممارسة الابتزاز السياسي تجاه فصائل بدأت تتضح قوتها في كسب ثقة الشارع لعملها الدائم معه ، هذا الابتزاز بدأ مبكرا لجماعة الإخوان المسلمين و هي القوة السياسية الوحيدة التي كانت فاعلة في ثورة 25 يناير ، و قادرة علي دعم ميدان التحرير أثناء المذبحة الهمجية في 2 فبراير التي عرفت بموقعة الجمل ، بالاضافة إلي قيامها بتحريك مظاهرات واسعة ومستمرة في كافة المحافظات المصرية في وقت كان فيه التظاهر في محافظة غير العاصمة يمثل نوعا من تجاوز الخطوط الحمر لا يستطيع أي مواطن تخطيه .

ابتزاز القوي السياسية ، التي يمكن تسميتها قوي الفكر " المكيف " ، بدأ بجريمة ضد الديموقراطية تمثلت في محاولة إجبار جماعة الإخوان المسلمين علي عدم الترشيح أكثر من ثلث مقاعد مجلس الشعب ، بحجة عدم السيطرة و إحتكار السلطة ، رغم أن من يجيئ إلي مقعد البرلمان يأتي بإرادة الشعب و الجماهير التي اختارته ، ولم يأت بقوة السلاح أو بالتزوير الذي لم تعرف مصر شيئا غيره .

تطور الابتزاز لبث مفاهيم مضللة و مغلوطة في وسائل الاعلام ، مثل الاحتكار و الاقصاء و الاستبداد الذي بدأ في ممارسته الإخوان المسلمون ، رغم أن المتابع المنصف للمشهد البرلماني وقتها سيجد أن الاخوان كانوا أغلبية ، ولم تكن أغلبية حاكمة، وأنها ورغم قدرتها علي إحتكار المناصب داخل المجلس التشريعي و عن طريق الانتخاب الحر أيضا لكانت فعلت ، لكنها و برغبة في مشاركة الجميع سمحت لغيرها من القوي و الأحزاب بتولي مناصب و رئاسة لجان في البرلمان .

ولما بدا للبعض منهم أن فكرة الوقوف أمام إرادة الشعب وحقه في إختيار ممثليه ربما لن تكون مقبولة ، بدأ الحديث عن ما تسمي بوثيقة مبادي فوق دستورية ، في مشهد مشين لم يعرف في اي نظام ديموقراطي عالمي من قبل ،بزعم حماية الديموقراطية التي "سيسرقها الاسلاميون " إذا ما وصلوا للسلطة ،هذا التضليل صاحبه أيضا تبني لفكرة ضد نظام الدولة بالأساس و ضد إرادة الشعب في إختيار ممثليه ، عندما أعلن عن رغبة المحكمة الدستورية العليا في حل مجلس الشعب المنتخب لمجرد عيب في تطبيق قانون الانتخابات ، هذا العيب الذي لا يجب ذكره أمام إرادة 35 مليون مواطن شاركوا في الانتخابات ، كان فرصة لدفع السلطة العسكرية لسحق العملية الديموقراطية برمتها ، وإلغاء سلطة شرعية منتخبة من الشعب من قبل سلطة أخري غير شرعية و معينة من قبل النظام الذي ثار عليه المصريون .

و مع إقتراب انتخابات الرئاسة ، و فطنة جماعة الاخوان وقتها إلي عزم النظام العسكري مواجهتها ، دفعت بمرشحين للانتخابات رفض منهم واحد و قبل الأخر ، هذه الفكرة لم ترق لمناضلي و مفكري التكييف و فنادق الخمس نجوم . وراح ابتزاز المرشح الذي تيقن أنه بات علي أبواب الرئاسة ، بضرورة فرض أشخاص عليه لمشاركته في الحكم و تارة بضرورة تنازله لمرشح خاسر و حل ثالثا ، دون أدني منطق أو فهم للقانون .

خلال عام حكم الرئيس مرسي و بدء المؤامرة علي ثورة 25 يناير بصورة متكاملة ، لا رغبة في عودة النظام القديم الفاسد وحسب و إنما بدفع قوي من قوي خارجية علي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل ، قامت القوي المنسوبة للفكر الليبرالي و اليساري ، بالتحريض علي أعمال عنف و إرهاب ضد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي الرئيس إليها تحت حجة حرية التعبير و الاعتراض ، حرقت تلك القوي مقرات الجماعة و أحزب الحرية والعدالة و طال بعض الأحزاب الأخري عدد من الاعتداءات ، تجاوز الأمر مع المؤامرة فكرة الحرق و الترويع ، ليصل إلي فكرة القتل ، و ضرب رؤوس المنتمين إلي الجماعة بالحجارة و رجمهم علنا وبتحريض من المتظاهرين ، كما حدث في المقطم ، و التغاضي عن كل هذه الأعمال الارهابية لأنها في صلب حرية التعبير .

رغم هذه الأعمال الارهابية التي مارستها طوال أشهر كثيرة معارضة الرئيس محمد مرسي ، لم يأمر مرسي مطلقا باعتقال أي من المحرضين أو المجرمين الذي قتلوا أو عذبوا مواطنين غيرهم ، علي أمل أن تهذب الحرية و البيئة الديموقراطية الجديدة سلوك المعارضة الفج و المججوج .

و رغم الدعوة العامة للانقلاب علي الدستور و العملية الديموقراطية ، و عزل رئيس جمهورية منتخب في الثلاثين من يونيو ، دعمت هذه القوي الفكرة بقوة و تحالفت مع المعارض الحقيقي الوحيد و الأوحد لثورة 25 يناير و هو الجيش ، و استعانت بانصار الحزب الوطني المنحل و أصحاب المصالح . لاختطاف الديموقراطية علي ظهور الدبابات .

بعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو , مورس في حق الشعب المصري جرائم ضد الناسية فاقت وحشية ما فعله هتلز النازي باليهود القرن الماضي ، و أصبح الاستئصال و الانتقام السياسي رغبة جامحة في نفوس أولئك من صدعوا مصر و المصريين بالديموقراطية و التوافق و غيرها من المصطلحات التي باتت بذئية في البيئة المصرية و تدل علي مفاهيم مغايرة تماما لتلك التي تعنيها حقيقتها .

و في انتخابات رئاسية خلال يومين هي مسخرة سياسية بكل ما تحمله الكلمة من معني ، تنافس المرشحان علي إقناع ناخبيهم بأن كل منهما هو من سيجتث جماعة الإخوان المسلمين من مصر ، لم يتحدث أي منهما علي توافق سياسي أو لم شمل المصريين للنهوض بالدولة ، و إنما ملأت كل منهما أحقاد وكراهية ضد قطاع لازال حتي الأن الجدير بثقة المصريين ، و سينال ثقتهم إذا ما أجريت انتخابات حقيقية نزيهة .

مصر الرسمية الآن ، دولة فاشية تمارس الارهاب بحق مواطنيها ، و تملأ السلطة التي تحكمها أفكار الاقصاء و التطرف و الكراهية تجاه معارضيها ، مصر الأن أصبحت جمهورية موز عبثية .


كاتب و صحفي مصري

المصدر